السعودية و إسرائيل: الصداقة الغريبة في الشرق الأوسط الجديد

21-05-2016

السعودية و إسرائيل: الصداقة الغريبة في الشرق الأوسط الجديد

الجمل ـ* ميديا بينجامين ـ ترجمة رنده القاسم:
على السطح يبدو أن السعودية و إسرائيل أسوأ عدوتين، و بالطبع لا ترتبطان أبدا بعلاقات دبلوماسية...ففي النهاية ، يناصر السعوديون قضية الفلسطينيين المضطهدين من قبل الإسرائيليين، و يقول الإسرائيليون أنهم محاصرون بالمتطرفين المسلمين، و الكثير من أولئك المتطرفين يعملون بدافع من الإيديولوجية الوهابية المتعصبة التي خلقت و ترعرعت في السعودية.
و لكن تحت السطح، تشترك هاتان العدوتان القديمتان بأشياء كثيرة، ففي الحقيقة، في الشرق الأوسط المعاصر، أضحتا أغرب رفيقتين. و خلال السنوات القليلة الماضية انتشرت إشاعات حول نشوء علاقات بينهما ، و في عام 2015 أكد مسؤولون سابقون سعوديون و إسرائيليون على عقد سلسلة من اللقاءات عالية المستوى لمناقشة الشؤون المشتركة، مثل التأثير المتنامي لإيران في العراق و سورية و اليمن و لبنان، و كذلك برنامج التخصيب النووي الإيراني.  و قال شيمون شابيرا و هو  نائب إسرائيلي سابق شارك في اللقاءات السرية مع السعوديين: "اكتشفنا أننا نملك  نفس المشاكل و نفس  التحديات و بعض الأجوبة المتماثلة".
في الخامس من أيار، تحدث معا رئيس الاستخبارات السعودية السابق الأمير تركي بن فيصل و اللواء الإسرائيلي المتقاعد ياكوف أميدرور في واشنطن خلال حدث استضافه "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" ، و هو الجناح السياسي للوبي آيباك المؤيد لإسرائيل. و الحدث، الذي بث على النت مباشرة، يظهر أن السعودية و إسرائيل قد خرجتا أخيرا إلى العلن سويا.
و فيما يلي بعض الأمور التي تشترك فيها كل من السعودية و إسرائيل:
-الاضطهاد:
كلاهما تضطهدان المجموعات غير المسيطرة التي تعيش ضمن حدودهما. فإسرائيل تضطهد الفلسطينيين ، تبني مستوطنات على أرضهم و تطوق قراهم بجدران فصل عنصرية و جنود مدججين بالسلاح. أما السعودية فإنها تضع نظاما سياسيا و قضائيا يقمع كل من هو غير سني (مثل الشيعة و غير المسلمين) و كذلك النساء و ملايين العمال المهاجرين.
كلتا الدولتين تتجاوبا مع المعارضة السياسية بطرق متشابهة، و ذلك باستخدام القوة المفرطة و الاعتقال الاعتباطي و غير الواضح، و الترهيب و التعذيب.
-العدوان:
قامت كل من السعودية و إسرائيل بغزو أراض مجاورة  و قتل آلاف المدنيين. فإسرائيل منذ عام 2008 تقوم بشكل متكرر بغزو و قصف غزة ، و في عام 2014 قتل الجيش الإسرائيلي ألفين و مائة و أربعة  أشخاص ، معظمهم مدنيين، و دمر سبعة عشر ألف و مائتي منزل ما خلف أربعمائة و خمسة و سبعين ألف شخص يعيشون في ظروف طارئة .
و بنفس الوقت تدخل السعوديون في الشؤون الداخلية لليمن المجاور. و في آذار 2015 ، شنوا حملة قصف شرسة موجهة لقبائل الشيعة في البلد، فسببوا موت أكثر من ستة آلاف  يمني معظمهم مدنيين ، و قصفوا الأسواق و المدارس و المشافي و البيوت و حفلات أعراس و شردوا أكثر من مليونيين و نصف مليون شخص.
و علاوة على ذلك استخدمت الاثنتان أسلحة محظورة دوليا، فإسرائيل استخدمت الفوسفور الأبيض في غزة، بينما لجأ  السعوديون إلى القنابل العنقودية في اليمن.
-التعصب الديني:
يلعب الدين دورا رئيسيا في سياسات الدولتين، فإسرائيل تعتبر موطن الشعب اليهودي، و القوانين الأساسية في إسرائيل، التي تعمل مكان الدستور، تعرف الدولة على أنها "دولة يهودية" . و يتلقى اليهود معاملة مميزة ، مثل الحق بالهجرة إلى إسرائيل من أي مكان و الحصول بشكل أوتوماتيكي على المواطنة الإسرائيلية، بينما يواجه المسلمون تمييزا عنصريا يوميا و يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية.
في السعودية مكة هي المدينة الأقدس بالنسبة للمسلمين، و تعتبر المملكة السعودية نفسها المركز العالمي للإسلام، و المسلمون فقط يمكن أن يغدوا سعوديين، و يعامل غير المسلمين كمواطنين من الدرجة الثانية.
-تصدير العنف:
تصدر الدولتان "منتجات" تعزز العنف، فإسرائيل مصدر هام للأسلحة، و غالبا ما تدرب القوات الإسرائيلية الشرطة في دول أخرى، بما فيها الولايات المتحدة، على تقنيات القمع. و يصدر السعوديون الإيديولوجية الإسلامية المتطرف المسماة "وهابية" عبر الشرق الأوسط و شمال إفريقيا، و الوهابية هي الإيديولوجية الأساسية التي قامت عليها القاعدة و الدولة الإسلامية (داعش).

-كره إيران:
أكثر من أي شيء آخر ، تشترك الدولتان بكره إيران الأمر الذي قارب بين هاتين العدوتين. فكلاهما يرى إيران تهديدا وجوديا و يخشى من التأثير المتنامي لطهران في المنطقة. كلاهما عارض الاتفاقية النووية الإيرانية التي كانت انتصارا كبيرا للدبلوماسية على الحرب، و تصمم الاثنتان على منع الولايات المتحدة من الاقتراب أكثر من إيران.

-دعم الانقلاب في مصر:
دعمت الدولتان الانقلاب العسكري في مصر ، بقيادة   عبد الفتاح السيسي، و الذي أطاح بحكومة منتخبة ديمقراطيا  و أدى إلى موجة قاسية من القمع زجت أربعين ألف معارضا في السجن . وضع السعوديون مليارات الدولارات في خزينة نظام السيسي، و تعاونت مصر مع إسرائيل في الحصار الإسرائيلي المستمر لغزه.

-التدخل في سورية:
كل من إسرائيل و السعودية معنيتان بإسقاط نظام بشار الأسد السوري (الحليف مع إيران) أكثر من اهتمامهما بهزيمة الدولة الإسلامية. و من أجل هذا الهدف، قاموا بدعم مجموعات متطرفة في سوريه مثل جبهة النصرة، أحد فروع القاعدة.
أرسل السعوديون السلاح و المال للنصرة، و من جهتها، كانت إسرائيل تعالج مقاتلي النصرة الجرحى في مستشفياتها و تعيدهم  فيما بعد لقتال الجيش السوري ، و قتلت إسرائيل مستشارين لبنانيين و إيرانيين كانوا يدعمون حكومة الأسد في قتالها ضد النصرة.

-سجناء سياسيون  صغار السن :
كلتا الدولتين تسجن آلاف السجناء السياسيين ، بما فيهم قصر. و في شباط 2016  وجد ستة آلاف و مائتين و أربعة فلسطيني في سجون إسرائيل من بينهم أربعمائة و ثمانية و ثلاثين قاصرا، الكثير منهم زجوا في السجن لإلقائهم الحجارة على جنود إسرائيليين. و بدورهم ضرب السعوديون أعناق قاصرين ، و قريبا سينفذ حكم الإعدام بحق  ثلاثة مساجين  أحداث اعتقلوا جراء احتجاجات غير عنيفة.

-تنشيط مجموعات اللوبي في واشنطن:
أنفقت الدولتان ملايين الدولارات بهدف التأثير على سياسة الولايات المتحدة. تدعم الحكومة الإسرائيلية لجنة العلاقات العامة الأميركية الإسرائيلية (آيباك)، و التي تعتبر مجموعة اللوبي الأجنبي الأكثر تأثيرا في الولايات المتحدة.
منذ فترة قصيرة بدأ عمل النسخة السعودية المسماة SAPRAC أو لجنة العلاقات العامة السعودية الأميركية، و خلال السنوات الماضية كانوا يسعون  من  أجل شراء النفوذ عن طريق التواصل مع شركات قانونية و علاقات عامة مؤثرة مثل Podesta Group ، و قاموا بالتبرع للعشرات من خلايا صناعة فكر مثل مؤسسة كلينتون، و مؤسسة كارتير  و جامعات Ivy League.
-التحالف مع الولايات المتحدة الأميركية:
و أخيرا كل من الدولتين حليف طويل الأمد للولايات المتحدة ، وقد قامت الإدارات الأميركية المتعاقبة بدعم إسرائيل منذ تأسيسها عام 1948، كما و أيدت عددا كبيرا من الملوك السعوديين منذ تأسيس  تلك الدولة عام 1932. وعملت الولايات المتحدة على ضمان أمن الدولتين، و يمنح دافعو الضرائب الأميركيون سنويا أكثر من ثلاثة مليارات دولار لدعم الجيش الإسرائيلي، و يحرس جيش الولايات المتحدة  الخليج العربي من أجل الأسرة الملكية السعودية، و السعودية الأولى في شراء السلاح الأميركي.
يقول البعض أن من صالح إسرائيل و السعودية  دفن الأحقاد و العثور على أرضية مشتركة، و لكن السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق من جراء القضايا التي تتفقان عليها، و عوضا عن ذلك  يجب أن تصنع إسرائيل السلام مع الفلسطينيين ، و يجب أن تتفق السعودية مع إيران. و إلا ، فإن التآمر السعودي-الإسرائيلي سيكون عناقا مشؤوما يسبب المزيد من الأسى في المنطقة..
 
*ناشطة سياسية أميركية شاركت في تأسيس مجموعة السلام CODEPINK و منظمة حقوق الإنسان Global Exchange

عن موقع Counter Punch


إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...