تهدئة الحسكة في حميميم .. ترتيبات مؤقتة ؟

24-08-2016

تهدئة الحسكة في حميميم .. ترتيبات مؤقتة ؟

انتهت الوساطة الروسية أمس بين الأكراد والحكومة السورية في القاعدة الجوية الروسية في حميميم، بالاتفاق على تثبيت وقف إطلاق النار، وتأجيل بعض الخلافات، مع تثبيت نقاط ميدانية وتعديل أخرى. وجاء الاتفاق الذي أعلن عنه التلفزيون السوري حوالي الثالثة ظهراً بتوقيت دمشق، لمصلحة قوات الحماية الكردية التي تقدمت ميدانياً وعززت موقفها التفاوضي مستقبلاً، كما جددت التذكير بجدل القضية الكردية والحاحها في الشمال السوري.
وأعلن التلفزيون السوري بشكل عاجل بعض بنود الاتفاق، الذي نص «على البدء بتسليم الجرحى وجثامين الشهداء وتبادل الأسرى عند الساعة التاسعة من مساء اليوم (أمس)»، إضافة «إلى فتح طريق الحسكة ـ القامشلي والطرق المؤدية إلى أماكن تمركز الجيش والقوات المسلحة للجمهورية العربية السورية داخل المدينة وخارجها».
كما ينص الاتفاق «على فتح جميع الطرق في المدينة واستمرار العمل والمساعدة بخصوص حل المشكلة الكردية، والبدء بمناقشة أحوال الموظفين المسرحين من عملهم في الدوائر الحكومية».
واضافت «سانا» أن قوات «الأسايش»، الجناح العسكري لـ «حزب العمال الكردستاني»، «قامت خلال الأيام الماضية بالاعتداء على مؤسسات الدولة وسرقة النفط والأقطان وتعطيل الامتحانات وارتكاب أعمال الخطف بحق المواطنين وإشاعة حالة من الفوضى وعدم الاستقرار واستهداف مواقع الجيش العربي السوري بداخلها، الأمر الذي استدعى رداً مناسباً من قبل الجيش باستهداف مصادر إطلاق النيران وتجمعات العناصر المسلحة المسؤولة عن هذه الأعمال الإجرامية».
واختلفت الصياغة الكردية للاتفاق، والتي جاءت وفق التالي: «وقف إطلاق النار وانسحاب القوات المسلحة (الجيش والدفاع الوطني) من مركز المدينة على أن تحل قوات الأسايش محل قوات وحدات الحماية الشعبية، وتبادل الاسرى والجرحى بين الطرفين، وفتح الطريق بين الحسكة والقامشلي، واعادة النظر في مهام وحدات الدفاع الوطني والقوات الرديفة، واعادة الموظفين المفصولين من عملهم».
وقالت مصادر كردية إن «مهلة تنفيذ الاتفاق هي حتى نهاية الشهر»، في حين اشارت أخرى إلى أن قسماً من قوات الدفاع الوطني قد يغادر باتجاه حلب، فيما يدمج القسم الآخر بالجيش.
ويبدو أن عناصر الاتفاق الذي تم التوصل اليه كانت وضعت مع اعلان وقف إطلاق النار بين الجانبين في الثانية من صباح يوم الثلاثاء، حتى تم الانتهاء من صياغتها نهائياً ظهر ذات اليوم.
وأبدى القيادي في «حركة المجتمع الديموقراطي» الكردية الدار خليل ارتياحه للاتفاق، مؤكداً أن غاية الاكراد الاستراتيجية ليست «الانفصال أو التقسيم، وإنما الوصول لاتفاق سياسي مستقبلي تدار به سوريا من قبل كل المكونات الموجودة فيها وبشكل ديموقراطي».
وأضاف قبل دقائق من اعلان الطرفين عن بنود الاتفاق أن «الحل الاستراتيجي بعيد المدى هو التوصل لنظام سياسي يضمن التشاركية والعيش المشترك، وهو الحل الذي سيمنع تقسيم البلاد وخلق حالات صراع مستمرة نحن بغنى عنها»، معتبراً أن الاكراد «لا يرغبون بأن تحكم سوريا من قبل الطوائف كما في لبنان، كما لا ننظر لنموذج العراق المقسم بين الاكراد والسنة والشيعة باعتباره نموذجاً جيداً».
ووفقاً لخليل، لم يكن المخطط من خلال الاشتباكات توسيع رقعة مناطق الإدارة الذاتية، بل نتجَ التوسع كنتيجة للمعارك التي ساهمت بها قوات جاءت من منبج ايضاً، وأن «القوات لا تستطيع التوقف (عن التقدم الميداني) حتى يكون هناك اتفاق»، وهو ما جرى وفق تعبيره في حدود الثانية فجراً يوم الثلاثاء.
وأدت الاشتباكات إلى تراجع النفوذ الحكومي نحو مربع أمني وسط المدينة، شبيه بالطريقة التي عليها الامور في القامشلي.
من جهته، أبدى مصدر واسع الاطلاع في الحسكة شكوكه من أن ما جرى «كان مخططاً له، لأن المدينة شهدت مناوشات كثيرة من هذا النوع، وكانت بمعظمها ناتجة عن خلل فردي»، مبدياً تخوفه من امكانية تكرارها، علماً أن «الجيش حبس انفاسه لمده طويلة»، ولم يتحرك إلا بعد ثلاثة ايام من قطع طرق امداده، كما لم يتحرك الطيران إلا بعد وصول تعزيزات كبيرة من وحدات الحماية مصحوبة بآليات عسكرية ثقيلة».
ووفقاً لخليل، لن يؤدي التطور الجديد «إلى انعكاسات على المواطنين، لأن الادارة الذاتية كانت تتولى مهام الخدمات في المدينة»، مشيراً إلى أن «رواتب الكثيرين ممن يعملون في دوائر خدمية في قطاعات المياه والكهرباء تأتي من الادارة الذاتية، فيما تتولى الحكومة المهام المرتبطة بصلاحيات الحكومة المركزية، كمنح الهويات وجوازات السفر وغيرها».
وقال خليل إنه «بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار، ليس لدى الادارة الذاتية من مانع للاتفاق على كيفية ادارة النواحي الخدمية مع الدولة»، وأن موقف الادارة «ليس تغيير النظام بطريقة اخراجهم نهائياً من المنطقة، وبالتالي لا تمانع وجود الممثلين الرسميين عن الدولة، أمثال المحافظ ومدير المنطقة وغيرهما من ممثلي الدولة المركزية».
من جهته، نفى محافظ الحسكة محمد زعال العلي  بشكل «قطعي» تولي «الادارة الذاتية» مهام الخدمات، مشيراً إلى أن خدمات المياه والكهرباء تأتي عن طريق الدولة وأن الحكومة مستمرة في دفع رواتب موظفيها في المؤسستين، وفي كلا المدينتين الحسكة والقامشلي.
وعلمنا في هذا الإطار ان اجتماعات ثنائية ستحصل في الايام المقبلة لمناقشة كيفية استمرار عمل المؤسسات الخدمية في المدينة، ولاسيما في المناطق التي سيطرت عليها «الأسايش».
من جهته، جدد الدار خليل التأكيد على أن «غرض الاكراد ليس الانفصال، وإنما إنصاف القضية الكردية، وتحصيل الحقوق الثقافية والهوية الكردية وصيانة المرتكزات الاساسية لبقائنا، وهذا لا يتحقق إلا بالوصول لسوريا ديموقراطية، كما أن سوريا ديموقراطية من دون تأمين حقوق الاكراد غير ممكنة».
ولدى سؤال القيادي الكردي إن كان لديه قلق من انقلاب التحالفات والعداوات بما يعاكس مصالح الاكراد الحالية، قال إن «كل شيء قابل للحدوث وهذا لا يجري باختيارنا وانما وفقا للمصالح المختلفة للدول».
ورأى أنه «ضمن هذه المعمعة، يجب أن نكون حذرين بألا نتلقى ضربات كبيرة ونحاول تحقيق طموحاتنا بتحصيل حقوقنا ومرتكزات بقائنا»، علماً أنه «سبق وعملنا في ظروف أصعب وكانت احزابنا سرية وكنا ملاحقين من جهات عدة».

زياد حيدر

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...