هل يتمكن النفط الروسي من قلب خريطة الصراع الدولي

23-10-2008

هل يتمكن النفط الروسي من قلب خريطة الصراع الدولي

الجمل: يتداول الرأي العام في شتى أنحاء العالم المعلومات والأخبار والتقارير التي تتحدث عن صعود قوة روسيا ومدى احتمالات تقدم القوة الروسية لملء الفراغ الاستراتيجي في توازن القوى الدولي الذي نشأ بسبب تراجع قوة الاتحاد السوفيتي الذي انهار وتفكك. هذا، وتركز المعلومات والتقارير المتداولة على عناصر قوة روسيا دون الحديث عن عناصر القوة الأخرى التي تملكها روسيا وما لم يتم التطرق إليه حالياً علماً بأنه يأتي فوق اعتبارات القوة العسكرية هو قوة روسيا النفطية – الجيوبوليتيكية التي تعتمد عليها روسيا في محاولتها لقلب معادلة التوازن الدولي.
* القوة النفطية الروسية: القدرات والآفاق:
تعتبر صناعة النفط في روسيا، الأكبر في العالم لجهة اقتصاديات الحجم والعائد وفعالية التأثير الحالي والمستقبلي على الاقتصاد الروسي والعالمي، هذا ومن أبرز المؤشرات الدالة على ذلك:
• تمتلك روسيا أكبر مخزون نفطي في العالم.
• تعتبر روسيا أكبر مصدر للنفط والغاز في العالم.
• تعتبر روسيا أكبر منتج في العالم للنفط والغاز.

هذا، وعلى أساس اعتبارات تنظيم صناعة النفط الروسي توجد حالياً 12 منشأة نفطية تباشر العمل في مجال صناعة النفط الروسي وهذه المنشآت هي:
• شركة غازبروم الروسية: وهي شركة مملوكة للدولة، وتحتكر أنشطة إنتاج الغاز التابعة للدولة، إضافة لذلك تعتبر شركة غاز بروم أكبر شركة في العالم لإنتاج وتصدير الغاز الطبيعي.
• شركة إيتيريا: وهي شركة مملوكة بواسطة عدة شركات دولية مساهمة.
• مؤسسة نفط خانتي مينسك النفطية.
• شركة لوكويل النفطية، وهي الشركة الكبرى المختصة بمجالات الإنتاج النفطي.
• شركة تورنغار.
• شركة روزنفت النفطية.
• شركة سيوز نفتغاز.
• شركة سورغو تنفتغاز.
• شركة تينكيبيبي النفطية: وهي شركة مساهمة تجمع بين شركة برتيش بتروليوم البريطانية، وشركة النفط الروسية تويمان.
• شركة ترانسنفت، وهي شركة تختص بمجال خطوط أنابيب نقل النفط والغاز.
• شركة أورينغوي غازبروم المحدودة.
• شركة يوكوس سيبنفت النفطية.
هذا، وعلى أساس ترتيب هذه الشركات الروسية بحسب الحجم والضخامة نجد أن الشركة الروسية الأكبر في الوقت الحالي هي روزنفت (Rosneft) تليها شركة لوكويل (Lukoil) ثم شركة تينكيبيبي ثم شركة سورغو تنفتغاز وأخيراً شركة غاز بروم.
* النفط الروسي وإشكاليات إدارة الصراع:
بسبب المزايا النسبية التي سيتمتع بها النفط والغاز الروسي لجهة الحجم الكبير والقرب من الأسواق وإمكانيات الإمداد المباشر وتأثيراته على مستقبل صعود روسيا كقوة عظمى منافسة للولايات المتحدة الأمريكية فإن الصراع على النفط والغاز الروسي أصبح بمثابة الملف الأول الأكثر أهمية بالنسبة للأطراف الدولية الأربعة الرئيسية التي تتصارع حالياً حول مستقبل النظام الدولي:
أولاً: اللاعبون الرئيسيون في مسرح النفط والغاز الروسي:
• روسيا: تنظر إلى النفط والغاز باعتباره الوسيلة الرئيسية الأكثر أهمية لجهة الحصول على النقد الأجنبي وتمديد النفوذ العابر للحدود.
• الولايات المتحدة الأمريكية: تنظر إلى النفط والغاز الروسي باعتباره مورداً هاماً يتوجب السيطرة عليه لتعزيز قوة أمريكا ونفوذها العالمي.
• الصين: تنظر إلى النفط والغاز الروسي باعتباره مستودع الأمان الخلفي لإمداداتها النفطية الذي يمكن أن تحصل منه على احتياجاتها النفطية في حالة حدوث المواجهات في المناطق الأخرى كالخليج العربي وغيره.
• دول الاتحاد الأوروبي: تنظر إلى النفط والغاز الروسي باعتباره مصدر الإمداد المباشر لتغطية احتياجاتها في حالة حدوث الخلاف والصراع مع مصادر الإمدادات الأخرى.
ثانياً: قواعد اللعبة:
• روسيا: تركز على تمديد خطوط أنابيب النفط والغاز ضمن ثلاثة اتجاهات رئيسية هي:
- غرباً باتجاه دول الاتحاد الأوروبي.
- جنوباًَ باتجاه باكستان والهند ودول آسيا الوسطى والصين.
- شرقاً باتجاه اليابان وكوريا الشمالية والجنوبية.
وترى روسيا بأن نجاح تمديد الأنابيب سيؤدي إلى تبعية هذه المناطق للنفوذ الروسي، وسيترتب على ذلك تعزيز قوة روسيا وإضعاف قوة الولايات المتحدة الأمريكية.
• الولايات المتحدة الأمريكية: تركز على محاولة حرمان روسيا من الاستفادة من مزايا وجود مخزونات النفط والغاز، بما يؤدي إلى إعاقة صعود روسيا وتسعى الولايات المتحدة إلى تطبيق ذلك عن طريق:
- محاولة السيطرة على المناطق التي تمثل الممرات الحيوية للنفط والغاز الروسي كمناطق القوقاز وآسيا الوسطى والبلطيق وشرق أوروبا.
- الضغط على دول الاتحاد الأوروبي وشرق آسيا والهند وباكستان لجهة دفعها لعدم التعامل مع روسيا نفطياً.
- إغراء روسيا بفتح تسهيلاتها النفطية للشركات الأمريكية بما يجعل مخزونات النفط والغاز الروسية تحت السيطرة الأمريكية.
- استخدام الآليات الهيكلية الاقتصادية الدولية بما يؤدي إلى حرمان روسيا من مزايا تدفقات الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة ومن أبرزها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية.
- استخدام الآليات الوظيفية الاقتصادية الدولية بما يؤدي إلى الإضرار بالأوضاع المالية والنقدية الروسية وعلى وجه الخصوص استخدام آليات نظام أسعار الفائدة وآليات نظام سعر الصرف.
• الصين: وتركز على مقايضة استقرار النظام الأمني بالتعاون النفطي، عن طريق الالتزام بأجندة منظمة تعاون شنغهاي، وعدم إعادة إنتاج خلافات بكين – موسكو السابقة، وعدم التعاون مع أمريكا ضد روسيا، مقابل التزام روسيا بإمداد الصين باحتياجاتها النفطية والضغط على دول آسيا الوسطى لجهة عدم إيواء الحركات الانفصالية التي تسعى إلى فصل غرب الصين.
• دول الاتحاد الأوروبي: وتركز على تحقيق التعددية في مصادر الطاقة النفطية، وذلك على النحو الذي يتيح لهذه الدول المزايا الآتية:
- المناورة بين مصادر الطاقة النفطية.
- المناورة على خط واشنطن – موسكو.
- إعادة التوازن لبرامج الأمن الأوروبي التي أصبحت أكثر ارتباطاً بالأمن الأمريكي.
- التمهيد لإعادة الاستقلالية الأوروبية في اتخاذ القرار بعيداً عن تأثير واشنطن.
يتضح لنا من خلال متابعة التطورات الميدانية في الصراع على خط واشنطن – موسكو أن الأخيرة استطاعت أن تكسب النقاط الآتية:
• إضعاف النفوذ الأمريكي في القوقاز من خلال تداعيات الحرب الجورجية – الروسية الأخيرة.
• إضعاف النفوذ الأمريكي في آسيا الوسطى من خلال تداعيات بانخراط دول آسيا الوسطى في عضوية منظمة تعاون شنغهاي بما أدى إلى دفع هذه الدول إلى الشروع في التخلي والتنصل من الاتفاقيات السابقة مع واشنطن، وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بالتعاون العسكري والأمني.
• إضعاف النفوذ الأمريكي على خط علاقات عبر الأطلنطي مع دول الاتحاد الأوروبي وعلى وجه الخصوص علاقات خط واشنطن – باريس، وعلاقات خط واشنطن – برلين بسبب رغبة فرنسا وألمانيا تطوير العلاقات النفطية مع روسيا.
برغم حصول موسكو على هذه النقاط فإن وزن الولايات المتحدة الأمريكية قد تعرض لخلخلة واهتزاز أكبر بفعل تأثير الأزمة المالية الراهنة التي أضعفت كثيراً من مصداقية القوة المالية والنقدية الأمريكية.
هذا، وستشهد فترة الإدارة الأمريكية الجديدة صراعاً أكبر على خط واشنطن – موسكو وعلى الأغلب أن يركز الصراع على استخدام الوسائل الاقتصادية وعلى وجه الخصوص في حالة صعود إدارة ديمقراطية للبيت الأبيض لأن الديمقراطيين سيحاولون إعادة السياسة الخارجية الأمريكية إلى برامج العولمة الاقتصادية التي وجدت زخماً كبيراً في عهد إدارة كلينتون الديمقراطية الأولى والثانية ولكن صعود إدارة بوش الجمهورية قطعت الطريق على العولمة الاقتصادية من جراء استخدامها العولمة العسكرية - الأمنية.
 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...