إنجاز في حلب يعزز المفاوض الروسي،الجيش السوري يتقدم في الكاستيلو والليرمون وبني زيد

27-07-2016

إنجاز في حلب يعزز المفاوض الروسي،الجيش السوري يتقدم في الكاستيلو والليرمون وبني زيد

على خطٍ مواز للعملية السياسية المحتدمة التي تجري بين أقطاب «الحل السوري»، تمكّن الجيش السوري من تحقيق تقدم ميداني مهمّ يحمل رسائل سياسية ذات دلالة تقدم «نقاط دعم» للروس في اتفاقهم الذي يجري عقده مع الأميركيين عبر تمتين طوق حلب، وفرضه بالوجود العسكري بعدما كان قائماً على الفرض بـ «السيطرة النارية» ما اعتبره مصدر عسكري سوري بأنه «عملية إخراج حلب من معادلة الشمال»، بالإضافة إلى الدفع نحو اتفاق حقيقي بالشروط الروسية مع واشنطن بمنطلق «الأمر الواقع الذي لا يمكن تجاهله»، وفق تعبيره.تصاعد الدخان بالقرب من طريق الكاستيلو الموصلة إلى بني زيد خلال عملية الجيش السوري امس لاستعادة الليرمون (أ ف ب)
العملية العسكرية الجديدة التي بدأها الجيش السوري ليل الإثنين ـ الثلاثاء أثمرت تقدماً للجيش وسيطرته على نقطة الكاستيلو بشكل كامل، بالإضافة إلى السيطرة على دوار الليرمون شمال حلب والتوغل على محاذاة حي بني زيد بعد قطع طرق الامداد عنه، ما يعني عزل أبرز نقطة اطلاق قذائف على مدينة حلب عن محيطها الخارجي وتحصين المدينة من الصواريخ التي كانت تطال المدنيين، بالإضافة إلى تأكيد إتمام الطوق بقوة الوجود بعدما كان مفروضاً في جزء منه بالقوة النارية، على اعتبار ان السيطرة النارية لا يمكن اعتبارها «ورقة» في لعبة «المفاوضات السياسية». وتعمل القيادة العسكرية السورية بتناسق تام مع الجهود السياسية منذ بداية الحرب في سوريا، وقد نفذت عمليات عسكرية عدة بالتزامن مع اجتماعات مهمة، بينها على سبيل المثال فك الحصار عن سجن حلب المركزي شمال حلب في شهر أيار من العام 2014 الذي تزامن مع فيتو روسي صيني في مجلس الأمن ضد مشروع قرار فرنسي بإحالة الملف السوري إلى محكمة الجنايات الدولية.
التقدم العسكري وإن تمَّ قياسه بالأمتار في بعض المناطق إلا أنه شكّل، وفق مصدر ميداني، تمتيناً للطوق العسكري المفروض حول المدينة وزيادة في الضغط على الأحياء الشرقية التي يسيطر عليها المسلحون في حلب، بعد أن شكلت معارك الكاستيلو وأرض الملاح ودوار الليرمون «مصيدة للفصائل المسلحة كبّدتهم خسائر كبيرة»، آخرها تدمير ثلاثة أرتال للمسلحين قدمت خلال اليومين الماضيين من ريف حلب الجنوبي وريف إدلب بهدف كسر الطوق العسكري، فجرى تدمير قدرات الفصائل المهاجمة خلال المعارك المباشرة، كما تم تدمير رتل عسكري كبير بعد رصده واستهدافه بسلاح الجو الروسي.

الدعم الروسي الكبير لعمليات «طوق حلب»، والتي تسببت بإفشال هجمات «جبهة النصرة» وحلفائها وانسحابها مرتين من المعارك، جاءت بدورها كمؤشر على أهمية هذه المعركة في العملية السياسية، فوفق مصدر عسكري «لم تخل سماء حلب من الطائرات الروسية طيلة الاسبوع الماضي، وفي بعض الأوقات شنّت طائرات روسية عدة، غارات في وقت متزامن على مواقع سيطرة المسلحين ونقاط تمركزهم أو حتى النقاط التي كانوا يحاولون الانطلاق منها نحو مواقع الجيش السوري».
مقابل الدعم الروسي العسكري الكبير على الأرض، تابعت روسيا جهودها السياسية للتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لعمل مشترك في سوريا، فالتقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظيره الأميركي في فينتيان، عاصمة لاوس، على هامش اجتماع لدول جنوب شرق آسيا، وقال «بحثنا ما يجب فعله من أجل أن يبدأ هذا الاتفاق بالعمل عمليا على شكل نشاط مشترك بين قواتنا الجوية الفضائية والقوات الجوية الأميركية والتحالف الذي تقوده». وأضاف «إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع كيري في موسكو إذا بعث للحياة ـ ونحن نأمل ذلك ـ عندها يمكن ضمان توفير فصل المعارضين الطبيعيين عن إرهابيي داعش وجبهة النصرة»، وأضاف «إننا نواجه وضعاً خاصاً حيث أكد لنا الشركاء الأميركيون منذ بداية العام أنهم قادرون على فصل مجموعات المعارضة التي يتعاملون معها عن الجماعات الإرهابية، ولكن حتى اللحظة لم يحصل هذا الأمر».
بدوره، أعلن كيري للصحافيين عقب اللقاء أنه «يأمل» في الاعلان عن احراز تقدم للتوصل الى حل ديبلوماسي في سوريا مطلع آب، وهو الموعد الذي حددته الدول العظمى والاقليمية والامم المتحدة المجتمعة في إطار «المجموعة الدولية لدعم سوريا» لبدء عملية سياسية حول سوريا.
وفي وقت اشار فيه مصدر عسكري سوري إلى أن المعارك الأخيرة في حلب سرّعت من الاتفاق ووضعت الروس في موقف أقوى وساهم في التفاهم مع الأميركيين، رأى الباحث في العلاقات الدولية محمد العمري أن «روسيا مهّدت الأرض بشكل جيد خلال المفاوضات، مستفيدة من رغبة الرئيس الأميركي باراك أوباما بوضع رؤية لحل القضية السورية قبل انتهاء ولايته». وأضاف «المشكلة الرئيسية في الوقت الحالي هي السياسة الأميركية بحد ذاتها، والتي تتسم بأنها غير مبدئية». وضرب مثالاً على ذلك بالاتفاق الذي جرى في شهر شباط في مدينة ميونيخ على «وقف الأعمال العدائية» في سوريا قائلاً إنه «بعد الاتفاق زادت الولايات المتحدة من دعم المسلحين، وقامت بإرسال أسلحة إلى الإرهابيين في الشمال السوري». وأضاف « في اتفاق الخمسة زائداً واحداً مع ايران لم تف الولايات المتحدة حتى الآن بالتزاماتها رغم توقيع الاتفاقات، لذلك لا يمكن الحكم على الأمر بالنيات فقط، بل يجب أن نرى أفعالا ملموسة للحكم على جدية الاتفاق».
وبالإضافة إلى سياسة الولايات المتحدة «الميكافيلية» و «غير المبدئية»، يرى الباحث السوري أن الصراعات القائمة داخل الولايات المتحدة لها تأثير ايضاً. وقال «البنتاغون وجهاز الاستخبارات الأميركية يقف ضد الاتفاق السياسي مع موسكو لأن هذا الاتفاق سيمنع عنهم مصادر هائلة من الأرباح التي حققتها في استثمار الحرب السورية، لذلك يجب أن نرى الأفعال قبل أن نحكم». في هذا السياق، قال وزير الدفاع الأميركي اشتون كارتر إن الروس الذين يناقشون حالياً اتفاق تعاون عسكري مع واشنطن حول سوريا، ما زالوا «بعيدين» عن مواقف الولايات المتحدة، وهو ما دفع كيري إلى التأكيد بعد اجتماعه مع لافروف على أنه يأمل «أن نكون في مطلع آب في وضع يؤهلنا للوقوف أمامكم وإخباركم ما الذي يمكننا فعله على أمل أن يصنع هذا فرقاً في حياة الشعب السوري ومسار الحرب».
وبالتزامن مع لقاء لافروف ـ كيري في فينتيان، عقد المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا اجتماعا مع مسؤولين روس وأميركيين في جنيف، وقال دي ميستورا «نسعى لعقد جولة ثالثة في جنيف بين الأطراف السورية قبل نهاية آب المقبل»، مشيرا إلى أنه «حقق تقدماً في القضية السورية». بدوره، أعلن ممثل روسيا الدائم لدى مقر الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف، أليكسي بورودافكين، أن موسكو تعتقد أن واشنطن لم تعد تطالب باستقالة الأسد فورا. وقال بورودافكين في حديث مع وكالة «انترفاكس»: «أجل من دون شك نحن ندرك ونعرف أن الولايات المتحدة لم تعد تتحدث عن استقالة فورية للأسد».
وتمثل العملية العسكرية الأخيرة للجيش السوري والحلفاء، تقدما مهما من شأنه أن يزيد من حصار المسلحين داخل أحياء حلب الشرقية الأمر الذي من شأنه أن يسرّع من المفاوضات التي تهدف إلى إخراجهم من المدينة، وهي خطوة بدأ الجيش السوري تنفيذها فعلا حيث أكد مصدر عسكري  أن قيادة الجيش أرسلت رسائل نصية لسكان الأحياء الشرقية في حلب حددت من خلالها «ممرات آمنة» لخروج من يريد الخروج من هذه الأحياء، كما طالبت المواطنين بالضغط على المجموعات المسلحة لترك السلاح والمبادرة إلى التسوية، وهي دعوات من المتوقع أن تواجه بردة فعل عنيفة من قبل الفصائل «الجهادية» وعلى رأسها «جبهة النصرة» التي ستحاول منع المدنيين من الخروج بالقوة لضمان وجودهم كـ «دروع بشرية» بعد أن تمكنت خلال الشهور الماضية من تسلم قيادة العمليات داخل حلب، وفق تأكيد مصادر ميدانية وأخرى معارضة.

علاء حلبي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...