أهالي طرطوس: ياليت السيدة أسماء تزورنا كل يوم

17-04-2007

أهالي طرطوس: ياليت السيدة أسماء تزورنا كل يوم

الجمل– طرطوس– حسان عمر القالش:   بينما كان زيد وعمر الشابان المتخرجان من الجامعة والموظفان في الحكومة يسيران في الشارع الطويل الملاصق لحارتهم مقابل الصالة الرياضية في منطقة "الجمعية" في طرطوس, كانت عيناهما تقع على أشكال وألوان جديدة اضافة الى نظافة "زائدة عن اللزوم" في الشارع.
حيـّا أحدهما جهود المحافظ الجديد بـ" والله شيء حلو..الله يعطيه العافية". لكن الآخر وهو كأغلب السوريين "شـكـّاك" ويتذاكـى بأنه "لا تمرق – تمـر - عليه هكذا أمور بسهولة" قال لصديقه :"يا أجدب – غبي – هذا الشيء ليس لله في لله هل نسيت أن السيدة عقيلة الرئيس ستزور المدينة قريبا..؟!".
هذا الحديث جرى وأحاديث أخرى مستنسخة عنه ومشابهة له جرت في حي "الجمعية", على الطرقات أو في البرندات – الشرفات – مع جمعات المتة اليومية. فأهالي الحي هنا استغربوا بداية هذه الهمة الاستثنائية والجهود غير المسبوقة لتنظيف وتجميل الحي, وتحديدا المساحة المحيطة بمبنى الصالة الرياضية, هذا الحي الذي ياما استفاق سكانه على ضجيج أعمال حفريات لا تنتهي من كهرباء وماء وهاتف فمرات كان الهاتف..وكلــّه في نفس الأمكنة يا سبحان الله.
لكن هذه المرة غيـر, هذه المرة العمل مختلف وبالعكس, فشارع الصالة الطويل صار يبرق بلونه الرمادي الغامق وكأنه مدعوم في مقادير الزفت التي سكبت فيه, وصار يضوي أكثر بتلك الخطوط الصفراء الزاهية التي رسمت على جانبيه لكنها لم تصل في الشارع المحاذي للصالة من الجهة الشمالية الا لمسافة أقل من أربعة أمتار. واكتمل ماكياج الشارع بزراعة مجموعة أنيقة وناعمة من الورود الملونة في حوض الدوّار الصغير في نهايته, وزادت ألوان الورود بألوان الكشافات الضوئية الليلية التي زرعت بينها. وبقي على "تعقـيم" المكان وصولا الى الصورة التي رسمت "آنيـا" له أن تزال "برّاكـات" وأكشاك الباعة المتعيشين الدراويش في نهاية الشارع, والتي يالنباهـة المحافظة والبلدية بـانـت أخيرا أنها مخالفات وأنها تشوه هذا الحي الجديد من مدينة طرطوس, هكذا فجأة بعد أن اعتاد الناس عليها واعتاد أصحابها أيضا عليها كمورد رزق..بقي من تفاصيل الصورة المدروسة هذه أن توضع أربعة أكشاك اتصالات هاتفية برتقالية اللون الى جانب مدخل الصالة الرياضية, هذه الأكشاك والتي استغربنا بقاءها الى الآن ستنزع أجهزتها الهاتفية منها بعد الزيارة حرصا على سلامتها عند استخدامها مـرة أخرى في زيارة أخرى لمنطقة أيضا أخرى.
وسيزول استغراب أهالي الحي عندما يسمعون بحماس بأن السيدة أسماء الأسد ستزور المدينة وحيـّهم تحديدا, فهم في النهاية " رابحين رابحين" كما قالوا, فالحي والشارع صارا أجمل وأنظف, وستتاح لهم فرصة القاء نظرة على هذه السيدة التي بيّضت وجوه السوريين . وسيقول أحد الطرطوسيين لصديقه الطبيب عنها: "ياليتها تزورنا كل يوم"..فيصحح له الطبيب "بل قـل ياليتها تزور المحافظة شارعا شارعا وحارة حارة لتصير أجمل وأنظف". فثقافة التجميل بل الترقيع التي اعتمدت هنا اقتصرت فقط على طول الطريق الموصل الى ذاك الحي والشارع حيث موقع الزيارة, ابتداء من مدخل المدينة حيث تم توسيع المفرق وتعريضه بعد أن كنت بحاجة الى "التركيز عشرة على عشرة لتدخل منه" وبعد أن كانت السفينة الحجرية التي حفرت عليها كلمة طرطوس مغبّـرة والكلام لطارق, بينما مازال "ريكار" – مجرور- كبير فاتحا فمـه في منتصف "الشارع العريض" في المدينة دون أن يجد من يسكته ويغلقه مع أنه واضح بارز كأنه مجسم صغير لبناء قبيح.
من هنا سيأبى الواقع الا أن تكون له الكلمة العليا..فالسادة مسؤولي الحكومة المحليين والذين تهيؤوا لاستقبال السيدة الأولى يوم الأول من نيسان في مكان محدد متفق عليه كي يرافقوها الى الصالة الرياضية لترعى افتتاح "البطولة الأولى للأندية العربية الافريقية للكرة الطائرة من الجلوس" لم يوفقوا في ذلك, حيث أنها وصلت بكل بساطة وحدها بسيارتها الى هناك مباشرة, ونزلت منها ولوّحـت بحماس لأهالي الجمعية المجتمعين في الشارع وفي برنداتهم المزدحمة, لتدخل بعدها الى الصالة حيث الاحتفال الرياضي, وتنزل الملعب لتصافح الفريق السوري "من ذوي الاحتياجات الخاصة" وتلتقط معهم الصور التذكارية. وكلمة الواقع ومعروف كم هو (..ماذا؟) هذا الواقع قالها عندما انقطع التيار الكهربائي عن الحي..ولم تفلح مـولّدة الكهرباء في الصالة في الاقلاع ربما كون وجودها شكلي.
وستكون "عـورة" دوائر الحكومة في طرطوس ومدى ترهلها وعفنها قد انكشفت, وبذلك أيضا يكون وجه طرطوس قد اسـودّ في استقبالها للسيدة أسماء, والسـواد هنا هو آت مما هو آت من الظلمـة والعتمـة التي غـيـّبـت وجوه طرطوس الحقيقية لتحضر الوجوه المدروسة والمحسوبة التي "قيسـت بالخيـط" على مقاس مسؤولي الحكومة المحليين..

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...