تفاهم روسي ـ أميركي على إنعاش «جنيف 1» وواشنطن تأمل خلط أوراق وفتح مسار سياسي للحرب على الإرهاب

29-10-2014

تفاهم روسي ـ أميركي على إنعاش «جنيف 1» وواشنطن تأمل خلط أوراق وفتح مسار سياسي للحرب على الإرهاب

إحيــاء «جنــيــف 1» الســوري والعملية السياسية، في مواجهة التحالف ضد الإرهاب، وذلك بتفاهم روسي ـ أميركي.
الخيار الديبلوماسي يعود روسياً وأميركياً، في ذروة الهجوم على تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» في الشمال السوري. ويعمل الروس، بشكل خاص، على إنعاش «جنيف 1»، رغم عدم توفر الشروط الميدانية لإطلاقه، وانشغال الأطراف بجبهات الحرب على الإرهاب، وغياب أي مؤشرات على قرب إطلاق العملية الديبلوماسية، وربما بسبب ذلك.
وفي ظل صمت أميركي، بدت المواقف التي أطلقها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس الأول، في غربة تامة عن السياق الحالي للأحداث بقوله إن «فرص استئناف المفاوضات حول الشأن السوري تزداد، لكن الحالة الراهنة لعملية التسوية شديدة التعقيد».آليات عسكرية تنقل أسلحة وعناصر من «البشمركة» الكردية العراقية خلال انتقالهم من دهوك إلى تركيا ومنها إلى عين العرب أمس (رويترز)
ومن الواضح أن الروس يريدون الذهاب إلى العملية السياسية رغم الاشتباك الديبلوماسي مع الأميركيين بشأن أوكرانيا، تأكيداً للقدرة على فصل الملفات، ومحاولة استعادة المبادرة في الملف السوري، بعد استبعادهم أي مشاركة في الحرب على الإرهاب وتحت أعلام التحالف الأميركي، فيما تمنح المفاوضات الأميركيين فرصة إعادة خلط الأوراق، ووضع مسار سياسي للحرب على الإرهاب في شقها السوري.
ويبدو أن التفاهم الروسي - الأميركي على إطلاق العملية السياسية حول الأزمة السورية، قد تم تجديده خلال اللقاء الذي جمع لافروف ونظيره الأميركي جون كيري في اجتماع باريسي في 14 تشرين الأول الحالي. وكان لافروف أبلغ نظيره السوري وليد المعلم بأن موسكو تسعى إلى إضاءة الأنوار في جنيف، على هامش الاجتماعات التي جرت خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 أيلول الماضي.
وتقول مصادر سورية معارضة إن المشرف الأميركي على ملف العلاقات مع المعارضة السورية دانيال روبنشتاين ابلغ قادة «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أنهم لن يكونوا الطرف الوحيد المعارض، والذي سيجلس مجدداً إلى طاولة المفاوضات مع ممثلي الدولة السورية. وكان لافروف قد قال إن «حضور الائتلاف ضمن وفد المعارضة ضروري، لكن ينبغي أن يضم هذا الوفد ممثلي المجموعات الأخرى».
وجلي أن «الائتلاف السوري» لم يعد نقطة ارتكاز الديبلوماسية الأميركية للتدخل في سوريا، بعد اضمحلال تأثيره على مجرى العمليات في سوريا، والانشقاقات التي أصابته بفعل الاقتتال على ما تبقى منه بين أجنحته الموالية لقطر والسعودية، والتوجه إلى إعادة الاعتبار إلى المعارضة الداخلية، والمعارضة المسلحة، في إطار استعادة قطب سوري عسكري سياسي متجانس، قادر على اتخاذ قرارات في الداخل وتنفيذها، رغم فشل كل المحاولات التي جرت لتوحيد المعارضة، واتضاح أن البحث عن مجموعة معتدلة تسهم في ملء الفراغ، الذي قد تخلفه الحرب على «داعش»، رهان لا أساس له.
وفي المقابل، لا يبدو أن العرض الروسي، بحسب أوساط سورية مطلعة، لقي استحساناً سورياً في الوقت الحاضر. ومن المنتظر أن يصل المعلم إلى موسكو الأسبوع المقبل للتفاهم مع لافروف، بعد أن كان قد أبلغه في نيويورك بأن لا رغبة لدمشق بالذهاب حالياً إلى مثل ذلك المؤتمر. ويعتقد السوريون أن الأوان لم يحن بعد للعودة إلى طاولة المفاوضات، وان التطورات الميدانية والسياسية، تذهب باتجاه تأكيد وجهة نظرهم بأولوية الحرب على الإرهاب وتقدمها على أي تسوية أو حكومة انتقالية.
وجلي أن أي مفاوضات تجري الآن ستعيد المعارضة السورية تحت الأضواء، وتشكل تنازلاً كبيراً لا مبرر له على ضوء التطورات الميدانية التي يصبّ معظمها في مصلحة الجيش السوري، وهدية مجانية إلى المعارضة.
وتقول مصادر سورية إن الروس يصرون على حضور ممثلي الحكومة السورية إلى المؤتمر، الذي تعد له موسكو مع واشنطن، فيما يبدو أن مهمة المعلم ستتركز على إقناعهم بعدم جدوى الذهاب إليه.
وتضيف المصادر أن الروس يودون العودة إلى صيغة تفاوضية ترجح البيان الأول لجنيف، وهي صيغة باتت الولايات المتحدة تؤيدها، في استبعادها البحث بالموقع الرئاسي السوري، وتركيزها على عملية انتقالية، تقل تشدداً عما كانت تفكر فيه في «جنيف 2».
وتقول مصادر سورية إن الخطة الروسية ترتكز على العودة إلى وفد من المعارضين يضم «الائتلاف» و«هيئة التنسيق»، التي باتت تضم في صفوفها المعارض قدري جميل المقرّب من موسكو، والعشائر، بالإضافة إلى وفد من الأكراد.
ويقول مصدر سوري إن العناوين الرئيسة للخطة الروسية تستبعد أي تفاوض حول الموقع الرئاسي في المرحلة الأولى، لكن الخطة تتضمن الاتفاق على حكومة وحدة وطنية بالمناصفة بين النظام السوري والمعارضة، مع الإبقاء على وزارات الدفاع والخارجية والداخلية في عهدة الرئيس بشار الأسد، مع تقليص صلاحياته، ونقل جزء منها إلى الحكومة، لقاء عدم المساس بموقعه.
ومن المنتظر أن تعمل الحكومة خلال عامين على كتابة دستور جديد، وطرحه على الاستفتاء، وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، لا يُستبعد منها الأسد.

محمد بلوط

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...