درعا:حرب على «داعش» أم استكمال لمشروع «النصرة»؟

18-12-2014

درعا:حرب على «داعش» أم استكمال لمشروع «النصرة»؟

تصرّ «جبهة النصرة» على أن معركتها الحالية في ريف درعا الغربي هي لمنع تمدد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»-»داعش» إلى منطقة حوران، بينما تتخوف الفصائل المستهدَفة وبعض الناشطين من أن تكون الغاية الحقيقية هي هيمنة «النصرة» على المنطقة، كما فعلت في ريف إدلب مع «جبهة ثوار سوريا» في تشرين الثاني الماضي.
وفشلت جميع محاولات فرض هدنة بين «جبهة النصرة» من جهة وبين «لواء شهداء اليرموك» من جهة أخرى. وتشير ردود أفعال الطرفين إلى أن الأمور ذاهبة نحو التصعيد، خصوصاً بعد الموقف الذي صدر عن «محكمة دار العدل» ورفض قيادة «شهداء اليرموك» له، الأمر الذي يعني أن حسم الخلاف لن يكون إلا عن طريق القتال، وهو الأمر الذي يبدو أن بعض قيادات «جبهة النصرة في درعا» تميل إليه.
وأصدرت «محكمة دار العدل»، التي تأسست منذ أسابيع عدة وقبل الخلاف الحالي، باتفاق معظم الفصائل المسلحة في درعا، وأبرزها «جبهة النصرة» و»جيش اليرموك» و»أحرار الشام» و»حركة المثنى الإسلامية» و»جبهة ثوار سوريا في الجنوب»، أمس الأول، بياناً اتهمت فيه «لواء شهداء اليرموك»، الذي لم يشارك في تأسيسها، «بالمماطلة ورفض المثول أمام المحكمة»، وبناءً عليه قررت «تكليف الفصائل التي تعهدت تنفيذ قرار المحكمة بإحضار الأسماء المطلوبة» مع تحميل قيادة «شهداء اليرموك» مسؤولية ما ستؤول إليه الأمور نتيجة ذلك.
ويعني هذا البيان أن «المحكمة» تبنت وجهة نظر «جبهة النصرة»، وأعطتها الغطاء الشرعي لاستكمال حربها على «اللواء» حتى النهاية. وسربت مصادر مقربة من «شهداء اليرموك» أن قائده أبو علي البريدي لن يوقف إطلاق النار ضد «جبهة النصرة» ولن يذعن لقرار «المحكمة» بالمثول أمامها، بعد أن كشفت عن انحيازها، الأمر الذي يهدد بمزيد من التصعيد.
وكانت الأيام الماضية شهدت اشتباكات عنيفة بين الطرفين في مناطق عدة من ريف درعا الغربي، أهمها سحم وتسيل وصيدا، سقط خلالها عدد من القتلى، أبرزهم أبو عائشة لجاة وأبو النور الحمصي من «جبهة النصرة»، ومصعب القرفان أبو ماجد قائد كتيبة «مغاوير الحق» من «لواء شهداء اليرموك». وكانت المفاوضات عبر وسطاء نجحت مرات عدة في التوصل إلى اتفاق هدنة، إلا أن أحد الطرفين كان يسارع إلى افتعال حدث ما لإفشاله.
ويشير إصرار «جبهة النصرة» على قتال «لواء شهداء اليرموك» إلى أحد أمرين: إما أنها مقتنعة تماماً بأنه مبايع سراً لـ «داعش»، وبالتالي لديها مصلحة حقيقية في القضاء عليه واستئصاله، أو أنها تتخذ الأمر ذريعة للقيام بهجوم استباقي تبتغي منه توجيه رسالة حادة إلى كل من تسول له نفسه من قادة الفصائل التجرؤ على مبايعة «داعش».
ولم يعد خافياً أن بعض الفصائل المسلحة في درعا بنت خلال الأشهر السابقة شبكة علاقات مع «الدولة الإسلامية»، وصل الأمر ببعضها إلى تقديم البيعة سراً، بانتظار الوقت المناسب للإعلان عنها، لكن هذه الفصائل غير معروفة.
غير أن بعض الأحداث التي جرت في درعا مؤخراً أثارت مخاوف «جبهة النصرة»، ودفعتها إلى رصد هذه العلاقات، بغية التأكد من حقيقة ما يجري. ومن هذه الأحداث اغتيال أبو محمد السوري بظروف غامضة، وانشقاق أبو بصير الشرعي عنها وإدلاؤه باعترافات مصورة تدين مسؤولها الشرعي العام سامي العريدي بإصدار فتاوى قتل وإباحة السرقة من «الجيش الحر» والفصائل الأخرى، وكذلك انشقاق «الأمير» أبو حمزة الشرعي وانضمامه إلى لواء «شهداء اليرموك».
هذه الأحداث اعتبرتها «جبهة النصرة» مؤشراً على وجود مخطط يستهدف وجودها في المنطقة الجنوبية، لا سيما أنها تزامنت مع حشود «داعش» في منطقة بير القصب بين ريف دمشق ودرعا. وما زاد من مخاوف «جبهة النصرة» تجاه «شهداء اليرموك» تحديداً أن الأخير رفض مؤخراً المشاركة في تأسيس «محكمة دار العدل»، مصراً على بناء «محاكم» خاصة به في المناطق التي يسيطر عليها، الأمر الذي اعتبرته نهجاً «داعشياً»، واعتمدت عليه في إثبات تهمتها بوجود بيعة سرية.
لكن بعض النشطاء ينظرون بريبة إلى ما تقوم به «جبهة النصرة» في درعا، ويضعون تصرفاتها في إطار محاولة الهيمنة، ليس على المحافظة وحسب بل على كامل منطقة حوران التي تشمل درعا والقنيطرة وأجزاء من ريف دمشق، مشيرين إلى أن هذه الخطوة كانت متوقعة، خصوصاً بعد نجاح «النصرة» في السيطرة على ريف إدلب، الأمر الذي شجعها على السير قدماً في توطيد أركان «إمارتها» غير المعلن عنها.
واستغرب النشطاء إصرار «جبهة النصرة» على اتهام «شهداء اليرموك» بمبايعة «داعش»، رغم نفي الأخير لهذه البيعة عبر بيان رسمي صدر عن مكتبه الإعلامي. كما استنكروا تعمّد «محكمة دار العدل» إغفال حقيقة أن الاشتباكات بدأت بسبب «جبهة النصرة» التي أرسلت خلية لقتل قادة «اللواء»، وعلى رأسهم أبو علي البريدي، متسائلين هل تأسست هذه «المحكمة» لتكون الذراع الشرعية لـ «جبهة النصرة» في الهيمنة على المنطقة وإرهاب قادة الفصائل فيها؟

عبد الله سليمان علي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...