إسرائيل تطلق حملة ضد الفلسطينيين بعد هجمات تل أبيب

11-06-2016

إسرائيل تطلق حملة ضد الفلسطينيين بعد هجمات تل أبيب

نشرت الحكومة الإسرائيلية 600 جندي إضافي في الضفة الغربية يوم الخميس، وذلك  رداً على عملية إطلاق النار من قبل شابين فلسطينيين، على سوق سارونا  الواقع في  منطقة تجارية ترفيهية شهيرة في تل أبيب قرب وزارة الدفاع الإسرائيلية، وأسفر الهجوم عن مقتل أربعة إسرائيليين وإصابة  ستة آخرين ويعد الهجوم الأخطر من نوعه على العاصمة التجارية لإسرائيل منذ اندلاع موجة هجمات شنها فلسطينيون قبل نحو ثمانية أشهر، وشملت اعتداءات بالطعن وإطلاق نار ودهس بالسيارات وبعد ذلك هدأت  وتيرة الأمور إلى حد كبير. وفي إطار حملة العسكرة جهدت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في الأشهر الماضية لإخماد الإنتفاضة (أ ف ب) تعمد حكومة نتنياهو إلى فرض حزمة من التدابير الأمنية لشرطة الدولة سواء داخل إسرائيل أو في الأراضي الفلسطينية بالإضافة إلى نشر المئات من دوريات قوات الأمن الإسرائيلية  في القدس ابتداء من اليوم ، تأتي هذه الخطوة بعد إعلان إسرائيل في وقت سابق تجميد تصاريح الدخول إلى أراضيها والقدس الشرقية  التي منحتها ل 83 الف فلسطيني بمناسبة حلول شهر رمضان لزيارة أقاربهم في  المناطق الإسرائيلية، بما في ذلك أكثر من 200 من الأقارب والمقربين من الفدائيين المشتبه بإطلاقهما النار، وكانت الحكومة الإسرائيلية فرضت يوم الخميس حظراً على  المزيد من تغطية وسائل الإعلام والنتائج التي أسفر عنها.
 في يطا، وهي البلدة التي ينتمي إليها الفدائيان اللذان أطلقا النار على سوق سارونا فرضت قوات الدفاع الإسرائيلية حصاراً عاماً، ومنعت أي شخص من الدخول او الخروج، ونفذت عمليات تفتيش من منزل إلى منزل وهي تستعد الآن لهدم منازل عوائل الفدائيين  "الحياة في بلدة يطا لن تسير على النحو المعتاد وسيدفع أهالي البلدة التي قدم منها الإرهابيان الثمن": قال وزير الدفاع المساعد إيلي بن داهان لوسائل الإعلام.
المسؤولية عن سفك الدماء في تل أبيب لا تقع على عاتق القرويين في يطا، الذين يواجهون الآن عملية انتقامية قاسية على يد قوات الدفاع الإسرائيلية، وإنما على الدولة الإسرائيلية نفسها، التي تستجيب للأزمة الهائلة  في المجتمع الإسرائيلي عبر تصعيدها على مدى عقود طويلة من القمع للشعب الفلسطيني والتحضير لقمع شامل حتى ضد الطبقة العاملة الإسرائيلية، هذا وتُعد عملية إطلاق النار الأحدث في موجة من أعمال العنف وردة الفعل التي أثارها القرار الذي أصدره وزير الدفاع آنذاك موشيه يعلون في كانون الأول، بعد الادعاء باعتقال مرتكبي الهجوم على عائلة فلسطينية أثناء النوم في قرية كفر دوما، على الرغم من وجود الأدلة الدامغة على تورط حركة شاباد –لوبافيتش، وكانت الهجمات التي شنها الفلسطينيون الغاضبون  كردة فعل تجاه استجابة نظام نتنياهو عبر تنفيذ حملة قمع وحشية مع تقديم أجندة طوبلة الأمد لانهيار السلطة الفلسطينية وفرض الحكم العسكري المباشر من قبل الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية.
مما لا يبشر بالخير، هو أنه يجري توصيف هجمات سارونا من قبل وسائل الإعلام الأميركية والإسرائيلية  على أنها "الاختبار الكبير" لوزير الدفاع الإسرائيلي الجديد أفيدغور ليبرمان الغوغائي الفاشي المعروف بالوسط الإسرائيلي بالقومي المتطرف، قد يكون هناك بعض الشك بان ليبرمان الذي أكد لوسائل الإعلام إنه  "لن يقبل بالكلام فقط" يهدف إلى استخدام هجمات سارونا لإجراءات قمعية جديدة بعيدة المدى ضد الطبقة العاملة الفلسطينية والإسرائيلية.عناصر من شرطة الاحتلال في موقع الهجوم في تل أبيب امس (ا ب ا)
يشارإلى أن صعود ليبرمان إلى أعلى منصب داخل الجهاز العسكري الإسرائيلي الممول من قبل  الولايات المتحدة الآميركية هو تعبير جاد لمسار أكثر فاشية من أي وقت مضى في السياسة الإسرائيلية، ويُحسب له من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي  بنيامين نتنياهو لتخويف المعارضة في المجتمع الإسرائيلي والفلسطيني,
في إسرائيل كما هو الحال في العديد من البلدان في  جميع أنحاء العالم ، يزداد الترحيب بقدوم شخصيات يمينية متطرفة  إلى السلطة، مع ترشيح الجمهوري دونالد ترامب للرئاسة في الولايات المتحدة، وصعود الجبهة الوطنية في فرنسا وصعود روديغو دوتيرت لرئاسة فيليبين، كل ذلك يندرج في إطار العملية نفسها.
تواجه  البرجوازية،  نمو وتزايد عدم المساواة الاجتماعية إلى مستويات لم تشهدها منذ مطلع القرن العشرين، مع عدم  رؤيتها لأي وسيلة أخرى للدفاع عن  امتيازاتها مع توظيف العناصر الاجتماعية الأكثر شراً وانحطاطاً، وكما أشار موقع وورلد سوشياليست في تموز من عام 2014  في مقال تحت عنوان "الأزمة السامة  في المجتمع الإسرائيلي" حيث كتب بمناسبة الحرق المتعمد حتى الموت لفتى فلسطيني في ال16 من العمر، محمد خضير من  حي شعفاط  في القدس الشرقية الذي خطف وعذب وأحرق وهو على قيد الحياة  على يد عصابة من القوميين المتطرفين الإسرائيليين وجاء في المقال "هناك علاقة وثيقة بين العنف الذي تقوم به الحكومة الإسرائيلية ضد السكان العزل في غزة  وظهور العناصر الفاشية في إسرائيل  القادرة على ارتكاب مثل هذه الجرائم الوحشية، هذه الأحداث هي أعراض لأزمة سياسية واجتماعية  هائلة داخل إسرائيل نفسها، القمع الذي لا ينتهي ضد الشعب الفلسطيني يتطلب تعبئة القوى الأكثر رجعية".
النزعات المرضية تفرخ داخل الرأسمالية الإسرائيلية البغيضة  بحيث يتم التعبير عنها علناً من قبل أكثر الشخصيات. "الليبرالية" في المؤسسة الإسرائيلية ، حيث أشار رئيس قوة الدفاع الجنرال يائير جولان  في أيار  إلى أن الأيام الحالية في إسرائيل تشبه إلى حد بعيد  وبشكل متزايد ألمانيا خلال السوات التي سبقت مباشرة المحرقة، فيما وصف رئيس الوزراء والأركان السابق إيهود باراك تعيين ليبرمان بأنه " ضوء أحمر بالنسبة لنا جميعاً مع الأخذ بعين الاعتبار ما يجري داخل الحكومة" وحذر باراك من أن حكومة نتنياهو أصيبت "بالعدوى من بذور الفاشية"  هذا التحذير دقيق لكن أولئك  الذين صنعوهم لا يملكون الحل الممكن للتخلص من هذا النمو السرطاني للقوات الفاشية في إسرائيل وفي جميع أنحاء المجتمع العالمي، التحرك باتجاه نوع من أشكال الدكتاتورية علناً للحكم وحشد اليمين المتطرف هي نتيجة حتمية لهيمنة الأوليغارشية الرأسمالية على المجتمع، إنه واقع مؤلم ومجهول المعالم، حيث تقوم مجموعة من أصحاب  المليارديرات بالحكم عن طريق الرشاشات على نقاط التفتيش  وعبر أميال من الأسلاك الشائكة ، وكما هو الحال  في كل بلد آخر في جميع أنحاء العالم، يجب تحنب عودة الفاشية وتحول المجتمع إلى الهمجية ، من خلال حركة موحدة للطبقة العاملة  الدولية للنضال من أجل الاشتراكية.


عن موقع :WSWS.org

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...