الهجرة حلم شباب العراق والفتيات محرومات منها

25-06-2007

الهجرة حلم شباب العراق والفتيات محرومات منها

تطلعات كبيرة وطموحات أكبر تلك التي يحمّلها الشباب العراقيون لحلم الهجرة الذي بدأ يداعب مخيلتهم منذ انفتاح العراق على العالم واحتكاكهم بأقرانهم في بقية الدول، لكن هذا الحلم كثيراً ما يصطدم بعوائق ومشكلات عدة.

ديما التي أتمت 23 ربيعاً من عمرها وأكملت تعليمها في كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد لا تتوقف عن التفكير بالهجرة التي تحولت الى حلم جميل دفعها الى اكمال دراستها بتفوق أملاً بالحصول على فرصة عمل ملائمة بعد الهجرة. لكن هذا الحلم أخذ يتبدد شيئاً فشيئاً بعدما منعها شقيقها احمد من الهجرة مع عائلتها واجبرها على العيش في بيت خالتها ومنحها فرصة لا تزيد على شهرين للبحث عن عريس، معتبراً انه الشرط الاساسي للسماح لها بمرافقة عائلتها التي حصلت على موافقة بالهجرة الى السويد.

تقول ديما ان شقيقها امتنع عن إدراج اسمها مع عائلتها في الاوراق الرسمية المقدمة الى السفارة السويدية في سورية طلباً للهجرة.

وتعيش ديما في حيرة من امرها ولا تستطيع اتخاذ القرار الذي يدفعها شقيقها نحوه وهو الزواج من اول خاطب يطرق الباب لانها رسمت صورة خاصة لشريك حياتها من الصعب القفز فوقها.

تقول ديما إنها قررت التخلي عن حلم الهجرة بسبب الشرط القاسي الذي وضعه شقيقها الاكبر وقدمت اوراقها طلباً للتعيين في إحدى الوزارات تمهيداً لمرحلة الاستقلال المادي والاعتماد على الذات وللتغلب على الوضع الحرج الذي ستعيشه بعد هجرة عائلتها من العراق وانتقالها للسكن في منزل خالتها.

وتؤكد ان إقناع شقيقها بالسماح لها بالهجرة بات امراً مستحيلاً وانها سترضخ للواقع المفروض عليها لحين الحصول على زوج مناسب.

وحالة ديما واحدة من حالات كثيرة ترفض فيها العائلات العراقية السماح لبناتها بالهجرة، وتوافق عائلات اخرى على إيفادهن للدراسة او الهجرة الجماعية مع الاهل.

ويحظى الشباب بفرص اكبر للهجرة التي باتت هاجساً كبيراً لدى الكثيرين منهم دفع غالبيتهم الى السفر خارج البلاد لتقديم طلبات الهجرة الى السفارات الاجنبية قبل إتمام دراستهم الجامعية.

ويقول حسين علي (22 سنة) إن الشعور بالغربة بات اقل تأثيراً في نفوس الشباب العراقيين الذين تعرضوا لصدمة كبيرة بعد خروجهم من مرحلة انغلاق اجتماعي استمرت لسنوات طويلة الى المجتمعات الاخرى.

ويبحث حسين مثل غيره من الشباب عن فرص للهجرة المضمونة ويسعى الى تقديم اوراقه في سفارات الدول الأوروبية التي فتحت باب اللجوء والهجرة للشباب العراقيين.

ويقول إن رغبته في الهجرة تنبع من تطلعه الى حياة افضل وتحقيق طموحاته، لكنه يرفض اللجوء الى البلدان العربية ويقول إن الاوضاع تكاد تكون متشابهة في غالبيتها وإن مسألة الحصول على فرصة عمل ملائمة باتت معدومة على عكس البلدان الاوروبية، وبخاصة الدول الاسكندينافية التي يطمح غالبية الشباب العراقي في الهجرة اليها.

ويقول حسين انه لا يريد البدء من جديد هناك، انما استكمال ما بدأه في بلاده، لكنه في الوقت ذاته يرغب في الزواج من فتاة اجنبية، معتبراً ان هذه الخطوة ستساعده في التأقلم مع حياته الجديدة بعد الهجرة.

وعلى رغم عدم توافر إحصاءات نهائية حول عدد الشباب المهاجرين من العراق بعد عام 2003 تشير الاحصاءات الرسمية لوزارة الهجرة والمهجرين إلى ان نسبة الشباب تصل الى 76 في المئة من نسبة المهاجرين العراقيين الى الدول الاوروبية. وغالبيتهم هاجروا في شكل منفرد فيما هاجر آخرون برفقة ذويهم، ويشير الاحصاء ذاته إلى ان أعمار الشباب المهاجر الى الدول الاوروبية تتراوح بين 23 و35 سنة. ويعترف عبد الصمد رحمن سلطان وزير الهجرة والمهجرين بارتفاع نسبة الشباب المهاجرين من العراق ويقول ان الاوضاع الامنية السيئة والاحتقانات الطائفية والانفتاح المباشر للشباب العراقي على العالم دفعهم الى الهجرة بأعداد كبيرة.

ويقول ان الاحصاءات الرسمية الاخيرة تؤكد وجود اكثر من 950 ألفاً من الشباب العراقيين في الدول الاسكندينافية، مؤكداً ان غالبية هؤلاء انصهروا في المجتمعات الاوروبية ولا يريدون العودة الى البلاد.

ويرى استاذ الاجتماع د. عبد الكريم حمزة في جامعة بغداد ان التغيرات الاجتماعية والسياسية التي تعرضت لها البلاد لاكثر من 25 عاماً مضت ولدت توجهاً جديداً لدى الشباب العراقي لم يكن معهوداً ودفعتهم الى الاقبال على الهجرة.

ويرجع اسباب هذا التغيير الى ضعف روابط الانتماء الوطني بين الشباب ورغبتهم في البحث عن فرص افضل لمستقبلهم.

ويقول ان الوضع الاجتماعي والسياسي في البلاد ساهم في ولادة مرحلتين من الهجرة بين صفوف الشباب، بدأت الاولى في منتصف الثمانينات وازدادت في شكل ملحوظ بعد تسعينات القرن الماضي لأسباب اقتصادية ونفسية وظهرت الثانية بعد سقوط النظام السابق لأسباب أمنية واجتماعية.

ويؤكد ان نجاح جيل الهجرة الاول في تحقيق الذات والانصهار في المجتمعات الغربية دفع الشباب الى التفكير في الهجرة باعتبارها حلاً أمثل لمشكلاتهم الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي ظهرت بعد سقوط النظام.

خلود العامري

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...