تحقيق الأمم المتحدة حول سورية مشوه ومسيس

15-03-2017

تحقيق الأمم المتحدة حول سورية مشوه ومسيس

الجمل- بقلم: Gareth Porter- ترجمة: وصال صالح:

يبدو ان محققي الأمم المتحدة يجهدون  بشكل متزايد لجعل  استنتاجاتهم تتقاطع مع الدعاية الغربية خاصة فيما يتعلق بالحرب في سورية، كما حدث في التقرير المشوه لهجوم العام الماضي على قافلة مساعدات.
وكان تقرير 1 آذار من قبل "اللجنة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق" أكد التقرير أن الهجوم الدامي على قافلة المساعدات غرب حلب في 19 أيلول 2016، نفذته طائرات تابعة للحكومة السورية. لكن تحليل لتقرير الأمم المتحدة يظهر أنه مستند على رواية للهجوم من قبل المنظمة المؤيدة للمتمردين "الخوذ البيضاء" وهي منظمة دفاع مدني، وكان التقرير مليئاً بالتناقضات الداخلية.
أيضاً لم يدعم تقرير الأمم المتحدة بأدلة من الصور الفوتوغرافية التي يمكن ان تقدمها الخوذات البيضاء أو صور من الأقمار الصناعية التي يمكن أن تكون متاحة للجنة، وفقاً لخبراء مستقلين، هذا يقوض من مصداقية تقرير الأمم المتحدة، الخوذات البيضاء تعترف الآن أن الصواريخ التي تم تصويرها لم تطلق من قبل طائرات روسية أو سورية لكن من الأرض.
مثل تقرير كانون الأول الماضي للأمم المتحدة تقرير التحقيق لنفس الحادث، وصف تقرير اللجنة ان الهجوم بدأ "ببراميل متفجرة" من طائرات هليكوبتر سورية، تلا ذلك قصف من طائرات ذات أجنحة ثابتة، وأخيراً عملية تمشيط بالمدافع الرشاشة من الجو.
بينما لم يحدد تقرير آذار أي مصدر خاص لروايته مستشهداً فقط باتصالات مع منظمات حكومية وغير حكومية، لكن في الحقيقة قبل محققو الأمم المتحدة نسخة الأحداث المقدمة من قبل رئيس الخوذات البيضاء في مدينة حلب "كدليل خاص" نشرته الخوذات البيضاء للعامة.
تجدر الإشارة إلى ان الخوذات البيضاء ممولة بقوة من الحكومات الغربية وتعمل في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، واكتسبت شهرتها من خلال استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية وتُحمل أشرطة الفيديو التي تظهر الأطفال المصابين والضحايا المدنيين في الحرب. في العام الماضي، دفعت حملة منظمة تنظيماً جيداً لترشيح هذه الجماعة لجائزة نوبل للسلام و قد حاز فيلم فينيليكس عن المجموعة على جائزة أوسكار الشهر الماضي، في حين ان الأمم المتحدة ووسائل الإعلام  الرئيسية الغربية كثيراً ما تعتمد على روايات الخوذات البيضاء في مناطق الحرب حيث لا يمكن وصول أحد إليها، لكن مسؤولي الخوذات البيضاء يتبعون اجندة سياسية واضحة  بدعم من قوات المعارضة في المناطق التي تسيطر عليها القاعدة في حلب وإدلب، حيث تعمل.
في 19 أيلول وفوراً بعد الهجوم على قافلة المساعدات قدم رئيس منظمة الخوذات البيضاء عمار سلمو رواية درامية عن الهجوم الجوي الروسي –السوري المزعوم، لكن تميز بتناقضات داخلية واضحة. في البداية زعم سلمو في مقابلة أنه شاهد طائرات سورية ترمي "براميل متفجرة" على الموقع، غير أن روايته المبنية على كونه شاهد العيان الوحيد  مستحيلة التصديق، بسبب الظلام الذي كان يعم المكان في ذلك الوقت وقال أن الهجوم بدأ حوالي الساعة 7,15 وفي مقابة لاحقة غير قصته زاعماً أنه كان يعبر الشارع في اللحظة التي وقع فيها الهجوم و"سمع" أصوات "البراميل المتفجرة" تسقط بدلاً من "رؤيتها". وأصر سلمو في شريط فيديو تم تصويره تلك الليلة أن الهجوم بدأ بإسقاط طائرات هليكوبتر سورية لثمانية "براميل متفجرة" ووصفها بأنها كبيرة، بينما القنابل البدائية الصنع يتراوح وزنها بين 250 إلى500 كغ، حتى أكثر من ذلك  استخدم دليل له صندوق على شكل مربع تحت الأنقاض وبدا من خلال شريط الفيديو الذي عرضه سلمو أن الحفرة صغيرة جداً وهذا مناقض للفعالية التي يمكن ان تحدثها "البراميل المتفجرة"، واستمر سلمو في مزاعمه بأن النظام استهدف هذا المكان بالقنابل العنقودية مرتين وأن الطائرات الروسية استهدفت هذا المكان بصواريخ C-5 "في إشارة على ما يبدو لصواريخ  S-5 والتي تعود للحقبة السوفييتية" وصورت الخوذات اليضاء هذه الصواريخ مرتين وأرسلتها إلى وسائل الإعلام، بما في ذلك واشنطن بوست التي نشرت الصورة في قصة البوست مع مصداقية الخوذات البيضاء.
تناقضات القصة
لكن حسين بدوي وهو على ما يبدو مسؤول الخوذات البيضاء في منطقة أورم الكبرى، ناقض قصة سلمو وقال في مقابلة منفصلة أن الهجوم بدأ ليس "بالبراميل المتفجرة" لكن "بأربعة صواريخ متتالية" وقال أنها أطلقت من قبل القوات الحكومية من معامل دفاعهم في حلب، ما يعني أن الهجوم كان من الأرض وليس من الجو، وفيما بعد تراجع سلمو عن ادعاءاته الأصلية الخاصة بصواريخ S-5 "قبل هجوم القوات على المنطقة" كتب "أُطلقت العديد من الصواريخ أرض –أرض على المكان من جهة معامل الدفاع الموجودة شرق حلب، المنطقة التي يسيطر عليها النظام، بعد ذلك جاءت طيارات وهاجمت المكان".
لكن مثل هذه الصواريخ من "المنطقة التي يسيطر عليها النظام" غير ممكنة من الناحية التقنية حيث تقع معامل الدفاع التابعة للدولة السورية في السفيرة على بعد 25 كم إلى الجنوب الشرقي من مدينة حلب وحتى أبعد من أورم الكبرى، في حين أن مدى صواريخ S-5 التي صورتها الخوذات البيضاء يتراوح بين 3 إلى 4 كم.
بالإضافة إلى ذلك، القوات الروسية والسورية ليست هما فقط القوتان الحربيتان اللتان تملكان في ترسانتهما صواريخ S-5، وفقاً لدراسة حول صواريخ S-5 أجراها مركز خدمات بحوث التسليح للاستشارات  ARS فإن قوات المعارضة السورية تستخدم صواريخ S-5 أيضاً وهي كانت قد حصلت عليها من برنامج الCIA لنقل الأسلحة من مخزونات الحكومة الليبية لتوزع على المتمردين السوريين في أواخر عام 2011 ومطلع 2012. واستخدم المتمردون السوريون منصات بدائية لإطلاقها كما وثقت دراسة ARS  ذلك بالصور.
جدير بالقول، أيضاً، أن مزاعم سلمو حول مشاركة الطائرات الروسية في الهجوم، والتي ردد البنتاغون صداها على الفور، تم دحضها من قبل تقرير حكم الأمم المتحدة، الذي أعلن بعبارة ترفض رفضاً قاطعاً دون المزيد من التوضيح بأنه "لم يكن هناك ضربات لطائرات جوية في مكان قريب خلال الهجوم".
الأدلة في غير مكانها
مع ذلك، وعلى الرغم من التناقضات المتعددة في قصة الخوذات البيضاء ، قال محققو الأمم المتحدة أنهم يؤيدون فرضية الهجوم الجوي "حسب تقييم الموقع، بما في ذلك تحليلات لبقايا القنابل الجوية والصواريخ التي تم توثيقها في الموقع، وكذلك صور الأقمار الصناعية التي تظهر التأثير المرافق لاستخدام ذخائر ألقيت من الجو".
وأشار تقرير لجنة الأمم المتحدة إلى وجود  صورة لقنابل روسية تحت بعض الصناديق في مستودع كدليل على أنها استخدمت في الهجوم، وكانت الخوذات البيضاء التقطت الصورة  وقامت بتوزيعها على وسائل الإعلام بما فيها واشنطن بوست وموقع Billingcat المتخصص في مواجهة مزاعم روسيا حول العمليات في سورية، لكن القنبلة لا يمكن أن تنفجر في تلك البقعة لأنها يمكن أن تحدث في كثير من الأحيان  حفرة أكبر في الأرض من تلك التي صورتها منظمة الخوذات البيضاء.
شيء آخر هو أن قنابل OFAB-250 الروسية هي مثل صواريخ S-5 تسبب شظايها تمزق الصناديق الظاهرة في الصورة، على ما يبدو أنه تم وضع هذه القنابل في المشهد بعد الهجوم. محللون في الأمم المتحدة كانوا قد اطلعوا على الصور استبعدو إمكانية أن تحدث "البراميل المتفجرة" أو القنابل الروسية الآنفة الذكر مثل هذه الآثار، بل انها تحدث حفراً أكبر من تلك الموجودة في الصور ورجحوا فرضية إطلاق مدافع أرضية أو قذائف هاون.
في مقاربة رواية الغارة الجوية السورية –على الرغم من أنه وبعد الفحص الدقيق-  تماشت لجنة تحقيق الأمم المتحدة مع الخط الغربي المتحيز والمهين، لصالح المعارضة المسلحة ضد الدولة السورية، وهذا التحيز طبق على الصراع السوري من قبل أعضاء الأمم المتحدة منذ بداية الحرب عام 2011 لكن لم يكن هناك أبداً تنافضاً واضحاً في الأدلة كما هو عليه الآن، على الرغم من أنه لن تعلم ذلك عبر قراءة أو مشاهدة وسائل إعلام الغرب التسويقية.


عن:  Anti-War

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...