معركة الموصل: إعلاميو سوريا يتحسرون على واقعهم!

25-10-2016

معركة الموصل: إعلاميو سوريا يتحسرون على واقعهم!

بينما كانت عشرات القنوات العراقية تبثّ مباشرةً، من أرض الميدان في الموصل وقائع الهجوم الذي شنّه الجيش العراقي والقوات الرديفة على معقل تنظيم «داعش» الإرهابي، كان الإعلاميون السوريون العاملون في الميدان الحربي ينظرون بحرقةٍ إلى تلك المشاهد ويتحسّرون على واقعهم.عنصر من القوات العراقية في منطقة الشورة جنوب الموصل أمس (أ ف ب)
حسرةُ الإعلاميين يبلغُ عمرُها خمس سنوات على أقل تقدير. في عام 2011 مثلاً، طرح أحد الصحافيين خلال «مؤتمر الحوار الوطني» آنذاك أن ترافق الكاميرات الجيش العربي السوري خلال المعارك التي يخوضُها مع المجموعات المسلحة على الأرض السورية، نظراً للحملات التي تعرّض لها الجيش السوري يومها لتشويه سمعته، إلا أن هذا الاقتراح بقي حديثاً في الهواء، ولم يلق آذاناً صاغية.
اليوم، ومع معركة الموصل العراقية، تعود هذه المطالبات من جديد، لكن بصيغةٍ أقوى وصوتٍ أعلى، حيث عبّر عددٌ من المراسلين عن إعجابهم بالطريقة العراقية في التغطية الإعلامية، وكيف تمّ تحضيرُ غرفة عمليات إعلامية قبل المعركة، وكان الإعلام شريكاً أساسياً في المعركة إلى جانب البندقية والدبابة والطائرة، ينقل ما يحدث خطوةً بخطوة، ويساهم في صناعة الانتصار ورفع الروح المعنوية للمقاتلين.
«الإعلام السوري، وبعد كل سنيّ الحرب التي مضت والتجارب التي مرّ بها، لا يزال يعمل بالعقلية ذاتها، ويحكم بالروتين والبيروقراطية»، يقول سليمان منصور، وهو مراسل لقناة عربية موالية للحكومة السورية، مضيفاً أنه «كلما أردنا تغطية حدث في مكان ما يقولون لنا قدم طلباً، ولحين الحصول على الموافقة، تكون المعركة قد انتهت».
أما المراسل في الميدان السوري مجد ليلى، فيدعو للتخفيف من القيود على الإعلاميين العاملين في سوريا، ويدعو لمرحلة من الانفتاح بعد تجربة معركة الموصل، متمنياً ألا يكون يوماً في حاجة إلى أن ينتظر الموافقة على التغطية ليومين أو ثلاثة، بل أن تكون هناك خطة مسبقة موضوعة للتغطية مثلما يحدث الآن في الموصل، وأن يوزع الإعلاميون على قطاعات جغرافية، ويحصلوا على المعلومات مباشرة من الميدان ومن غرفة العمليات.
ويؤكد ليلى أنّ «على المقاتل في الميدان أن يجد اهتماماً إعلامياً بالعمل الذي يقوم به وأن يكون الإعلام إلى جانبه».
وتخلّص قسم الإعلام الحربي الذي تبدو تبعيته واضحة للحلفاء من هذا الروتين والبيروقراطية، واستطاع أن يحدث ثغرة في الحائط الخشبي للإعلام السوري، متخلصاً من أعباء الموافقات والمراسلات، وهو بالفعل تحوّل إلى مرجع تنقل عنه وسائل الإعلام المختلفة مشاهد للمعارك وأخباراً من الميدان، إلا أنّ دوره يبقى أشبه بالتوثيق، فهو ليس تلفزيوناً ولا راديو ولا حتى جريدة.
وإذا ما أجرينا مقارنةً بسيطة بين معركة حلب على سبيل المثال، ومعركة الموصل، فإنّ البثّ المباشر للمحطات في سوريا، كان يتم بانتقائية، والصورة المقدمة بعيدة جداً من الميدان، بينما نجد في الموصل عشرات وسائل الإعلام المتنوعة إلى جانب بثٍّ حيّ ومباشر من داخل المعارك أو من أقرب نقطة للمعركة.
وفيما تتصدر الاستديوهات التحليلية لمجريات المعركة شاشات القنوات العراقية بشكل أساسي وعدداً من وسائل الإعلام الأخرى، لا يعتمد الإعلاميون السوريون على هذه الاستديوهات إلا نادراً، ويكون ارتباطها بالميدان ضعيفاً، وغالباً ما تكون هذه الاستديوهات أصلاً عقب المعركة، لا في خضمّها.
المراسل الميداني في حلب رضا الباشا يتحدث عن «نقطتي ضعف في التغطية الإعلامية السورية، الأولى هي قلة وسائل الإعلام والثانية تتمثل بدخول أشخاص غير إعلاميين إلى الوسط الإعلامي والقرار فيه، ما فرض حالة من الحذر الشديد والتعقيد في العملية الإعلامية».
يعلل الباشا سبب عدم نجاح الإعلاميين في التغلب على الواقع الراهن بالقول إن «أي تجاوز للخطوط سيؤدي إلى إيقافنا عن العمل مثلما حدث مع زملاء لنا في السابق»، مؤكداً ببساطة ضرورة أن يكون الصحافي في «قلب العملية العسكرية».
السوريون لم يتعلموا من التجارب نهائياً رغم أنهم يعلّمونها في جامعاتهم ويشيرون في كتبهم إلى الدور الكبير للإعلام في الحرب على العراق عام 2003، و «كيف ربط الأميركيون الكاميرا بالدبابة، فكانت الكاميرا نصف الانتصار».
كما أنهم حديثاً لم يتعلموا من تجربة الروس الذين سبقتهم ماكينتهم الإعلامية إلى الأرض السورية عام 2015، حيث ترافق العمليات الروسية في سوريا قرابة 20 وسيلة إعلام روسية، يزداد عددها وينقص حسب وهج المعركة.
وإلى ذلك، تتبع المجموعات المسلحة التي تحاربها الحكومة السورية سياسة إعلامية تتميز بكثير من الانفتاح والمرونة، ويتناسب إيقاع التغطية في جغرافيا المعارك من جهتها مع إيقاع المعركة، مع ولادة كمّ هائل من وسائل الإعلام التي نذرت كل وقتها وجهدها للتغطية الإعلامية إلى جانب هذه المجموعات وتحوّلت إلى أشبه بمتحدث رسمي باسمها.
تقدم معركة الموصل نموذجاً مهماً جداً في التغطية الميدانية لمعركة تشبه كثيراً المعركة التي يخوضها السوريون على أرضهم، فهل يلتفت القائمون على الإعلام السوري إلى هذه التجربة المجاورة، وينصتون لدعوات الإعلاميين السوريين والمراسلين الميدانيين التعاملَ بمرونة أكبر وتنسيق أعلى في الميدان؟ سؤال متروك لمعركة حلب التي تبدو على الأبواب للإجابة عنه!

بلال سليطين

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...