أمريكيون : الأمن في الشرق الأوسط مستحيل مع التدخلات الأجنبية

25-06-2006

أمريكيون : الأمن في الشرق الأوسط مستحيل مع التدخلات الأجنبية

الجمل : يمثل الشرق الأوسط منطقة إقليمية سريعة التقلبات، كونها بؤرة صدامات ونزاعات، عادة ما يتردد اهتزازتها وصداها بشكل عابر للحدود، لذلك فإن استحداث وإنشاء نظام أمني شامل في الشرق الأوسط، أمر أهم وأشمل من مجرد وجود قوة عسكرية مسلحة.
الإرهاب، التمرد، فصائل المليشيات، التطرف الديني، تمثل جميعها العناصر والمكونات، التي يمتلئ بها الشرق الأوسط، وتعمل ضمن منظومة مضادة تعيق الأمن الإقليمي والقومي والوطني. هذا ويقول العديد من المراقبين أن عدم التلبية الإيفاء بالحاجات الأساسية للمواطنين في العديد من بلدان الشرق الأوسط، بالقدر الكافي، أدى إلى تزايد السخط العام والإحباط، بشكل جعل من عملية استخدام العنف أمراً متجدداً مستمراً.
عادة ما تتعامل الحكومات في الشرق الأوسط مع الاضطرابات وحالات عدم الاستقرار، وفق وتيرة نموذجية تتمثل حصراً في استخدام قوة الحديد والنار، والحد من الحريات المدنية. لكن هناك من المراقبين، من يقول بأن استخدام هذا النوع من القوة في نهاية الأمر لا يضمن ولا يكفل تحقيق الأمن، كذلك، يقولون بأن الأمن من الممكن أن يتحقق فقط، عن طريق تطبيق وانتهاج الأسلوب الصارم، الذي يتضمن ازدواجاً ثنائياً يجمع الدفاع الخارجي الفعال والنظام الداخلي مع التنمية الاقتصادية والسياسية، إضافة إلى منع الأطراف والفصائل الأثنية والدينية من فرض إرادتها على الآخرين. هذا، وبرغم ذلك، فقد أكدت التجارب الماضية بأن هذه الصيغة المركبة يصعب إنفاذها في الشرق الأوسط.
جون ستاينبرونر، مدير مركز دراسات الأمن الدولي التابع لجامعة ميريلاند يقول" بأنه لكي تكون قوة الحكومة، عالية الفعالية والكفاءة في حفظ الأمن على المدى الطويل، فإنه يتوجب على المواطنين الموافقة على حكومتهم باعتبارها حكومة تمتلك الشرعية.
وأضاف "إن معادلة الأمن تتطلب، وجود جانبين على الأقل، الأول يتمثل في عملية استخدام القوة، والتالي يتمثل في عملية استخدام الشرعية، مع ملاحظة أنهما عمليتان لا يمكن الاستغناء عن أي منهما، ومن ثم في حالة وجود مستوى منخفض من الشرعية، فسوف يكون وضع الأمن سيئاً، بغض النظر عن حجم القوة الموجودة والمتاحة للاستخدام".
و يرى ستاينبرونر، ومحللون آخرون، بأن إدراك الافتقار إلى الشرعية أصبح يمثل حالياً مشكلة في حد ذاتها، وهي أكثر وضوحاً بالتحديد في العراق. فهناك عدد كبير من العراقيين ينظرون إلى القوات الأمريكية وحلفاءها الموجودين في العراق، باعتبارهم غزاة يحتلون بلادهم، ومن ثم يتوجب استخدام العنف ضدهم لإخراجهم.
لأنه لا شيء بخلاف ذلك يمكن أن يوقفهم من الاستمرار في عملية الاحتلال. كذلك يقول، هؤلاء : أن الافتقار إلى الشرعية هو المشكلة  التي  تواجه كل الحكومات العراقية الدائمة والمؤقتة التي ظهرت بعد الغزو الأمريكي، وتجدر الملاحظة إلى أن وجهة نظر العراقيين هذه، قد تشكلت رغم أن كل الحكومات في فترة ما بعد – صدام، كان يراعى في تشكيلها  تمثيل كافة الأطياف الرئيسية في العراق.
بيترغوس رئيس منظمة، إغاثة الشرق الأدنى (منظمة أمريكية غير حكومية يقع مركزها في واشنطن دي سي) يرى أنه في سائر أنحاء الشرق الأوسط، المفتاح الرئيسي لتحقيق الأمن طويل الأجل، يتمثل في دعم وترفيه المواطنين والسكان. وأضاف قائلاً: ( الأمن لا يتمثل هذه الأيام، فقط، في مجرد التركيز على البندقية، أو توجيه سنانها، بل الأمن يعتمد بقدر كبير على النمو الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ومن ثم عندما تتوافر هذه الديناميكيات المتعلقة بالنمو فعلى الأرجح لن تجد الحكومة نفسها مضطرة إلى استخدام العنف).
عابر للحدود
يمكن أن تقوم الدول بتهديد الأمن الإقليمي، وذلك، عن طريق ارتكاب  أوالتسبب في المزيد من العنف، في البلدان المجاورة. وحالياً أصبح ظهور الإسلام السياسي الأصولي يمثل في حد ذاته عاملاً رئيسياً في حالات الاضطراب وعدم الاستقرار التي أصبحت تعصف ببعض بلدان الشرق الأوسط، وفي هذا الصدد يقول بعض المحللين الغربيين، بأن التوصل إلى اتفاقية واسعة تضم عدداً كبيراً من الأطراف، حول الدور الصحيح للإسلام في حكومات المنطقة، ومجتمعاتها، يمثل مطلباً ضرورياً، من أجل التحرك ضد العنف، الذي أصبح المهدد الرئيسي للاستقرار في الشرق الأوسط.
يقول أنطوني كورد يسمان، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، بواشنطن، مركزاً ، ومشدداً، على حقيقة أن المسلمين، هم الذين يقررون ذلك وحدهم ، ولن تستطيع أمريكا تسييرهم مهما فعلت: "هناك حوار وخلاف حول مستقبل الإسلام، وهو حوار وخلاف، يجري حالياً ضمن بين كل من السنة والشيعة، ونحن في الولايات المتحدة نسعى لكي تؤثر على ذلك، ولكن علينا أن نعرف بأنه : لا الديمقراطية تستطيع أن تفوز بكسب هذا الحوار، ولا حقوق الإنسان ، ولا قوة التدخل الهائلة التي بإمكان الولايات المتحدة أن تستخدمها. لذلك، وهذه النقطة بالذات يقصد قوة التدخل الأمريكي- أصبحت تمثل المسألة الأكثر خطورة والتي يعمل جميع سكان الشرق الأوسط من أجل مواجهتها.. )
وأخيراً ، إن استحداث وصيانة الأمن في الشرق الأوسط، سوف يظل أمراً شاقاً إن لم يكن مستحيلاً، على خلفية التدخلات الخارجية والأجنبية في المنطقة، وبالتالي فإن الحل النهائي ، بحسب رؤية الكثير من الخبراء والمحللين ، يوجد لدى شعوب المنطقة نفسها.. ولا يمكن أن يأتي من خارجها .. بأي حال من الأحوال.


الجمل: قسم الترجمة

الكاتب: جيفري يونك

المصدر: فوانيوز

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...