إيجابية التكيف مع الذات والمحيط

05-02-2007

إيجابية التكيف مع الذات والمحيط

لو أننا قمنا بعزل إنسان منذ ولادته عن المجتمع لبقي طفلاً في سلوكه وتفكيره ولو عاش مئة عام, فلا تنمو الشخصية وتستنير إلا بالمعارف والعلوم والخبرات في مناخات أسرته ومجتمعه.‏

هذه الأفكار وغيرها تناولتها الندوة التي أقيمت مؤخراً في المركز ا لثقافي العربي بالعدوي وقد شارك فيها الباحث الاجتماعي السيد زهير خليل ومديرة مركز البحوث بوزارة التربية السيدة رشا شعبان والاختصاصية الاجتماعية الآنسة سامية حامد وكانت بعنوان- تكامل الشخصية في بناء المجتمع.‏

حيث ربط السيد زهير خليل بين مايوفر للمرء من استحقاقات وبين ازدياد نموه وتكامله, وأكد أن بناء الإنسان يحتاج إلى توازن وتكامل في كافة مكوناته الأساسية وأن أي نقص أو خلل في بناء بعض هذه المكونات المادية أو المعنوية سيصبح قاصراً عن أداء دوره في الحياة. ثم أشار إلى خصائص الأفراد ومكوناتهم وبين أنها نتاج ما ورثناه عن الآباء والأجداد وإذا كنا لا نملك القدرة على تغيير هذه الملامح المادية فإننا نملك مؤهلات التغيير لمكوناتنا ا لمعنوية والنفسية ولابد من الإشارة إلى قدرتنا على تحسين معطياتنا المادية بطريقة الحركة والرياضة والعفوية أو المنظمة والتي يمكن تنميتها ولا نستطيع أن نفضل علاقة التنمية الجسدية عن التنمية العصبية أو العضلية أو الجمالية وتدخل أيضاً في التخلص من شحنات التوتر النفسية أو بعض التراكمات من الكبت الناتج عن ضغوط اجتماعية أو اقتصادية.‏

ثم تحدثت السيدة رشا شعبان عن المكونات الانفعالية مثل الغضب والفرح والحب والتعاطف والإيثار وقد أشارت إلى أن كل ذلك ينمو ويترعرع في مناخ الأسرة والمجتمع ويعطي حلاوة أو مرارة ثماره لنفسه أو لمحيطه, وقد يكون مرتبطاً بطبيعة الفرد الحيوية في الجسم إلى حد ما, ثم انتقلت إلى الحديث عن النمو المعرفي أو العلمي حيث عرفته بأنه حصيلة ما يتشرب الإنسان من علم هدام أو بناء بشعور أو بلا شعور فالعلم النافع هو الذي يكسب الإنسان وزنه النوعي ويجعله قادراً على التأثير في محيطه وصنع مستقبله, لذا ينبغي أن يتعلم المرء كيف يفكر ويبحث ويبدع لاكيف يتلقى ويجمع ويقلد وهذا يرتبط بمدى مايتاح له من وسائل وتقنيات واستحقاقات تربوية.‏

ثم انتقلت السيدة رشا للحديث عن المكونات الاجتماعية والإنسانية والتي تهتم بالانتماء الحقيقي لأفراد المجتمع وخاصة الناشئة فهم في تعاطفهم وتعاضدهم وتعارفهم مع محيطهم الاجتماعي والإنساني وهذا ما نزرعه في نفوس الناشئة من خلال تعاملنا معهم, فالحب يولد الحب والعنف يولد العنف ومشاركة الإنسان محيطه بتعاطفه وتضحيته في سبيله هو نمط تربوي بدءاً من الأسرة وانتهاء بالمؤسسات الميدانية.‏

ثم تحدثت الآنسة سامية حامد عن أهمية البعد الجمالي والفني كونه يعكس تربية الذوق الفني واستحسانه وتقديره أو إهماله وتهميشه لأن تراكم الثقافة في كل الأذواق والفنون عبارة عن تقاليد وأعراف وممارسات لا تنمو إلا بالاهتمام ورصد الاستحقاقات لها.‏

أما البعد ا لأخلاقي والقيمي فيمثل الوازع الذاتي في انصياع الإنسان للمنظومة القيمية أو القانونية أو العرقية أو المثل الأعلى الذي يوجه المسارات في علاقات متوازية ومتكاملة وفي حال فقدان هذا الوازع الداخلي فسوف تنقلب العلاقات المجتمعية إلى علاقات تصادمية تؤدي إلى إهمال الواجبات والقرصنة على الآخرين وحتى على الحق العام فتنشأ الفوضى في كافة خلايا المجتمع فتبدد طاقاته وتنتج تخلفه, وكذلك للبعد التربوي أهمية بالغة لأنه نتاج جملة المثيرات على الإنسان من الأسرة والمؤسسة التربوية والمجتمع وبقدر ما يتلقى من مثيرات ايجابية تتناسب مع مكوناته الفطرية بقدر ما ينمو نمواً صحيحاً. ويعد البعد النفسي أيضاً من العوامل الفاعلة في تكامل الشخصية وتوازنها هذا بالإضافة إلى الملكات الشخصية.‏

أخيراً بقي أن نقول: إن من عوامل بناء الشخصية الأساسية الرضا عن الذات وتقبلها بحيث يتم التكيف الإيجابي مع الذات ومع المحيط وأي خلل في ذلك يشكل تصدعاً في بناء الشخصية.‏

ميسون نيال

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...