«مهرجان قوس قزح».. توحيد الدبكة السورية

03-08-2015

«مهرجان قوس قزح».. توحيد الدبكة السورية

امتزجت خطوات الراقصين من عرب وكرد وسريان وأرمن وشركس وآشوريين على خشبة مسرح الدراما في «مهرجان قوس قزح (الذي قدم في دار الأوبرا السورية)؛ فعلى امتداد خمسة أيام من عمر الدورة الأولى لهذه التظاهرة؛ تمكن حشد من العازفين والمغنين والراقصين الشعبيين من توحيد «الدبكة» السورية عبر لقاء اعترفت به المؤسسة الثقافية الرسمية للمرة الأولى بالتنوع الثقافي للبلاد.من مهرجان قوس قزح سورية على مسرح الأوبرا
هذا الاعتراف من وزارة (الثقافة السورية) ترك المجال بدوره واسعاً لحضور شرائح جديدة من الجمهور؛ لاسيما أن الفرق المشاركة لطالما كان لها سمعتها الطيبة في مجتمعاتها المحلية؛ فمن أنشطة كانت هذه الفرق تقتصر فيها على الاحتفال بأعياد النوروز والحداد الشركسي والشهيد الأرمني ورأس السنة الآشورية (أوكيتو)؛ إضافةً إلى حفلات الأعراس والطقوس والشعائر والعبادات الوثنية الأولى؛ جمع مهرجان «قوس قزح سورية» هذه المرة خلاصة الجمل الحركية الأولى؛ التي راكمتها هذه الفرق كدليل على حقيقة البلاد الحضارية، ووجودها السحيق كأنساق ثقافية ولغوية حية.
الكرنفال الذي افتتحته فرقة (التخت الشرقي) بإدارة الفنان نزيه أسعد؛ جنباً إلى جنب مع فرقة (أجيال للمسرح الراقص) حفل بالكثير من اللوحات الشعبية الراقصة؛ التي أعادت بدورها صورة (القوال) الشعبي إلى واجهة المشهد الغنائي للبلاد؛ حيث تبدى ذلك في حضور «الدبكات السورية» كميزان إيقاعي استمد رقصاته من فرح الفلاحين بمواسم الحصاد وطقوس العرس والعزاء وقطاف الزيتون والقطن على امتداد أرياف البلاد؛ لتحضر الدبكات العربية من مثل: «الغربية، واللوحة، والنسوانية، والطبيلة البداوية، والدلعونا» إلى جانب رقصة «القافا» الفولكلورية التي قدمتها الفرقة الفنية للجمعية الخيرية الشركسية، إذ لمعت هذه الفرقة عبر أداء راقصاتها وراقصيها ولياقتهم البدينة العالية على موسيقى الريف الشركسي المرحة.
الرقص الشعبي «السرياني الآشوري» كان حاضراً في «قوس قزح» كنوع من الرقص الحلقي الجماعي؛ والذي أدته فرقة «بارمايا للفلكور السرياني» معيدةً رقصات «الخكا» و «تولاما» و «بازنايي» و «بيدا» كطقس من طقوس الميثيولوجيا التاريخية للبلاد؛ فيما قدمت فرقة «ميغري» على أنغام «الزرنة» الآلة الأرمنية الشعبية؛ رقصات من تراث بلاد (آرارات)؛ كان أميزها «الرقصة الحربية» التي جسّدها المؤلف الموسيقي خاتشادوريان في القطعة الموسيقية الشهيرة بـ «رقصة السيوف».
«الدبكة الكردية» كانت حاضرة هي الأخرى في أداء فرقة «آشتي للفلكلور الكردي» والتي قدّمت رقص تشابك الأيدي ضمن حلقة دائرية الشكل؛ ليشاهد الجمهور أبرز لوحاتها من مثل: «الدبكة التقليدية، ثلاث خطوات، هورزة، بازو». حركية أخاذة جارتها رقصات « فرقة ياونا» للرقص الآرامي بمشاركة فرقة «لونا للغناء الجماعي» حيث توجت هاتان الفرقتان برنامج المهرجان بدبكات تم اختيارها من منطقة القلمون السورية، لاسيما تراث مدينة معلولا؛ ليأتي الرقص الآرامي هنا كتعبير إيقاعي بالجسد عن الإحساس بالمنطوق اللغوي (الآرامي) والموسيقي (السوري).
الإعلامي إدريس مراد المشرف الفني ومنسق المهرجان قال : (قوس قزح) يأتي اليوم كحاجة للقاء بين أبناء سورية بكل ألوانهم ونحن نعيش هذه الظروف الصعبة؛ بعيداً عن الحرب؛ وقريباً جداً من رغبة الفرق المشاركة لإيجاد فسحة أمل توحّد أقدام الراقصين، وحناجر المغنّين، وأصابع العازفين على خشبة مسرح سوري للجميع». كلام (مراد) أتى بعد سنوات من تهميش أطياف غنائية وموسيقية وراقصة عن المشهد الثقافي؛ لكنه اليوم بات يرسم ملامح جديدة لاحتفاء دار أوبرا دمشق؛ والتي حاولت عبر هذه الفعالية شطب كلمة «تعايش» ذات المدلول السياسي؛ لتضع مكانها عبارة ثقافية للعيش الشعبي المشترك.


سامر محمد إسماعيل

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...