الولايات المتحدة "تنزلق" إلى حرب مع سوريا بذريعة بعبع داعش

23-02-2015

الولايات المتحدة "تنزلق" إلى حرب مع سوريا بذريعة بعبع داعش

 الجمل ـ طوني كارتالوتشي ـ ترجمة Staliniste:

لم يعد يفصل الولايات المتحدة عن الحرب مع سوريا إلا بضعة ضربات جوية "عرضية". وحسبما يشاع تعمل الولايات المتحدة مع تركيا على تزويد المسلحين داخل سوريا بأجهزة الراديو للاتصال بالهجمات الجوية الأميركية ومساعدتها في "حربها على داعش". وعلى الرغم من الحقيقة الواضحة أن هؤلاء المسلحين هم في الواقع يقاتلون جنبا إلى جنب مع داعش ويقاتلون في المقام الأول الجيش العربي السوري ، وأن مثل هذه الضربات الجوية حتما ستكون ضد أهداف سورية، وليس ضد داعش ، فإن الولايات المتحدة على الرغم من ذلك تحاول طمأنة العالم أن الحال ليس كذلك.في مقالٍ لها بعنوان"نحو إعطاء المتمردين المعتدلين القدرة على الإتصال بالطيران الحربي الأمريكي" أعلنت صحيفة التلغراف اللندنية ما يلي: "إن الولايات المتحدة تخطط لتدريب نحو ٥٠٠٠ مقاتل سوري كل عام وذلك ضمن مخططها الهادف لتقوية حركة التمرد التي تعاني من التصدع في مواجهة حكومة الرئيس بشار الأسد والمجموعات المتطرفة على السواء وأوردت أن كل مجموعة ستتكون من ٤ إلى ٦ رجال مزودين بسيارات تويوتا هايلوكس القوية ومزودين بأجهزة جي بي اس لتحديدالموقع عبر القمر الصناعي وبأجهزة إتصال لا سلكي بحيث يمكنهم تحديد الأهداف للطائرات .كما أوردت صحيفة وول ستريت جورنال أن التركيز سيتم في التدريب الأولي على مساعدة المتمردين بالمحافظة على المواقع وبمقاومة المقاتلين المتحالفين مع داعش. من الواضح في مقال التلغراف أنه سيتم استهداف الحكومة السورية وقواتها، وهي القوة العلمانية الوحيدة في المنطقة التي تقاتل القاعدة وداعش المتفرعة منها.


أي "متمردين معتدلين"؟
يرد في تقرير التلغراف أن الولايات المتحدة وتركيا بصدد تدريب وتجهيز "المتمردين السوريين المعتدلين"للمساعدة في الضربات الجوية الأمريكية. ولكن وبإعتراف الغرب نفسه فإن آخر الجبهات التي يطلق عليها الناتو صفة "المعتدلة"قد انضوت منذ مدة طويلة في مجموعات تأتمر مباشرة بالقاعدة وترفع لؤاءها.ومن أجل الإضاءة على عبثية هذه الخطة الأمريكية-التركية كانت الصحيفة ذاتها قد أوردت في مقال سابق بعنوان، "المتمردين السوريين الذين دربتهم وسلحتهم الولايات المتحدة يستسلمون للقاعدة" (رابط المقال في الأسفل) ما يلي:
"استسلمت اثنتان من المجموعات التي تتلقى السلاح من الولايات المتحدة من أجل مقاتلة النظام والجهاديين على السواء للقاعدة هما حركة حزم وجبهة ثوار سوريا اللتين عولت الولايات المتحدة وحلفاؤها عليهما لتصبحا جزءاً من قوة على الأرض تهاجم داعش.وخلال الأشهر الستة الماضية تلقت المجموعتان الأسلحة الثقيلة من التحالف الذي تقوده أمريكا وتتضمن صواريخ غراد وتاو المضادة للدروع. ولكن مساء السبت قامت حركة حزم بتسليم مقراتها وشحنات أسلحتها إلى جبهة النصرة التي استولت على القرى التي كانت تحت سيطرة حزف شمال محافظة ادلب."
من الجلي أنه لا وجود ل"معتدلين" يمكن الحديث عنهم والمتابع للصراع السوري منذ بدايته يعلم بوضوح أن النشاط المسلح انبثق من شبكات الإخوان المسلمين المتطرفين الذين يتم تمويلهم وتنظيمهم منذ ما قبل ما سمي "الربيع العربي" من قبل الولايات المتحدة والسعودية واسرائيل من أجل هدف واضح و هو خلق حالة من الإشتباك المذهبي في المنطقة تسهم في إسقاط النظام في سوريا ولبنان وايران. وفي الحقيقة إن الحضور الحالي للقاعدة(وداعش) في العراق وسوريا ودورها القيادي في القتال ضد الميالين لايران ،حكومتا دمشق وبغداد و حزب الله في لبنان،هو التجسيد في الزمن الحاضر للمؤامرة الغربية الإجرامية التي كشف النقاب عنها منذ العام ٢٠٠٧الكاتب الصحفي الحائز لمرتين على جائزة بوليتزرسيمور هيرش في مقاله الشهير بعنوان،"إعادة التوجيه: هل تخدم السياسة الجديدة للإدارة في الحرب على الإرهاب أعداؤنا؟" حيث يرد فيها وبكل وضوح أنه(التشديد من قبلنا):
من أجل تقويض ايران ذات الغالبية الشيعية ، اتخذت إدارة بوش قراراً بإعادة صياغة أولوياتها في الشرق الأوسط، ففي لبنان تعاونت الإدارة مع حكومة السعودية السنية في تنفيذ عمليات سرية استهدفت إضعاف حزب الله ،وهومنظمة شيعية مدعومة من ايران.كما شاركت الولايات المتحدة في عمليات سرية استهدفت ايران وحليفتها سوريا. وكان أحد تجليات هذه الأنشطة هو دعم وإسناد مجموعات سنية متطرفة تتبنى رؤية متشددة للإسلام ومعادية لأمريكا ومتعاطفة مع القاعدة.
في بداية شهر حزيران من العام الماضي ورد في تقرير أنه من المحتمل أن يتم استخدام داعش كوسيلة لجذب القوات الأمريكية تحضيراً لتدخل عسكري مباشر ضد دمشق ذاتها. وبسبب عدم قدرة أمريكا على إشعال فتيل النزاع باستعمال الإشاعة الكاذبة حول أسلحة الدمار الشامل قامت داعش بسلسلة من الاستفزازات المرعبة لكي تساعد في حشد الدعم خلف تدخل عسكري أمريكي مباشر في سوريا.
إن المجموعات المتطرفة التي أشار إليها تقرير هيرش سنة ٢٠٠٧ هي رأس الحربة في المحاولات الغربية للإطاحة بالحكومة السورية ولتقويض ايران ولتحييد حزب الله في لبنان. ويبدو أن الغرب يريد أن يذهب بعيداً بالصراع بشكل مباشر جنباً إلى جنب الإرهابيين بكل معنى الكلمة الذين استعملهم طيلة أكثر من عقد من السنين كحجة لغزو واحتلال أفغانستان والعراق وكان الثمن آلاف من الأمريكيين ومئات آلاف من الأفغان والعراقيين.

القوات الجوية الأمريكية تتحول إلى قوات جوية للدولة الإسلامية
من الواضح إذن أنه إذا كان كل "المتمردين المعتدلين"الذين تدعي الولايات المتحدة وجودهم في سوريا قد بايعوا القاعدة فعلياً منذ وقت بعيد فإن الضربات الجوية التي يطالب بها هؤلاء تعني أن القاعدة تطالب بها وذلك لضرب القوة الشرعية الوحيدة التي تحارب الإرهاب حقاً في المنطقة.
إن اختراع داعش هو محاولة للتمييز بين إرهابيي القاعدة الذين تسلحهم الولايات المتحدة بشكل مباشر والذين ستقوم بتأمين الغطاء الجوي لهم قريباً وبين الأعمال الوحشية الصريحة التي يرتكبها نفس الإرهابيين المتطابقين تماماً.
وفي الوقت الذي تستفيد فيه الولايات من داعش كحجة تستند إليها في تحركها المقبل المتوقع يبقى الواقع متمثلاً بكون أمريكا وحلفاؤها "ينزلقون" نحو مواجهة عسكرية مباشرة مع الجيش العربي السوري. وحين تبدأ المقاتلات الأمريكية باستهداف المواقع السورية ستقوم سوريا وحلفاؤها بالإنتقام وبالتالي استدعاء حملة أوسع وتمس مباشرة العاصمة دمشق. وفي حال امتنعت سوريا وحلفاؤها عن الرد فإن الولايات المتحدة ستقوم بالإستفزاز على أي حال.
باستثناء إمكانية سوريا وحلفاؤها من امتلاك الردع الكافي في بداية الخطوة الأمريكية الأخيرة ولكن الأخطر والأكثر تهوراً ويأساً في حربها على سوريا وإن لم تستطع الدفاعات السورية درء عملية مشابهة لعملية الناتو في ليبيا والتي تركت بلداً بأكمله بين أيدي داعش فإنه من المتوقع أن نرى أيضاً أمة أخرى يتم تسليمها إلى أيدي المتطرفين -وبشكل مقصود-في سبيل غاية وحيدة هي استمرار هذه الحرب الصليبية بالوكالة القادمة إلى لبنان وايران ومن بعد ذلك إلى جنوب روسيا وغرب الصين.

* باحث سياسي وكاتب مقيم في بانكوك ، كتب هذه المقالة خصيصاً لموقع نيو استيرن آوتلوك.

رابط المقال والمراجع:

http://journal-neo.org/2015/02/21/us-easing-into-war-with-syria-using-is...

http://journal-neo.org/wp-content/uploads/2015/02/USS455342-300x199.jpg

http://www.telegraph.co.uk/news/worldnews/middleeast/syria/11419243/Mode...

http://www.telegraph.co.uk/news/worldnews/middleeast/syria/11203825/Syri...

http://www.newyorker.com/reporting/2007/03/05/070305fa_fact_hersh?curren...

http://journal-neo.org/2014/06/13/nato-s-terror-hordes-in-iraq-a-pretext...

http://journal-neo.org/2015/01/28/us-fighting-terror-group-with-fictiona

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...