تونس تنتخب رئيسها غداً: مرشحون كثر.. والمنافسة محصورة بثلاثة

22-11-2014

تونس تنتخب رئيسها غداً: مرشحون كثر.. والمنافسة محصورة بثلاثة

يتوجه الناخبون التونسيون، يوم غد، الى صناديق الاقتراع، لاختيار رئيس للجمهورية، في أول انتخابات رئاسية منذ اندلاع الثورة على الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في العام 2011.
ويتنافس فيها 27 مرشحاً، انسحب منهم أربعة امس الاول. ويفترض أن يفوز أحد المرشحين بأكثر من 50 في المئة من أصوات الناخبين التونسيين، وإلا فسيتم تنظيم دورة ثانية خلال شهر كانون الأول المقبل بين المرشحين اللذين حصلا على أعلى نسبة من الأصوات.
وتعكس المؤشرات الانتخابية تصدُّر ثلاثة مرشحين المشهد الانتخابي وهم الباجي قائد السبسي، زعيم «حزب نداء تونس» الفائز بقوة في الانتخابات التشريعية وصاحب الغالبية في البرلمان المنتخب، ثم الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي المدعوم من الإسلاميين في تونس والذين اختاروا عدم خوض انتخابات الرئاسة، ثم حمّة الهمامي زعيم «حزب العمال» والمتحدث باسم «الجبهة الشعبية»، القوة البرلمانية الرابعة في الانتخابات التشريعية الأخيرة.
ودعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس أكثر من 5.2 ملايين ناخب مسجل إلى التوجه إلى صناديق الاقتراع لاختيار الرئيس الجديد للبلاد.مؤيدون لباجي قائد السبسي خلال تجمع انتخابي في صفاقس امس الاول (رويترز)
وتشير إحصاءات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس إلى أن الفئة العمرية بين 18-40 سنة تمثل نسبة 67 في المئة من الناخبين المسجلين، أي حوالي 3.4 ملايين ناخب من إجمالي 5.2 ملايين، ما يعني أن فئة الشباب الواسعة، هي الأكثر تمثيلاً في صفوف الناخبين المدعوين.
أما في ما يخص التقسيم حسب الجنس فتمثل النساء والرجال نسبة تكاد تكون متساوية بحوالي 50 في المئة.
ويتمركز أكبر عدد للناخبين في أربع محافظات تتشكل منها العاصمة تونس الكبرى (تونس ومنوبة وأريانة وبن عروس) ويبلغ مجموع عدد الناخبين فيها مليوناً و229 ألفاً و241 ناخباً، تليها دائرتا صفاقس 1 وصفاقس 2 (جنوب) بمجموع 440 ألفاً و809 ناخبين، ومن ثم دائرتا نابل 1 ونابل 2 (شرق) بـ369 ألفاً و912 ناخباً فيما تتوزع البقية في مختلف محافظات البلاد.
وفيما يشكل الملفان الاقتصادي والامني التحدي الابرز للرئيس الجديد، إلا ان «حزب نداء تونس»، الذي بات يملك أكبر كتلة برلمانية بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة (86 مقعداً من أصل 217 مقعداً) ينتظر نتائج الانتخابات لتحديد تركيبة الحكومة المقبلة، والتي تأجل تشكيلها إلى ما بعد انتخاب الرئيس الجديد.
وأمس، أعلن شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية التونسية. وبالتالي أصبحت النتائج نافذة.
وجاءت النتائج كالتالي: 86 مقعداً لحزب «نداء تونس»، 69 مقعداً لـ»حركة النهضة»، 16 مقعداً لـ»حزب الاتحاد الوطني الحر»، 15 مقعداً لـ»الجبهة الشعبية»، 8 مقاعد لـ»حزب آفاق تونس»، و23 مقعداً للقوائم الاخرى.
وأكد رئيس الهيئة أن عدد الأصوات المصرح بها لكل القوائم بلغ 3 ملايين و408 آلاف و207 أصوات، والعدد الإجمالي للأوراق الملغاة 106 آلاف و10 أصوات.
وبرغم حصوله على العدد الأكبر من المقاعد البرلمانية مقارنة بالأحزاب الاخرى، يبقى في حاجة الى الدخول في ائتلاف سياسي لضمان حصول الحكومة الجديدة على ثقة البرلمان وضمان استمرارية عمل الحكومة.
وفي حديث إلى «السفير» يقول المتحدث باسم الحكومة نضال الورفلي إن السنوات المقبلة ستكون صعبة على جميع المستويات، برغم نجاح الانتقال الديموقراطي، معتبراً أن الأفضل لتونس إثر الانتخابات الرئاسية التي تجرى غداً تكليف حكومة تكنوقراط لتعبيد الطريق نحو الانتعاش الاقتصادي والاجتماعي.
المهندس الشاب نضال الورفلي (38 عاماً) هو أصغر وزراء حكومة التكنوقراط التي يرأسها مهدي جمعة، ولكنه يعدّ عضده الأيمن والمتحدّث الرسمي باسم حكومته، وقد عمل تحت إمرته في حكومة علي العريض في منصب وزير كاتب للدولة، حين كان جمعة يتولى حقيبة الصناعة والطاقة.
وفي الآتي نص الحوار:
÷ كيف استعدّت الحكومة لإنجاح الانتخابات الرئاسية في ظل تنامي نشاط الجماعات الارهابية؟
{ سعت الحكومة لتوفير المناخات اللازمة لسير الانتخابات، وقد سبق أن خصصنا قوات أمنية لتأمين مراكز الاقتراع ومحيطها، ونقل المعدات الانتخابية من قبل قوات الجيش والأمن الداخلي، ونحمد الله أن الانتخابات التشريعية مرت بنجاح. وبالنسبة للانتخابات الرئاسية فقد خصصنا قرابة 80 الف عنصر أمن سيتولون تأمين العملية الانتخابية براً وجواً وبحراً، وحماية كل الإدارات المعنية. الجديد هو تدعيم هذا المجهود الأمني بتحسين مراكز الاقتراع، وتعزيز الوجود الأمني في المدن الكبرى والمناطق الحدودية التي فيها خلايا إرهابية، وبخاصة المنطقة التي تقع بين جبال القصرين والكاف.
التهديدات الإرهابية متواصلة، ولذلك قمنا بعمليات استباقية تمثلت في قصف الجبال التي سجلنا فيها تحركات لمجموعات إرهابية، ووجدنا بعد القصف جثثاً لثلاثة إرهابيين، ونتوقع وجود عدد أكبر من الجثث، بالنظر إلى أن العمليات كانت نوعية ودقيقة. كما أننا لا نريد أن تقتحم قواتنا العسكرية بعض المواقع فتفاجئها المجموعات الإرهابية، ولذلك كثفنا عمليات القصف في جبل الشعانبي وجبل ورغة. من جهة أخرى نحن نوقف المشتبه فيهم، وذلك بهدف قطع الإسناد اللوجستي والبشري والتمويني على الإرهابيين، بما يسمح بإجراء الانتخابات الرئاسية بسلام.
÷ هل بلغتكم معطيات عن تهديدات لاغتيال مرشحين رئاسيين؟
{ التهديدات موجودة حتى قبل الانتخابات الرئاسية، وقد بلغت ذروتها خلال شهر رمضان الماضي، ثم عادت بقوة مع انطلاق الموعد الانتخابي، والعمليات الاستباقية التي نقوم بها هدفها التصدي لهذه التهديدات الحقيقية، وهي تهديدات بعضها موجه لعدد من المرشحين، وبعضها الآخر لمراكز الاقتراع بما تحتويه من عناصر أمن وجيش ومواطنين.
÷ تتحدث عن استعدادات وعمليات استباقية وتقدم مقارنة بالإرهابيين، في حين أن عملية «نبر» في محافظة الكاف التي حصدت أرواح عدد من العسكريين بينت عكس ذلك؟
{ نحن في حرب ضد الارهاب، وهي ليست بالحرب التقليدية الكلاسيكية (جيش ضد جيش). لقد تغير الوضع، فقد كنا في السابق نقوم بعملية استباقية غالباً ما كان الإرهابيون يستفيدون منها، حيث كانوا يفاجئوننا بعمليات إرهابية نتولى صدها. اليوم تطورت منظومة مكافحة الإرهاب وأصبح هناك تنسيق بين الامن الداخلي والجيش وهو ما كان غائباً في السابق. ولذلك، أولينا اهتماما كبيرا، بالتنسيق بين الوزارات المعنية، بملف الارهاب، وهناك اليوم أربع مناطق تقع اليوم تحت قيادة موحدة للجيش. هناك خسائر بالتأكيد، وهذا أمر محتوم في الحرب ضد الارهاب، لكن ما تغير اليوم هو أننا صرنا نحن أصحاب المبادرة في العمليات، حيث نشن هجمات استباقية أدخلت الخوف والرعب في نفوس الإرهابيين وبعضهم وجدناهم في حالة مزرية جياعاً وعراة. نحن اليوم في مرحلة متقدمة جداً، ومقارنة بدول أخرى فقد حققنا نتائج إيجابية.
÷ كم تبلغ أعداد الخلايا والعناصر الإرهابية في تونس؟
{ ليست لدينا معطيات دقيقة، لكن من أهداف المنظمة الشاملة لمكافحة الإرهاب هو تدعيم الاستعلامات (الاستخبارات) وتقصي المعلومات وتحليلها. وفي الاشهر الاولى من سنة 2014، تمكنا من توقيف قرابة 7400 في قضايا إرهابية وجنائية. هناك تسعة آلاف منعوا من السفر لبؤر الارهاب والتوتر، و1650 قضية إرهابية تتعهد بها المحاكم في تونس، و1520 متورطاً في قضايا تسفير التونسيين للجهاد، و2800 تونسي على علاقة مباشرة بالإرهاب. هناك إذاً تطور نوعي في مقاومة الإرهاب.
÷ الجماعات الإرهابية تتوغل في ليبيا وصارت على أبواب تونس، فما هي الاجراءات التي اتخذتها الحكومة التونسية لمواجهة هذا الخطر؟
{ ظاهرة الارهاب ليست إشكالاً تونسياً بحتاً، هو إشكال إقليمي ودولي، ولذلك فإن من جملة الاجراءات التي قامت بها خلية الأزمة (خلية تضم وزراء الداخلية والدفاع والعدل والخارجية ويشرف عليها رئيس الحكومة) كان إغلاق الحدود مع ليبيا لمدة أربعة أيام (من 20 إلى 24 تشرين الثاني)، والهدف من ذلك الحد من التنقل بين ليبيا وتونس، وتعزيز الإجراءات الامنية حدودنا المشتركة مع ليبيا والجزائر.
÷ كيف ستتعامل الحكومة مع العائدين من بؤر الإرهاب (سوريا، العراق، أفغانستان...الخ)؟
{ ما يلاحظ عموما، ان التونسيين العائدين من التنظيمات الجهادية في سوريا والعراق لا يقصدون تونس بل يتوجهون إلى ليبيا، كما أن عدداً مهماً منهم لم يعد الى البلاد، بل بقي في العراق وسوريا. لقد تكونت خلية ضمن وزارتي الداخلية والدفاع ومصالح الديوانة (الجمارك) ومهمتها تتبع هؤلاء ورصدهم. وفي معظم الحالات يتم القبض عليهم حال وصولهم إلى الحدود التونسية ومتابعتهم ومراقبتهم بصفة دقيقة.
÷ ما حقيقة الأزمة الديبلوماسية بين تونس والقاهرة، وما تتناقله الصحف المصرية مصنفة تونس بأنها بلد معاد لمصر، اثر توجيه مبعوث تونس الدائم في جنيف لانتقادات أوضاع حقوق الانسان في مصر؟
{ ليس هدفنا أن نخلق أزمات مع الإخوة المصريين. مصر بلد شقيق. قد نختلف في بعض التوجهات لكن ذلك لا ينبغي أن يجرنا إلى إلقاء النعوت من قبيل «دولة عدوة». نحن لا نتدخل في الشأن المصري ولا في الساحة السياسية المصرية، سنتداول هذه المسألة مع وزير الخارجية حتى نتثبت من حقيقة ما حدث وما يقال.
÷ كيف تقيم الانتقال الديموقراطي في تونس؟ وكيف ترى الى السنوات المقبلة التي ستلي الانتخابات؟
{ في ما يتعلق بالانتقال الديموقراطي، يمكن القول اننا نجحنا خلال السنوات الثلاث الماضية في عملية الانتقال السياسي، حيث نلاحظ وجود تطور خلال الفترة التي تلت انتخاب المجلس الوطني التأسيسي في تشرين الاول العام 2011، وتعاقب الحكومات في ظل ضغط كبير سببته الاغتيالات السياسية، وكذلك الضربات الإرهابية التي تغلبنا عليها بفضل الحوار الوطني الذي جمعت غالبية الأحزاب الفاعلة في المشهد السياسية والمنظمات الراعية عليه، لكي نخرج بحكومة كفاءات ويتم تسليم السلطة من حكومة شرعية (حكومة علي العريض) إلى حكومة التكنوقراط (حكومة مهدي جمعة). وعلى الجانب الاجتماعي، هناك مكتسبات عدة، وهي العدالة والحرية وحرية الصحافة. الجانب الاقتصادي يعاني بعض الصعوبات، ووفق تقييمي الشخصي، فإن تلك الصعوبات ستكون جمة من الناحية الاقتصادية خلال السنوات الثلاث المقبلة، حيث ستسجّل وضعاً اقتصادياً حرجا لأسباب داخلية واقليمية من بينها الوضع في ليبيا والنمو الاقتصادي الضعيف الذي يسجله شريكنا الاقتصادي (الاتحاد الاوروبي). الحكومة المقبلة وفق رأيي الشخصي ستكون هشة إذا ما لم تكن حكومة قوية تمضي في منظومة الاصلاحات الاقتصادية وإرجاع الإنتاجية التي ستخلق مواطن الشغل والثروة. وأرى أن على المنظمات الوطنية، ومنها الاتحاد العام التونسي للشغل، مساعدة الحكومة على تخطي هذا الوضع.
÷ أيهما أفضل لتونس بحسب تقييمك: حكومة حزبية أم حكومة تكنوقراط؟
{ وفق تقديري الشخصي الفترة المقبلة هي أصعب الفترات في هذه المرحلة، وإذا تم تشكيل حكومة حزبية لديها مشروع اقتصادي واضح ومشروع إصلاحي محدد للخروج من الصعوبات فالحزب الحاكم هو الذي سيكون مسؤولا عن توجهات البلاد وسيسائله المواطنون في الانتخابات التشريعية المقبلة من خلال صندوق الاقتراع. ولكن نظرا إلى الصعوبات التي تمر بها البلاد، ومن تعاملنا الخاص مع الوضع الاقتصادي ووعينا بمتطلبات المرحلة المقبلة من جلب استثمار وإعادة الإنتاجية وإصلاح المؤسسات العمومية وهي إصلاحات موجعة وصعبة لا يمكن أن تقوم بها إلا حكومة غير حزبية، فضلاً عن تحديات مكافحة الارهاب والملفات الديبلوماسية، وهي إصلاحات يجب أن تقوم بها حكومة قوية.

حسان الفطحلي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...