عائلات عراقية في سورية يتعذّر بقاؤها... وعودتها

05-07-2007

عائلات عراقية في سورية يتعذّر بقاؤها... وعودتها

بعد مرور اكثر من ثلاث سنوات على وجوده في دمشق يضطر سعدون القادم مع اسرته من «جحيم» الفلوجة في العراق، الى بيع مقتنايته الشخصية، وأشياء عزيزة تشكّل ذاكرة العائلة.ويخشى سعدون اليوم الذي قد يبيع أعضاء جسده، يقول: «أشعر بأنه بات قريباً»، بعد أن يفقد كل شيء.

وفي منطقة جرمانا السورية المكتظة بالعراقيين، يعبّر سعدون عن ملله من الهروب، وتمنّيه الموت الذي «أنا هارب منه». وهو تقدّم بطلبات هجرة إلى دول كثيرة، وعمل إلى شركات كثيرة، شروطها تعجيزية، كما يقول.وليس أمامه إلا أن يعود إلى إحدى جامعات بغداد ليتابع عمله كمدرّس، فهو يحمل شهادة دكتوراه في الهندسة الميكانيكية، ومتخصص في تصميم السيارات وصيانتها.حال سعدون هي حال عراقيين كثيرين توافدوا الى سورية في السنوات الاخيرة، وعاشوا في الفترة الاولى على ما حملوه معهم من مدخرات وممتلكات، مما خف وزنه وغلا ثمنه. لكن فترة الاقامة المطوّلة دفعتهم الى البحث عن وسائل جديدة للاستمرار، خصوصاً أن فرص العمل قليلة في سورية التي تعاني بطالة مرتفعة أصلاً، تتجاوز 20 في المئة، وفق تقديرات الاقتصاديين.

والعراقيون في سورية، وعددهم 1.2 مليون نسمة وفقاً لإحصاءات رسمية، واكثر من مليونين بحسب أرقام غير رسمية، مصابون بالاحباط ويتملّكهم الخوف من المجهول. وهم يتوزعون على ثلاث فئات: الاولى، فئة رجال الأعمال أصحاب السيارات والبيوت الفخمة، ويستثمرون أموالهم، ويضعون أولادهم في مدارس وجامعات خاصة. والثانية، فئة الذين يحملون بعض المال، وحرفة يعتاشون منها. وهؤلاء نجحوا في إنشاء محال متخصصة، وتأمين حضور قوي في الأسواق السورية.وأما الفئة الثالثة فهي الأكثر عدداً وتتكوّن من الفقراء الذين كانوا موظفي الدخل المحدود في الدوائر الرسمية أو الجيش. ومن هؤلاء من يحاول الحصول على أي مهنة، وآخرون يعيشون بالمياومة.وعلى رغم وعود بإعانات من حصتهم في نفط العراق، او من منظمات إنسانية، إبرزها مفوضية اللاجئين، يشتكي العراقيون في سورية من غياب المساعدات الإنسانية، وتخلف الخدمات.

كاظم حسين، كسعدون وآخرين، دار دورة المساعدات والعمل وطلبات الهجرة، حتى رسا على تنظيف السيارات في المطاعم الليلية، «من دون اجر ثابت، يكفي للعيش». وتبقى عينه صوب زوج أخته في الدنمارك، علّه يسانده أو ينتشله.

ولم يعد كاظم يملك شيئاً في بغداد. باع منزله في الاعظمية ليدفع فدية ابنه الاصغر علي (10 سنوات)، بعد ان خطفته احدى الميليشيات. ثم صفّى أعماله، كتاجر قماش، وقدم مع أولاده الأربعة إلى دمشق.تستضيف سورية 2.3 مليون لاجئ فلسطيني وعراقي وصومالي، ويوجد نحو 75 ألف طالب عراقي في المدارس السورية، إضافة إلى أعداد كبيرة من المرضى في المستشفى.

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...