وثائقي «أيقونة الفرح»: طيف صباح هائم في بيروت

24-11-2015

وثائقي «أيقونة الفرح»: طيف صباح هائم في بيروت

يبدو طيف صباح (1927 ـ 2014) قلقاً وحائراً عند دخوله إلى بيتها. يمشي بخطىً وجلة، تلاحقه الكاميرا متلصّصة على أفعاله البطيئة، ومقتفية أثر الشحرورة بين الغرف. من خلال نقلات الطيف الهائم بين غرف البيت، يكشف العمل الوثائقي الدرامي «أيقونة الفرح ـ تحية إلى صباح» (52 دقيقة/ إنتاج «شركة النبلاء»)، تاريخ الصبّوحة ومسيرتها.
يكشف الباب الأول لإحدى الحجرات عن عازف عود يعزف إحدى أغنياتها، ثمّ عن شابة ترسم بورتريه لها. ينتبه الطيف لرسائل قديمة، وفونوغراف يلمسه الطيف، فينطلق صوت الشحرورة، مغيّراً من مزاج الطيف وسلوكه، وصولاً إلى ألبومات صور وآلة عرض سينمائي (35 ملم) بقربها بكرات لأهم أفلام صباح منها «أختي ستيتة»، و «القاهرة في الليل»، و «ثلاث نساء»، و «شمعة تحترق»، و «سرابي».سالي بسمة في لقطة من العمل
نتعرّف في «أيقونة الفرح» لمخرجه وكاتبه نضال قوشحة على «كنز الأسطورة» بالأبيض والأسود، في محاولة لمقاربة روح الزمن الجميل، ومحاكاة شخصية الراحلة أثرت المكتبة العربية بمئات التسجيلات الغنائية والمسرحية والسينمائية.
يعرض الوثائقي للمرّة الأولى عند السادسة مساء 28 تشرين الثاني الحالي، على مسرح الأونيسكو (بيروت)، بحضور عائلة الراحلة. يطلّ الوثائقي على شخصيات أثّرت في حياة الصبوحة، مستعيراً شواهد موسيقية وغنائية عنها من خلال أربعة من أبرز فناني وشعراء لبنان هم وديع الصافي، وروميو لحود، ومنصور الرحباني، وطلال حيدر.
تؤدّي الممثلة اللبنانية سالي بسمة دور صباح في الفيلم الذي يلجأ إلى إعادة خلق بعض المحطّات من حياتها، نمرّ خلالها على أسماء فنانين عملت معهم مثل أنور وجدي، ويوسف وهبي، وشادية، إضافةً إلى أهم الملحنين الذين تعاونت معهم مثل محمد القصبجي، ورياض السنباطي، وكمال الطويل، وسهيل عرفة وآخرين.
يقول مخرج العمل نضال قوشحة لـ «السفير»: «هناك توثيق على مستويين من المَشاهد، الجزء الأول مصوّر، والجزء الثاني منتقىً من الأرشيف، ويضمّ مشاهد ستعرض للمرّة الأولى». يفضّل المخرج السوري عدم الإفصاح عن اسم المصدر الذي زوّده بالمادّة الأرشيفيّة النادرة، ويقول: «حصلتُ عليها من رجلٍ كان على علاقة روحانية خاصة مع صباح، وكانت تعتبره ابناً لها وتعامله معاملة الأُم لولدها، وهو بدوره كان مهووساً بفنها، مُطارداً لكل مقابلاتها في الإعلام، وجامعاً أميناً لكل صورها ورسائلها ولقاءاتها في المجلات الفنية العربية. ومنه حصلنا على تسجيلات نادرة وشرائط سينمائية وفيديو وأغراض شخصية وإكسسوارات تعود ملكيتها للراحلة الكبيرة، وظّفت في الفيلم لإضفاء المصداقية عليه».
انطلق المشروع بـ «مزحة» من لينا مسعود منتجة الفيلم، قبل شهرين من موعد العرض. يقول قوشحة: «فكرة أن ننجز فيلماً عن شخصيةٍ بحجم الفنانة صباح خلال فترة لا تتعدى الشهرين، وقبل ذكرى رحيلها السنوي الأول في 26 الجاري فعلاً مغامرة، لكنّ «المزحة» تحولت في ما بعد إلى عملٍ جاد».
حرض قوشحة على الابتعاد عن تقديم صورة نمطية في شكل الأفلام الوثائقية حيث يسير الشريط وفق مواضيع محدّدة مثل المولد، والوفاة، والسفر، والزواج، والطلاق... «في هذا الفيلم لم يكن الأمر كذلك، فلقد عملتُ على بنية روائية حكيتُ من خلالها قصة طيف يمثّل الفنانة الراحلة، يدخل إلى مكان (بيتها) المليء بالصور والأشياء الخاصة بها، والتي تمثل ذكرياتها وتفاصيل عملها الفني؛ وكيف تبددت الحالة النفسية لهذا الطيف، حين دخوله المكان بقلق وحالة الفرح حين خروجه منه. ببساطة حاولتُ أن أخلق حالة شجن، بين فن الراحلة صباح وجمهورها العاشق لفنها».
تؤدّي سالي بسمة دور الطيف، وتتحدّث من دمشق عن التجربة بشغف كبير. «هذا الفيلم هو أول تجربة سينمائية لي بعد تخرجي من قسم التمثيل في الجامعة اللبنانية، وكانت صعبة للغاية كوني اشتغلتُ على الحالة الأثيرية لطيف السيدة صباح، وفق حساسية خاصة للغاية اعتمدتُ فيها على معايشة يومية لشخصية الشحرورة. كنتُ أريد أن أعرف أكثر عنها؛ كيف تمشي كيف ترقص، حركة يديها، تمايل جذعها، أصابعها، سلوكها الحركي بالمجمل، وهذا ما جعلني أتعلق كثيراً بشخصيتها، وأثّرت بي للغاية». تتابع: «لقد اخترنا صباح التي عرفها الناس وليست شخصيتها في الحياة الخاصّة. كانـت شخــصية معطاءة، يجب أن يتذكرها هذا الجيل الذي لم يعش زمنها، ولهذا عملت مع مخرج الفيلم على التفاصيل الصغيرة لشخصيتها، خصوصاً طريقة أدائها على المسرح، وكيفية تعاملها مع الجمهور».
تقول منتجة الفيلم لينا مسعود لـ «السفير»: «صباح فنانة لبنانية وعربية، وهي رمز لشموخ لبنان وأصالته وفنه. وكان رحيلها خسارةً كبيرةً في الفن العربي عموماً واللبناني خصوصاً. عرفت صباح منذ طفولتي وكنت وما زلت من محبيها، وبعدما اشتغلت الفيلم صرت من الشغوفات بها. كان هدفي من إنتاج «أيقونة الفرح» تكريس قيم إنسانية وفنية عليا تربينا عليها في شخص هذه الفنانة الكبيرة، ذلك أن صباح لم تكن فنانة فحسب بل إنسانة تعيش هموم الآخرين وآلامهم مادةً يد العون للجميع، وإن كانوا مختلفين عنها».

 & يعرض وثائقي «أيقونة الفرح ـ تحية إلى صباح» عند السادسة مساء 28 تشرين الثاني الحالي في قصر «الأونيسكو»/ بيروت

سامر محمد اسماعيل

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...