كمبيوتر عصبي يحاكي الدماغ

26-03-2009

كمبيوتر عصبي يحاكي الدماغ

هل سيشهد العلم قريباً ثورة في عالم المعلوماتية الحيوية؟ الجواب عن هذا السؤال ينتظر حل سؤال يمثّل منذ اختراع الكمبيوتر معضلة أمام الباحثين، وهو، كيف يدير الدماغ البشري نفسه دون أي برمجية؟ حل هذا اللغز قد يفتح آفاقاً جديدة لقطاع حديث من الألياف المعلوماتية المصنّعة بشرياً، والجديد اليوم وضع نموذج أوّلي «لدماغ» على شكل رُقاقة. «نعرف مسبّقاً، أن الدماغ يملك قدرات حاسوبية مطلقة» يقول الفيزيائي في جامعة هيديلبرغ كارلهاينز ميير، «من الواضح أن ثمة شيئاً ما يجب أن نتعلّمه من البيولوجيا، وأعتقد أننا ذاهبون نحو ثورة في تكنولوجيا المعلومة».
يُشبّه الدماغ دائماً بأنه الكمبيوتر الأكثر تقدماً في العالم، إلا أنه يختلف عن الكمبيوتر في ثلاث نقاط مهمة، وهي أنه يستعمل كمية قليلة من الطاقة، ويستمر في العمل عند تعطّل أحد أجزائه، ويعمل بدون أي برنامج معلوماتي. كيف يفعل ذلك؟ لا أحد يعرف، ولكن الطاقم البحثي ذاهب إلى إنهاء دراسة الخلايا الدماغية لفهم كيفية عملها بدقة، وكيف يتصل بعضها ببعض، وكيف تستطيع هذه الشبكة أن «تتعلّم» الأعمال الجديدة.
أطلق على المشروع اسم مشروع FACETS، ويموّله الاتحاد الأوروبي، والأهداف التي وُضعت له مزدوجة، فعدا تطوير الحقل التكنولوجي وتوفير الطاقة، من شأنه تطوير القدرة على فهم أسباب الأضرار الدماغية التي تصيب الإنسان، وإحداث نقلة في طب الأمراض الدماغية وتشريح المناطق الغامضة وفهم عمل محرك الوعي الإنساني. ميير، هو منسق المشروع، الذي يضم باحثين من 15 معهداً من سبعة بلدان. بتأثير علمي من التقدم في علم الأعصاب، يبني الطاقم كمبيوتر «عصبياً» يقدّر له أن يعمل على نسق الدماغ، ولكن في شكل أوّليّ على مستوى معلوماتي ضيق جداً.
يقول ميير «نحن اليوم في المكان الذي كانت فيه البيولوجيا الجزيئية قبل بضع سنوات، حين بدأ العلم برسم خارطة الجينوم البشري وفتح المجال أمام استقاء الداتا منه، حيث يقوم زملاؤنا اليوم بجمع الداتا التي تصف الأعصاب وشكل اتصالها من النسيج العصبي»، بينما ينكبّ فريق آخر على تطوير نماذج رياضية غير معقّدة قادرة على وصف السلوك المعقّد المجهول الذي يحدث على المستوى العصبي.
الهدف هو استعمال هذه النماذج لبناء كمبيوتر عصبي يحاكي الدماغ، النتيجة الأولية حتّى الآن، تصميم لـ300 خلية عصبية ونصف مليون مشبك كيميائي على رقاقة إلكترونية واحدة، استخدمت الإلكترونيات التناظرية (Analog) لتمثيل الأعصاب، بينما استخدمت الرقمية (Digital) لتمثيل الاتصال بينها.. في مزيج فريد من نوعه تقنياً.
العمل جارٍ الآن حسب ميير على المرحلة «2»، التي تقوم على شبكة من 200 ألف خلية عصبية، و50 مليون مشبك كيميائي، ستُدمج في تصميمها كل اكتشافات علم الأعصاب المعروفة حتى الآن!
كيف يمكننا أن نستخدم كمبيوتر عصبياً؟ ميير يشرح أن الكمبيوترات الرقمية المستخدمة حالياً، ذات معايير لا تستطيع الاتصال أو فهم أو التطبيق على أجزاء الدماغ، «عندما نفهم المبادئ الأساسية، فإننا سنطوّر هاردويرات المستقبل، ونثبت أن البيولوجيا لا تعطي بالضرورة الحلول الأفضل لمشاكل بيولوجية، بل إن المعلوماتية قادرة على ذلك!». وبعيداً عن التصميم النظري والنموذجي، يشير ميير إلى أننا ربما بعيدون خمس سنوات عن أول كمبيوتر عصبي تطبيقي، «قد تكون الخطوة الأولى خياراً زائداً على الكمبيوتر المنزلي خاصّتك يتيح لك حمل الداتا المعقّدة الداخلة إلى جهازك لتوفير إجابة بسيطة، وربما بحث إنترنت ذكي..»
يرى ميير أن تطبيقات الكمبيوترات العصبية يمكن أن تكون في أي مكان يطلب فيه قرار معقّد وصعب، فقد تستعملها الشركات مثلاً، لقراءة نتيجة خيار اقتصادي أو تسويقي قبل أن يُعتمد حتى! في عمل سيقارب عمل الدماغ البشري... وربما، حسب ميير، سيتجاوزه يوماً ما.

خضر سلامة

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...