ميگل أنخل أستورياس: حياته الأدبية والسياسية

16-04-2020

ميگل أنخل أستورياس: حياته الأدبية والسياسية

ميگل أنخل أستورياس (و. 19 اكتوبر 1899 - 9 يونيو 1974)، هو أديب و شاعر ودبلوماسي گواتيمالي. حصل على جائزة نوبل في الأدب لسنة 1967.

السيرة

ولد ميگل أنخلس أستورياس في گواتيمالا وعاش طفولة قاسية في ظل دكتاتورية أسترادا كابريرا. شارك في نضال الطلاب عندما كان طالباً في جامعة گواتيمالا الوطنية وقد حصل منها على إجازة في الحقوق. ذهب إلى باريس عام 1923 ليدرس القانون الدولي لكنه فضل دراسة علم السلالات في السوربون حيث تعرّف النصوص التقليدية (الكلاسيكية) لأدب الهنود الحمر من ترجمات أستاذه رينو Raynaud . وسرعان ما قام بترجمة كتاب Popol Vuh وهو الكتاب المقدس لشعوب المايا، ثم دوّن كل الأساطير الهندية التي كانت ترويها له أمه التي تنحدر من أصل هندي في كتاب «أساطير من گواتيمالا» Leyendas de Guatimala وقد صدر بالإسبانية في مدريد عام 1930، ثم تُرْجِمَ إلى الفرنسية مع مقدمة بقلم الشاعر الفرنسي پول ڤالري Paul Valery الذي أعجب كثيراً بهذه «الحكايات والأشعار والأحلام» كما أسماها، وكانت نصيحته للكاتب الشاب أن يعود إلى بلاده ليغرف من هذا العالم السحري ما استطاع ولكيلا يصبح في باريس «مجرد مقلّد».

حياته السياسية

عاد أستورياس إلى بلاده ليبدأ مرحلة مهمة من النشاط الشعري والدبلوماسي الكثيف، استمرت حتى عام 1946م عندما ظهر كتابه الثاني «السيد الرئيس» El senor predidente، وهو رواية ترسم صورة الدكتاتورية في أمريكة اللاتينية مما عرّض الكاتب للملاحقة ثم الاعتقال في الأرجنتين، ولم تنشر الرواية إلا عام 1952. بعد هذه الرواية، عاد أستورياس من جديد إلى عالم الأساطير فنشر رواية رجل من الذرة Homberes de maïz، التي تعدّ من أفضل أعماله المستمدة من تراث المايا. وتكمن أهمية هذا الكتاب في كونه عملاً سمفونياً تختلط فيه الأساطير بالواقع والحلم بالحقيقة، ويرتدي فيه الالتزام ثوب الشعرية المتدفقة.
تابع أستورياس الكتابة في المنحى نفسه، وأوصل الالتزام إلى حدوده القصوى حين تحدث عن استغلال جهد العمال في مزارع الموز في الأراضي المنخفضة في غواتيمالة، وذلك في ثلاثيته عن شركة الموز. وقد نشر الجزء الأول منها وعنوانه «العاصفة» Viento euerte عام 1950 والجزء الثاني الموسوم بـ «البابا الأخضر» El papa verde عام 1954، والجزء الأخير المعنون «عيون المدفونين» Los ojos de los enterrados عام 1960.
وفي عام 1956م، نشر أستورياس مجموعة قصص تحت عنوان «عطلة نهاية الأسبوع في گواتيمالا» وهي وقائع عن اجتياح مشاة البحرية الأمريكيين غواتيمالة في عام 1954 وهو الاجتياح الأول الذي أدى إلى سقوط حكومة خاكوبو أربينيز Jacobo Arbenze الوطنية التي وقف أستورياس إلى حانبها في مسيرة التزامه السياسي مما أدى إلى نفيه إلى بونس آيرس.
وهكذا تدفقت الروايات والأشعار من قلم أستورياس المغمس بمداد من السحر لتخلق نوعاً من الواقع السحري ممزوجاً بالوعي العميق والذكي لمشاكل بلاده الاقتصادية والسياسية. والغزارة في الكتابة عند أستورياس ليست سهولة وسطحية، بل هي شلال معرفة في اللاوعي لا يملك إلا أن يتفجر و يتدفق على الورق. ولئن غلب الطابع السريالي على مؤلفاته ـ حتى أكثرها واقعية ـ فإن ذلك لم يكن تأثراً بالحركة التي عايشها عن كثب في باريس وصادق دعامتها وأقطابها. إن سريالية أستورياس هي دفق الأساطير التي تغلف الغابات والأنهار في موطنه حيث تختلط فوضى الخلق بتحولات الكائن الأزلي في عالم مجنون بعيد عن العقلانية.
لكن أستورياس لم يكن شاعراً وروائياً فحسب، بل كان مناضلاً سياسياً نشيطاً. فقد قام إبان سني المنفى في بوينس آيرس بجولات كثيرة في أمريكة اللاتينية وفي الهند والصين والاتحاد السوفييتي، كان فيها محاضراً لا يتعب وشاهداً واعياً يسجل وقائع العصر ومكافحاً سياسة التحالف alliance. وقد أدّى وقوفه إلى جانب كاسترو إلى طرده من الأرجنتين عام 1962م، فعاد إلى فرنسة التي استقبلته بحفاوة كبيرة. وزار موسكو التي منحته جائزة لنين للسلام عام 1966م قبل أن يحصل على جائزة نوبل للآداب عام 1967م ولمّا عين سفيراً في باريس من قبل حكومة مندس مونتينغرو Mendez Montenegro، نظّم معرضاً في القصر الكبير Le Grand Palais عن تراث المايا، بمبادرة من أندريه مالرو وزير الثقافة الفرنسي آنذاك. وتلقى تقديراً من جامعة السوربون عام 1968م.

وفاته

شارك أستورياس في آخر حياته في مؤتمر السلام في هلسنكي وفي محادثات جامعة داكار Collége de Dakar عن الزنوج وأمريكة اللاتينية، وكان يصرّ على ضرورة خلق تفاهم دولي حول شرعية الثقافات الخلاسية.
توفي أستورياس في مدريد وهو في قمة نشاطه وعطائه بعد أن وهب مخطوطاته للمكتبة الوطنية في باريس التي أقامت له حفل تأبين مهيباً.
السيد الرئيس (رواية)
كتاب من تأليف ميغل أنخل أستورياس
السيد الرئيس رواية شهيرة كتبها ميغل أنخل أستورياس عام 1946 وحصل بفضلها على جائزة نوبل في الأدب عام 1967. تعد هذه الرواية علامة بارزة في أدب أمريكا اللاتينية، ومع ذلك فقد بقيت محجوبة عن الوطن العربي حتى عام 1985 ربما لتشابه ظروف الرواية مع أحوال معظم الدول العربية.
استمد أستورياس مادة روايته من سنوات حكم "كابريرا" الذي حكم بلده غواتيمالا لعشرين سنة حكما دكتاتوريا غاشما. بيد أن المؤلف يعمد إلى الصور البلاغية الجديدة في تصوير شخصياته ويغلف روايته بستار شفاف من السخرية والواقعية السحرية وفولكلور السكان الأصليين للقارة مما جعل من هذه الرواية درة أعماله التي توجت بفوزه بجائزة نوبل للآداب عام 1967.
وصف الرئيس
كتبها باللغة الإسبانية لغة موطنه غواتيمالا عن حال البلد في ظل رئيس ديكتاتوري. هو مجنون مستبد طاغ شهواني، يقتل بالسهولة التي يتناول بها طعام فطوره ويصدر قراراته الدموية بالرقة والهمس الذين يخاطب بهما النساء ويستمع إلى الموسيقى. حول وطنه إلى جحيم ومرتع للصوص والقتلة المأجورين. معاونوه مسخ آدمية مشوهة، خربة، مرتشية. مواطنوه مقهورون مُهانون مُذلون يحلمون بالجمال والحق والخير والأرض والطير.
سجونه مليئة بشعراء ومثقفين ورجال دين رفضوا أن يصلوا له بدلا من الله. وفي محاكمه الصورية تغيب شعارات العدالة وترتفع شعارات أكثر قسوة وظلاماً من ظلم الدنيا، ففي هذه المحاكم من الأفضل أن تكون مذنباً على أن تكون بريئاً ولا ترضى عنك الحكومة.
تعتبر هذه الرواية من أفضل الروايات، وسطورها تنبض صدقاُ وقسوةُ وعنفاً، وخلف القسوة تختبئ حقول الحنطة وصياح الديك، وقطرات ندى في صباح جميل يشرق على الوطن.
وأكثر ما يميز هذا الأدب هو الصدق الفني العالي الذي يجعل من العمل الفني عملاً أقرب ما يكون إلى متلقيه، حيث يستطيع نقلنا من عالمنا إلى عالمه فنعيش معه رطوبة السجن وعفن الخبز والموت الحي الأبدي والانتظار في زنازين مغلقة لا ترى فيها إلا وجه الموت القادم وتحلق معه في عالمه وتجري لتحتضن الشمس وتعانق طين الأرض.

ترجم الرواية إلى العربية الدكتور محمود علي مكي.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...