اللامبالاة وألعاب الحاسوب وراء عنف المراهقين

28-05-2009

اللامبالاة وألعاب الحاسوب وراء عنف المراهقين

كشفت دراسة حكومية سويسرية عن ارتفاع نسبة العنف بين الشباب بما أثار مخاوف الساسة وخبراء الاجتماع وطالبوا باتخاذ إجراءات لمواجهة أسبابها وعلاج تداعياتها. 
 وتقول الدراسة التي حصلت الجزيرة نت على نسخة منها عن وقوع إن أكثر من 300 ألف حالة عنف في المتوسط سنويا بين الشباب في سويسرا تشمل السرقة والابتزاز والتحرش الجنسي والاغتصاب واستخدام الأسلحة.
 وينجم عن هذه الحالات حسب الدراسة خسائر نسبتها 16.7% في الممتلكات العامة أو الخاصة و60.8% إصابات جسدية و14.6% إصابات تحتاج لمتابعة طبية و31.2% من المصابين يعانون من اضطرابات نفسية بعد الحادث.
 ولا تختلف تلك النسبة كثيرا عن بقية الدول الأوروبية مع اختلاف نسبة الخسائر من بلد إلى آخر حسب الكثافة السكانية لتسجل الدراسة ارتفاعا نسبته 36% في الفترة بين العامين 1999 و2007.
ويقول أستاذ علم الإجرام بجامعة كامبريدج البريطانية مانيول أيزنر إن العنف "لا يظهر فجأة في سلوك المراهقين والشباب بل هو نتيجة تراكمية لخلفيات تبدأ مع الطفل من سنوات نموه الأولى لتتبلور في سلوكه فيما بعد وتشارك فيها عوامل أخرى من اهمها الإعلام الحديث بما فيها ألعاب الحاسوب المليئة بالعنف".
 ويؤكد أيزنر المشارك في إعداد الدراسة أن "ممارسة المراهقين لإحدى ألعاب العنف لمدة 20 دقيقة تعادل ضلوعهم لساعتين كاملتين في أعمال العنف التي يشارك فيها من خلال الشاشة، لما تتطلبه تلك المشاركة من تركيز ذهني مكثف، يستدعي تقمصه لشخصية قوية نافذة لا يتخلص من تأثيرها بسهولة بعد اللعب".
 ورغم أن الإحصائيات تشير إلى ارتفاع معدلات العنف بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عاما منذ تسعينيات القرن الماضي، واتهام بعض خبراء الاجتماع ووسائل الإعلام بأنها السبب في نشر ثقافة العنف واللامبالاة بينهم، يرى أيزنر أن "برامج المكافحة المتاحة أو المقترحة لم تتمكن من تحقيق أهدافها لوجود ثغرات كثيرة بها".
 ويستند في رأيه إلى دراسة لجامعة كلورادو الأميركية فحصت 600 خطة لمكافحة الظاهرة فوجدت أن 550 منها غير صالحة للتطبيق "لافتقارها إلى المعايير العلمية التي تعالج جذور المشكلة بأبعادها المختلفة".
وتشير بعض أصابع الاتهام إلى تراجع اهتمام أغلب الدول الأوروبية ببرامج رعاية وتوجيه المراهقين بتأثير من الليبرالية الاقتصادية التي جردت الدولة من مسؤولياتها الاجتماعية ولا تهتم بدعم الأسرة أو تقوية دورها في المجتمع.
 في المقابل لا يرى المسؤول عن ملف الأسرة بوزارة الشؤون الداخلية لودفيغ غيرتنر تأثيرا كبيرا للاقتصاد على القرارات المعنية بملف الشباب والأسرة، رغم اعترافه بأن "الاقتصاد يتدخل في صياغة قوانين تتعلق بالمرأة العاملة والرواتب"، في حين تعاني بعض الحكومات المؤيدة للاقتصاد الليبرالي من مشكلة تمويل دور الحضانة وبرامج رعاية المراهقين.
 كما يشير البعض إلى تراجع دور الإعلام التثقيفي والتوعوي بتأثير من التيارات الفكرية الليبرالية. ويقول الباحث الاجتماعي أوليفر شتاينر "إن الاتهامات الموجهة إلى شركات صناعة ألعاب الحاسوب العنيفة لا تلقى آذانا صاغية أو إدراكا لخطورة الموقف"، بل يؤكد أن "التنافس على تحقيق نسب مبيعات أكبر يدفع إلى ابتكار أكثر الألعاب شراسة".
 ورغم أن بعض المقترحات ترمي إلى عقد دورات تدربية لمبرمجي تلك الألعاب ومنتجيها لتوعيتهم بالمخاطر النفسية والاجتماعية التي تسببها ألعابهم إلا أن شتاينر يرى أن "اهتمام تلك الشركات بتحقيق أرباح أكثر يفوق اهتمامهم بالتأثير السلبي لألعابهم على المراهقين والمجتمع".

تامر أبو العينين

المصدر: الجزيرة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...