جبهة النصرة و الدوافع الحقيقية التي جعلتها تعلن تابعيتها لتنظيم القاعدة

20-03-2016

جبهة النصرة و الدوافع الحقيقية التي جعلتها تعلن تابعيتها لتنظيم القاعدة

الجمل ـ نيكولاس زاهر:  قبل عام طرحت سؤالاً حول الأسباب التي دفعت جبهة النصرة لإعلان بيعتها لتنظيم القاعدة، وأجبت عليه بسرد يوثق نشأة هذه العصابة.

البارحة وفي إصدار جديد لجبهة النصرة كشفت فيه عن شخصيات قيادية فيها بالإسم الحقيقي والظهور العلني، متبنية تفجير أمن الدولة ـ الذي اتهم دجالو الثورة القذرة السلطات السورية بالوقوف خلفه ـ كما كشفت هوية منفذيه ( زياد عيد الحسين أبو طارق و لؤي الزيد أبو ياسر من البصيرة في دير الزور )

و عليه أتوقع أن يتم الكشف قريباً عن هوية زعيم التنظيم أبو محمد الجولاني لرفع الحجة ( كونه مجهولا للعامة ولا يمكن مبايعته كخليفة لقطعان السلفيين ) وذلك تحضيراً لإعلان الإمارة في مدينة إدلب وريفها.

المادة المرفقة نشرتها في مثل هاذا اليوم من العام الماضي حول نشأة القاعدة في سوريا وأنصح المهتمين بالإطلاع عليها وإبداء الملاحظات، عسى أن أنهي توثيقها مع طرد هذه التنظيمات قريباً من كل الأراضي السورية :

يستغرب أي عاقل مراقب لمجريات الأحداث التي تسارعت عبر السنتين الماضيتين التحول المفصلي في مسيرةابو مالك التلي الحدث السوري من خلال إعلان "جبهة نصرة أهل الشام" بأنها تمثل تنظيم القاعدة في سوريا محرجة المعارضة السورية و الحلف الأمريكي من خلفها بأن الحراك في سوريا حراك قاعدي ممنهج و مدروس من خلال أول صيحة الله أكبر جعر بها ثوارها و هو ما يبرر خروج هذه القطعان من الجوامع و ليس من الجامعات كما يليق بشعارات الحريات و العدالة و التنور و المساواة .

جبهة النصرة لم تكون وليدة الحدث السوري بل كانت إمتدادا للحدث العراقي و لتنظيمات ولدت و نشطت في الأرياف السورية بعد الإحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 تحت مسمى " ‫‏لجان_نصرة_العراق‬ " و التي غضت السلطات السورية الطرف عنها بل و حضت عليها عبر فتح باب الجهاد بفتوى من كفتارو و البوطي من بعده، كونها كانت تعمل على محاربة الإحتلال الأمريكي في العراق و ذلك عبر تجنييد المقاتلين السوريين و الإشراف على مرور المقاتلين الأجانب عبر الأراضي السورية و جمع التبرعات في الجوامع بشكل وصل أحياناً إلى العلنية.
الإحصائيات غير ارسمية بحسب المواقع الجهادية تقول أن نسبة المقاتليين السوريين في العراق وصل عام 2007 إلى 13% من مجموع المقاتليين المتطرفين الذين شكلوا نواة القاعدة في العراق، هؤلاء بدورهم و بعد عودة أغلبهم إلى سوريا بعد ركود العمل الجهادي في العراق، كانوا وراء ظهور مجموعات أصولية جهادية صغيرة و منها تنظيم "‫جند_الشام‬" الذي إستعرت عملياته في سوريا بعد إغتيال رفيق الحريري وإستغلال الضغط الدولي الذي تعرضت له سوريا لزيادة نشاطه في أنحاء البلاد، ما لبثت الأحوال أن تبدلت وقتها ببدء المصالحة السورية-الأمريكية و التي كان شرطها الأول التضييق على الحركات الجهادية و منع وصولهم إلى العراق، فبدأ العداء يتحول إلى الدولة السورية التي باتت بنظرهم شريكة الكفار بحربهم في العراق، إلى أن وصل تضاد المصالح ذروته في تفجير إستهدف سور فرع الدوريات بمنطقة القزاز في دمشق أيلول عام 2008، ليرتفع إيقاع العمل الإستخباراتي السوري بعده لتفكيك و إعتقال قيادات خلايا هذه التنظيمات و إنهاء حراكها دون صخب يذكر و ليبقى عناصر ومعتنقي فكر هذه التنظيمات بإنتظار فرصة جديدة و بحالة كمون حاقد ما لبث أن تنفس الصعداء مع بداية الثورات العربية .الظواهري في شريط الفيديو امس

أتت أحداث الثورات العربية لتعيد حلم القاعدة بالإمتداد شرقاً عبر أصولها و خزانها البشري الأصلي من الإخوان المسلمين ولتكون الدعوة للتظاهر التي أعلنتها جماعة الإخوان المسلمين في سوريا بمثابة الحلم لما تشكله "الشام" من أهمية في الفكر الجهادي بإنشاء دولة الخلافة الإسلامية و هذا ما دفع مجلس شورى قاعدة الجهاد لإصدار ما سموه "وثيقة_نصرة_المسلمين‬" بتوقيع أيمن الظواهري و التي يدعوا فيها إلى الإنخراط في الثورات العربية لإزالة الأنظمة العميلة بحسب تسميته .
و بناء عليه أرسلت القاعدة إحدى قيادات رعيلها الأول " محمد بهايا أبو أحمد السوري " الصديق الشخصي و المقرب من أسامة بن لادن و عبدالله عزام و أبو مصعب السوري ( إغتالته داعش لاحقاً )، ليصبح بمثابة سفير القاعدة في سوريا لجس نبض الشارع المتشدد في أرياف سوريا، و تهيئة قيادات دينية مناطقية تدعم الحراك وتحمل آيديولوجيا القاعدة و تنشره شعبياً لأسلمة الحراك في بدايته، ليأتي إعلان عسكرة الحراك بتشكيل الجيش الحر في تموز 2011 الإشارة التي أعادت الزخم للعمل الجهادي المسلح و فعلاً بدأت القاعدة بإرسال الموفدين من مخضرمي مقاتليها لتحضير و تأسيس كتائب مقاتلة تحت مسميات إسلامية تابعة إسمياً للجيش الحر و إعتماد مبدأ الفصائل المستقلة عن بعضها البعض تسهيلاً لقبولها شعبياً و إضفاءً للطابع المناطقي في أنحاء سوريا تحت إشراف منسق واحد يكون مشرفاً عاماً و منسقاً ما بين الفصائل و ما بينها و بين القيادة العامة للقاعدة و زعيمها أيمن الظواهري على أن يكون العمل سرياً و لا يحمل أي إعلان أو ربط بالقاعدة.
( راجع فيديو الظواهري الذي يكشف فيه حقيقة ما خططته القاعدة للحراك في سوريا على الرابط : https://www.facebook.com/video.php?v=10206376441229503 ) .

و ليأتي العفو العام الرئاسي الذي صدر في بداية الأحداث بتاريخ 2011/6/21 كبادرة حسن نية من السلطات السورية بإطلاق سراح مئات السجناء و الموقوفين في السجون السورية و دعوة المعارضة السورية لحوار سوري-سوري و ليكون هذا العفو بمثابة الرافد للعناصر و القيادات القاعدية و الجهادية على إختلاف أنواعها و التي تزعمت الكتائب فيما بعد و سرعان ما بدأت تظهر بشكل علني في المناطق ذات البيئة المتشددة و الحاضنة للتيارات الجهادية و الدعوية متخذة مقرات لها، سرية أحياناً و علنية أحياناً كثيرة ( شهدت حلب ظهور علني للعناصر و القيادات الجهادية في محيط منطقة مشفى الأطفال نهاية شهر حزيران 2011 و إتخاذ مقر علني لها بجانب المشفى بحسب شهادة موثقة للمحامي علاء القاضي )

في هذه الأثناء وعلى الجهة الأخرى من الحدود السورية العراقية كان تنظيم "دولة العراق الإسلامية" بقيادة أبو بكر البغدادي و مجلس شورى التنظيم قد إتخذ قرار التمدد غرباً داخل الأراضي السورية منعاً لتسرب عناصره إلى مناطق خارج سلطته والسعي لضم أكبر عدد من الجهاديين السوريين للتنظيم و بعد إتصالات مع القيادة العامة للقاعدة و زعيمها الظواهري تم الإتفاق على إرسال قيادي يختاره البغدادي إلى سوريا ليقوم بإنشاء تشكيل عسكري رديف من الفصائل الصغيرة التي بات ولاءها واضحاً للنزعة الجهادية العنفية، على ألا يكون عراقياً و فعلاً فقد وقع الخيار على عضو مجلس شورى دولة العراق الإسلامية أبو محمد الجولاني و تم إيفاده و مجموعة من القيادات الجهادية السورية للداخل السوري و بدأت عملية تجميع الكتائب الجهادية و عناصرها المتشددة تحت راية التنظيم الجديد و ليكون بمثابة الوعاء الذي جمع المجموعات الجهادية السورية الصغيرة في سبيل تشكيل جبهة منسجمة منهجاً و عقيدة تقود العمل العسكري في الأراضي السورية .(الخلاف ما بين النصرة و داعش كشف أن البغدادي هو من إنتدب الجولاني و سلحه و موله بل و مده بالمقاتلين لإنشاء الجبهة )

و ليبدأ الجولاني بعمليات نوعية للفت نظر بقية الكتائب و الحاضنة الجهادية لجذب الكتائب الفاعلة عسكرياً على الأرض و حضها للإنضمام إليه، حيث قامت بسلسلة من التفجيرات الإنتحارية في المدن السورية و التي كان أبرزها تبني التفجير الإنتحاري لمبنى إدارة أمن الدولة بمنطقة كفرسوسة في دمشق بتاريخ 2011/12/23، و تفجير الميدان بتاريخ 2012/1/6 ماقبل بيان جبهة النصرة الأول و الذي تم فيه إعلان تأسيسها رسمياً من قبل الجولاني في 2012/1/24 و الذي إدعت بوقتها المعارضة السورية أن النصرة تابعة للمخابرات السورية لإبعاد الشبهة الإرهابية عنها بل تعدت ذلك بأن إدعت أن أبو محمد هو نفسه اللواء علي مملوك مدير جهاز الأمن القومي في وقتها ( راجع تصريحات فراس طلاس وحكم البابا)

إستمرت جبهة النصرة بما تم تخطيطه ملتزمة بقرار قيادة القاعدة بعدم التصريح بما يدل على إرتباطها بتنظيم القاعدة و بدأت قاعدتها الشعبية بالإتساع و بتنسيق مع المجموعات الرديفة التي أنكرت تابعيتها للنصرة مثل أحرار الشام (التي أغتيلت قياداتها) و ذلك منعاً لتعميم أي مصاب قد يأتي على إحدى التنظيمات.
وقد توسع نفوذ الجبهة في كل المناطق السورية و بدأت العلاقة مع القيادة تتخذ منحى المباشرة دون العودة لمرجعية العراق حيث تم تهميش البغدادي في الشأن السوري مما أثار حنق قيادة تنظيم دولة العراق الإسلامية و ليتحول الخلاف الداخلي إلى محاولة ترويض علني من قبل البغدادي لجماعة الجولاني بإعلانه حل جبهة النصرة و دمجها تحت المسمى الجديد تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق و الشام" ببيان البغدادي في 2013/4/9 الأمر الذي رفضه الجولاني في اليوم التالي معلناً بيعته العلنية للظواهري للحفاظ على أحقيته بقيادة جبهة الشام مطالباً البغدادي بقبول التحكيم و الذي أتى لاحقاً في بيان لأيمن الظواهري بتاريخ 2013/6/9 بإلغاء الدمج الذي أقره البغدادي و الطلب منه الإلتزام ضمن مساحة الأراضي العراقية و الإبقاء على الجولاني مسؤولاً عاماً لجبهة النصرة لأهل الشام كممثل القاعدة الرسمي في سوريا .
و على إثره أعلن عصيان البغدادي للظواهري و بدأ الصراع بينه و بين الجبهة التي إعتبرها من الخوارج و ليستمر الإقتتال فيما بينهم حتى اليوم .

إشكال البيت الداخلي و الحرب السلطوية السياسية أدت إلى شرخ عمودي في جسم القاعدة الأم وهو من أجبر كل الجهات القاعدية العاملة في الحدث السوري للخروج عن منهج التقيّة بالتبرؤ من القاعدة و إدعاء الثورية السورية ضمن فكر جهادي قد يتشابه و الفكر القاعدي و لكنه بحسب ما خطط أن يكون أقل غلواً ودموية لخصوصية الشام و عقلية المجتمع السوري عموماً الرافض للفكر التكفيري المتسم بالتشدد على أن ينتقل العمل الجهادي من مستوى إلى مستوى أعلى منه (مع كل تمكين جديد).

هذا الصراع والخلاف الداخلي هو ما أجبر شياطين جبهة النصرة على إعلان تابعيتها للقاعدة، و هذا ما أحرج الحلف الأمريكي و أجهض مشروعه بإنشاء جيش موحد للمعارضة السورية و جعله يستدرك تسليح المعارضة السورية حتى بعد تخصيص الدعم و التسليح لإكذوبة الكتائب المعتدلة التي لا تلبث عند أول خلاف الكشف عن الوجه الحقيقي لها بأنها إمتداد مخفي للقاعدة في بلاد الشام و هو ما يفسر إستماتة الحلف لإجبار النصرة و دفعها لفك إرتباطها بالقاعدة لأن الحقيقة التي لا يستطيع إنكارها أي جهاز إستخباراتي حول العالم تقول أنه لولا القاعدة لما كان هناك ما يسمى بعمل عسكري اليوم ضد السلطات السورية و لن تعود أسطورة الجيش السوري اللحدي الحر تنطلي على عاقل أو مغفل حتى.

سيستمر الكشف أول بأول عن شيطانية هذه الثورة القذرة منذ نشأتها و حتى يوم وأدها في نهاية الحرب السورية المستعرة عند أول تسوية سياسية تبرم ما بين الحلفين المتصارعين.

التعليقات

يطلب الكاتب ملاحظات القراء على ما يسميه هنا "توثيقا"، وما أعتبره شخصيا جرعة زائدة من البروباغاندا عالية التأثير لدرجة أنها استفزتني للرد عليها. هذه المادة تمثل توثيقا لبروباغاندا إرهابيي الناتو كما أطلقتها وسائل إعلامهم. وأخطر ما فيها أن النص يتبنى بروباغاندا الاحتلال الأمريكي للعراق التي تقول أن إرهابيي الناتو في العراق كانوا جزءا من المقاومة العراقية، في حين تقول الوثائق التاريخية للمقاومة العراقية وللضباط الأمريكان أن عملية الزرقاوي كانت عملية إعلامية أمريكية تهدف بشكل أساسي إلى الإيحاء للعراقيين أن المقاومة إرهابية وتستهدفهم ولا تستهدف الاحتلال. في مقابلة له خلال الأزمة لم ينف (أو يؤكد) الرئيس الأسد دعم المقاومة العراقية، وميز بشكل واضح بينها وبين إرهابيي الناتو في العراق. أنا لا أعرف إن كان هذا الدعم المفترض رسميا أو عبر غض الطرف، ولا أستغرب (لأنني لست متأكدا) أن يكون الراحلان كفتارو أو البوطي قد أفتيا بدعم المقاومة العراقية، ولكنني أستغرب أن لا يميز النص بين دعم المقاومة العراقية ودعم إرهابيي الناتو. ثم يحمل السلطات السورية مسؤولية عن استهداف ارهابيي الناتو لبلدنا لأن الحكومة السورية غضت الطرف عن دعم المقاومة العراقية شعبيا. كل ما يصدر عن ما يسميه النص "المواقع الجهادية" هو بروباغاندا موجهة وتهدف لغسيل أدمغة من تستهدفهم، ولا يمكن أن تعتبر على أنها حقيقة أو أن تعامل كوثيقة تدل على أي شيء آخر سوى أنها بروباغاندا. عندما يصدق أي شخص ما تقوله المواقع الجهادية يمكن أن يخلص إلى النتيجة الحتمية لهذه البروباغاندا، ويقول لنا أن المقاومة العراقية كانت نواة تنظيم القاعدة في العراق. وما يخلص إليه بعد ذلك من استنتاجات لن يزيد قيمة على ما سبق. أتمنى أن يستعيد الجمل نشاطه وقوته في هذه المفازة الطويلة، ويتمكن من اختيار ما يحمله من مواد لقرائه، فالجمل بما حمل يا صاحب الجمل. (الجمل): اختلاف الرأي لايفسد الود ياعزيزي ، والمحرر مجتهد في متابعة التكقيريين ومطلع على وثائقهم السرية وليس مجرد متابع لمواقعهم الإلكترونية، وماقلته أنت وهو يمثلان رأيان موجودان داخل التيار العلماني المناهض للسلفية..سرني مرورك و دمت بخير يا أيهم

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...