بغداد: دمشق تقاتل عن كل دول الجوار

25-03-2015

بغداد: دمشق تقاتل عن كل دول الجوار

استأنف الجانبان العراقي والسوري اتصالاتهما بعد انقطاع فرضته محاولة بغداد «إعادة التموضع» مع التطورات الطارئة على وضعها السياسي والأمني، والذي تمثل في الهجمات التي شنها تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش»، صيف العام الماضي، لتبدأ من جديد بمحاولة تضييق «هوة التنسيق الأمني والسياسي» بين البلدين، علما أن حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، والذي يستعد لزيارة واشنطن الأسبوع المقبل، «طبقت عقوبات على سوريا، حين ضيقت كل طرق التحويل المالي من الخارج عبر العراق» بداية العام الحالي.
وجاءت زيارة وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، المقرب من طهران إلى دمشق تلبية لدعوة من نظيره السوري وليد المعلم، يبدو أن ظروفها حانت الآن، مع كثرة «الإشارات الدولية» المشجعة على خوض «حوار معمق وعلى مستويات عدة «مع الجانب السوري لمواجهة خطر «داعش» من جهة، وإيجاد حل سياسي للأزمة السورية من جهة أخرى.
وتركزت محادثات الجانبين على البعد السياسي والأمني، ورفع التنسيق بين البلدين، علماً أن لدمشق «عتبا اقتصاديا كبيرا» على حكومة العبادي، بسبب «تضييقها الاقتصادي على التعاون التجاري والمالي بين البلدين».المعلم خلال توديعه الجعفري في مطار دمشق امس (ا ف ب)
وتفهم السوريون أن العبادي، الذي تسلم مقعد سلفه نوري المالكي، باتفاق أميركي ـ إيراني، حظي بمباركة سعودية وتركية، اضطر إلى «إتباع سياسة احتواء مع جاريه، بسبب حساسية المعركة مع داعش وخلفياته الاجتماعية والمذهبية»، لكن هذا دفع الرجل أيضا إلى «تجميد علاقات تنسيق وتعاون مع الجانب السوري كان سلفه أقامها وحاول حمايتها طوال الوقت».
واعترف الجعفري، خلال لقائه مع المعلم قبيل اجتماع مع الرئيس بشار الأسد، بـ«التقصير الذي تتسم به قنوات الاتصال بين الطرفين»، مشيراً إلى أن التوجه العام هو لاستعادة زخم التعاون في مجالات عدة، وفي مقدمتها الموضوع الأمني والعسكري. ووفقا لتقييم الحكومة العراقية، الذي عكسه الجعفري، فإن «الأجواء الدولية العامة تعكس ضرورة هذا الأمر».
وعلق مصدر معني بزيارة الجعفري لـ«السفير» بأن الزيارة تأتي في سياق هذه التغيرات العامة، بدءا بتصريح وزير الخارجية الأميركي جون كيري حول ضرورة التعاون مع الأسد، مرورا بحالة الاختراق التي تخلقها الزيارات البرلمانية الغربية والإقليمية إلى سوريا، وأحدثها زيارة وفد نيابي بلجيكي إلى دمشق أمس، وصولاً إلى تغيير واضح في المزاج الأوروبي الرسمي حيال هذا الأمر.
وقال الوزير العراقي لمضيفه السوري أن ضيوف بغداد ما أن يبدأوا بالحديث عن الوضع في العراق حتى ينتقلوا إلى الوضع في سوريا، مؤكداً اتفاق جميع الأطراف على «تلازم هذين المسارين».
ووضع مصدر، تحدثت إليه «السفير»، زيارة الجعفري في إطار «توافق مصالح إيرانية ـ أميركية» فرضت عليها «تعدي تناقضاتها نحو التعاون، لكن دون التنسيق المباشر للتصدي لخطر الإرهاب في المنطقة».
والجعفري كما هو معروف، كان أول من حمل الرسائل الأميركية إلى دمشق بخصوص إعلان بدء تحرك قوات التحالف الدولي عسكريا ضد «داعش» على الأراضي السورية.
وليس واضحا في هذا السياق إن كانت زيارة الجعفري، تطرقت إلى هذا الموضوع، ولاسيما أن الجانب السوري أسقط طائرة استطلاع أميركية منذ أيام فوق مدينة اللاذقية، واعترف بها الجانبان.
إلا أن الجعفري كان سبق وأكد في زياراته السابقة أن «طلعات التحالف»، وفقاً لما نقله رسمياً عن الجانب الأميركي، موجهة «بشكل حصري ضد الحركات الإرهابية، متمثلة بداعش وجبهة النصرة» ولن تتعدى هذه المهمة.
وذكرت وكالة الأنباء السورية - «سانا» أن الأسد شدد، خلال لقائه الجعفري، على أن «النجاحات التي يحققها الشعبان العراقي والسوري وقواتهما المسلحة في مواجهة التنظيمات الإرهابية ساهمت في وقف تمدد الإرهاب، وإن من شأن التشاور والتنسيق بين البلدين أن يعزز هذه النجاحات»، مشيرا إلى «أهمية وجود إرادة دولية حقيقية للوقوف في وجه الإرهاب والدول الداعمة له».

 وأكد المعلم، خلال لقائه الجعفري في مطار دمشق، أن «العراق الشقيق وسوريا يقفان في خندق واحد ضد الإرهاب». وأضاف «كلما كان العراق بخير سوريا بخير، لذلك ثقتنا كبيرة بأن القادة العراقيين لن يألوا جهداً للوقوف إلى جانب سوريا وكسر الحصار المفروض عليها». وأضاف «بين سوريا والعراق مصير مشترك، وعندما تكون سوريا بخير فالعراق بخير، ونعمل على حماية المنطقة من خطر الإرهاب».
بدوره، قال الجعفري إن «سوريا تدافع عن جميع دول الجوار من موقع الإحساس بالمسؤولية، وهذا استحقاق كبير على الجميع الالتزام به، ونستغرب أي دولة مجاورة تطمئن لإرهاب يقتل الأطفال، ولا يميز بين شخص وآخر». وأضاف «لن ننسى من يقف إلى جانب شعبنا، وسوريا وقفت إلى جانبنا وسندافع عن أمننا وأمنها».
وحذر من أن «الإرهاب على سوريا والعراق ليس خطراً على البلدين فقط بل سيطال جميع الدول إن لم يكن هناك تعاون». وقال «أما عن التنسيق العراقي السوري فان هناك نسبة من التنسيق لكننا نتطلع إلى أن يرتقي الى مستوى أعلى من هذا. استحقاقات الجوار الجغرافي القريبة تتطلب تنسيقا أعلى من هذا. ونأمل، وربما تكون هذه السفرة هي فاتحة للارتقاء بمستوى التنسيق لمستوى ما نطمح له». وأضاف «المجتمع الدولي اليوم كله مُهدد من قبل هذا الخطر. لذلك عندما يُقاتل العراق وتُقاتل سوريا أصالة عن أنفسهم ودفاعا عن المجتمع الدولي ودول العالم كلها. الخط الأول الآن للدفاع يتقدم العراق وتتقدم سوريا».
وانتقد المعلم الأردن. وقال إن «تصريحات وزير الإعلام الأردني عن تدريب بلده لعشائر سورية على أراضيه لم تقدم جديداً، سوى أنها تثبت ما كنا نقوله عن وجود معسكرات تدريب للإرهابيين في الأردن».
وقال «لقد تابعت تصريح وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، وخاصة حول المعارضة المعتدلة التي روجت لها الولايات المتحدة، وأنا أقول كل من يحمل سلاحا في وجه مؤسسات الدولة السورية هو إرهابي. أن يقول سعود الفيصل بأنه لا مستقبل للرئيس الأسد هزلت. هو يتحدث نيابة عن الشعب السوري، منذ متى؟، لذلك قلت هزلت».
وحول موقف القاهرة مما يجري في المنطقة، أعرب المعلم عن تمنياته أن «تؤدي مصر دورها التاريخي، وأن تقوم بما يملي عليها الواجب»، مشيراً إلى أنه وحتى الآن «لم نلمس هذا الدور، ربما لأسباب خاصة أو بسبب معركتها ضد الإرهاب والإخوان المسلمين». وأضاف «نحن نتعاطف مع الشعب المصري الشقيق، والتاريخ أثبت أن مصر وسوريا واليوم العراق يستطيعون تغيير مجرى أحداث المنطقة».

 والتقى أربعة نواب بلجيكيين رئيس مجلس الشعب السوري جهاد اللحام والمفتي أحمد بدر الدين حسون في دمشق. ويقوم فيليب دوينتر وجان لانريس وانكي ديرميرش وماركو سانتي، وهم أعضاء في حزبين يمينيين في بلجيكا، بزيارة دمشق، ولا يمثلون السياسة الرسمية للحكومة.
وأعلن دوينتر أنه لا يمكن خسارة الحرب ضد «داعش» وجماعات متشددة أخرى. وقال «إذا خسرنا هذه المعركة ضد داعش وضد جبهة النُصرة وضد الجهاد الإسلامي هنا في سوريا والعراق سنخسرها غداً في لبنان، وسنخسرها في اليوم التالي على شواطئ المتوسط، وسنخسرها بعد أسبوع في أوروبا».
وأضاف «أولا يتعين علي بلدنا في أوروبا أن ترفع العقوبات والمقاطعة الاقتصادية، لأن الضحايا الوحيدين لها هم السوريون العاديون. ثانيا، يتعين أن نستعيد العلاقات الديبلوماسية مع الحكومة السورية، وثالثا يجب ألا نعتبر الأسد عدواً، بل حليفاً ضد التطرف والإرهاب السلفي».
وهذا هو ثاني وفد من نوعه يزور دمشق ويجتمع مع مسؤولين سوريين. ففي الشهر الماضي اجتمعت مجموعة من المشرعين الفرنسيين مع الأسد لكن وزارة الخارجية الفرنسية قالت إن الوفد لا يمثل فرنسا.

زياد حيدر

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...