الحدود الإدراكية بين الإنسان والحيوان

28-09-2016

الحدود الإدراكية بين الإنسان والحيوان

يعكف فريق من العلماء في فرنسا على دراسة الحدود الفاصلة بين المقدرات العقلية بين البشر والحيوانات من خلال مقارنة إدراك الاطفال بإدراك القردة. ومن الاسئلة التي يحاول العلماء التوصل الى اجابات عنها، قدرة قرد على إدراك ما يفكّر به قرد آخر. ففي حال وُجِد قردان، واحد قوي والثاني ضعيف، وأمامهما قطعتان من الموز، القرد القوي المسيطر يرى قطعة واحدة فقط، اما الثاني الضعيف فيرى الاثنتين، فهل يدرك القرد الثاني بأن سعيه للحصول على القطعة الثانية يخلو من خطر استفزاز القرد القوي لكونه لا يراها؟
 في مركز متخصص بالأبحاث حول القردة في نايدرهوسبرغن، تعمل باحثتان متخصصتان في علم سلوك الحيوانات على دراسة كيفية تصرف القردة في حالات مماثلة. والهدف من هذه الأبحاث معرفة ما إن كانت القردة تمتلك القدرة على تحديد الحالة الذهنية لكائن آخر، ووضع نفسها مكانه.
ينقسم العلماء حتى الآن بين مَن يقول إن هذه المقدرات الذهنية، او ما يُسمّى منذ السبعينيات بنظرية الذهن، خاصة بالبشر فقط، فيما يذهب آخرون الى القول إنها موجودة أيضاً لدى بعض الأنواع الحيوانية. وأظهرت دراسات ان القردة الكبيرة مثل الشمبانزي والبونوبو، لديها مقدرات يمكن أن تصنف في هذا النوع من المقدرات الذكية، لكن البحث العلمي ذهب منذ عشر سنوات الى البحث عن هذه المقدرات لدى حيوانات أبعد من الإنسان، في سلم التطور، مثل القردة الصغيرة.
وتقول الباحثة شارلوت كانتلوب «نحاول أن نعرف متى ظهرت هذه المقدرات الإدراكية خلال التطور». وتضيف «هناك إمكانية كبيرة لأن تكون الحيوانات عاجزة عن إدراك أن الكائن الآخر يفكر بهذا الشكل لهذه الأسباب، ولكن ذلك لا يمنع أن تكون لها بعض الوظائف المتصلة بنظرية العقل». لطالما نظر البشر إلى الحيوانات على أنها اشبه بآلات لديها سلوكيات مبرمجة قائمة على رد الفعل، لكن العلماء «يدركون شيئاً فشيئاً أنها تمارس سلوكاً اجتماعياً بالغ التعقيد». فقد أظهرت دراسة أخرى تجري في هذا المركز ان قردة المكاك تدرك بعض المؤشرات التي تفيدها في التواصل مع الإنسان، فإذا كان يدير ظهره او رأسه تكفّ عن محاولة التواصل معه، لكنها في المقابل مثلاً لا تميز بين العينين المفتوحتين والعينين المغمضتين.
في المختبر القائم في قطعة مسيّجة من الغابة، وضعت أمام القردة شاشات تعمل حين يلمسها القرد. تبث الشاشة الأولى رسوماً متحركة تظهر فيها شخصيات ذات سلوكيات مختلفة. عرضت المقاطع نفسها على أطفال صغار وتبين أنهم يفضلون أكثر النظر الى الشخصيات «اللطيفة»، ولا ينظرون كثيراً حين تمر عبر الشاشة شخصيات «شريرة»، بحسب كاترين واليز الباحثة المتخصّصة في علم النفس.
وتقول «لا نعرف بالضبط ما إن كان الأطفال يفضلون الشخصيات الجيدة أم تلك السيئة، لكنهم يدركون من الشهر السادس من عمرهم الفرق في السلوك». وتأتي هذه الخلاصة لتناقض الرأي السائد الذي كان يقول إن الأطفال لا يكتسبون مقدرات «نظرية الذهن» إلا في السنة الرابعة من عمرهم.
من شأن المقارنة بين المعطيات الناتجة عن التجارب على أطفال، وتلك التي أجريت على قرود، أن تفيد في فهم الآليات الغامضة لاكتساب العقل قــــدراته الذكية. وتقول شارلوت كانتلوب «أبحاثنا قد تتيح لنا أن نحسّن أوضاع الحيوانات في مراكز الدراسات، فكلما فهمنا التعقيد في تركيبتها الاجتماعية أصبحنا أقدر على تلبية احتياجاتها».

(أ ف ب)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...