طائرات سعودية تنقل السلاح إلى «القاعدة» في حضرموت وحوار بمشاركة إيرانية وأميركية

28-05-2015

طائرات سعودية تنقل السلاح إلى «القاعدة» في حضرموت وحوار بمشاركة إيرانية وأميركية

إغراق لـ «القاعدة» بالسلاح... بالتحالف مع «الإصلاح»
في الثاني من شهر نيسان الماضي، بعد ثمانية أيام على بدء السعودية عدوانها على اليمن، شنّ تنظيم «القاعدة في اليمن» هجوماً كبيراً في محافظة حضرموت، تمكّن خلاله من السيطرة على مدينة المكلا، مركز المحافظة ومرفأها، وبالتالي إسقاط عاصمة حضرموت التي تمثل ثلث مساحة اليمن. في ذلك الوقت، كانت التوقعات والشكوك بشأن إطلاق التحالف عملية برّية لمواجهة الجيش وحركة «أنصار الله» تهيمن على المشهد اليمني، في ظلّ تعذر ذلك لأسباب سياسية وعسكرية.
حركة «القاعدة» في المحافظة ذات الحدود الأطول مع السعودية وفي هذا التوقيت تحديداً، جاءت لتعكس علاقة «تخادمٍ» واضحة، تربط السعودية بالتنظيم المتطرّف، الذي اتخذ من «حماية حضرموت من الحوثيين» شعاراً لهجومه، ليبدو وكأنه ينفّذ الأهداف العسكرية البرّية التي تعجز السعودية عن تنفيذها بنفسها.

إلا أن معطيات جديدة أفرزها العدوان السعودي المستمر حتى اليوم، أخرجت الحديث عن علاقة الرياض والتنظيم في اليمن من دائرة التكهنات والترجيحات، مؤكدةً أن العلاقة بينهما ليست تقاطعاً في الأهداف وحسب، ولا أن «القاعدة» قد استفاد من فوضى الحرب القائمة ليزدهر ويعيد انتشاره في مناطق معينة، بل هي تشير إلى دعمٍ مادي تقدّمه السعودية للتنظيم الذي بات على ما يبدو، حصانها الأخير في اليمن.
حصلنا على معلوماتٍ مسرّبة من جهاز استخبارات عسكري أوروبي، عبر مسؤولٍ أوروبي متقاعد عمل لزمن طويل في دوائر المؤسسات الدفاعية في بلده، تبيّن أن السعودية تمدّ «القاعدة» في المكلا بالسلاح. المعلومات التي جرى تسريبها لأنها تتضمن حقائق «مفزعة» بحسب الجهة الاوروبية التي نقلتها، استُمدّ بعضها من صورٍ التقطتها الأقمار الاصطناعية في 4 أيار الجاري، تبدو فيها طائرات شحنٍ من دون أرقام تسجيل، تقوم بإنزال صناديق رجّح التحليل الاستخباراتي أنها تحتوي على صواريخ «تاو» كتلك التي في حوزة فصائل «المعارضة السورية».
معطياتٌ أخرى تفيد بأن هذا الواقع «يثير مخاوف» لدى الأميركيين الذين كثفوا عملياتهم الجوية أخيراً، ضد قياديين من «القاعدة» في حضرموت على وجه التحديد. ففيما كانت الطائرات الأميركية من دون طيار تمضي في تنفيذ استراتيجيتها في اليمن ضد «القاعدة»، كانت الطائرات السعودية (بدعمٍ أميركي سياسي واستخباري ولوجستي للمفارقة) تنفّذ عملياتها ضد «أنصار الله»، القوة الوحيدة التي تحارب «القاعدة في اليمن» ميدانياً والتي تمكنت من تكبيدها خسائر كبرى، ولا سيما في محافظتي البيضاء وإب وسط البلاد، منذ ما قبل الحرب السعودية.
هذا الواقع المتداخل والمتشابك الذي وسم العدوان السعودي على اليمن، يعزّز النظرية التي تقول إن واشنطن والرياض لم يعملا ككتلةٍ واحدة متجانسة في الملف اليمني، وإن الادارة الأميركية متوجسة من أداء السعودية المتفلّت إلى أقصى الحدود في حربها على اليمن. ولعلّ هذه الريبة الأميركية، هي ما دفع الرياض إلى القيام بخطوةٍ سريعة في حضرموت، نقلت فيها المراكز الحكومية في المكلا من أيدي «القاعدة»، إلى أيدي ما يسمى «المجلس الأهلي الحضرمي» في «حفل تسليم وتسلّم» وبسلاسةٍ تامة، احتفى بها الإعلام السعودي الذي ركّز، في مقال نشر أخيراً في صحيفة «الشرق الأوسط»، على أن قوةً من أهل المدينة باتت تدير المؤسسات الحكومية فيها بعدما «انتفض» هؤلاء على «القاعدة». في وقتٍ كان فيه الإعلام الغربي ومصادر محلية عدة قد أكدت فيه، أن التنظيم تمكن من السيطرة على المدينة في أوائل نيسان الماضي، بواسطة نحو 200 مقاتل فقط، ومن دون مواجهات تُذكر بعد انكفاء مريب لقطعات الجيش الموالية لهادي (التي كانت تفوق المهاجمين عدداً وعدة).
ولكن لماذا يتصرّف «القاعدة» بوداعةٍ مطلقة، إن جاز التعبير، في المكلا، ويضحّي بسلطته على محافظةٍ هي الأكبر والأغنى من حيث الموارد في اليمن؟ في الواقع، إن «المجلس» الذي يروَّج على أنه «تشكيلٌ يضم ممثلين عن أهالي حضرموت»، هو مجرّد تسمية جديدة لتجمع عناصر قبلية إسلامية ليست بعيدة عن فلك «القاعدة» وترتبط بغالبيتها بحزب «الإصلاح» (الفرع اليمني من «الإخوان المسلمين»)، في محاولةٍ لـ«تلطيف» الواقع في المدينة وإخفاء الدينامية الواحدة بين مسارات العدوان وبين نشاط «القاعدة» هناك. ومن هذا المنطلق، يمكن أيضاً فهم عمل الرياض في الوقت الراهن مع حلفائها اليمنيين على تشكيل «جيش موالٍ للشرعية» في منطقة العبر في حضرموت، يقوده اللواء محمد علي المقدشي من داخل مدينة شرورة السعودية على الحدود، علماً بأنه يمكن بسهولة توقع أن قوام هذا «الجيش» سيكون في غالبه أفراداً مقربين من «القاعدة» و»الاصلاح».
كذلك، إن علاقة قيادات «الاصلاح» بقيادات «القاعدة» ومصالحهما المتشابكة والدعم المتبادل بينهما، ولا سيما جنوباً، ليست أموراً سرّية أو مجهولة، خصوصاً أن الهوامش بين المقاتلين الموالين للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي وبين مقاتلي «الإصلاح» و«القاعدة»، تكاد تتلاشى.
وتعود العلاقة بين التنظيم المتطرف وبين الحزب الاسلامي، إلى «الجيل الاول» من «القاعدة» أي الذي شكّل عماد قوات أسامة بن لادن في أفغانستان، وتم تجنيده في صنعاء بعدما تدفق من مختلف مناطق اليمن، حيث تولى هذا التجنيد اللواء الفار علي محسن الأحمر والشيخ عبد المجيد الزنداني، أبرز قادة «الاصلاح».
وفيما ينقسم اليوم «الجيل الثالث» من التنظيم في حضرموت إلى أقسامٍ عدة، منها من بايع «الدولة الاسلامية»، فإن المجموعة التي سيطرت على المكلا والتي يقودها ناصر الوحيشي، تحافظ على مستويات عالية من التنسيق مع «الإصلاح»، ما ظهر جلياً بتسليمه حضرموت لقادة إصلاحيين. مصادر عسكرية يمنية، أكدت  أن تسليم «القاعدة» قيادة المدينة للمجلس، سبقته زيارة ممثلين عن قبائل المكلا للرياض، حيث التقوا بهادي، فيما تقول معلومات إن معظم قادة هذا المجلس موجودون حالياً في الرياض.
وعلى غرار الخطط الأميركية المُعدّة للمدن العراقية بعد «تحريرها» من تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش)، التي تؤكد ضرورة إدارة تلك المدن محليّاً من قبل عشائرها، يبدو أن حضرموت مثلت أول نموذج مماثل في اليمن، ولكن هذه المرة من دون معارك أو نزاعات مسلّحة مع «القاعدة»؛ وذلك بعد سنواتٍ من العمل على تحويل حضرموت إلى مرتعٍ للفكر «القاعدي» بواسطة إنشاء المدارس والمراكز الوهابية، ثم إمعان الرياض في إضعاف الجيش وسلطات الدولة، إلى حدّ القضاء عليهما تماماً اليوم.

هجوم «شارلي إيبدو»: ثمن «صفقة سيئة»؟

ليس جديداً أو غريباً أن تلجأ القوى السياسية والتجارية وشركات النفط الغربية في الجنوب اليمني، إلى التعامل مع تنظيم «القاعدة في اليمن»، وتنسج معه الصفقات لتحمي وجودها وعملها في تلك المناطق من بطشه. شركة «توتال» الفرنسية للنفط، هي إحدى الجهات التي اعتادت دفع «خوة» للتنظيم مقابل أمنها وأمن سير عملها في مناطق حضرموت ومأرب.
وقبل أشهر من الهجوم المسلّح على مكاتب مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية في السابع من كانون الثاني الماضي، وقع خلافٌ بين الشركة الفرنسية وبين التنظيم في المكلا، حين طلب منها قياديون في «القاعدة» مبلغاً أكبر من المعتاد، فقوبلوا بالرفض. وبحسب تسريبٍ من الاستخبارات الفرنسية، من المرجح أن الجريمة الفرنسية التي أدرجت في خانة «جرائم الإرهاب»، جاءت نتيجةً لـ«الصفقة السيئة» بين التنظيم المتطرّف والشركة الفرنسية، خصوصاً أن تقرير الشرطة الفرنسية أكد أن الأخوين كواشي، منفذي الهجوم، أصرّا عقب ارتكاب جريمتهما على تكرار عبارة «قولوا لهم إننا القاعدة في اليمن»، كأنها رسالة الى الحكومة الفرنسية.

جوي سليم


2000 شهيد منذ بدء العدوان... ومجزرة جديدة فـــي صنعاء
يمكن القول إن يوم أمس كان احد أكثر أيام العدوان السعودي على اليمن همجيةً لناحية تكثيف العمليات العسكرية الجوية ضد عدد من المحافظات، وهو ما يمكن قراءته في ضوء حدثين: أولاً كتنفيذٍ لوعيد المتحدث باسم التحالف، أحمد عسيري، قبل يومين، حين أعلن دخول العدوان مرحلته الاخيرة التي ستكون «الاكثر عنفاً وحسماً»، وثانياً كانتقامٍ من تدمير الجيش و«اللجان الشعبية» لقاعدة «الملك خالد» الجوية السعودية.

وفيما أعلنت منظمة الصحة العالمية أمس، أن عدد ضحايا العدوان وصل إلى 2000 شهيد و8000 جريح، ارتكب طيران العدوان السعودي سلسلة مجازر يوم أمس، لعلّها الأقسى منذ بدء العدوان من حيث عدد الضحايا. في العاصمة صنعاء، استهدف القصف مقر قيادة القوات الخاصة في وقتٍ كان يكتظ فيه بالموظفين والجنود والضباط، ما أسفر عن نحو 60 شهيداً ونحو 200 جريح، بحسب حصيلة أولية لوزارة الصحة. وقالت مصادر محلية  إن طائرات العدوان استهدفت وحدة «مكافحة الإرهاب» الواقعة في مبنى القيادة، مؤكدةً مقتل قائد مكافحة الإرهاب العقيد عبد الرحمن المحويتي إثر القصف. واستهدفت طائرات العدوان حياً سكنياً في منطقة الحصبة في صنعاء في محيط وزارة الصحة ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون.
في هذا الوقت، لا يزال الجيش و«اللجان الشعبية» والقبائل يسيطرون على المواقع العسكرية السعودية التي اقتحموها خلال الأيام الماضية، في وقتٍ تواصل فيه القصف بين الجيش و«اللجان» من جهة والقوات السعودية من جهةٍ أخرى بالصواريخ والمدفعية. وقام الجيش السعودي بعملية إخلاء واسعة لمعظم مواقع على الحدود، ولا سيما في محافظة نجران، فيما تستمرّ عمليات نزوح السكان السعوديين إلى أماكن بعيدة عن الحدود.
أما مدينة الحديدة الساحلية، فشهدت قصفاً على مقر كلية الطب. وقالت مصادر طبية في المدينة إن القصف أسفر عن نحو 5 شهداء وعشرات الجرحى، كما استهدف طيران العدوان في الحديدة أيضاً القاعدة البحرية بأكثر من 5 غارات. وفي تعز التي تدور فيها معارك عنيفة بين الجيش و«اللجان» من جهة، والمجموعات المسلحة الموالية للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي المسنودين من مقاتلي «الاصلاح» من جهة أخرى، قتل أمس ابن قائد المجموعات المسلحة حمود المخلافي. من جهةٍ أخرى، وفي إطار المساعي السعودية إلى تشكيل «جيش شرعي»، يجري حالياً العمل في مأرب والجوف على تجميع بعض المنتسبين إلى الفرقة الأولى مدرع المنحلة التي كان يقودها اللواء الفار علي محسن الاحمر بهدف تشكيل نواة الجيش الذي نص عليه «مؤتمر الرياض» قبل أسبوع. وقالت مصادر إن العمل يتركز الآن على «تجميع الدواعش والمرتزقة من العديد من المناطق اليمنية الى مأرب، تمهيداً لإعلان تشكيل جيشهم الذي هو في الاصل اسم مستعار لشرعنة جرائم وتحركات القاعدة»، بحسب المصدر.
في سياقٍ متصل، أعلن، يوم أمس، تشكيل «مجلس للمقاومة الشعبية» في محافظة إب لتوحيد المقاتلين الموالين لهادي. وقال المجلس في بيان، إن «إعلان تشكيل مجلس للمقاومة الشعبية جاء استجابة لمتطلبات المرحلة الراهنة في محافظة إب واليمن عموماً، وما تقوم به ميليشيات الحوثي من تمادي في استباحة الدماء». وكانت عدن وتعز قد شهدتا إعلانات مماثلة، في إطار محاولة تنظيم جبهة المسلحين في مواجهة الجيش و«اللجان الشعبية».
وعلى صعيد التقدم الميداني، أكد «الإعلام الحربي» أمس، تقدم الجيش و«اللجان الشعبية» باتجاه مدينة مأرب من جهات عدة، ابتداءً من منطقة الدحلة السفلى على الخط العام وامتداداً إلى منطقة الأشراف وتم تأمينها، كما انتشر الجيش و«اللجان» من الجهه الجنوبية إلى المواقع المطلة على المدينة من الجهة الغربية.
أما في عدن فتتواصل الاشتباكات بين الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» من جهة، والمجموعات المسلحة الموالية للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي من جهة أخرى، في منطقة البريقة وبحسب «الإعلام الحربي» فإن الاشتباكات لا تزال مستمرة في دار سعد والممدارة وحي البساتين، في وقت شن فيه العدوان السعودي غارات بالقرب من مطار مدينة عدن أدت الى انقطاع للاتصالات والانترنت عن عدن.

علي حاجز

مسقط تحتضن مفاوضات يمنية بحضور أميركي ــ إيراني
كشفت مصادر دبلوماسية عربية أمس عن أن العاصمة العمانية مسقط تشهد منذ نحو عشرة أيام، أكثر المحادثات كثافة بشأن الملف اليمني، موضحة أن الجانبين الأميركي والإيراني يشاركان بقوة في هذه الاتصالات التي يتولى فيها الطرف العماني دور الوسيط مع السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي.
وأشارت المصادر إلى أن ملف سفينة المساعدات الإيرانية التي أعلن قبل نحو أسبوعين توجهها إلى اليمن، كان مدخلاً لاتصالات مع الولايات المتحدة وأطراف أخرى، أفسحت في المجال أمام عرض الكثير من الأفكار حول الأزمة اليمنية. وأوضحت أن «الأميركيين كانوا شديدي الحذر من مواجهة مع الإيرانيين في البحر، وأنهم أبلغوا الجانب السعودي أنهم سيبذلون ما بوسعهم لمنع المواجهة».

وأضافت أنه «عندما بادر الأميركيون إلى مطالبة إيران بالتنازل عن شرط الوصول مباشرة إلى الشواطئ اليمنية من دون الأخذ بالاعتبار الوجود العسكري للسعوديين وحلفائهم، إنما أرفقوا هذا الطلب بعرض إطلاق محادثات تقوم على مبدأ الإقرار بأن الحوار اليمني – اليمني هو الأساس. وقد أسهم الموقف الأميركي في تسهيل عمل الوسيط العماني الذي وجه الدعوات لكثير من الأطراف لزيارة مسقط».
وبحسب المصادر نفسها، فإن «وفداً من أنصار الله وصل إلى مسقط وأجرى محادثات مع الوسيط العماني، وإن شخصيات يمنية بعضها معارض للسعودية وبعضها الآخر على علاقة غير ودية مع انصار الله شاركت في الاتصالات، وإن الجانبين الأميركي والإيراني يلعبان دوراً مركزياً في تجسير الهوة بشأن مبادرة تفتح الباب أمام وقف العدوان».
وقالت المصادر إن «البنود الأساسية للمبادرة تقوم على فكرة وقف إطلاق النار مع انسحاب الحوثيين من المدن، وهو أمر وافق عليه الحوثيون، لكنهم سألوا عن هوية الجهة العسكرية والأمنية التي ستملأ الفراغ بعد خروجهم، خصوصاً أن الجانب الآخر يرفض إسناد الدور حصراً إلى قوات الجيش الذي يعتبرونه في خدمة أنصار الله أو يتبع لتعليمات الرئيس السابق علي عبد الله صالح».
وبحسب المصادر، فإن «الوسطاء لعبوا دوراً كبيراً في انتزاع خطوات كبيرة لمنع تفاقم الوضع الإنساني في اليمن، وإن علاجات تمت لملف النفط والطاقة وإن العلاجات الكاملة للملف الإنساني لا تزال عالقة بسبب استمرار الغارات الجوية للسعودية».
ووسط هذه الاتصالات، بدا أن الرياض غير مرحبة على الإطلاق بذهاب اليمنيين إلى جنيف، لأنها وجدت أن رعاية الأمم المتحدة ستفقدها الكثير من الأوراق، وأن البحث السياسي قد ينطلق من حيث انتهت إليه مبادرة المبعوث الأممي السابق جمال بن عمر.
في هذا الوقت، قرن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، بين الإرهاب والطائفية، في كلمته بافتتاح اجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية في الكويت، قائلاً إن «قوى إقليمية» تقودهما لتهديد وحدة بلدان المنطقة، فيما هاجم أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الطائفية وممارسات تنظيم داعش، واتهم الحوثيين بتهديد المنطقة برمتها.
وقال الجبير إن التفجير الذي استهدف مسجد القديح في القطيف «اعتداء إرهابي آثم يتنافى مع القيم الإسلامية والإنسانية»، مضيفاً أن جهود المملكة «لن تتوقف يوماً عن محاربة الإرهاب».
من جهته، قال الشيخ صباح الأحمد إن الاجتماع ينعقد في ظل «استمرار تحديات وظروف سياسية وأمنية بالغة الدقة يواجهها العالم عموماً ومحيطنا الإسلامي خصوصاً». ورأى أن عمليات التحالف العسكرية ضد الحوثيين جاءت بعد أن «هددت الميليشيات الحوثية أمننا واستقرارنا واستولت على السلطة بالقوة العسكرية ونقضت تعهداتها بموجب المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية».
في المقابل، حث وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف السعودية على إنهاء عدوانها على اليمن، قائلاً إن الصراع «سيجلب الضرر» على المملكة. وأضاف، في الاجتماع نفسه في الكويت: «نقول لأشقائنا السعوديين إننا نريد مستقبلاً أكثر إشراقاً لكل الدول في المنطقة، وما يفعلونه في اليمن سيجلب الضرر عليهم في نهاية الأمر».
وطمأن ظريف الدول العربية إلى أن إيران ليست لديها مشاريع لإحياء إمبراطوريتها التاريخية التي امتدت لمساحة كبيرة في الشرق الأوسط، مشيراً الى أن توصل طهران لاتفاق نووي مع القوى العالمية سيساعد على تحقيق السلام في المنطقة.
وفي إشارة إلى قمة كامب ديفيد الأخيرة بين الولايات المتحدة ودول الخليج، قال ظريف: «لماذا تذهبون إلى كامب ديفيد في حين أننا إلى جواركم ونريد إقامة علاقات طيبة فيما لا تريد أميركا لكم الخير وتسعى وراء مصالحها؟». وأضاف أن طهران ترغب أيضاً في إقامة علاقات طيبة مع السعودية، لكن الحرب لن تحل الأزمة في اليمن.
من جهته، أكد سامح شكري، وزير خارجية مصر، أن بلاده ترفض سياسة الأمر الواقع في اليمن والقفز على الشرعية. وقال، في كلمته، إن مصر تعتبر أن «الأمن القومي لمنطقة الخليج العربي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري. ومن هذا المنطلق، كان الدعم المصري قوياً وواضحاً لتحرك ائتلاف الدول العربية في اليمن على الصعيدين السياسي والعسكري».
وأضاف أن هذا الدعم «جاء إنقاذاً لليمن واستجابة لنداء السلطات اليمنية الشرعية ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته. إن هذا التحرك العربي الجماعي، الذي جاء في توقيت بالغ الدقة، كان بمثابة العامل الحاسم الذي أنقذ اليمن الشقيق من الانزلاق إلى مصير مجهول وفوضى شاملة».

(الأخبار)

«أنصار الله» يقصفون قاعدة الملك خالد الجوية
ظهر على الإنترنت، يوم الثلاثاء، عدد من التسجيلات تُظهر انفجارات ضخمة في قاعدة الملك خالد الجوية قرب مدينة خميس مشيط، جنوب السعودية. تعدد التسجيلات، ومن زوايا مختلفة، يُثبت أن هذه الانفجارات قد جرت بالفعل في خميس مشيط، وقد أُسدل على الموضوع تعتيمٌ إعلامي كامل من جانب السعودية ودول المحور المشارك في تحالف العدوان على اليمن. ولم تنقل أي من وسائل الإعلام السعودية ما جرى في القاعدة الجوية، ولم يصدر بيان رسمي يشرح الحادثة.

اكتفت وسائل إعلامية قريبة من المملكة بالقول إن مقاتلة حربية سعودية من طراز «اف -15»، انفجر محركها وهي تتأهب للإقلاع، ولم يصب أحد (مع أن حجم الانفجارات وعددها لا يمكن أن ينتج من طائرة واحدة وذخيرتها)، فيما ادعت مصادر يمنية أن الجيش اليمني قد ضرب القاعدة - التي تبعد قرابة مئة كيلومتر عن أقرب نقطة حدود يمنية - بصاروخ سكود، فما الذي جرى في قاعدة الملك خالد؟
خميس مشيط تحوي إحدى أكبر وأهم القواعد الجوية السعودية، وهي المطار الذي يحوي أسراب الـ»اف-15» السعودية، مع مركز صيانة الطائرات وتحديثها. اضافة الى القاعدة الجوية، توجد في مدينة خميس مشيط مجمعات عسكرية مهمة، فهي مركز قيادة المنطقة الجنوبية، وفيها كليات عسكرية وثُكَن للجيش.الصواريخ التي تدعى»النجم الثاقب» هي تطوير لصواريخ «فجر-5» الإيرانية بُدئ ببناء قاعدة الملك خالد، على أيدي الأميركيين، في الستينيات من القرن الماضي، وقد استخدمها طيران التحالف خلال حرب «عاصفة الصحراء» عام 1991، وفيها تتمركز وحدات اميركية عسكرية مهمتها صيانة الطائرات السعودية والتدريب - وقد منح عقدٌ قيمته 166 مليون دولار، في شباط الجاري، لشركة اميركية لتحديث المطار ومنشآته، خاصة مركز الصيانة والتدريب.
وأبلغت مصادر قريبة من «أنصار الله»  أن مطار خميس مشيط قد استُهدف بالفعل، والانفجارات التي رصدتها كاميرات السعوديين ليست نتيجة حادث فني. لكن السلاح المستخدم لم يكن صاروخ «سكود»، الذي زود به السوفيات جمهورية اليمن الديمقراطية في الماضي، بل صواريخ مصنعة بطريقة علمية وحديثة، لكن داخل اليمن. وقد استفاد «انصار الله» من خبرات وتجارب المقاومة في فلسطين لتطويرها، ما يجعلها شبيهة، لكن اكثر حرفية، من تلك الصواريخ التي استخدمتها المقاومة الفلسطينية خلال الحرب الأخيرة على غزة.
هذه التطورات تشير الى تصعيد في مستوى العمليات على الحدود السعودية اليمنية، وتكشف جانباً من القدرات الحوثية التي طُوِّرَت في السنوات الماضية. الصواريخ اليمنية، التي تدعى محلياً «النجم الثاقب»، هي فعلياً تطوير لصواريخ «فجر-5» الإيرانية، ما يثبت أن «أنصار الله» قد استفادوا من خطوط التسليح التي مدّت لدعم «حماس» و»الجهاد» في غزة، وصولاً إلى بناء مصانع لإنتاج هذه الصواريخ على الأرض اليمنية.
هذه الصواريخ، التي يزيد مداها على مئة كيلومتر، تضع جزءاً مهماً من مناطق عسير ونجران في مرماها، متضمنة قواعد عسكرية مهمة ومدن رئيسية كأبها وخميس مشيط. كذلك أبلغت المصادر  بأن القصف المستمر قد أجبر القوات السعودية على إخلاء عددٍ كبيرٍ من القواعد والمراكز والمؤسسات قرب الحدود، مضيفة أن القوات اليمنية، لو أرادت اليوم التقدم داخل السعودية، فهي قد لا تواجه أية مقاومة لعشرات الكيلومترات.

عامر محسن


السعودية والعدوان: من الاعتراف بفشل الأهداف إلى إنكار الهزيمة
لا يزال مأزق السعودية بالعدوان على اليمن يزداد تعقيداً، فأصبح ثابتاً لديه أنه غير قادر على تحقيق الأهداف الرئيسية، أو أي منجز يستطيع تقديمه رغم الاستماتة في البحث عن أي ورقة تعطيه، ولو هامشاً بسيطاً في المناورة والتكتيك، ولا سيما بعد فشل الرهان على المدن المركزية، مثل عدن، وتعز، ومأرب، باتخاذها مقراً لسلطة ومحطة للانطلاق.
ومع الوقت، انحدر الفشل السعودي إلى البحث عن موطئ قدم، حتى لو أنه لا يمتلك قيمة سياسية في الجغرافيا اليمنية، مثل صحراء الجوف أو إحدى مديريات الضالع، أو خيار العدم في سيؤون.

الحرج السعودي تعزز بعد رفع منسوب العمل القتالي اليمني على الحدود، والانتقال من مرحلة العمليات الفدائية التي تقوم بها مجموعات قبلية، إلى مرحلة تولي الجيش وأنصار الله زمام المبادرة مباشرة، بالتزامن مع تراجع واضح للجيش السعودي واقتصار فعله على الغارات والقصف المدفعي البعيد. ويزداد الموقف السعودي حرجاً بكشف أنصار الله عن استخدامهم مديات صاروخية جديدة تطاول عمق الجبهة الجنوبية السعودية.
إزاء ذلك، وللتعويض عن الضيق، انتقل النظام السعودي إلى العدوان المباشر والكثيف على المنازل المدنية للشخصيات التي تشكل العمود الفقري في الصمود الشعبي والمقصود هنا (أعضاء أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام)، حسب ما جاء في تصريح الناطق باسم العدوان أحمد العسيري، ما يعني أن المرحلة القادمة ستنتقل فيها المجازر من محافظة إلى أخرى، في محاولة لجعل تكلفة الصمود اليمنية باهظة جداً، وبالتالي إجبار اليمنيين على التنازل والخضوع.
على المستوى السياسي، دعت الرياض الأطراف اليمنية المحسوبة عليها إلى التحاور عندها، لكن بدل أن تتخذ من مقررات المؤتمر نافذة سياسية لملاقاة خصومها اليمنيين في منتصف الطريق، قررت مواصلة النهج المتزمت بأن جعلت المؤتمر ومقرراته رافداً من روافد العدوان، مع ملاحظة أن مضامين البيان الختامي لمؤتمر الرياض هي ذاتها الأهداف المعلنة للعدوان السعودي.
أكثر من ذلك، هو ضيق الخيارات أمام النظام السعودي الذي دفعه إلى قبول التعايش مع تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» بشكل علني. وتراجع السعوديون هنا عن اتهاماتهم للقاعدة في اليمن بأنها من بقايا الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وباشروا التعاون معهم، وهو ما تثبته وقائع الميدان. والكل يعرف أن «القاعدة» عندما سيطرت على مدينة المكلا، وهي مركز محافظة حضرموت وبعض المدن الأخرى، عمد قادتها إلى عرض علني لتقدمهم من قاعات القصر الرئاسي في المكلا. لكن الرياض عمدت بالتفاهم معهم، إلى «حيلة» تبعد عن الطرفين «شبهة التعاون»، فكان أن أوجدت الرياض مخرجاً لتوليهم السلطة باسم «المجلس الأهلي الحضرمي»، وأسندت إليه مهمة إدارة الشؤون المدنية في هذه المدن. علماً بأن بين أعضاء هذا المجلس، قيادات من «حلف القبائل الحضرمي» الذي زار السعودية واجتمع مع مسؤوليها ومع الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي. بالإضافة إلى مشهد السفن التي تفرغ حمولتها بمرفأ المكلا، وذلك تحت أعين التحالف السعودي، فضلاً عن أن الطائرات السعودية لم تسجل أي إغارة على التنظيم الذي تعرض لغارتي رفع عتب أميركية.
وإزاء انسداد الأفق امام السعودي، حددت الأمم المتحدة موعداً للحوار اليمني في جنيف، بيد أن المتابع للأحداث والعارف بالعقلية السعودية يدرك جيداً أن الذهاب للحوار في جنيف بسلة خاوية لم ولن يحصل، لأن مجرد القبول به هو اعتراف ضمني سعودي بشكل أولي بالهزيمة التي لا تزال السعودية لا تقوى على قبولها وتحمل نتائجها الداخلية والإقليمية. وهو ما يعطي محادثات مسقط بعداً جدياً، إذا ما قرر السعوديون النزول عن الشجرة!

لقمان عبد الله

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...