الدولة الإسلامية خرافة أم واقع ؟

27-11-2014

الدولة الإسلامية خرافة أم واقع ؟

الجمل- * فاليري مالييف- ترجمة: رندة القاسم:
ما تسمى الدولة الاسلامية (داعش) ، و التي قيل و كتب عنها الكثير من قبل خبراء دوليين و وكالات إعلام، هي في الواقع مجرد حركة جهاديين ، يزعم أنها الآن تسيطر على مناطق رئيسيه في شمال شرق سوريه و شمال شرق العراق. و نشرت الكثير من الأدلة الزائفة عن "انتصارات" المجموعة الإسلامية في وسائل الإعلام الجماهيرية في خلط بين الحقيقة و الأمنيات. 
بيتر هارلينغ، من أشهر الخبراء في الشرق العربي و مدير المركز المتخصص بمجموعة الأزمات الدولية في مصر و سوريه و ليبيا،  قال في منشوراته الأخيره أن قادة جدد من داعش أطلقوا تصريحات مدوية متعلقة بالوضع في الشرق الأوسط و وجودهم الشرعي. و وفقا لتعريف هارلينغ فان داعش "حركة عدائية تضم الى حد كبير متطوعين  من بلدان مختلفة ، و ليس فقط بلدان عربيه"..
و بعيدا عن لقب "الدولة الإسلامية" ، إذ أن هذا التكوين غير المبلور لا يمكن أن يسمى دولة بأي شكل من الأشكال، فان هؤلاء الجهاديين ، ووفقا لتصريحاتهم، لا يقرون بمفهوم حدود الدولة، و بشكل عام يفضلون العمل دون أية قوانين، حتى تلك الملزمة في أصغر الدول.
و كما هو معروف، بدأت هذه الحركة منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003. و جوهر المجموعة كان مجموعة "المجاهدين" التي شاركت بشكل فعال في الحرب الأفغانية مع بداية الثمانينات.
الخبراء في الواقع الإسلامي يؤمنون أن هذه المجموعات شكلتها الميليشيات المحلية المرتبطة بالقاعدة. غير أن الجهاديين الجدد تخلوا عن إيديولوجية القاعدة الرئيسية و يركزون على مهمة القتال ضد الولايات المتحدة الأميركية و إسرائيل. و قد بدأت داعش حربا دينيه بين الشيعة و السنه منذ ذلك الوقت، مذكية نيران الاختلافات بين هاتين الطائفتين الإسلاميتين. و لاحظ عدد من الخبراء الإقليميين أنهم أصبحوا متورطين في هذا الصراع لدرجة البدء بالتطهير الاثني ضمن صفوفهم السنية نفسها و بقوة، مدمرين الخونة و الأعداء. و من المثير للانتباه أن عملا مشابها أدى إلى التدمير الذاتي لجهاديي داعش و خاصة في الفترة الممتدة بين 2007 و 2008، ما أدى إلى تناقص عددهم ليغدوا مجرد عصابة في صحراء العراق.
و مع البدء باطلاق منشورات حول "نشاطاتهم"، غالبا ما يتحدث مجاهدو داعش بوقاحة من أجل جذب المزيد من جنود القدر (عرب و غرب) الى مجموعتهم و السيطره على المنطقة الواقعة على حدود العراق و سوريه و تركيا. فعلى سبيل المثال، في 28 تشرين الأول 2014 نشرت الصحيفة الأميركية The Daily Signal مقالا بقلم جوش سييغل يقول فيه أن المجموعة الإرهابية داعش نشرت مؤخرا فيديو بروبوغندا يظهر رهينة بريطانيا على أنه مراسل أخبار غربي يزعم أن مدينة كوباني على الحدود التركية السورية ستصبح "جهادية في أية لحظة". مرتديا ملابس سوداء (بحيث لا يظهر حتى وجهه) ، قال الصحفي "كانتلي" في الفيديو المذكور  أن "قتال كوباني ينتهي لصالح داعش". و أشارت صحيفة The Daily Signal الى أن "كانتلي" أسر من قبل الإرهابيين في تشرين الثاني 2012 و لا يمكن الإثبات بأن هذا الكلام في تشرين الأول 2014.
و يلفت مراقبون محليون و دوليون أنظارنا إلى الوحشية الاستثنائية التي يتصف بها المقاتلون الذين ظهروا حديثا من أجل نقاء الدين ، و ذلك في تعاملهم مع خصومهم و النساء و الأطفال. و ذكر  مراسلا CNN (عدي صديق و ستيف أولوييز) في الرابع من تشرين الثاني 2014: "قتلت ميليشيات داعش الكثير من السكان السنة في المنطقة أواخر تشرين الأول هذا العام، إذ أطلقوا النيران على  أكثر من 322 شخصا معظمهم نساء و أطفال".
 وفي هذا السياق ذكر ممثل البنتاغون اللواء البحري جون كيربي بأن واشنطن لا تملك ما يؤكد هذه المعلومات 100% و لكنه قال :"لا نملك أي سبب للشك في صحتها".
بدأت الولايات المتحدة ، بدعم من دول حليفة بما فيها عربيه، ضربات جوية على مواقع داعش في سوريه يوم 23 أيلول ، دون إذن من السلطات السورية، ما يناقض القانون الدولي، الأمر الذي أشارت له روسيا عبر شخص وزير الشؤون الخارجية سيرغيه لافروف. و ذكرت RIA Novosti  في الرابع من تشرين الثاني هذا العام نقلا عن البنتاغون: "تكلفة الحملة على الإرهاب ضد داعش في سوريه و العراق تتجاوز 700 ألف دولار يوميا".
و نتيجة لضربات الناتو الجوية و الهجمات المتزايدة ضد الميليشيات، تسعى داعش الى التعويض عن أعدادها و توسيع مجال نشاطاتها بضم مجموعات متطرفه من أوروبا و وسط أسيا بهدف الوصول الى "الأهداف المشتركه" معا. و مع الأخذ بعين الاعتبار الاستياء العام من سياسة الحكومات في عدد من جمهوريات آسيه الوسطى و دول غربيه متعددة، إضافة إلى العزله الجيوسياسية المتنامية، يشكل نمو الأفكار الراديكالية الإسلامية، مثل خلق الخلافة الاسلاميه، أخطارا حقيقية. فعلى سبيل المثال، و وفقا لتقديرات مختلفة، فان أكثر من ألفي شاب و شابه من دول آسيه الوسطى يقفون منذ الآن تحت رايات داعش السوداء.
و قدرت لجنة تابعة للاتحاد الأوروبي أن أكثر من ألفي متطرف ، جذورهم أوروبيه، يقاتلون في سوريه و العراق. غير أن الكثير من الخبراء يرون أن هذه الأرقام تستخف كثيرا بالحقيقة، فوفقا لبيانات بيتر نيومان، بروفيسور المركز الدولي لدراسة التطرف و العنف السياسي في جامعه كينغ البريطانيه، يوجد حوالي 12 ألف مقاتل في العراق و سوريه إلى جانب داعش، يمثلون 74 دولة ،  و فيهم حوالي 1,5 ألف مقاتل من أصل بريطاني. و مؤخرا ورد في The Daily Telegraph : "قبل ذلك ذهب الإسلاميون البريطانيون للقتال في الخارج ، الى الشيشان و البوسنه و أفغانستان و ليبيا، غير أن الحرب الأهليه في سوريه، و التي أثرت في العراق أيضا، جذبت المزيد من الجهاديين الأجانب أكثر مما فعل أي صراع عسكري، و بريطانيا مصدر معظم التجنيد الغربي".
وفقا لمعلومات معلنه في فرنسا، قام الإسلاميون بتجنيد حوالي 900 مواطن فرنسي، بعضهم وصل إلى منطقة الصراع في سوريه و العراق و البعض الآخر في طريقه الى الوصول. و ذكر المكتب الفيدرالي الألماني  من أجل حماية الدستور أن أكثر من 400 إسلامي من المواطنين الألمان غادروا إلى سوريه منذ 2011. و وفقا للهيئات القانونية ، عاد حوالي 100 متطرف الى جمهورية ألمانيا الفيدراليه و حصل ربعهم على تجربة في القتال ما يجعلهم مصدر خطر مميت.
و حسب آراء الكثير من الخبراء الغربيين ، هناك خطر  كبير يكمن في قيام المجاهدين  العائدين إلى بلدانهم بنشر ايديولوجية الدولة الإسلامية و الحصول على دور فعال في تأسيس خلافة إسلامية ،مع كون معظم الجهاديين الأجانب المقاتلين إلى جانب الإسلاميين في سوريه و العراق يحملون كرها تجاه الغرب.
و بناء على هذه الظروف ، فان القتال ضد الدولة الاسلاميه يجب أن يكون على مستوى دولي أوسع، مع التزام صارم بدستور الأمم المتحده و عدم التقيد فقط برغبة واشنطن في خلق ائتلاف من الحلفاء المخلصين و انجاز مهامها الجيوسياسيه في هذه الأراضي.


*صحفي روسي مختص بالاستشراق
عن مجلة New Eastern Outlook الالكترنيه

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...