المطران غطاس هزيم: 90 % من الأرثوذكس في العراق هُجّروا

20-10-2014

المطران غطاس هزيم: 90 % من الأرثوذكس في العراق هُجّروا

يدرك متروبوليت بغداد والكويت وتوابعهما للروم الأرثوذكس المطران غطاس هزيم أن المهمة التي أولاه إياها المجمع الإنطاكي المقدس برئاسة البطريرك يوحنا العاشر اليازجي، بتعيينه راعيا لتلك الأبرشية، ليست سهلة.
ويدرك هزيم أيضا، أن مهمته قد تكون تاريخية، وهي تحتاج إلى جهد كبير من أجل تضميد جراح المسيحيين في تلك المنطقة العربية، ولا سيما بغداد وسائر العراق، والتي بدأت منذ العام 1991، إبان اجتياح الرئيس الراحل صدام حسين للكويت، ولا تزال مستمرة بأشكال مختلفة، ومن أجل توفير كل الظروف الملائمة لتثبيتهم في أرضهم والحفاظ على الوجه المسيحي، والأرثوذكسي تحديدا، في بلاد ما بين النهرين.هزيم
المطران هزيم هو ابن بلدة محرّدة في ريف حماه في سوريا، وهي تضم أكثر من 20 ألف مسيحي، وهو أيضا ابن شقيقة البطريرك الراحل إغناطيوس الرابع هزيم، ومن المفترض أن يلتحق بأبرشيته الجديدة قبل نهاية العام الحالي، حيث سيسلمه البطريرك اليازجي «عصا الرعاية» وسيقيم في المطرانية الأرثوذكسية في الكويت.
يشدد هزيم على ضرورة ألا يشعر المسيحيون في العراق أنهم بمفردهم، واصفا كاهن الرعية هناك بأنه بطل ومجاهد حقيقي، حيث لم يترك المواطنين الأرثوذكس، وكان يهتم بهم ويسعى لتلبية كل احتياجاتهم بالرغم من الظروف الصعبة.
ويكشف هزيم،  عن أرقام صادمة حول الوجود الأرثوذكسي في العراق، فيشير إلى أنه لم يعد يوجد في بغداد سوى 30 عائلة من أصل أكثر من 600 عائلة تهجرت تباعا منذ اجتياح الكويت، وأن ما بقي في الموصل لا يتعدى عشر عائلات. أما في البصرة فقد تهجرت كل العائلات الأرثوذكسية بعدما تعرضت للقتل والتهديد، لافتا الانتباه إلى أن التهجير الأرثوذكسي تجاوز في العراق عموما الـ 90 في المئة، نتيجة الفوضى الأمنية العارمة التي سيطرت على هذا البلد خلال الحقبات الماضية.
ويأمل هزيم في أن تشكل أربيل ملاذا للمسيحيين، كونها منطقة واعدة من خلال الاستثمارات الاقتصادية والتجارية، وأن «تحتضن أولادنا الذين ينتقلون إليها من أرجاء العراق ومن سوريا ولبنان».
ويقول هزيم إن «الطائفة الأرثوذكسية معترف بها ضمن القانون والدستور العراقيين، ووضعنا هناك مشابه لوضعنا في لبنان وسوريا، فنحن نمتلك كنيستين، ومدرسة تعتبر من أهم مدارس بغداد، فضلا عن دار للمسنين وآخر للأيتام، ومركز للأنشطة الثقافية والرياضية والتربوية»، لافتا الانتباه إلى أن «التنظير عن بعد حول الأوضاع السائدة هناك صعب جداً، وأنه بمجرد وصوله واطلاعه على مجريات الأمور على أرض الواقع، سيتمكن من وضع الاستراتيجيات وتحديد الأولويات التي تخدم شعبنا ورعيتنا وتساعدهم على البقاء في أرضهم».
ويشير هزيم إلى أن «عودة من هاجروا إلى ديارهم مرتبطة بالوضعين السياسي والأمني، ولا نستطيع هنا أن نحثّ أحدا على العودة حالياً، في ظل هذه الحرب القائمة في مناطق مختلفة من العراق».
وعما إذا كان الغرب يساهم في تفريغ العراق من مسيحييه بسبب التسهيلات التي يقدمها، يقول هزيم «ليس صحيحا أن الغرب يسهل هجرة المسيحيين، وأنا أعرف كثيرا من المسيحيين والأرثوذكس على وجه الخصوص لجأوا إلى السفارات ولم يحصلوا على التأشيرات، كما أن بعضهم لجأ إلى منظمة الأمم المتحدة وبعض المنظمات الدولية الأخرى لكي يتمكن من الهجرة ولم يفلح في ذلك».
ويرى هزيم أن المسيحيين كانوا يذبحون في العراق ولم يحرك الغرب ساكنا تجاه حمايتهم، وما قدمته فرنسا كان مجرد «رفع عتب».
لا تقتصر مخاوف المطران هزيم على إمكانية تغيير الوجه المسيحي في العراق، بل تتعداها إلى الخوف من تغيير وجه المنطقة العربية ككل، مشيرا إلى أنه يخشى على حضارة ما بين النهرين، وعلى حضارة الفرات «فنحن لدينا تراث عميق، إن كان قبل المسيحية، أو في المسيحية، أو في الإسلام، وهذا التراث العريق مهدد، ونرى ذلك في الاعتداء على الأضرحة وعلى المعالم كلها، كما نخشى على ثقافة قبول الآخر والعيش مع الآخر فهي أيضا مهددة».
ويضيف «أعتقد أن التجزئة ليست طريقة للتفكير الصحيح، لأن حتى الإسلام مهدد، ولا أعتقد أن الحملة اليوم هي فقط ضد المسيحيين، فالإسلام هو روضة فيها تعدد وتنوع، وهذه الروضة أيضا مهددة».
وبرغم كل هذه التهديدات، يدعو هزيم المسيحيين إلى عدم الخوف: «نحن مكون أساسي من ثقافة هذه المنطقة، والمسيحيون والمسلمون على اختلاف مذاهبهم مهددون».
ويختم هزيم: «سأحمل إلى رعيتي في بغداد والكويت كلمة ربنا: لا تخف أيها القطيع الصغير فأنا معكم وإن اضطهدوكم فتذكروا أنهم إضطهدوني قبلكم. لن نخاف، فهذه ليست المرة الأولى في التاريخ، فنحن سنبقى طالما الإيمان باق، وطالما ربنا موجود سنكون موجودين».

غسان ريفي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...