الأسد ..لن يرحل

26-12-2015

الأسد ..لن يرحل

الجمل ـ ترجمة رنده القاسم: إنها الحقيقة التي يجب أن يعتاد الغرب عليها ...الأسد لن يرحل... و ليس السبب أن روسيا و إيران تريدان ذلك، بل لأنه خيار السوريين...   بالصور.. بشار الأسد وزوجته يفاجئان رواد كنيسة دمشق لمشاركتهم الاحتفالات بعيد الميلاد
يوم الأحد (20  كانون الأول) ذهب الرئيس السوري بشار الأسد و زوجته أسماء إلى حفلة موسيقية في دمشق بمناسبة عيد الميلاد.. و بالنسبة للكثيرين  في الغرب،  كانت  صور بشار و أسماء، و هم يعانقون و يتلقون العناق من الأطفال الصغار و الرجال الكبار و النساء الشابات ،لتسبب لهم على الأرجح الذعر أو السكتة الدماغية لو أنهم شاهدوها..
و لكن هذا لن يحدث  مع ممارسة الإعلام الغربي واجبه المتمثل بحماية شعبه من هكذا مشهد يسبب قلب الأمور رأسا على عقب  و ما ينتج عنه من اختلال عام.. لذا لا يقلق هذا الإعلام حيال تغيير فكرة شعوبها  نحو الأفضل حول القائد السوري، فهذا ببساطة غير ممكن الحدوث، كما هو  من غير الممكن تغيير رأي السوريين بالرئيس الأسد...
تمتلك وسائل الإعلام الغربي معايير غريبة ، و غالبا ما ترى أنه من الضروري إخفاء صورة الأشخاص الخطأ. فمثلا عندما ظهر مشهد فيديو للمتمرد "آكل القلب" سيء السمعة، لم يتم تمويه وجهه لإخفاء هويته و إنما جسد الجندي السوري المسكين الذي قام "مقاتل الحرية" للتو بانتزاع قلبه...
و الدليل على أن القليل قد تغير بعد عامين من هذا الحدث (الذي كان يجب أن يغدو بمثابة صيحة لتوقظ الجماهير الغربية الهاتفة للجيش السوري الحر) هو أننا رأينا تكرارا له فقط قبل أسابيع إثر إسقاط طائرة روسية من قبل تركيا.. ففي مشهد صادم بعمق ،لاحتفال المتمردين الأتراك فوق الجسد المدمى للطيار الروسي الذي قاموا للتو بقتله، اختارت وسائل إعلامنا حمايتنا من معرفة هويته. و تلك الوسائل ، مثل CNN Turk و Fox News، لم تشعر بوخز الضمير حيال الكشف عن هوية قائد المجموعة رغم كونها تفسد روايتهم بأسرها مع تحديد أنه ليس سوريا بل مجرد "متمرد معتدل"..
و في هذا محاكاة لقصة آكل الأحشاء الذي التقاه باول وود من ال BBC ، بل و حتى مُنِح فرصة ملائمة للتعبير عن معتقداته بأن "علويو بشار " يجب أن يواجهوا نفس مصير ضحيته...
إذا تمكنا من معرفة كيف بحق السماء تستمر هذه الروايات المضللة و الكاذبة عن الرئيس بشار الأسد و طبيعة الحرب السورية ، عندها سنبحث في لب الصراع. ربما السذاجة الكبيرة لهذه الرواية هي المفتاح، مع كونها قادرة بسهولة على الاستحواذ على عقول الجماهير الغافلة،فلا يوجد أي قدر من المناقشة أو الاستنتاج أو حتى دليل رأوه بأعينهم قادر على إزاحتهم عن التفكير الجمعي...
إنها ليست رواية بسيطة فحسب بل ساذجة كما تلك التي في القصص الخرافية .."كان يا ما كان..كان هناك طاغية كبير و سيء جدا جدا يعيش في قلعة قديمة مع عائلته البغيضة، و يمطر النيران على أتباعه المشؤومين الذين لا يريدون سوى الحرية في ممارسة معتقدهم".... و هي فعلا رواية خرافية، فعائلة بشار الأسد علويون مسلمون ، كملايين آخرين في سوريه،  و ملايين كثر عبر الحدود في تركيا. و لكن سوريه كانت و لزمن طويل تفخر بمجتمعها العلماني، الجمهورية العربية السورية، حيث لا تفريق بين الديانات و الطوائف المختلفة..و قبل  خلق التوترات الطائفية، من قبل متمردين مسلحين مثارين من الخارج ، لم يكن الكثير من السوريين يعرفون أو يهتمون بمعرفة الانتماءات الدينية فيما بينهم، كما الحال في الديمقراطيات العلمانية الغربية...
و لتأكيد الطبيعة العلمانية للمجتمع السوري، و خلافا للروايات الغربية الخرافية السائدة، نقول بأن الانتماءات الدينية لكل من أعضاء الحكومة و الجيش تعكس بشكل واسع المجتمع برمته، مع كون الغالبية مسلمين سنه..... و إضافة لقيادة الحكومة غير العلوية.. كان الرئيس الأسد المثال مع كون زوجته أسماء سنية ...
و مقارنة بالاهتمام الذي أعطي لمباحثات السلام و الخطط من أجل حل سياسي للصراع السوري من قبل الحكومات الغربية و وسائل الإعلام و المنظمات غير الحكومية خلال السنوات الأربع الماضية، نجد أن قرار مجلس الأمن خلال الأسابيع الماضية، مع وضع خريطة طريق لمستقبل سوريه، قد حصل على اهتمام قليل بشكل مفاجئ. .. و التفاصيل الحقيقية لما تم الاتفاق عليه حصلت على اهتمام أقل، و يمكننا تخيل أن هذا إلى حد بعيد بسبب اتفاق بعض الأطراف بالإكراه  مع اشمئزازها من الاعتراف بأنها قد وافقت فعليا على خطة رفضتها في السابق...
و لتضليل حقيقة الخطة الجديدة، لم تبدد وسائل الإعلام أي وقت من أجل العودة للعناوين المعتادة مثل: "روسيا تقصف متمردين معتدلين عوضا عن الدولة الإسلامية" ،" روسيا تقوم فقط على دعم الأسد" ،"الأسد يقتل الأبرياء ثانية". و لكن لدينا أيضا تأويلات جديدة لما تم الاتفاق عليه حتى قبل أن يجف الحبر على الورق، و قبل أن يملك كيري الوقت ليناقض ما قاله أخيرا...
و واحدا إثر الآخر ، عاد قادة و ممثلو الولايات المتحدة و المملكة المتحدة و ألمانيا إلى العبارات المألوفة : "الأسد فقد كل شرعيته" ،"الرجل الذي قتل شعبه لا يمكن أن يكون قائدا"، " لا يمكن أن يكون الأسد جزءا من الحكومة الانتقالية، يجب أن يغادر أولا". و لكن كيف نسوا سريعا العبارة التي كرروها بأن السوريين يجب أن يختاروا من يحكمهم؟؟ و هذا بالطبع ما قاله سيرجيه لافروف و فلاديمير بوتين و بشار الأسد نفسه منذ سنوات... و السوريون قد قرروا فعليا أن الأسد هو ذاك الرجل، الآن و مستقبلا ، الذي سيساعد على إعادة بناء المجتمع الذي عمل كثير لإنقاذه من الجيوش الإرهابية لحلفاء الغرب..
السوريون يعلمون أن بقاءهم بسبب الأسد لا رغما عن الأسد...

عن موقع Information Clearing House

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...