الثورة : "رواية اسمها سورية" تقدم ذاكرة السوريين بلغة الأدب

30-05-2007

الثورة : "رواية اسمها سورية" تقدم ذاكرة السوريين بلغة الأدب

(سأل أدونيس صديقه فاتح مرة:ماذا يوحي لك اسمك, فقال: أتصور أرضاً جبلية, فيها السوسن والزعتر, يمر عليها قطار بلا صوت, يتطاير بخاره على الأفق الجنوبي في ضوء الساعة السابعة صباحاً, كنت طفلاً أعيش بين حقول الحنطة, هذا هو االكتاب: رواية اسمها سورية- المؤلف: مجموعة من الباحثين- تحرير وإشراف عام: نبيل صالح- إصدار خاص- الطبعة الأولى 1428 هـ- 2007 م- عمليات فنية: B J concept. comسمي.وحين شاكسه مداعباً: لم تذكر الماء! هل أنت ضد الماء? قال: ونهراً جبلياً غرقت فيه كثيراً ولم أمت).‏
ليس سهلاً تحصيل الإيقاع الحقيقي الذي حكم حياة شخص ما.. بإيقاعها المتقطع وبعمقها الدرامي اقتناص تلك الأشياء الجميلة- عادة في المتن لكنها تومئ إلى الكثير.‏
لهذا يغدو تقديم (بورتريهات) محسوسة تقولها اللغة بطريقة جذابة وغنية, تحدياً ليس يسيراً مواجهته إلا على الأقلام التي تمتلك قدرتها على التعريف السليم والتعبير المختصر, المكثف والذكي مثل هذه الأقلام انتقى الكاتب والصحفي نبيل صالح أن يتعاون معها لينجز موسوعته (رواية اسمها سورية) التي رصدت أهم مئة شخصية أثرت في تشكيل وعي السوريين في القرن العشرين.‏
يقول نبيل صالح في مقدمته التي جاءت بعنوان: وصف سورية: (التاريخ هو حركة الذئاب في الزمن, وكذلك هي الرواية, ليس هناك من أخيار أو أشرار بشكل مطلق, فما هو شر بالنسبة لنا خير بالنسبة لأعدائنا, والعكس صحيح, فقيمة كل امرئ بحسب ما يقدم لأهله وقومه ووطنه أولاً, وللمثل العليا ثانياً, حيث تبدو الأخلاق أمراً ثانوياً عندما تعترض مصالح الأمة, وهذا أمر يفهمه السياسيون والقادة الكبار, في اللحظات التي يمر فيها التاريخ متدفقاً بين أيديهم, مثلما تمر العجينة بين يدي الخباز إلى بيت النار, فإما أن يتلقفها في اللحظة المناسبة رغيفاً حقيقياً, تتلمسه أيدي الشعب وأسنانه, وإما أن تتجاوزه اللحظة, فيحترق ما كان بين يديه ويذهب إلى العدم).‏
من هذا المنطق تم اختيار مئة شخصية من قبل نبيل صالح وهيئة استشارية ضمت د. أحمد برقاوي و الدكتور يوسف سلامة والدكتور محمد محفل و الاستاذ محمد جمال باروت. وبمشاركة أربعين قلماً لأهم كتابنا وصحفيينا أنجزت الموسوعة.‏
تفاصيل مهمة, مثيرة جميلة شكلت لقطات ذكية لحيوات أشخاص مروا بالتاريخ الحديث لسورية حاولت الأقلام المشاركة بث روح الابتكار بطريقة تقديم الشخصيات وطريقة اختيارها. يقول نبيل صالح: (لم أستطع أن أرى سورية يوماً مجسدة في تلك الخريطة التي كنا نرسمها في المدرسة ، ذلك أن كل بلدان العالم لها خرائط وفيها جبال وأنهار وأشجار وسهول وبحار, وليس في ذلك ما يميزها عن بعضها.‏
فأنا أعتقد أن الوطن هو تلك السمة التي يحملها المواطنون في داخلهم, وبالتالي أرى أن سورية موزعة في كل العالم بحسب توزع أبنائها فيه, ومن هنا انطلقنا لوصف سورية, عبر توصيف السوريين, وبما أننا لا نستطيع توصيفهم جميعاً, كان لزاماً علينا أن نختار عينات من نخبها الفكرية والسياسية والفنية والعسكرية وعبر مرحلة زمنية تمتد لثلاثة أجيال.‏ومن ثم تقديمها, كما لوأنها شخصيات روائية تاريخية نستعيد عبرها أيام السوريين ونكهتها منذ قرن إلى اليوم, من المرحلة العثمانية, فالفرنسية, فالاستقلال فالحقبة البعثية, من خلال مسار أشخاص مشوا خلف أقدارهم على وقع الحروب والمعارك والانقلابات والمؤامرات).‏
تنوعت الشخصيات واختلفت بحيث شكلت فسيفساء سورية توثق الوعي والحدث تبعاً للظرف .أيضاً اختلفت وتباينت أحياناً الأقلام المشاركة في تقديم الشخصيات المختارة, مثلما تميزت بالقدرة والفنية, والتكنيك العالي والجذاب مثلما امتلكت القدرة على الخوض بالتفاصيل على نحو سلس سهل قادر على شد القارىء واعطاءه المعلومة بآن واحد.‏
عموماً الموسوعة اعتمدت تقنية الإيحاء الحكائي للشخصيات ما وفر متعة الحكاية بحيث لا ينقطع خيط الجذب.مهما كان طابع الشخصية التي تقرأ عنها لهذا ضمت الموسوعة الشخصيات السياسية والمناضلين والشهداء والقادة والزعماء بأسلوب مبتكر بحق وبدقة وموضوعية موثقة بالمراجع والشهادات بحيث يتسنى للقارئ وتحديداً الأجيال الشابة معرفة تلك الأسماء التي سلمتهم هذا الإرث العريق وتمكنت الأقلام المشاركة من تقديم صورة واضحة لتاريخ سورية الحديث بأسلوب قصصي ممتع مشوق تمتزج فيه المعرفة بالمتعة والقراءة بالرؤيا من القادة والزعماء والأبطال الذين صنعوا سيرة سورية أو أثروا عليها حتى لو كان من الخارج ضمت الموسوعة قائمة غاية بالأهمية:(يوسف العظمة- الوزير الشهيد, ابراهيم هنانو"الطير الحر" شكيب أرسلان " أمير الجهاد والبيان"عز الدين القسام"رجل المعادلات الصعبة" سلطان باشا الأطرش " قائد جيوش الثورة السورية" جمال عبد الناصر " سورية الناصرية"  الرئيس حافظ الأسد"رجل القرارات الصعبة ".‏
ويقول فيه:(امتزج قدره بقدر وطنه سواء في السراء والضراء بشكل يصعب الفصل بينهما, وأعطى شعبه الكثير من كليهما,ولقد جعل من سورية دولة مستقلة بنهجها وواثقة بقدراتها, أدت دوراً مميزاً في مرحلة تاريخية شاقة وكانت ذات تأثير فعال في أحداث المنطقة.‏ وأثبتت في تلك الفترة التي تنكرت فيها حكومات الدول العربية لأماني العرب القومية, إنها كما أرادت دائماً, قلب العروبة النابض, والدولة الأهم في (الشرق الأوسط) دولة لا يمكن أن يتحقق الاستقرار ولا السلام من دونها).‏
تبدأ قائمة المفكرين من مشارف فكر عبد الرحمن الكواكبي لتتالى الأسماء مثل (رضا سعيد"رجل العلم الأول" عبد الحميد الزهراوي " تصور الحرية" محمد كردعلي "الدعوة إلى الديمقراطية" ساطع الحصري "رائد الفكر القومي" زكي الأرسوزي "فيلسوف القومية العربية" أنطوان مقدسي "شيخ المثقفين السوريين" صادق العظم " استنفار الملائكة والشياطين"....‏
طريفة تناول حياة كل شخصية تختلف تبعا لفنية القلم الذي يتعرض لها, ولعل تقديم وتعريف المفكر صادق العظم بقلم عادل محمود وشخصية أنطوان مقدسي بقلم د. يوسف سلامة من أميز الأقلام التي تطرقت لرواد الفكر.‏
(عادة ما تكون سن السادسة والعشرين فاصلة محيرة مغلقة, ولنقل إنها مرحلة يقف فيها المرء منا أمام استحقاقات الحياة ليسأل إلى أين سأمضي? وفي أي اتجاه يمكن أن أدفع مصيري كله? وإنه لمن دواعي السعادة أن يستطيع أي إنسان معرفة أو اكتشاف طريق حياته, وأن ينجز- إضافة إلى ذلك أول عمل يؤكد له ولغيره عزمه على المتابعة في هذا الخط الذي اختطه لنفسه وفي هذه السن أيضاً في السادسة والعشرين من عمره بدأ حنا مينة, يكتب روايته الأولى).‏
بقلم الأديب ممدوح عزام جاءت سيرة مميزة لأديب سوري معروف على مستوى عربي هو (حنا مينة, شيخ الرواية السورية).‏ وعموماً العناوين بدت حاملاً مهماً للمراد قوله بكلمة واحدة ومن هنا تفرض حالة من التذوق التلقائي على القارئ بحيث يبدو له أن العنوان يقول الكلمة الأخيرة بشأن الشخصية المراد الحديث عنها.‏
بعض العناوين لم تكن موفقة أو إن صح التعبير لم تكن معبرة عن الحجم الحقيقي لما قدمته الشخصية حيث يكون كاتب المقالة أو السيرة قد اكتفى بعبارة بالغة الرومانسية- جميلة لكن لاتشي بشيء مهم أو تومئ إلى صلب ما قدمته تلك الشخصية, لعل أوضح مثال على هذه الرومانسية: (نزار قباني- الشاعر نائماً تحت قوس المطر) وعناوين أخرى جاءت حماسية بعض الشيء أوبدا كأن كاتب السيرة شغوفاً جداً بالشخصية التي يكتب عنها بحيث بدا ذلك واضحاً للقارئ?‏
من الأسماء الأديبة التي تعرضت لها الموسوعة زكريا تامر"الخيال المجنح" وليد إخلاصي "الجنتلمان" حيدر حيدر"الفهد" ممدوح عدوان" ساموراي الثقافة السورية" أدونيس" رسول الحداثة العربية".‏
ومن الفنانين التشكيليين ضمن الموسوعة (فاتح المدرس"شاعر الرسامين ورسام الشعراء" لؤي كيالي "تراجيديا فنان", أدهم اسماعيل "الفارس العربي".. كذلك ضمت فنانيين موسيقيين مثل (عمر البطش"الموشح الحلبي" مصطفى الصواف" تحديث الموسيقا الوطنية"علي الدرويش "شيخ الموسيقا العربية".‏
ومن الفنانيين (نهاد قلعي- صانع المناخ, ودريد لحام, المغامر العنيد) ومن المسرحيين (أبو خليل القباني, استنبات المسرح) بقلم الزميل راشد عيسى.‏
ومن الشخصيات الأنثوية (مريانا مراش" الخروج عن مجتمع الحريم" ماري عجمي" صرخة في زمن الخوف", عادلة بيهم الجزائري" مؤسسة الاتحاد النسائي", وداد سكاكيني" ضد الجهل", غادة السمان" الأبجدية حريتي".‏
ومن الشخصيات التي تميزت بإسهامات صحفية (نجيب الريس" القبس المضيء", نصوح بابيل, "عاش للصحافة"..
الموسوعة ثلاثة أجزاء في 1580 صفحة في نهايتها ثبتت المراجع ومصادر الأبحاث.‏

لينا هويان الحسن

المصدر: الثورة

إقرأ أيضاً:

الوطن العمانية: «رواية اسمها سورية» تحلل الشيفرة الثقافية للسوريين

الحياة: «رواية اسمها سورية» تثير عاصفة نقدية في دمشق

المستقبل: «رواية اسمها سورية» استقراء لفلسفة تاريخ سورية الحديث

الشرق الأوسط: «رواية اسمها سورية» كتاب جريء بالمقياس السوري

الوطن السورية: «رواية اسمها سورية» انعاش للذاكرة الوطنية

الراية القطرية: «رواية اسمها سورية» استقراء لتاريخ سورية الحديث

السفير: «رواية اسمها سورية» تجمع الأبطال والأشرار وتثير شهية النقاد

الكفاح:«رواية اسمهاسورية» مدونةعاطفية وثائقية تجمع الجمالي بالسياسي

قناة المنار: «رواية اسمها سورية» تتجاوز حدود سايكس بيكو

مونتكارلو: «رواية اسمها سورية»ترسم خريطة سورية الثقافية خلال قرن

الدستور: مئة شخصية تروي التاريخ السوري في "رواية اسمها سورية "

مجلة شبابلك: «رواية اسمها سورية» كتاب كل السوريين

النور السورية: حسبك تجنب اللوم حول "رواية اسمها سورية"

سيريا نوبلز: «رواية اسمها سورية» بين التشويق والتأريخ

الأخبار: العسكر والسياسيون يتداولون بطولة «رواية اسمها سورية»

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...