أوروبا تلعب بورقة الأكراد وواشنطن تلقي أسلحة لهم

21-10-2014

أوروبا تلعب بورقة الأكراد وواشنطن تلقي أسلحة لهم

تحاول تركيا، بعد فشلها في الحصول على موافقة دولية لإقامة «مناطق عازلة» في سوريا، السيطرة على المنطقة الحدودية بطريقة أخرى: الموافقة على انتقال عناصر من «البشمركة» التابعة لإقليم كردستان العراق إلى عين العرب (كوباني) السورية لمساعدة مقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية في صد هجوم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»-»داعش»، وهي التي ساوت بين «داعش» و«حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي السوري.
وبعد ساعات من إسقاط طائرات أميركية مساعدات عسكرية وطبية للمقاتلين في عين العرب، وذلك للمرة الأولى منذ اندلاع المعركة في 16 أيلول الماضي، حاول وزير الخارجية الأميركي جون كيري طمأنة أنقرة من أن هذا الأمر لا يعد تحولا في السياسة الأميركية تجاه المقاتلين الأكراد في سوريا، الذين تعتبرهم أنقرة «إرهابيين».
وانضم وزراء خارجية أوروبا، في لوكسمبورغ، إلى أنقرة في الضغط على أكراد سوريا، حيث اعتبروا أن دخولهم إلى التحالف مشروط بالانضمام إلى جبهة واحدة مع المعارضة السورية المدعومة غربياً، بالرغم من مطالبتهم تركيا بفتح حدودها أمام أي إمدادات إلى عين العرب.السنة لهب ترتفع في عين العرب جراء غارة اميركية امس (ا ف ب)
وأقر وزير الخارجية الدنماركي مارتن ليدغارد، بالتعقيد الذي يحيط بمحاولة «التحالف» جمع تركيا وأكراد سوريا. ويقول «سيكون أقصى ما آمله أن ينضم الأتراك والأكراد إلينا في التحالف كي نخوض قتالاً فعالاً ضد داعش، فجميعنا لدينا مصلحة في ذلك». ويؤكد نظيره التشيكي لوبومير زاورالك أن المسألة لم تحسم، موضحا، «لا أعرف ما إذا سيكون من الممكن جعلهم جزءاً من التحالف، لكن أؤكد أننا سنفعل كل الممكن لمساعدتهم».
وانتقد وزير خارجية لوكسمبورغ جون أسلبورن انتقاداً مبطناً معارضة أنقرة، معتبراً أن «الوحيدين الذين يستخدمون القوة العسكرية الآن هم الأكراد، علينا أن ننسى الآن إن كانوا ينتمون إلى حزب العمال الكردستاني أو لمجموعة أخرى، فالأمر يدور حول إنقاذ هؤلاء الناس».
في هذا الوقت، كرر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف انتقاده للتحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة، ضد «داعش»، ورفض واشنطن التعاون مع سوريا بشأن هذا الأمر.
وقال، في محاضرة حول السياسة الخارجية الروسية في موسكو، إن «واشنطن تقوم بالتوازي مع ضرب داعش بدعم المعارضة المسلحة، التي تعتبرها معتدلة ومقبولة، وذلك لتعزيزها كي تتمكن من إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد». ودعا إلى «تشكيل تحالف حقيقي ضد المتطرفين على أساس استراتيجية مشتركة وقرار دولي»، مؤكداً أن «إيران وسوريا حليفتان في مكافحة الإرهاب من الناحية الموضوعية».

 وبعد يوم من وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للمقاتلين الأكراد، التابعين إلى «حزب الاتحاد الديموقراطي»، في عين العرب بـ«الإرهابيين»، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التونسي منجي حامد في أنقرة، «نساعد مقاتلي البشمركة الأكراد على عبور الحدود للتوجه إلى كوباني. محادثاتنا مستمرة حول الموضوع».
ولا يمكن وصف هذه الخطوة بأنها تغيير في سياسة تركيا التي تقيم علاقات جيدة مع إقليم كردستان العراق، ولها استثمارات ضخمة فيه. وذكرت وكالة «روداو» الكردية أن «رئيس» كردستان العراق مسعود البرزاني هو من طالب السلطات التركية بتسهيل مرور «البشمركة» إلى المدينة السورية المحاصرة.
وفيما أعلن المتحدث باسم «البشمركة» جبار ياور استعداد «الإقليم لإرسال قوات» إلى عين العرب، فإن مسؤولا كرديا عراقيا شكك في هذا الأمر، موضحا أن «البشمركة» يقاتلون «داعش» في العراق.
ولم يعلق جاويش اوغلو مباشرة على قيام طائرات أميركية بإسقاط مساعدات عسكرية وطبية للمقاتلين في عين العرب. وقال «إننا نتعاون بالكامل مع التحالف»، مضيفاً «نريد التخلص من جميع التهديدات التي تحيط بالمنطقة. إننا نقدر المساعدات العسكرية والطبية الملقاة لهذا الغرض»، فيما أشار مسؤول تركي إلى أن الطائرات لم تمر في الأجواء التركية.
وانتقد جاويش أوغلو «حزب الاتحاد الديموقراطي». وقال «يهدف مثل داعش إلى السيطرة على منطقة محددة من سوريا، وهذا ما نعتبره تهديداً لمستقبل سوريا وتأسيس الديموقراطية فيها». وأضاف «حزب الاتحاد لن يتمكن من الحصول على دعم، لا من الجيش الحر ولا من تركيا، ما دام يحافظ على طموحاته هذه. وعليه هو والعناصر الأخرى تغيير سياساتهم والتخلي عن طموحاتهم هذه».
ورفض القيادي في «الاتحاد الديموقراطي» إدريس نعسان هذه الاتهامات، قائلا إن «حزب الاتحاد الديموقراطي هو أحد المكوّنات الرئيسية للمعارضة السورية، وهذا يعني انه يعمل من أجل الأحزاب الكردية (في البلاد) لكن أيضا لكل سوريا». وعبّر عن رغبته في أن تلتزم تركيا بكلامها وتسهل مرور «البشمركة». وقال «نأمل أن يتبلور هذا الممر بين تركيا وكوباني في الأيام المقبلة».
كيري
 وفي العاصمة الاندونيسية جاكرتا، دافع كيري عن مساعدة المقاتلين في عين العرب. وقال إن «إدارة ظهرنا لمجتمع يقاتل الدولة الإسلامية أمر غير مسؤول، كما أنه صعب أخلاقيا»، مضيفا أن الولايات المتحدة تأمل أن «يواصل الأكراد، الذين اثبتوا أنهم مقاتلون أشداء وبواسل، قتالهم».
إلا أن كيري حرص على التأكيد أن هذه الخطوة لا تشكل تغييرا في السياسة الأميركية، موضحا أن واشنطن تدرك التحديات التي تواجهها تركيا في ما يتعلق بـ«حزب العمال الكردستاني» و«لكننا كتحالف قمنا بجهد لإضعاف وتدمير الدولة الإسلامية الذي يقاتل بأعداد كبيرة في هذا المكان المسمى كوباني». وأضاف «هذه لحظة أزمة وطوارئ، ولا نريد أن نرى كوباني تتحول إلى مثال فظيع لغياب الإرادة في مساعدة من يقاتلون التنظيم».
وتابع «تحدثنا مع السلطات التركية. أنا تحدثت، وتحدث الرئيس (باراك أوباما) لكي نوضح تماما أن هذا ليس تحولا في سياسة الولايات المتحدة. إنها لحظة كارثية وطارئة».
وذكرت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن المنسق الأميركي للتحالف الدولي الجنرال جون آلن سيبدأ اليوم جولة تستمر 10 أيام، تشمل بريطانيا وفرنسا والسعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات وسلطنة عُمان.
ووصف مسؤولون أميركيون الأسلحة التي تم تسليمها بأنها «أسلحة صغيرة». وأكدت «وحدات حماية الشعب» الكردية أن الأسلحة والذخائر التي ألقتها طائرات أميركية قرب عين العرب ستساعد المقاتلين كثيرا في مواجهة «داعش».
وأوضحت القيادة الأميركية الوسطى، في بيان، أن طائرات شحن عسكرية من طراز «سي 130» نفذت «عدة» عمليات إلقاء إمدادات من الجو، مشيرة إلى أن هذه الإمدادات قدمتها سلطات إقليم كردستان العراق وهدفها «إتاحة استمرار التصدي لمحاولات الدولة الإسلامية السيطرة على كوباني»، لكنها حذرت من أن «الوضع الأمني في كوباني ما زال هشا مع مواصلة الدولة الإسلامية تهديد المدينة واستمرار مقاومة القوات الكردية».
وأعلن الجيش الأميركي أن مقاتلاته دمرت إمدادات سقطت خطأ على مشارف عين العرب خشية سقوطها بيد «داعش» بدلا من المقاتلين الأكراد.
وذكر أن «داعش نفذ تفجيرين انتحاريين في شمال عين العرب، فيما وصلت تعزيزات جديدة إلى التنظيم مصدرها منطقة جرابلس إلى الغرب من كوباني».

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...