العولمة وكلاب الحراسة

19-06-2006

العولمة وكلاب الحراسة

الجمل: عندما أعلن الرئيس البوليفي إيفو موراليز، في أيارالماضي، عن عزم بلاده على  تأميم مواردها الوطنية من النفط والغاز الطبيعي، انكشف الوجه الحقيقي للدوائر الغربية الأمريكية والأوروبية، التي ترعى عملية العولمة وتتبنى الدفاع عنها، خاصة كبار السياسيين، وأجهزة الإعلام، ومسؤلي المؤسسات الاقتصادية الدولية، والذين تبين أنهم ليسوا سوى كلاب حراسة العولمة، التي تشرف عليها وتدبرها الشركات الاحتكارية الكبرى العابرة للقومية.
ماهو جدير بالملاحظة في حاله بوليفيا، أنها لا تقوم بتصدير النفط والغاز إلى الولايات المتحدة، بل تكتفي حصراً بتوجيه صادراتها إلى البرازيل، والأرجنتين وبعض دول أمريكا اللاتينية الأخرى إضافة إلى الصين واليابان وكوريا.. وبالتالي فإن قرار التأميم الذي أعلنه الرئيس موراليز كان بمثابة ضربة قاصمة للشركات الأمريكية والبريطانية الكبرى، التي ظلت لفترة طويلة تتحكم في تحديد وفرض أسعار المحروقات بأمريكا اللاتينية. تؤكد حقيقة ذلك، أنه ما أن أعلن الرئيس الفينزويلي قراره، حتى سارعت كوندوليزا رايس – وزير الخارجية الأمريكية- على عجل، واضعة كل الحكومات التي تقوم بفرض سيطرتها على موارد اقتصادياتها الوطنية، بأنها تسلك سبيلاً ديماغوجياً لا طائل من وراءه ، .. ثم أضافت الوزيرة الأمريكية محذرة هذه الحكومات، بأن "طريقها هذا سوف يكون محفوفاً بالمخاطر، في نهاية الأمر".
وذلك في واحدة من أكبر الحملات الدعائية الاقتصادية، على النحو الذي وصفه بعض المحللين بأن يتمثل واحدة من الحروب الإعلامية العالمية الاقتصادية...
هذا، وقد أجمعت كل ردود الأفعال في البلدان الرأسمالية الغربية الأوروبية والأمريكية الشمالية، على تحذير كل بلدان العالم الثالث من القيام باحتزاء إجراءات الرئيس البوليفي أيفور موراليز، وذلك حتى لا تسبب في عرقلة حرية حركة الشركات الغربية العالمية الكبرى، لأن ذلك سوف يترتب عليه(عرقلة) التنمية الاقتصادية في العالم الثالث..
لقد ظلت منظمة التجارة العالمية(WTO) تعمل بجهد مستمر من أجل تعميم إيديولوجية تحرير التجارة في البيئة الدولية المعاصرة، وذلك برغم اقتناع الكثير من الأطراف العالمية، بما في ذلك منظمة التجارة العالمية نفسها بأن عملية تحرير التجارة غير ممكنة التطبيق في معظم أنحاء العالم، خاصة في بلدان العالم الثالث النامية، والتي يسكن فيها حوالي 75% من سكان الكرة الأرضية.
ولكن على الرغم من هذه الحقيقة الواضحة، فقد ظلت منظمة التجارة العالمية، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، إضافة إلى وزارة الخزانة الأمريكية، وقادة الاتحاد الأوروبي، تشدد على التأكيد الدائم بأن عملية تحرير التجارة هي المخرج والسبيل الوحيد الذي سوف يقود بلدان العالم الثالث إلى رحاب التقدم والتطور الاقتصادي.
هذا، وبفضل هذا الإلحاح والتشديد المتواصل، انتقلت عدوى (مصطلح تحرير التجارة) إلى كل الأدبيات الاقتصادية في بلدان العالم الثالث، يدرجون – دون وعي- الدلالة المفهومية لهذا المصطلح باعتبارها تمثل القوام الرئيسي الذي يتوجب الاعتماد عليه في عملية إعادة هيكلة تنمية اقتصاديات العالم الثالث.
حالياً، أصبح المروجون لتسويق العولمة، أكثر اهتماماً في حملتهم المسعورة الجارية ضد التوجهات الاقتصادية الوطنية، با ستخدام شتى الوسائل لحث ودفع – وربما الإكراه إن لزم الأمر- الدول النامية من أجل المضي قدماً في تطبيق إجراءات تحرير التجارة، كذلك لم ينس هؤلاء المروجين العمل على تبرير التشوهات الاقتصادية التي حدثت في كل دول العالم الثالث التي قامت بتحرير التجارة، قائلين بأن هذه ( التشوهات) ضرورية، ولا يمكن تفاديها، وذلك لأنها تكون بمثابة آلام المخاض التي تسبق لحظة الولادة، وبالتالي قياساً على ذلك، فإن على شعوب هذه البلدان النامية- التي حررت التجارة أن تنتظر وتصبر على تحمل هذه الآلام.. انتظاراً للحظة الخلاص - والتي علق أحد الخبراء في اقتصاديات العالم النامي قائلاً بأن انتظار هذه الشعوب النامية لمثل هذه اللحظة.. سوف يطول.. لأنها سوف لن تأتي على الإطلاق

 

الجمل: قسم الترجمة
الكاتب : لورا كارلزين  - مارك انغلار
المصدر: فبايف

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...