حقيقة الامتيازات الإيرانية الاقتصادية في سورية

20-01-2017

حقيقة الامتيازات الإيرانية الاقتصادية في سورية

مع تحوّل ساحات الإعلام الافتراضي إلى مجال رحب يعطي لكل شخص -مهما كانت ثقافته وسطحيته أو خلافها- فرصة الإدلاء برأيه علناً, أصبحت مسألة ترويج الأكاذيب والإشاعات ليست سهلة فقط, بل إن وقفها ومنعها والتخفيف من آثارها السلبية أمر مستحيل. لهذا يبدو أن العلاقات السورية الإيرانية هي المجال الأكثر عرضة للإشاعات, خصوصاً وأن الطرفين المعنيين بهذا الأمر أي سورية وإيران معروفان بعشق الصمت المطبق, وعدم الاكتراث بسلاح مدمّر هو الإعلام.

وسعياً لتبيان الحقائق, وردّاً على كمّ الأكاذيب والإشاعات التي أصابت العلاقة بين الدولتين بخصوص الاتفاقيات الاقتصادية الأخيرة, اتصل مراسلنا في طهران بمكتب المسؤول عن ملفّ المساعدات المالية لسورية, واسمه "رستم سليماني" لاستصراحه أو على الأقلّ لتوضيح ما خفي على الرأي العام من أمر العلاقة المالية والاقتصادية بين دمشق وطهران.

ورستم سليماني هو مسؤول مقرّب من طاقم الرئيس روحاني, لكنه معيّن من مكتب مرشد الثورة الإيرانية, ولا قرابة بينه وبين الحاج قاسم...

جماعة المكتب بحسب المراسل أفادوا بأنه غير متاح لهم ولا للسيد رستم التصريح عن الاتفاقيات السورية الأخيرة مع إيران, لأن هذا الأمر من مسؤولية الحكومتين, ومكتبهم مسؤول حصراً عن دفع الأموال من الاعتمادات الإيرانية لشركات تنفذ التزامات توريد لصالح الحكومة السورية.

قصد مراسلنا عضواً في الفريق الإيراني المفاوض, وكانت الصعوبة أكبر في جعل الرجل يتحدّث معتبراً أن " القيام بما يجب لمساعدة سورية ليس واجباً مصلحياً لإيران فقط, بل هو واجب إلهي لمساعدة شعب مظلوم يتعرّض لحرب عالمية ضدّه تهدف إلى تدمير بلده وإلى تجويع الشعب السوري وتشريده.

"أفاد المراسل للمصدر بما يفهمه بأن "الأمر المطروح إعلامياً في سورية والعالم العربي هو فوائد اقتصادية إيرانية على حساب سورية, وليس تقديم مساعدات (...)

عند هذه النقطة استفزّ الخبر الرجل فقال:

1- التقديمات التي تتحمّلها إيران عن الحكومة السورية لم تكن مقابل أي ضمانات, وهي تبلغ أرقاماً خيالية, وهي ستتصاعد في المستقبل, لأن قرار سماحة القائد (خامئني) الملزم لكل المؤسسات الإيرانية الرسمية هو " سورية أولوية اقتصادية لإيران, تماماً كما هي أولوية شعبنا بالنسبة لنا"

واعتبر المصدر أن كل الأموال المرسلة لشركات موّلت التزامات الحكومة السورية هي جزء من التعاون السوري الإيراني الغير مشروط.

2- لم تطلب إيران أيّة ضمانات من الحكومة السورية, ولكن كان هناك مشاريع قبل الحرب عرضت من قبل مستثمرين إيرانيين للتنفيذ في سورية, وجرى اختيار شركات تركية لتنفيذها, مع أن الأسعار الإيرانية والشروط الإيرانية كانت أكثر مناسبة لسورية من الشروط والأسعار التركية, لكن في حينه كان هناك توجّه سوري شبه رسمي بمنح الطرف التركي أفضلية اقتصادية واستثمارية على الجمهورية الإسلامية في المشاريع السورية المطروحة للاستثمار. ومن بينها مصانع عرضت إيران إنشاءها في سورية ورفضها الجانب السوري, واتّفق مع الأتراك بالمقابل لتنفيذها, وأذكر منها مصنعاً للأدوية, وشركة إنتاج حيواني, ومصانع لتعليب الحليب وتصنيع الألبان والأجبان, ومصانع لأكياس (المصل) ومصانع لأكياس الدم, ومستشفيات, واستصلاح أراضٍ عطشى بتقنية ري إيرنية مبتكرة, والمشاركة مع أطراف سورية في إنتاج القمح والقطن وأنواع استراتيجية أخرى من المنتجات السورية بتقنيات إيرانية زارعية مطوّرة.

كل تلك المشاريع كانت مطروحة, وكانت أطراف إيرانية قد تقدّمت عارضة استثماراتها في حينه (قبل العام 2010 ) لكن الجانب السوري فضّل الشركات التركية, وخصوصاً شركات تركية تعاقدت مع الحكومة السورية لإدارة منشآت سياحية مثل الفنادق وخلافها.

في هذه المرحلة من التعاون السوري الإيراني قررت الحكومتان دفع العلاقة بينهما إلى مرحلة تكاملية, حيث تبادل إيران أموالها النقدية بمنتجات سورية ترسل إليها لتعزيز الصناعة والزراعة السورية, ومن ثم يعاد تصدير الفائض منها إلى دول آسيا الوسطى وصولاً حتى الهند. لهذا جرى طرح تنفيذ مشاريع زراعية مشتركة تقوم فيها الدولة السورية بتقديم مساحات زراعية غير مستصلحة وغير مرويّة, ليقوم الجانب الإيراني بتنفيذ مشاريع تطوير نموذجية تفيد السوريين وتعزّز اقتصادهم بتكاليف تبلغ صفراً بالنسبة للسوريين, ويحصلون بالمقابل عن خبرات متطورة في الزراعة وعلى فوائد إنتاجية واقتصادية ومالية نظير الأرض المستخدمة.

وتساءل المصدر: هل هناك نقص في الأراضي الزراعية في إيران حتى تحتاج الجمهورية الإسلامية لهكتارات سورية تستخدمها ؟؟
وعن المشاريع والامتيازرات التي قيل ان الجمهورية حصلت عليها مؤخرا في قطاعات الزراعة والخليوي قال المصدر " إن المباحثات والاتفاقيات العديدة لم تحسم كل الأمور التي تشاع ولا يزال هناك مرحلة التفاصيل والحقوق التي يجب على كل طرف الحصول عليها مقابل جهوده ولا شيء نهائي بعد
لكن لنفترض ان تلك الاتفاقيات ذهبت الى دائرة الفعل الحقيقي والتنفيذي فما الذي يعنيه ذلك ؟؟
3- بالنسبة لشركة الهواتف الخليوية: تملك الجمهورية الإسلامية خبرات كبيرة في تنفيذ مشاريع الخليوي دون الحاجة لقطع غيار أوروبية, فمن المعروف أن الشركات السورية الحالية ليست سورية مئة بالمئة, لأن الصناعات التي تحتاج إليها مستوردة, في حين أن معظم الشبكات الإيرانية هي صناعة إيرانية بالتعاون مع دول صديقة بينها الصين, أي أن الأمن القومي السوري سيتعزز بشبكة خليوية لا تحتاج لأجانب كي يورّدوا لها ما تحتاجه.

4- بالنسبة لأي اتفاق إيراني سوري فهو يراعي مصالح الطرفين, ويعزّز التعاون والتكامل بين الشعبين. وأنا أقول لكم بكل صدق أني رغم مشاركتي في مفاوضات مع أكثر من ثلاثين بلداً يتعاون مسؤولوه مع الجمهورية الإسلامية, إلا أني لم أشارك أبداً في مفاوضات أصعب وأشدّ قسوة من تلك التي واجهناها مع الطرف السوري الحريص على أقلّ التفاصيل, وأصغر الأمور قبل توقيع أي اتفاقية معنا.

 

خضر عواركة: آسيا

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...