ترامب ...تغيير جذري في السياسة الأميركية تجاه سورية

17-11-2016

ترامب ...تغيير جذري في السياسة الأميركية تجاه سورية


الجمل ـ رندة القاسم: وعد الرئيس المنتخب دونالد ترامب بإحداث تغيير  كبير في السياسية الخارجية للولايات المتحدة، بما فيها الصراعات الإقليمية. و في مقابلة له مع Wall Street   Journal قال بأن أولوية إدارته في سوريه هي هزيمة الدولة الإسلامية لا إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد.
و قال : "موقفي كان بأنكم تقاتلون سورية، سوريه تقاتل داعش و عليكم التخلص من داعش. روسيا الآن منحازة تماما إلى صف سوريه، و يوجد إيران، التي أضحت قوية بسببنا، و هي أيضا منحازة لسورية.. نحن الآن ندعم متمردين ضد سورية، و لا نعلم من هم هؤلاء الأشخاص"..و تصريحه هذا يشير إلى انقلاب كامل في السياسة السابقة, و  يقول الرئيس المنتخب في حال هاجمت الولايات المتحدة الرئيس الأسد: "سوف ينتهي بنا المطاف و نحن نحارب روسيا و نحارب سوريه".
و مع ازدراء كل المحاولات الروسية لتنسيق الجهود ، كانت سياسة إدارة أوباما ترمي إلى تغيير النظام في سورية ما دفع الولايات المتحدة إلى حافة المواجهة مع روسيا. و من الواضح أن دونالد ترامب يفهم حماقة هذه السياسة.
و خلال حملته الانتخابية ، صرح السيد ترامب بأن تغيير النظام في سورية سيؤدي فقط إلى زعزعة المنطقة،  و أن دعم حكومة الأسد هو أكثر الطرق فاعلية من أجل إيقاف انتشار الإرهاب و التطرف. و يمكن اختصار كل  التصريحات خلال الانتخابات الرئاسية بأنه على الولايات المتحدة الخروج من الحرب في سورية و التوقف عن زعزعة المزيد من دول الشرق الأوسط، و العمل مع موسكو لهزيمة مجموعات إرهابية مثل داعش.
و في الصيف الماضي قال: "أليس من الجميل أن نعمل معا نحن و روسيا و نتخلص من داعش؟" و بهذا هو يفترض وضع نهاية لدعم المتمردين في سورية.
كما و عبر دونالد ترامب عن رغبته في إجراء محادثة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قريبا. و قال بأنه تلقى رسالة "ممتازة" (و يعني بهذا برقية تهنئة) من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، تشرح رغبته بالعمل من أجل إعادة العلاقات الروسية – الأميركية إلى مسار تطور راسخ.
و من الطبيعي أن يقول المرشحون خلال السباق الانتخابي الكثير من الأمور التي ستغدو طي النسيان أو حتى تعكس تماما، و من الأهمية بمكان أن السيد ترامب أكد موقفه من سوريه بعد فوزه في الانتخابات. و في منعطف جديد للأحداث قالت الحكومة السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد أنها على استعداد للتعاون مع الرئيس الأميركي المنتخب، ما يعتبر تطورا يمكن أن يؤدي إلى تغيير كبير.
المعارك المشتعلة في الموصل و الرقة و حلب تضع الموضوع في الواجهة. فالأمر لا يتعلق بإيقاف الصراع و لكن بجهود إدارة الأزمة بعد هزيمة داعش  و انتقال حلب الشرقية تحت سيطرة القوات الحكومية المدعومة من روسيا. و لم يتبقى الكثير من الوقت قبل قيام الأطراف وثيقة الصلة بالموضوع بمواجهة الموقف و اتخاذ القرارات التي تقود إما للمواجهة أو التعاون.
و الآن مع وجود الرئيس ترامب في الحكم ، يمكن أن تتخذ الأطراف خطوة أولى تتمثل بتوقيع اتفاق تعاون ، و ربما تتمثل البداية الجيدة في ضربات جوية مشتركة ضد جبهة النصرة و داعش .
و مع طرد داعش من حلب و الرقة، يمكن أن تتخذ الأطراف إجراءات من أجل تحديد مناطق النفوذ و الالتزامات المتبادلة حتى صدور نتائج المباحثات الدولية برعاية الأمم المتحدة.  و تملك كل من إيران و تركيا و السعودية نفوذا بين المجموعات، و التي تملك تشكيلات مسلحة تعمل ضمن سورية. و روسيا تملك علاقات جيدة مع هذه الدول و كذلك مع الحكومة السورية. و تملك الولايات المتحدة أيضا نفوذا ضمن بعض المجموعات، و خاصة الأكراد السوريين. و إذا ما اتحدت هذه الأطراف يمكنها التقدم  تدريجيا ضمن إطار مجموعة دعم سورية الدولية.
يجب أن تتعاون روسيا و الولايات المتحدة حول سوريه و تكتسب خبرة العمل معا في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا فهناك احتمال كبير أن يحتاجوا قريبا هذه الخبرة في معالجة مشاكل ليبيا و أفغانستان و ربما العراق و اليمن ضمن إطار الجهد الدولي.
موقف الرئيس المنتخب حيال هذه المسألة دقيق و واضح. ففي النهاية، و خلافا لداعش، الرئيس السوري بشار الأسد لا يشكل أي خطر على الولايات المتحدة. و المتطرفون يهددون روسيا و أميركا و لا يفرقون بينهما. و من الحماقة مواجهة بعضهما البعض في سورية عوضا عن التعاون ضد العدو المشترك. و مع اتحاد القوتين الهائلتين في الدولتين ، يمكنهما أن تنتصرا سريعا و تحققا نتائجا ملموسة يراها كل العالم.
موقف الرئيس الأميركي المنتخب تجاه الشرق الأوسط و سوريه، بشكل خاص، يفتح المجال أمام فرص تعاون مثمر مع روسيا. و لا يمكن أن تستمر الحرب السورية إلى الأبد و التعاون الروسي-الأميركي أساسي من أجل تحقيق تقدم في التسوية السلمية.
و يمكن أن يمتد هذا التعاون لمجالات أخرى كجزء من عملية أوسع. مقابلة السيد ترامب و نية إجراء محادثة هاتفية بين القائدين تبشران بتغييرات إيجابية. يمكن أن يبدأ الرئيس ترامب ولايته بقوة ، و  تعود له مسألة عدم  تفويت هذه الفرصة.


عن موقع Strategic Culture Foundation

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...