«أبو خليل القباني» في افتتاح «اليوم السوري للمسرح»:هل تحوّل إلى شكوى من التلفزيون

31-03-2015

«أبو خليل القباني» في افتتاح «اليوم السوري للمسرح»:هل تحوّل إلى شكوى من التلفزيون

لم يكتفِ المسرحيون السوريون بيوم عالمي واحد للمسرح؛ فالمعهد العالي للفنون المسرحية أطلق أيامه الثقافية: «27 آذار ـ 2 نيسان المقبل» لاحتفالية أطلق عليها «اليوم السوري العالمي للمسرح».
أيام معهد الفنون المسرحية افتتحت تظاهرتها اللافتة بتدشين قاعة من قاعاته باسم المسرحي السوري الراحل شريف شاكر (1945 - 1995). ترافق ذلك مع عروض فنيّة ومعارض تشكيلية لطلبة قسمَي السينوغرافيا والتقنيات؛ ليكون العرض الذي أعده وأخرجه الفنان كفاح الخوص على مسرح الراحل سعد الله ونوس؛ بمثابة هجاء علني لواقع طلاب الأكاديمية الفنية الأعرق في البلاد التي تأسست عام 1977 على يد نخبة من المثقفين والفنانين.
شكوى طلبة الرقص والتمثيل والسينوغرافيا والدراسات المسرحية في عيدهم العالمي بدت وكأنها تذمر من إهمال شركات الإنتاج التلفزيونية لهم، وعدم أخذ فرصهم في مسلسلات التلفزيون؛ فليس من عرض سوى هذر الطلبة وتأففهم وقصص حبهم على مقاعد الدراسة.الراقصان محمد شباط وميس دلول في احتفالية المسرح العالمي على خشبة الحمراء بدمشق
الأساتذة المشرفون على احتفالية المعهد العالي يبدو أنهم تركوا الحرية مطلقة لطلابهم لصياغة عرض عن هموم النجومية، ليتحول الاحتفال إلى ما يشبه «اليوم العالمي للتلفزيون»، فبدلاً من تقديم مشهديات مناسبة لهذا اليوم؛ كان الجمهور أمام هواتف يقوم الطلاب بإجرائها مع مخرجي المسلسلات.
واقع لم تتخلص منه الدفعات المتخرجة مؤخراً في ظلّ دخول معظم هؤلاء لدراسة المسرح وعينهم على التلفزيون؛ فما مبرر أن تحضر أسماء مخرجي الدراما التلفزيونية في يوم كان حرياً بالقائمين عليه أن يخصصوه لهموم المسرح والمسرحيين.
المشهد الوحيد الذي كان لافتاً على هامش ثرثرات الطلبة وعتبهم على شركات الإنتاج التلفزيوني؛ هو استعارة سيرة رائد المسرح الغنائي العربي أبي خليل القباني؛ وذلك عبر مونولوج قدمه أحد طلبة السنة الرابعة في التمثيل؛ مستعيداً سيرة المؤسس الدمشقي الذي تعرض «مرسحه» في حي «باب الجمرك» للإحراق على يد الغلاة والظلاميين؛ بعد صراع مرير وقاس خاضه «القباني» مع الرجعية واستغاثة الشيخ أبي سعيد الغبرا أمام السلطان العثماني عبد الحميد الثاني حين صرخ قائلاً له في إدانة لمسرح القباني: «أدركنا يا أمير المؤمنين، فإن الفسق والفجور، قد تفشيا في الشام، فهُتكت الأعراض، وماتت الفضيلة، وَوُئِد الشرف واختلطت النساء بالرجال».
حادثة استعارها بدوره الفنان عروة العربي في عرضه الذي أنتجته مديرية المسارح والموسيقى عن نص للكاتب شادي كيوان؛ وعبر رؤية دمجت بين مستويات عدة على مسرح الحمراء؛ مستفيدةً من مشاهد تمت منتجتها من مسلسل «أبو خليل القباني» لمخرجه هيثم حقي؛ وذلك وفق رؤية بصرية لـ «فادي رحمون»؛ ومشهد قام بأدائه الممثل يوسف المقبل في دور «الشيخ الغـبرا» والمغني «حسين عطفة في دور «القباني». استعراض المخــرج «العربي» لما كابده القباني من مضـــايقات الدهماء والقوى السلفية لتجربته الرائدة؛ أعادها مخرج العرض إلى مؤامرة قديمة جديدة على فن المسرح كان قد دبرها بعض السلفيين ضده، فأدت إلى منع «القباني» من التمثيل وإغلاق مسرحه؛ فيما تسوقها اليوم قوى ظــلامية سيطرت عــــلى بعض المســـارح السورية باسم الدين والحفاظ على الفضــيلة وتحريم فن التشـــخيص باعتباره تـــصويرا وكل تصوير بدعة، وكل بدعة في النار.
الاحتفالية التي شارك فيها كل من «مصطفى الخاني، ووفاء موصللي، وزهير عبد الكريم، وجمال العلي، ويزن خليل وأريج خضور، ومحمد خير الجراح» كانت بمثابة مرافعة ذكية أيضاً عن حقوق المسرحيين المهدورة، وأجورهم المنخفضة التي لا يزالون يتقاضونها عن شغلهم على الخشبة؛ فلقد زاوج عبرها مخرج العرض بين الرقص والموسيقى والاستعراض، لاعباً على مفارقة العالمية والمحلية، وذلك وفق نقد لاذع لتهميش المسرحيين مقابل دعم نجوم التلفزيون بقرار حكومي؛ وتقديمهم كقادة رأي في مجتمعاتهم المعاصرة.


سامر محمد إسماعيل

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...