دمشق: لقاء الرياض لا يمثل اختراقا في العلاقات

03-08-2015

دمشق: لقاء الرياض لا يمثل اختراقا في العلاقات

خفضت السعودية طموحاتها في الحرب السورية، وأبلغت الجانب السوري أن مستقبل الرئيس بشار الأسد لم يعد يشكل تحديها الحقيقي، مستعيدة التحدي الأساس في السياسة السعودية المشرقية وهي المشكلة الإيرانية.
وأبلغ مسؤولون سعوديون مسؤولاً سورياً رفيع المستوى، ذكرت وسائل إعلام أنه رئيس مكتب الأمن الوطني علي مملوك، بأن مشكلة السعودية الحقيقية في الحرب السورية والمنطقة، هي «العامل الإيراني والنفوذ العسكري لحزب الله» إقليمياً.
وشكلت الزيارة واللقاء اليتيم اللذان أشرف على إتمامهما وتنظيمهما الروس، أول اتصال بين الجانبين منذ أربعة أعوام تقريباً، إلا أن جوهره في الواقع لم يختلف عما بنت الرياض سياستها عليه في سوريا، وهو منافستها الشديدة مع إيران، ولكن بشكل أكثر شراسة ووضوحاً.أطفال يلهون في قرية داعل في ريف درعا أمس الأول (رويترز)
ولم يقبل مسؤولون سوريون،  اعتبار اللقاء، رغم أهميته، «خرقا» في كسر «حالة الانقطاع، لا العداء» القائمة بين الطرفين، مقللة من إمكانية البناء عليه، على الأقل «وفقا لنتائج اللقاء التي تركزت على توضيح رؤى ومصالح كل طرف ما زال لقاؤهما يبدو مستحيلاً».
ورغم أن المسؤولين السعوديين تحدثوا «بصراحة» عن أن «موضوع الرئيس الأسد ومستقبل حكمه في سوريا ليسا عقدة في سياستهم»، وان السياسة الحالية ليست «شخصية أو موجهة ضد شخصه»، إلا أنهم كانوا أكثر وضوحا في أهدافهم التي تلخصت «بإنهاء التحالف مع طهران، وقطع حبل السرة مع حزب الله».
وتنفيذ الطلبين «استحالة بدوره»؛ ويشرح أحد المصادر أن «الشرطين، بعلم صاحبهما، مستحيلان، وبالنسبة لنا فإن الأمر ذاته، فالانقلاب الإقليمي من الجبهة السورية» الذي طرحته الرياض كمقدمة لتغيير موقفها، ولو باستدارة بطيئة، هو «أشبه بسقوط في فراغ لا نهائي بالنسبة إلى سوريا، ولا يمكن قياس نتائجه السلبية».
ويصعب على مَن في دمشق تخيل المرونة السعودية المحتملة بعد اللقاء الاستثنائي، في الرياض، والتي يمكن أن تنعكس على مجريات الحرب السورية، أو تسوياتها. ويفهم المسؤولون السوريون أن قبول الرياض بحصول اللقاء «إشارة جيدة»، لكن دون رفع الآمال حتى إلى حدود التفاؤل الدنيا.
ومن دون حصول اتفاق، حتى على تعاطٍ مختلفٍ من الناحية الإعلامية، يميل السياسيون في دمشق، لا سيما في الخارجية، إلى الدعوة للتقليل من استفزاز السعوديين، ولكن دون أن يصبح هذا منهجاً عاماً بعد، وهو ما تبين من خطاب الرئيس السوري، الأسبوع الماضي، حين أشار الى «العربان» والتي غالباً ما يعني بها السعوديين.
وبنظر محللين، فإن اللقاء الأول يمكن أن يقود إلى لقاء ثانٍ، و«في السياسة كل شيء ممكن»، إلا أن التشاؤم يبقى في ثنايا كل حديث، لا سيما أن فشل إمكانية تقارب سعودي ـ سوري سيعني بالتالي «تصعيدا شرسا»، وسيعني «تقاربا أكبر بين السعوديين من جهة والأتراك والقطريين» من جهة أخرى.
بل إن المسؤولين السعوديين لم «يبخلوا بالنصيحة بعدم التجريب مع الأتراك، سواء لنظرائهم الروس آو لضيف الزيارة الواحدة السوري»، انطلاقاً من فهمهم بأن «الموقف التركي لن يتغير بظل نفوذ الرئيس التركي رجب طيب اردوغان». ونفى مسؤولون سوريون،  بدورهم، «أية اتصالات على أي مستوى» مع الجانب التركي، «سواء الآن أو سابقاً»، مشيرين إلى أن «العلاقة مع الأتراك هي إما سيئة أو أسوأ».
ويراقب السوريون عن كثب بالطبع «التحول» في السياسة التركية في الشمال السوري، تجاه كل من الأكراد وتنظيم «داعش». وبحث الجانبان السوري والعراقي، الأسبوع الماضي، احتمال شروع الأتراك بتنفيذ تهديداتهم بـ «إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا، وذلك خلال الزيارة التي قام بها مستشار الأمن الوطني العراقي فالح الفياض إلى دمشق، ونقل فيها رسالة، أشيع أنها أميركية، «تؤكد حرص الولايات المتحدة على وحدة الأراضي السورية» بالرغم مما في السياسة الأميركية تجاه الشمال السوري من تناقضات.
ويتلخص الطموح التركي، وفقا لما يفهمه خصوم أنقرة، إلى جانب الموقف «الشخصي تجاه النظام وشخص الرئيس السوري» لاردوغان، بالبعد المذهبي، والذي يرغب الأتراك في رؤية امتداده في «المنطقة الآمنة المزمعة»، ويلتقي مع السعوديين بمحاولة تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، وصولا للعقدة التركية المتمثلة في النفوذ الكردي المتنامي على حدودهم، لا سيما من قبل «وحدات حماية الشعب» و «حزب الاتحاد الديموقراطي».
لكن «لا يستطيع أحد التنبؤ بشكل الشمال وتقاسم النفوذ فيه» برأي أحد المسؤولين، وهو المنطقة التي حازت لقب «الشمال المتوحش» نظرا لكثرة الفصائل والتحالفات والمصالح المتناقضة بين الإسلاميين المتطرفين والأكثر تطرفاً، و «المعتدلين»، وفصائل «الجيش الحر»، وفصائل الأكراد والجيش السوري وحلفائه، من دون نسيان «داعش» وحلفائه أو المتعاطفين مع التنظيم. «لذلك، تصبح محاولة تخيل المشهد في الشمال، سواء نجح الأتراك أو فشلوا، أشبه بلعبة ذهنية مثيرة مليئة بالاحتمالات» ستنعكس «إقليميا من دون أدنى شك».
الشيء المؤكد الوحيد حتى الآن أن السوريين لم يشعروا أن الرياض، يمكن أن تكون جزءا من تحالف دولي ضد الإرهاب، لا سيما إنْ ضَمَّ هذا التحالفُ طهران. وفي الموضوع السوري، لا تشكل «إيران ورقة منفعة سياسية» بالنسبة لدمشق، وكذا الأمر دمشق بالنسبة إلى طهران».

زياد حيدر

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...