المرصد الوطني لرعاية الشباب ومعالجة انتشار المخدرات في سورية

03-10-2007

المرصد الوطني لرعاية الشباب ومعالجة انتشار المخدرات في سورية

برز موضوع تعاطي المخدرات كمشكلة عصية في صدارة المشكلات الاجتماعية والصحية على الصعيد العالمي منذ ستينيات القرن الماضي ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن تنفق الدول الكثير من الأموال على علاج مدمنيها إضافة للجهود المستمرة وللتوعية من خطر الموت.

المخدر شبح يتسلل في الظلام مع وقع خطواته يثير الفزع وأصابعه المخفية تقتل الرغبة في الحياة.. انه كابوس مرعب عندما يدخل بيتاً يحول هدوءه الى صراخ وأفراحه الى أحزان مقيمة لا تفارق القلوب والوجوه انه الادمان دوامة لا تتوقف ضحاياه يدفعون كل يوم ضريبة السقوط في مواقف الرذيلة تحركهم أوهام وأكاذيب وتهيؤات تقول: «إن السعادة في التعاطي» وهي ألاعيب نشرها تجار الموت كما نشروا سمومهم وصدّقها ضعاف النفوس والارادة. 
 فاندفعوا خلف سراب السعادة الوهمية الكاذبة وحين وقعوا في فخ الادمان وغابت عقولهم وتحطمت أحلامهم وطموحاتهم اكتشفوا بعد فوات الأوان ان المخدر لا يمكن ان يكون مصدراً للسعادة وان الضياع الكامل هو البضاعة الوحيدة التي يصدرها باعة ومروجو المخدرات بعد ان ماتت ضمائرهم. ‏

في شهر رمضان شهر الخير والرحمة توجهت «تشرين» لتقف على حقيقة هؤلاء.. ترى هل أقلعوا عن التعاطي؟.. هل خف الادمان لديهم..؟ هل عادوا الى رشدهم والى طاعة الله والمجتمع بعد أن نالهم ما نالهم من ويلات التعاطي والادمان أم أن الأمر مازال سيان بالنسبة اليهم ولا حياة لمن تنادي؟ هل صحيح ان تجار الموت يقفون بالمرصاد لكل محاولة جادة لإعادة هؤلاء الى جادة الصواب. ‏

بداية يقول الطبيب غسان شاكر: يظن البعض ان الادمان هو فقط ادمان المواد المخدرة والتي تلقي بسمومها على فئة غالية على قلوبنا.. ولقد صنفت الكثير من المواد تحت اسم المواد المخدرة.. هذا لأن تأثيرها على الجملة العصبية المركزية وتسمى أيضاً المواد المؤثرة والمضرة بالعقل.. فجميع هذ المواد يكون تأثيرها على الخلية العصبية فتأخذ حيزاً من تكوينها البلازمي وبالتالي أي نقص في هذه المادة أو المواد يجعل هذه الخلية تتطلب مزيداً من هذا المخدر أو هذا الدواء.. ولذلك أصبح مؤكداً انه وحتى المسكنات منه تحتوي على مسكنات صبغية لمواد مخدرة وبنسب مختلفة وهنا تكمن المشكلة.. ويتابع د. غسان: أحياناً توصف هذه المواد لفترات محددة ولكن لا يحسن استعمالها من قبل المريض أحياناً وبقليل من الحرص بالنسبة للطبيب، منوهاً بضرورة ألا تكرر إلا بوصفة طبية أو استطباب يقرره الطبيب فكل ما يشفي المريض يعطي راحة نفسية كبيرة ويجعل هذا المريض يعتقد ان مثل هذه المواد هي أساسية بالنسبة للعلاج ولا يمكن ان يتحسن إلا عليها وهنا المشكلة الكبرى بالادمان غير المباشر وغير المعلوم أو المخطط له فتزداد الجرعات وتؤخذ عند حدوث أي ألم جسمي كان وتكون بداية عدم امكانية التخلص من هذه المواد أو تخفيفها إلا بمشورة طبية ويصبح عدد من الناس فريسة هذا الادمان الدوائي غير المباشر فبذلك نكون قد تورطنا في آفة تشارك فيها الطبيب والمريض والصيدلي فلنحرص على سلامتنا وسلامة صحتنا النفسية والجسدية وليكن عنوان حياتنا دائماً دواءٌ خال. من أي مشتقات لمواد صبغية وصفته تحت اسم المواد المخدرة ولتكن استشارتنا للطبيب دائماً ولنهمل أي رأي لا يتسم بالأصول والأدبيات الطبية. ‏

مع الاختصاصية أليسار فندي تقول: ‏

 عندما سألناها هل شهر رمضان بطقوسه يحد من التعاطي برأيك أو أن ممارسة الشعائر الدينية تشكل حافزاً لهؤلاء الأموات الأحياء فقالت: ‏

ـ علينا بداية التعرف على أسباب التعاطي ومنشئه ومن خلال احتمالات التعاطي أو الرغبة في التعاطي صراحة توجد مستويات مختلفة من الحصانة ضد هذا السم القاتل وهناك ما يمكن تسميته «بالجماعات الهشة» الأشخاص الذين يقدمون على التعاطي إذا ما توفرت أو سنحت لهم الفرصة أو السياق المهيئ لذلك حيث توجد قابلية شديدة لأن ينتقل سلوك التعاطي الى الشخص دون أية مقاومة منه.. إذاً ـ والحديث للاختصاصية فندي ـ لابد من رسم سياسة وقائية لمواجهة مشكلة تعاطي المخدرات والمواد المؤثرة في الأعصاب.. ‏

والوقاية في اعتقادها ثلاثة مستويات: ‏

1 ـ المستوى الأول: الوقاية الأولية وهي اتباع مجموعة من الاجراءات التي تستهدف منع الظروف المؤدية الى التعاطي أصلاً وهنا يدخل جميع انواع التوعية ومكافحة العرض وهي اجراءات تتخذ على مستوى الدولة أي منع توافر المخدر.. ومن ثم منع وقوع التعاطي.. ‏

2 ـ المستوى الثاني: الوقاية الأولية وتتمثل بالتدخل العلاجي المبكر بحيث يمكن وقف التمادي في التعاطي لكي لا يصل الشخص الى الادمان.. 
 3 ـ المستوى الثالث: وهو الوقاية من الدرجة الثالثة أي وقاية صحية للمدمن من التدهور والانهيار على جميع الصعد والهدف هو ايقاف تقدم الحالة ومتابعة العلاج ضمن المركز المتخصص.. ‏

وقدمت لنا الاختصاصية السيدة أليسار احصائية عن حالات التعاطي وأعداد متعاطي مختلف صنوف المخدرات في عامي 2006 ـ 2007م إضافة الى القبولات في المراكز للعامين المذكورين: ‏

احصائية عام 2006 ذكرت ان الحالات المكتشفة هي 750 مدمناً ذكراً و 738 من الاناث وفي عام 2007 بلغ عدد المدمنين 534 من الذكور و 523 من الاناث واحصائية عام 2007 إحصائية من 1/7/2007م، ولغاية 30/8/2007م. ‏

وعن حالات الادمان لدى الوافدين الى المركز قالت: هناك 206 حالات ادمان على تعاطي الهيروئين في العام 2006م، و 146 حالة ادمان دوائي و 74 حالة ادمان كحولي و 6 حالات على ادمان الكوكائين واثنان مدمنان على تعاطي المشتقات وعلى الحشيش مدمن واحد. 
 أما في العام 2007 فلدينا حتى الآن 359 مدمن هيروئين و 120 مدمناً دوائياً و 48 مدمناً كحولياً وخمسة مدمني كوكائين ولم يراجعنا أحد من مدمني المشتقات في حين هناك اثنان مدمنان على تعاطي حشيشة الكيف. ‏

وتشير السيدة أليسار الى موضوع غاية في الأهمية وهو على المستوى التعليمي لهؤلاء المتعاطين فالغالبية منهم من متوسطي التعليم أو فوق التعليم الابتدائي، إذ يبلغ عددهم 330 مدمناً في حين هناك 240 يحمل الشهادة الثانوية و 72 من خريجي معاهد متوسطة وعشرة جامعيين و 23 حاصلاً على تعليم ابتدائي و66 دون أي تعليم؟! وهذا بالنسبة لمدمني العام 2006م.. ‏

أما احصائية 2007 فقد أثبتت الدراسات ان 48 منهم ملم بالقراءة والكتابة و 15 درسوا لنهاية المرحلة الابتدائية و 226 اجتازوا المرحلة الاعدادية و 168 الثانوية العامة و 48 من خريجي معاهد متوسطة و 18 مدمناً من حملة الشهادة الجامعية. 
 ‏ أما بالنسبة للمهن التي يمارسونها فقد دلت الاحصاءات لعام 2006 ان 38 مدمناً عاطلون عن العمل وهناك 219 عاملاً و 63 بائعاً جوالاً و 218 عاملاً حرفياً و 11 موظفاً و 54 فناناً واثنان من الطلبة و 15 مزارعاً و 15 تاجراً و 22 مهندساً واثنان من المتقاعدين. ‏

وفي عام 2007 فهناك 44 عاملاً مدمناً عاطلاً عن العمل و 155 بائعاً جوالاً و 32 عاملاً حرفياً و 162 سائقاً و 38 فناناً وطالبان واثنان يعملان في الزراعة وخمسة تجار و 21 مهندساً ومتقاعدان. ‏

نماذج من المدمنين :

ـ أحمد شاب من مواليد 1972 من محافظة دمشق يعمل مصمم ديكور وصل في مستواه التعليمي الى السنة الأولى ضمن اختصاص «فريش مان» حيث انه ضمن المرحلة الدراسية كان لديه تشتت شديد وعدم التركيز على اختصاص معين. ‏

متزوج ليس لديه أولاد سبق له ان تزوج من بريطانية بهدف الحصول على جنسيتها ثم طلقها وأقام علاقة مع امرأة قبرصية وأخيراً تزوج من امرأة سورية. ‏

وهو يعاني من الادمان على الهيروئين والكوكائين منذ حوالي 15 سنة حيث أثر نمط حياته على تصرفاته وسلوكياته. ‏

عاش مع والديه حتى عمر 9 سنوات عندما انفصلا وكانت العلاقات جيدة بينه وبين اخوته وبعد الانفصال بين الوالدين استقر قسم من الأولاد مع الأب وقسم مع الأم في دولة خليجية إلا ان المريض استقر بمفرده ضمن مدرسة داخلية في قبرص بناء على رغبة الأب في ذلك لإبعاده عن أمه حسب قوله وبسبب انعزاله وبعده عن الأهل والأصدقاء تعرف على رفاق السوء المتعاطين.. لقد عاش أحمد حياة مليئة بالترف والحرية الكاملة لدرجة أنه قد جرب العديد من المواد المخدرة دون شعور بالمسؤولية تجاه نفسه وتجاه الآخرين لغياب الرقابة الذاتية والرقابة العائلية في الوقت نفسه. 
 ‏ توجه أحمد وهو في مرحلة الدراسة في قبرص الى المشاركة في الحفلات الموسيقية في النوادي الليلية التي تشيع في أجوائها مناخات الفساد التي تدفع الشباب الى الفساد الخلقي والثقافي والنفسي. ‏

سافر وتنقل في كثير من البلدان العربية والأجنبية وتعرف على كثير من الأشخاص الذين هم على مستويات مختلفة وثقافات وأفكار متعددة.. كل ذلك أثر على شخصيته ودفعه للتعاطي والادمان على المواد المخدرة، وفي الفترة الأخيرة رجع الى سورية وقد اجتمع بأمه وزوجته التي شجعته على العلاج وترك الادمان والعيش باستقرار معها ومع عائلته بعد أن توضح الأثر الذي تسبب فيه الادمان على نفسه وعلى المحيطين به، حيث ترك المريض عمله بعد ان باتت علاقته مع أسرته متفككة الى أبعد الحدود بعد التغرب عنهم وهو بعمر 9 سنوات. ‏

وعانى من تشتت اجتماعي حيث يشير المتحدث معه بأنه لا ينتمي الى مكان محدد وهذا الحال ينبغي ان ينتبه له أي رجل وامرأة يريدان ان ينفصلا عن بعضها ولديهما أطفال صغار حيث انه يجب الابتعاد عن الأنانية واللامبالاة والأحقاد التي قد تدفع أحد الوالدين الى التصرف بطيش دون التفكير بمصلحة اطفاله. ‏

ـ محمد تولد 1976 من ريف دمشق يعمل بخاخ موبيليا مطلق وصل حتى الصف الثامن وترك المدرسة لتوجهه للعمل. ‏

وهو ينتمي لأسرة مكونة من 15 فرداً لديه 9 اخوة ذكور و 3 أخوات إناث وبالنسبة لوالديه فهما متوفيان عندما مات والده كان بعمر 19 سنة أما والدته فقد كانت متوفاة قبل ذلك بخمس سنوات.. ‏

فقدان الوالدين وضع محمد بأحرج عمر وأحرج مرحلة كان والد محمد صاحباً لمقهى أما أمه فكانت ربة منزل لا تعمل والاثنان تعلما للمرحلة الابتدائية والمستوى المادي للأسرة متوسط. ‏

كانت علاقة محمد بوالديه جيدة وكان يشعر بأنه مدلل ولم يستمر ذلك طويلاً بعدما خسرهما في وقت مبكر فاضطر لأن يعتمد على نفسه هو واخوته وكان من نتيجة ذلك تركه للدراسة والتوجه للعمل ليعيل نفسه وأسرته خاصة بعد وفاة والده أما عن علاقته باخوته فهي جيدة ولا توجد بينهم مشكلات، ولدى محمد علاقات اجتماعية جيدة ومع غير المتعاطين. ‏

الوضع البيئي للمريض: ينتمي محمد الى بيئة ريفية معظمهم يعملون في الصناعة ولا توجد نسبة تعاطي عالية، كانت بداية المريض بالتعاطي وهو بعمر 28 سنة وكانت بدايته مباشرة مع الهيروئين وذلك لتقليد أخويه الاثنين اللذين يتعاطيان وهما أكبر منه فاتخذهما قدوة له وكذلك لعدم معرفته بخطورة الادمان والتعاطي وآثاره وقد سهل على المريض تجريب المادة أنه كان سابقاً مدخناً للسجائر وهو يحصل عليها من تاجر.. محمد مستمر على الهيروئين منذ سنتين بكمية غرام ونصف يومياً هذه المدة الأولى التي يقبل فيها في المرصد ولكنها ليست أول محاولة للعلاج فقد كانت له محاولات لدى أطباء اختصاصيين لم تنفع فكان يعود بعدها لعدم شعوره بالتحسن لكن بعد ان استطاع محمد التوقف عن تعاطي المادة المخدرة مدة ستة أشهر دون علاج عاد اليها بسبب أحد رفاق السوء.. يقول المريض محمد ان ما دفعه للعلاج كرهه للمادة وشعوره بتدهور مجمل أوضاعه وانه يرغب بعد العلاج ليعود انساناً طيباً ويفتح محلاً خاصاً به وبمهنته وبشراء منزل خاص له غير منزل أهله الذي مازال يعيش فيه. ‏

وتشخص الاختصاصية السيدة أليسار حالة محمد فتقول: ‏

المريض شاب في الثلاثين من عمره مدمن على تعاطي الهيروئين وذلك يعود لعدة أسباب: ‏

أولها: وفاة الوالدين وهو في مرحلة عمرية حساسة أي المراهقة وما يرافقها من مشكلات وصعوبات والتعرض لتأثير الأصدقاء أي انه عانى الرقابة الأسرية. ‏

ثانيها: وجود تعاطي من ضمن اسرته من خلال أخويه الأكبر منه سناً. ‏

ثالثها: انخفاض المستوى الثقافي للمريض بشكل خاص للأسرة والبيئة بشكل عام. ‏

رابعها: عدم وجود وعي صحي بخطورة التعاطي وآثاره عليه وعلى مهنته وعلى أسرته. ‏

خامسها: توفرالمادة المعتمدة وسهولة الحصول عليها بالنسبة له من خلال المروجين والتجار. ‏

سادسها: حدوث طلاق مع زوجته ما شكل لديه ضعفاً نفسياً جعله يندفع بسهولة للتعاطي أي للخروج من صدمة عاطفية وهي تجربة زواج لم تنجح بسبب أهل الزوجة. ‏

مع اجتماع هذه الأسباب والعوامل تشكلت أرضية ضعيفة جعلت من محمد فريسة سهلة لعالم الادمان. ‏

ـ الشابة أميرة 1976 من محافظة حماة لا تعمل متزوجة وأم لولدين درست للصف التاسع ولم تكمل. ‏

تربت في أسرة مكونة من 9 أشخاص لديها 5 اخوة إناث واخ وحيد.. الأب يعمل موظفاً ولم يحصل إلا على الشهادة الاعدادية والأم ربة منزل ولا تجيد القراءة والكتابة أبداً وهذا الجهل كان له دور كبير في علاقته مع الأبناء. ‏

المريضة أميرة منذ الطفولة وهي تفقد أي تواصل مع والديها بسبب المستوى التعليمي المتدني عند الأم فالعلاقة متوترة مع الوالدين بشكل دائم بسبب الأرضية التي نشأت الأسرة كلها عليها. ‏

أخرجت المريضة من المدرسة بعد الصف التاسع بالرغم من تفوقها الدراسي وكان السبب رغبة الأهل في ذلك لأنهم غير مؤمنين بأهمية التعليم ويرون أن خروج الفتاة من المنزل أمر معيب حسب عادات الأسرة فهي لا تخرج إلا لبيت زوجها وهذا الحرمان من الدراسة الذي تعرضت له كان ضد رغبتها ما شكل ضعفاً نفسياً كبيراً عليها وزاد القيود بينها وبين والديها فشعرت أن تفكيرها بعيد جداَ عنها وأحياناً ظنت أنهم لا يعرفون ماذا تريد أو لا يقدرون رغبتها وقدراتها. ‏

تزوجت المريضة أميرة في عمر 14سنة أي بعد خروجها من المدرسة من بداية الزواج وكانت العلاقة متوترة مع الزوج بسبب عدم اهتمامه بها وتوجهه فقط لأي طريقة لكسب المال فرزقت بولدين وزادت العلاقة سوءاً بسبب إهماله لأولاده وعدم توجيه أي اهتمام بها وبعد فترة من الزواج ظهرت نوايا الزوج بالاتجار بزوجته من أجل المال وبسبب رفضها كانت تتعرض للحبس والحرمان من الطعام هي وأولادها عند لجوئها لوالدها كان دائماً سلبياً ولم يفكر أبداً بإبعاد ابنته عنه لأنه يرفض فكرة الطلاق فكان لا يتدخل ودائماً يعيدها لمنزل زوجها. ‏

كانت العلاقة متوترة كثيراً وكان الزوج بعيداً تماماً عن أولاده ولا يبدي أي تواصل معهم، حدث الطلاق منذ حوالي 3سنوات بعد مخالعة رضائية تنازلت فيها عن كل حقوقها. ‏

بعد الطلاق بعام تقدم لها شخص كان قد ساعدها في طلاقها من زوجها يكبرها بـ 36 سنة وتزوجها زواجاً عرفياً بالسر، تقول انها قبلت به لأن أوضاعه المادية ممتازة وسوف تعيش مع أبنائها وهذا الوضع أرحم لها من العودة لمنزل والديها لأنها لا تتحمل ضغطاً. ‏

علاقتها مع أبنائها كانت جيدة ولكن مؤخراً توترت قليلاً مع ابنها لأنه أصبح يفهم أن والدته تأخذ دواء للجنون وهذا كان يوترها وتحدث بعض الخلافات معه، الابن عمره14 سنة ووالده أوصل هذه الصورة عن أمه. ‏

بدأت القصة بعد خروجها من المدرسة بعمر 14 سنة كان هذا الوضع صعباً جداً عليها وسبب لها صدمة وكثرة التفكير منعتها من النوم فجربت بداية حب منوم كانت تستعمله جدتها وارتاحت عليه وبعدها حدثت قصة الزواج التي تعرضت فيها لضغوط كبيرة من قبل الزوج فجربت أنواعاً مختلفة من الأدوية لتهدئتها ولنسيان واقعها وللتخفيف من عصبيتها على أبنائها، حاولت العلاج عدة مرات عند أطباء متخصصين ولكن عند أول مشكلة تواجهها تعود للتعاطي مباشرة بكميات كبيرة لأنها تعاني من أرق وقلة نوم وعصبية كبيرة، ولا تريد أن تعكس هذا على أبنائها. ‏

هناك قصة تعاطي وريدي «أبر فال» والزوج كان يقدم لها بعض الأدوية أحياناً على أنها مهدئ. ‏

ومحاولات انتحار متعددة بجرعات زائدة وبالسم وبالكهرباء حوالي 6محاولات آخرها كان قبل يومين من قدومها. ‏

- افتتح المرصد الوطني لرعاية الشباب وهو مشفى متكامل تخصصي لعلاج الإدمان من المخدرات والكحوليات في الشهر الثالث من عام 2003م. ‏

وأصبح من أولويات وزارة الصحة التوجه الى هذه الشرائح المستهدفة للعمل على تقديم العلاج المجاني لها وأيضاً التوعية الإعلامية والصحية للتعريف عن أخطار تعاطي المواد الضارة بالعقل عن طريق الإعلام المرئي والمقروء والمسموع ليكون كل يوم من أيام السنة هو اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، وكان التعاون بنّاءً مع منظمة الصحة العالمية والمنظمات الدولية الأخرى بحيث أقيمت دورات تدريبية للكوادر المتخصصة للكشف وطريقة التعامل مع المرضى المدمنين. ‏

وكان شعار وزارة الصحة بأن المدمن يعتبر مريضاً ويجب علاجه وتقديم المساعدة الطبية له وأيضاً اجراء الدراسات النفسية والاجتماعية عليه لنتمكن من معرفة الثغرات النفسية والاجتماعية التي يمكن أن يتبجح بها المدمن ليبرر استعماله لهذه المواد. ‏

إن إدمان المخدرات الذي يقصد به التعاطي المتكرر لمادة مخدرة أو أدوية لمشتقات مواد مخدرة، حيث يكشف المتعاطي عن انشغال شديد بالتعاطي، كما يكشف عن عجز أو رفض للانقطاع، وكثيراً ماتظهر عليه أعراض عضوية أو نفسية إذا ما انقطع عن التعاطي، وتصبح حياة المدمن تحت سيطرة التعاطي لدرجة تصل الى استبعاد أي نشاط آخر، ويكون تأثيرها مدمراً للفرد والمجتمع. ‏

وهناك عوامل أساسية تساهم في دفع الشباب إلى الادمان وتنبع تلك العوامل من المجال الاجتماعي الذي يوجد ويعيش فيه هؤلاء الشباب، وتبين الدراسات والبحوث أن أصدقاء السوء هم دافع أساسي للإدمان، فتساهم جماعات الأصدقاء من خلال العلاقات الاجتماعية الى تخفيض القيود الداخلية بما يسمح للأعضاء بإشباع حاجاتهم الخاصة بهم بالدرجة التي يمكن أن تحقق بطرق أخرى، وتتأثر الجماعة الى حد كبير بسلوك أفرادها وتطورهم. ‏

وبالنسبة للأسباب من خلال مرضى المرصد الوطني لرعاية الشباب عن مشكلة الإدمان فهي مجاراة الأصحاب، حب الاستطلاع والتقليد، وجهل بماهية المخدر. ‏

ويضم المرصد الوطني لرعاية الشباب عيادة خارجية تستقبل المرضى المدمنين بإشراف اختصاصي بالأمراض النفسية، ويتم عمل إضبارة علاجية تقف على القصة الادمانية والشخصية والعضوية لهذا المريض، ويتم فحصه عضوياً وإجراء الاستقصاءات والفحوصات المجدية اللازمة، وإجراء الاستشارات العضوية في حال استوجبت ذلك قلبية أو هضمية أو صدرية نسبة لما يحدث من أذيات عضوية في هذا المجال من استعمال المواد المخدرة، ويكون دخول المرضى المدمنين طوعياً الى المشفى ومجاناً كما أشرت سابقاً. ‏

ويضم القسم الداخلي 29 سريراً، 17 سريراً للرجال، و12 سريراً للنساء ويوضع المريض على بروتوكول علاجي مستند إلى أحدث الأساليب العلاجية المتبعة في جميع أنحاء العالم، وتجرى له بعد ذلك دراسة نفسية واجتماعية كل على حدة من قبل باحثين نفسيين واجتماعيين متخصصين بهذا المجال للوقوف على الوضع الاجتماعي والنفسي ويستعان بالأهل أيضا لسد الثغرات التي يمكن أن يهملها المريض. ‏

ويرفد المرصد قسم للعلاج الفيزيائي للمساعدة في تخفيف الآلام العضلية والهيكلية والتي ترافق أعراض سحب المواد المخدرة في الفترة الأولى من العلاج. ‏

وتكون الفترة العلاجية هي أسبوعية على الأقل، ويعتبر الكادر التمريضي في المرصد والذي دُرب وأُهل بموجب دورات متخصصة من أهم الكوادر في المشفى، حيث يشرف إشرافا تاما على متابعة وراحة المريض، ويقدم جميع أوجه المساعدة ليلا نهارا. ‏

وقد زودت وزارات الصحة المشفى بجميع الأدوية الضرورية واللازمة للعلاج، يوجد قسم خاص للإحصاء يقدم ويعمل على إحصائيات اسبوعية وشهرية لمرضى الإدمان تقدم إلى الجهات الخاصة. ‏

يشرف على العمل في المرصد جهاز طبي مؤلف من خمسة اختصاصيين في الامراض النفسية وخمسة أطباء مقيمين في الأمراض النفسية، وأطباء أسرة متدربين أيضا، كما يوجد قسم للجودة للوقوف على آلية تطور العمل في المرصد من جميع النواحي المراد سد الثغرات فيها، كما يقوم قسم الإعلام الصحي بالتوعية من المخدرات في جميع المناسبات التي تسمح ببروز مشكلة الإدمان في الاعلام المرئي والمقروء والمسموع، وقد أعد بروشور خاص بالمرصد يتناول جميع المعلومات الضرورية وطريقة الدخول إلى المشفى بالإضافة إلى الناحية التوعوية. ‏

ولا يقتصر دور وزارة الصحة في العلاج الدوائي فقط داخل المشفى وإنما بمتابعة المريض بعد تخرجه من المشفى، فيتابع في العيادات الخارجية بشكل دوري اسبوعيا للوقوف على مدى التزامه بالكشف عن التعاطي وأيضاً المتابعة النفسية والاجتماعية في العيادة الاجتماعية فيقدم له العلاج النفسي الدائم والمعرفي والسلوكي أيضا للوقوف على الثغرات الاجتماعية والنفسية وتقديم المساعدة له في هذا المجال، وقد حقق المرصد الوطني لرعاية الشباب نتائج ملموسة وجيدة في علاج ومتابعة المرضى المدمنين، آملين رؤية شبابنا المغرر بهم فئة فعالة ومنتجة في المجتمع. ‏

وتشير الإحصائيات إلى أن الدراسات الميدانية لاحظت عدم تزايد النسب خلال السنوات الماضية، إضافة إلى قلة عدد النساء اللاتي يتعاطين المخدرات وفيما يلي مؤشرات على ما تقدم ذكره فقد بلغ عدد المقبولين في المركز للعام 2005 ما مجموعه 744 مريضا بينهم /728/ من الذكور و/16/من الإناث. ‏

فيما كان عدد المقبولين للعام 2006 ما مجموعه /750/منهم/738/ذكراً و /12/ أنثى. ‏

أما عدد المقبولين خلال خمسة أشهر من العام 2007 فهو /308/ ذكور /300/ إناث و /8/ ذكور وهذا يدل على أن بلدنا ما زال بخير. ‏

هدى العبود

المصدر: تشرين


إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...