سيناء: «داعش» يضرب برغم الاستنفار الأمني

25-11-2015

سيناء: «داعش» يضرب برغم الاستنفار الأمني

لا هدف متوقعاً في الزمان والمكان أكثر من الفندق الذي ينزل فيه القضاة المشرفون على الانتخابات البرلمانية في شمال سيناء.
ومع ذلك فقد وقع الهجوم الذي كان يتوقعه كثيرون، ولم تفلح الاستعدادات الأمنية في منعه، وإن كانت تمكنت من خفض تكلفته.
اختيار وقت الهجوم كان بديهياً، خلال المرحلة الثانية والأخيرة من الانتخابات البرلمانية. والمكان أيضاً متوقع، وهو مدينة العريش في شمال سيناء، حيث ينشط الفرع المصري لتنظيم «الدولة الإسلامية ـ داعش»، وبالذات الفندق الذي يقطنه القضاة المشرفون على الانتخابات.
ومع توقع الزمان والمكان كانت الاستعدادات الأمنية مبكرة ومحكمة بالفعل... ومع ذلك وقع الهجوم.
وبحسب بيان المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية فإن سيارة تقدمت نحو الفندق ففتحت العناصر الامنية المكلفة حراسته النار عليها، ما أدى إلى انفجار السيارة ومقتل العنصر الارهابي الذي كان يستقلها.
وبرغم الانتشار الأمني تمكن عنصر آخر من التسلل وتفجير نفسه في صالة تجهيز الطعام في الفندق، كما تمكن آخر من اقتحام إحدى غرف الفندق، وإطلاق النار فيها، ما أدى الى مقتل أحد القضاة.
الحصيلة النهائية للعملية كانت مصرع منفذيها الثلاثة، واستشهاد القاضي عمر حماد وجنديين، بالإضافة الى إصابة 12 من الشرطة والقوات المسلحة والمدنيين.
وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية «ولاية سيناء» تبنيه للعملية.
العملية التي جاءت في زمان ومكان متوقعين، وبرغم الاستعدادات الأمنية غير المسبوقة، تطرح العديد من الأسئلة عن احتمال وجود ثغرات أمنية ينفذ منها المتشددون في سيناء.
ويقول الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية أحمد بان لـ«السفير»: ان «مراجعة الإجراءات الأمنية خلال الاستحقاقات السياسية أو المناسبات التي يتوقع فيها حدوث هجمات إرهابية، تظهر ان هناك رفعاً لدرجة الاستعداد قبل المناسبة ويستمر حتى نهايتها، لتحدث بعدها حالة من الاسترخاء الامني».
ويضيف «أعتقد أن هجوم العريش وقع في لحظة الاسترخاء تلك، وهي ثغرة متكررة في إجراءات الأمن».
ويشير بان الى ان «الفندق الذي يقيم فيه القضاة المشرفون على الانتخابات في العريش هو هدف مثالي للجماعات الإرهابية، وكان يجب أن يكون أيضا هدفاً مثالياً للتأمين والاحتياطات، وهو ما يجعلنا نسأل عن مراجعة إجراءات التأمين، ومحاسبة المسؤولين عن الثغرات التي تنفذ منها العمليات الإرهابية».
ويلفت بان الانتباه الى انه «على مدى العامين الماضيين، لم نسمع عن محاسبة مسؤول بسبب التقصير أو الخطأ، ومع ذلك فإنّ العمليات الإرهابية مستمرة».
ويرى بان ان «هناك قصوراً واضحاً في المراجعة والمحاسبة، وأيضا هناك قصور في تطوير الإجراءات والأدوات الأمنية».
ويضيف بان «يمكن القول إن الجماعات الإرهابية تلقت ضربات موجعة في سيناء، ولكن ذلك لا يبدو أنه أضعفها. فتنفيذ عملية كتلك في لحظة استنفار تشير إلى نقاط ضعف وثغرات أمنية، وتشير أيضا إلى قدرة عناصر الجماعات الإرهابية على التحرك، في وقت انتشار واسع ومكثف لقوات الأمن»، معتبراً ان هذا الامر «يبعث على التساؤل عما إذا كانت الجماعات الإرهابية تجد حاضنة هناك، وتتلقى دعماً لوجيستياً، وعن حجم الثغرات التي تنفذ منها تلك الجماعات».
ولا يتوقع بان أن تؤثر العملية الارهابية على جولة انتخابات الإعادة في شمال سيناء، إذ يشير الى ان «الإقبال على التصويت في شمال سيناء، والذي وصل بحسب التقارير إلى 44 في المئة، لا يرتبط بموقف سياسي بقدر ما يرتبط بالبعد القبائلي والعشائري. وهو يمكن أن يتكرر في جولة الإعادة بغض النظر عن الهجوم. وقد تحجم بعض القطاعات عن التصويت ولكنني أتوقع أن تشهد جولة الإعادة إقبالا مشابها للجولة الأولى».
الهجوم على الفندق الذي يقطنه القضاة في العريش جاء بعد يومين من التصويت الذي شهد إقبالاً ملحوظاً، زاد عما شهدته المرحلة الأولى. وهو ما أرجعه مراقبون الى تزايد استخدام الرشى الانتخابية في المرحلة الثانية، وهو ما يمكن تلمسه في الشكاوى العديدة التي وصلت الى اللجنة العليا للانتخابات بشأن خروقات يتعلق قسم كبير منها باستخدام المال الانتخابي.
وتم التصويت في المرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية المصرية في 13 محافظة، على مدار اليومين الماضيين. وتنافس فيها 2872 مرشحاً على 222 مقعداً في 102 دائرة انتخابية. بينما تنافست أربع قوائم تضم 195 مرشحاً على 45 مقعداً في دائرة القاهرة، بينما تخوض قائمة «في حب مصر» الانتخابات من دون منافس على 15 مقعدا في دائرة شرق الدلتا.
وفي حين بدت اللجان الانتخابية خالية من المصوتين في المرحلة الأولى، شهدت المرحلة الثانية ارتفاعا في نسبة التصويت، خاصة في الدلتا.
وقررت اللجنة العليا للانتخابات إلغاء مؤتمرها الصحافي، للإعلان عن نتيجة تصويت المصريين في الخارج، والذي كان مقررا عقده مساء أمس بسبب الهجوم الذي لقي القاضي عمر حماد فيه مصرعه.
وتشير مؤشرات الفرز الاولية إلى فوز قائمة «في حب مصر» في القاهرة، وكذلك في دائرة شرق الدلتا، التي لم ينافسها أحد فيها. بينما ستجري جولة إعادة على غالبية المقاعد الفردية إذ لم يحسم منها سوى تسعة مقاعد فقط.
ومن المقرر إجراء جولة الإعادة ابتداء من يومي 30 تشرين الثاني و1 كانون الاول للمصريين في الخارج، بينما تجري يومي 1 و2 كانون الاول في الداخل.
وتنعقد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد في الأسبوع الأخير من كانون الاول.

مصطفى بسيوني

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...