الجدران والعباءات تحجب نساء السعودية عن العالم

27-07-2006

الجدران والعباءات تحجب نساء السعودية عن العالم

نجلس في ردهة تلك الصحيفة السعودية ولا نفعل شيئا سوى تبادل الحديث عن الطقس وأخبار الصحافة المحلية.

ينظر لنا حراس الامن بشك لدرجة انني اتجنب وضع ساق فوق الاخرى كي لا يبدو انني متباسط في الحديث مع محاورتي.

وقد تكون هذه مجرد محادثة عادية في أي بلد آخر تقريبا.

لكن في السعودية فان لقاء عاما مثل هذا بين رجل وامرأة قد يتسبب في تشويه سمعة المرأة وتلويث شرف عائلتها.

وتقول المرأة لي الشابة بصوت شبه هامس اننا محظوظان لاننا نستطيع حتى الكلام هنا. واشارت الى استحالة اللقاء في ردهات الاستقبال في الفنادق لان ذلك كفيل بإثارة حفيظة افراد هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الذين قد يقتادونها بعيدا لانها تتحدث مع رجل غريب على هذا النحو.

ولحسن الحظ لم يكن المكان الذي التقينا فيه عاما لدرجة تسمح لافراد هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بقطع حديثنا المهني. كما ان إدارة الصحيفة ابلغت مسبقا بلقائنا.

لكن هذه التجربة اعادت الى ذهني احدى اكثر سمات هذا المجتمع غرابة وهي ان النساء لا يسمح لهن بالتواصل مع الرجال بنفس الشكل الذي يحدث يوميا في معظم مناطق العالم.

وتتجلى مظاهر الحداثة والتطور في العاصمة الرياض التي يسكنها اربعة ملايين نسمة والتي ازدادت تألقا بفضل مليارات الدولارات التي تدفقت بسبب ارتفاع اسعار النفط.

وتكتظ شوارعها الواسعة باحدث السيارات الرياضية والسيارات ذات عجلات الدفع الرباعي. اما مراكزها التجارية الشاسعة فتقدم لروادها من الصفوة احدث ما جادت به قريحة الموضة فيما توفر مقاهيها المتعددة ذات الماركات العالمية خدمة الانترنت فائقة السرعة لشبابها اليافع.

لكن مظاهر الحداثة تتوقف هنا فتحت السطح يطبق نظام متشدد يقوم على الفصل بين الرجال والنساء ما لم يكونوا من المحارم.

وهناك حرص على الا تقع انظار الغرباء على النساء يتبدى من خلال نوافذ السيارات الملونة والجدران العالية للمنازل وحتى العباءات السوداء التي تنص التقاليد السعودية على ضرورة تغطيتها للوجه.

ولا يستطيع صحفي ان يسأل امرأة عن الشوارع او الاتجاهات ناهيك عن ان يطلب حوارا معها بخصوص اهم قضايا الساعة. ولا يسمح عادة للصحفيين الذكور حضور مؤتمرات تتناول قضايا المرأة.

وفي احدى المرات قمت بالاتصال بكاتبة شابة في العشرينيات من عمرها لكنها رفضت اجراء اي حوار معي الا عبر البريد الالكتروني. اما فيما يتعلق بترتيب لقااءت فان المشكلة دائما تبرز نفسها..أين؟

وتتألف هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من رجال دين او تلاميذهم يجوبون الشوارع مع افراد الشرطة العادية لضمان تطبيق تعاليم الاسلام.

وفي بعض الاحيان قد يبذل الرجال في مناطق اكثر تحررا من البلاد جهودا حثيثة للترويج لمنجزات زوجاتهن.

فذات مرة دعاني رجل اعمال في بلدة القطيف الشيعية لاجراء مقابلة مع زوجته وهي كاتبة ونشطة اجتماعية.

وتمت المقابلة في اجواء أعادت الى ذهني حكايات الف ليلة وليلة حيث تسدل الستائر لتفصل بين قادة الحروب والخلفاء وبين العامة.

فقد جرت المقابلة في منزل العائلة.. لم اصافح المرأة وتصدر الرجال الجلسة خوفا من ان يؤدي تركنا وحدنا الى اطلاق الالسنة.

وبصفتي ضيفا سمح لي بان ادخل غرفة مليئة بالنساء اللواتي اجتمعن في ركن خاص ظنا منهن ان ذلك سيحميهن من اعين الغرباء ومن وطأة القيل والقال.

وحتى عندما تحدثن معي كن يغضضن البصر ويمسكن بحجابهن المسدل على وجوههن بشدة. اشحت انا ايضا ببصري شاعرا بالقدر ذاته من التوتر..تنفست الصعداء عند المغادرة

المصدر: رويترز

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...