إسرائيل تعلن الحرب على الأقصى

31-10-2014

إسرائيل تعلن الحرب على الأقصى

بدا امس ان الحرب الاسرائيلية على مدينة القدس المحتلة، وفي قلبها المسجد الاقصى، قد بلغت مرحلة اكثر تقدّماً، وتكشّف معها توزيع الادوار بين رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو وقادة المستوطنين، وهو ما تبدّى في اسراع اجهزة الامن التابعة للاحتلال في التضييق على المقدسيين، باتخاذها قرار يقضي بإغلاق المسجد الاقصى، غداة محاولة اغتيال حاخام متطرف، وقيامها بتصفية متعمّدة لأسير مقدسي محرر.فلسطينية تصرخ في وجه جندي احتلال اسرائيلي في القدس المحتلة أمس (أ ف ب)
وفي سابقة خطيرة، أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، يوم امس، اغلاق المسجد الأقصى أمام المصلين، في خطوة وصفها الفلسطينيون بأنها «إعلان حرب» على مدينة القدس، وخطوة متقدّمة على طريق تهويد المدينة المحتلة، واقامة «الهيكل اليهودي» المزعوم، ما فجّر مواجهات عنيفة بين المقدسين والاحتلال، الذي سارعت قيادته مساءً الى احتواء الغضب الفلسطيني بالتراجع عن قرار الاغلاق.
وفي ما يبدو أنه محاولة احتواء لرد الفعل القوي الذي من الممكن أن يواجهه الاحتلال، تراجعت إسرائيل عن قرارها بإغلاق المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة، وقررت إعادة فتحه، مع الإبقاء على منع الرجال الذين تقل أعمارهم عن خمسين عاماً من دخوله، بحسب ما أعلنت المتحدثة باسم الشرطة الإسرائيلية لوبا السمري.
وجاءت الخطوة الإسرائيلية بعد تطورات دراماتيكية شهدتها مدينة القدس المحتلة، منذ ساعات الفجر، وقد بدأت بمحاولة اغتيال أخطر حاخامات المستوطنين المتطرفين الداعين إلى هدم المسجد الاقصى، وتلاها استشهاد شاب فلسطيني على ايدي جنود الاحتلال، ما فجّر مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، وانتهت بإصابة العشرات، وفرض إغلاق محكم على المدينة المقدسة.
وبدأت القصة، فجر أمس، حين أطلق شخص النار من مسافة قريبة على يهودا غليك، أحد حاخامات اليهود المتطرفين الذي يقود الاقتحامات المتوالية للمسجد الأقصى.
وبعد ساعات قليلة، استشهد الشاب معتز حجازي على سطح منزله في حي الثوري في القدس المحتلة.
وزعمت سلطات الاحتلال ان حجازي هو من حاول اغتيال الحاخام المتطرف، لكنّ اهل الشاب نفوا ذلك، وقالوا إن ابنهم «أُعدم» بدم بارد غداة اعتقاله من قبل الشرطة الاسرائيلية.
وبحسب الرواية التي قدّمتها الشرطة الاسرائيلية، فإن الشاب الفلسطيني كان يركب دراجة نارية، وقد أطلق أربع رصاصات على غليك من مسافة قريبة، قبل أن يلوذ بالفرار، وأنه بعد وقت قصير على الحادثة، ومن خلال كاميرات المراقبة وأعمال التحري والمتابعة، تمت ملاحقة «المهاجم» ومحاصرة منزله.
وزعمت شرطة الاحتلال أن حجازي أطلق النار على قوة المداهمة «فردّت عليه بالمثل»، وقتلته خلال «اشتباك استمر ساعات».
لكن شقيقة الشهيد حجازي، شيماء، نفت، في حديث إلى «السفير»، الرواية الإسرائيلية، ووصفتها بـ«الكاذبة والمفبركة»، مؤكدة أن الشرطة الاسرائيلية «حاصرت المنزل عند ساعات الفجر الأولى، وبدأت بإطلاق النار، ثم اقتحمته بعد ذلك، واعتقلت معتز حياً، واقتادته إلى سطح المنزل، حيث تم الاعتداء عليه بالضرب المبرح، قبل أن تطلق النار عليه من مسافة قريبة».
وأكدت شيماء ان شقيقها «تُرك ينزف لأكثر من ساعتين حتى استشهد، ثم أخذ جنود الاحتلال جثمانه وغادروا المكان، بعدما حطموا محتويات المنزل».
وبحسب مصادر مقدسية فإنّ سلطات الاحتلال رفضت تسليم جثمان الشهيد حجازي الى ذويه قبل الساعة الحادية عشرة من ليل امس، مشترطة دفنه قبل صباح اليوم، على ان يقتصر عدد المشيّعين على 45 شخصاً.
يذكر أن الشهيد معتز حجازي أسير محرر أمضى 12 عاماً داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، بينها 10 سنوات في العزل، وهو من كوادر حركة «الجهاد الإسلامي». واعتقل حجازي في العام 2000 بتهمة المشاركة في انتفاضة الأقصى، وحكم عليه بالسجن ستة اعوام، وخلال اسره صدر عليه حكم آخر بالسجن اربعة اعوام، بتهمة «الاعتداء» على سجّان. وقد اطلق سراحه في حزيران العام 2012.
وبحسب مصادر مقدسية فإن الشهيد حجازي كان هدفًا للاستخبارات الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة، وأن قوات الاحتلال داهمت منزله على الأقل مرتين في الأشهر الثلاثة الأخيرة.
وما زال غليك يرقد في حالة الخطر الشديد داخل أحد المستشفيات الإسرائيلية، وهو كان أول من رفع صورة «الهيكل» داخل باحات المسجد الأقصى، ويدعو باستمرار إلى هدمه لبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه.
وفي أعقاب هذه التطورات، أغلقت الشرطة الإسرائيلية الحرم المقدسي أمام المصلين الفلسطينيين والجماعات الاستيطانية، في خطوة وصفتها الرئاسة الفلسطينية بأنها «إعلان حرب».
وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن «السلطة الفلسطينية ستتوجه إلى منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية لمواصلة العمل من اجل وقف الاعتداءات الاسرائيلية على مدينة القدس»، محملاً الحكومة الإسرائيلية مسؤولية ما يجري في المدينة المحتلة.
وأكد أبو ردينة أن التصعيد الاسرائيلي الخطير في القدس مدان ومرفوض من قبل القيادة الفلسطينية، مطالباً الولايات المتحدة باتخاذ خطوات عملية لوقف الاعتداءات الاسرائيلية على المسجد الاقصى ومدينة القدس «وعدم الاكتفاء بالأقوال والتصريحات».
بدوره، قال مستشار الرئيس الفلسطيني مسؤول ملف القدس في مؤسسة الرئاسة الفلسطينية أحمد الرويضي إن ما يجري في القدس «هو تصعيد ممنهج ومتعمد من اجل اسكات المقدسيين وقمعهم، لتكريس واقع أن المدينة موحدة عاصمة لإسرائيل».
وأضاف الرويضي، في اتصال مع «السفير»، أن «المقدسيين لن يقبلوا بما يجري، وسيواجهون وحدهم كل مساعي اسرائيل لتقسيم الحرم (المقدسي) وتهويد المدينة».
في المقابل، اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال جلسة خاصة عقدها في مكتبه، الرئيس محمود عباس بشن «حملة تحريضية ضد إسرائيل، ترافقه فيها جهات إسلامية متطرفة»، وأعطى أوامر بزيادة التعزيزات العسكرية في القدس، خشية تصاعد التوتر.
بدوره، حمّل وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون المسؤولية عن محاولة اغتيال غليك للرئيس الفلسطيني، قائلاً «عندما يزرع أبو مازن الكراهية حول حق اليهود في أرضهم وحرية العبادة فإن النتيجة تكون عمليات إرهابية، كما حدث أمس في محاولة اغتيال يهودا غليك»، بينما اعتبر وزير الأمن الداخلي يتسحاق اهرنوفيتش ان قتل الشهيد معتز حجازي هي «رد سريع وإغلاق حساب فوري» على محاولة اغتيال الحاخام المتطرف.
وفي خضم هذه التطوّرات، اندلعت مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال الاسرائيلي في حي الثوري في سلوان، بعد استشهاد حجازي، وقد أسفرت عن عشرات الإصابات، بينما يتوقع تصاعد وتيرة التوتر خلال صلاة الجمعة ظهر اليوم.

أمجد سمحان

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...