زواج الريفيات في مصر

28-10-2007

زواج الريفيات في مصر

في مصر، وبرغم الإحصاءات الرسمية التي تقدر عدد من فاتهن قطار الزواج من الشابات فوقيعاني الاباء في الريف المصري من ارتفاع تكلفة زفاف بناتهم الخامسة والثلاثين بنحو ثلاثة ملايين ونصف المليون فتاة، غالبيتهن يعشن في العاصمة والمدن الرئيسية، هناك من يشكو من زواج البنات.

ففي كثير من قرى مصر بات تجهيز مستلزمات زواج الفتاة وكذا الهدايا التي يقدمها أهل العروس للعريس بعد الزفاف، بات يمثل مصدر قلق وانزعاج كبيرين بعدما صارت هذه التجهيزات والهدايا تتكلف ألاف الجنيهات في وقت تئن في الأسر الريفية من وطأة الفقر والحاجة.

في منطقة العياط، جنوب القاهرة، ومع كثرة أنواع وأغراض السلع المعمرة والأدوات المنزلية، صارت الأسرة مكلفة بتجهيز ابنتهم العروس بكل ما تحتاج وربما لا تحتاج، فقط لان ابنة فلان أو علان تجهزت بمثل هذه الأشياء.

ولكن هذا قد يكون أمرا يسيرا، باعتبار أن الأم الريفية تبدأ في تجهيز مستلزمات زواج ابنتها عادة عندما تبلع البنت العاشرة وربما قبلها. ويشمل ذلك العشرات من الأطباق والملاعق والسكاكين وأدوات المائدة والبيضات والمفروشات والسلع المعمرة من غسالة ملابس وأطباق وتليفزيون وخلاط وثلاجة وجهاز فيديو، وحديثا، الحاسب الآلي والمكواة وملابس الأطفال المتوقعين، وأثاث غرفة أو غرفتين إذا اقتضت الضرورة.

تقول أم سامية انه في فترة الخطوبة تتولى أسرة العروس رد الهدايا التي يقدمها العريس. فمثلا إذا قدم العريس فاكهة في سلال، يتعين على أهل العروس إبقاء هذه السلال وإعادتها مملوءة بالطيور المنزلية ومنتجات الألبان والفاكهة وغيرها من الهدايا لوالدة العريس. وهكذا طوال فترة الخطوبة.

ليلة الزفاف تقوم أم العروس بتحضير وجبة دسمة من الطيور البلدي ومنتجات اللحوم المختلفة والمحشيات لزوم تغذية العروسين في ليلة العمر. ويتم نقل هذه المائدة على رؤوس السيدات إلى بيت العريس لتراها أمه وتتذوقها ثم تنقلها بدورها إلى شقة الزوجية.

وفي اليوم التالي يتم إرسال وجبة مشابهة تتقاسمها أسرة العريس. وفي اليوم الثالث يتم إرسال الفطير المشلتت في حدود خمس صينيات كبيرة الحجم.

في الخميس الأول بعد الزفاف يتم إرسال أو " عشاء " (وجبة ضخمة جافة كهدية) ويتكون من كمية كبيرة من الأرز الجاف والدقيق والفراخ الحية واللحم والمعكرونة بالإضافة إلى مبلغ مالي.

ويتكرر ذلك كل خميس ويتحمل التكلفة احد إخوة العروس أو احد أعمامها كل مرة. ثم يأتي الدور على " العشاء الكبير " وكان يقدم فيه حتى وقت قريب خروف مع جوال دقيق وغيره من المواد التموينية بكمية تكفي أسرة العريس كاملة لأسبوعين على الأقل.

وقد صار هناك تقليد الآن بأن يقوم والد العروس بشراء " غويشة " (سوار) أو " غويشتين " ذهب لابنته ويحملها إليها في أول زيارة منه لها بعد الزفاف.

وفى كل عيد أو مناسبة يتم تقديم هدايا مختلفة، بعضها نقدي، من جانب أسرة العروس إلى العريس وأسرته ويستمر ذلك حتى بعد إنجاب الطفل أو الطفلين الأوليين.

تقول أم سامية أنها تفعل ذلك لان جيرانها يفعلون ذلك مع بناتهم برغم أن ذلك يعرض أسرة العروس لضائقة مالية كبيرة ويدفع بعض الآباء للاستدانة وبيع أصول هامة.

ويضيف زوجها إنه شخصيا استدان ليوفر لابنته مثل هذه الأشياء غير الضرورية من وجهة نظره لأنها كلها تستهلك في الحال ولا يبقى منها شيء يفيد العروسين.

ويقول إن زواج الولد لم يرهقة بهذه الطريقة.

في ذات القرية، قام عضو بإحدى الجمعيات الخيرة بدعوة الآباء لمناقشة الأمر والتوصل إلى اتفاق ودي يسمح بتخفيف الضغوط على الأسر، فكانت النتيجة فشل ذريع لاختلاف الآباء حول من يقوم أولا بتخفيف سقف طلباته، أهل العريس أم العروس.

كما إن بعض الأمهات وبخن أزواجهن على هذا الاتفاق وخالفن التوصيات لمجرد أن ابنة فلانة أو علانة توفر لها كذا وكذا.

ويرى إمام مسجد القرية وهو خريج في جامعة الأزهر يرى أن مثل هذه السلوكيات ستؤدى إلى زيادة العنس وامتدادها من المدينة إلى القرية، ويحذر من ذلك بشدة.

وابدي الشيخ أسفا على الوقت الذي كانت بنت الريف تتزوج في الخامسة عشرة من عمرها، وقال انه الكثير من فتيات قريته يتزوجن حاليا في سن الخامسة والعشرين ويزيد.

الآباء والأمهات في الريف المصري كما في الحضر في صراع مرير من اجل زواج الأبناء مع كثرة عددهم ، ولكن يبدو أن الوهن أصاب معظمهم مع ارتفاع التكاليف وتعدد المتطلبات التي ربما كان الغرض من معظمها مجرد حفظ المظهر أمام الآخرين.

والى أن تجد هذه المشكلة حلا يبقى معدل العنس في مصر مرشحا للتصاعد، حتى وان انطلقت زغاريد زفاف هنا أو هناك.

المصدر: BBC

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...