حول ضعف وتناقضات إئتلاف مكافحة الإرهاب

13-10-2014

حول ضعف وتناقضات إئتلاف مكافحة الإرهاب

الجمل ـ مكسيم إيفرورف ـ ترجمها عن الروسية: مظهر عاقلة: رغم هدير الطائرات المقاتلة والقنابل التي تتساقط على العراق وسوريا و الضجة الإعلامية العالمية للحلف بقيادة الولايات المتحدة والذي يضم أكثر من 40 دولة الإ أنه لايمكن إخفاء حقيقة أن هذا الحلف لم يتمكن من تحقيق الإبعض الأشياء من الناحية العسكرية والسياسية مع بناة الخلافة الإسلامية الحديثة.
حصار "داعش" لقرية كوباني والإسم بالعربي"عين العرب" والتي  تقع على الحدود السورية-التركية مازال مستمراً,وبسيطرة "داعش" عليها فإنها سوف تتمكن من السيطرة على كامل الحدود السورية-التركية. تقريباً,جزء من المدينة سقط بيد "داعش" وفر الآلاف من السكان المدنيين بإتجاه الحدود التركية حيث قوبلوا بوحشية من حراس الحدود التركية ,المدينة لم تستسلم ومنذ 10 أكتوبر والوحدات الكردية تقاتل بشراسة للحفاظ على المدينة.
بعد فترة من الزمن العالم كله سيسخر من "التهديد والترهيب" ضد "داعش" من قبل الإئتلاف الذي تترأسه الولايات المتحدة بشكل رئيسي ,فالأسلحة الأمريكية تدمر المعدات العسكرية الأمريكية التي استولت عليها "داعش" في قتالها ضد الجيش العراقي. من الواضح أن هكذا نوع من النشاط العسكري لن يسبب ضرراً كبيراً لقوات "داعش" ولن يحل المشكلة. والمكسب الوحيد حالياً هو زيادة دخل الشركات الأمريكية المصنعة للأسلحة والبنتاغون الذي يعطي أوامر التسليح.
أي مراقب دقيق يدرك ماقاله الجيش الأمريكي منذ فترة طويلة :"العملية البرية لامفر منها إذا أردنا تحقيق شيء ملموس وحاسم " .والبوادر الأولى تشير الى أن الأمور تسير في هذا الإتجاه وبدأت تطفو على السطح ,ففي 2 أكتوبر أعطى البرلمان التركي الأذن للقوات العسكرية  لإجراء عمليات في الأراضي السورية والعراقية ,وتحدث رئيس البلاد في البرلمان بأن الهدف الرئيسي بالنسبة لتركيا إسقاط نظام بشار الأسد ,ووفقاً لأردوغان أن الحملة الحالية ينبغي أن تؤدي إلى حل جذري في سوريا ف"تركيا لن تسمح  لنفسها أن تستخدم من قبل البعض لأنصاف الحلول أو المؤقتة منها ".  السلطات التركية والحكومة قدمت للبرلمان الأسباب التي تبرر إرسال القوات خارج الحدود "قواتنا ستقاتل ضد "داعش" وحزب العمال الكردستاني وقوات الأسد" وفقاً لأردوغان.
حتى الآن هذا لم يحدث فما الذي منع أردوغان من القيام بذلك؟ وهو من قال أمام البرلمان أنه بدون تركيا لن يحقق التحالف أي شيء. الجواب بسيط فحسب العديد من المنشورات في الصحف العالمية  أن المساومة بين أنقرة وواشنطن على شروط المشاركة في القتال لم تنته بعد.
 فالحكومة التركية مقابل المشاركة تريد  السيطرة على منطقة عازلة على طول الحدود السورية -التركية بالإضافة إلى فرض حظر جوي على تلك المنطقة ,كما تسعى أنقرة إلى أخذ الأذن من واشنطن بضمان حق النقض بما يخص حزب العمال الكردستاني ومكاتبه في سوريا وحزب الإتحاد الديمقراطي الكردي في حال قيامه بعمليات تحت شعار مكافحة الإرهاب.
إذاًما الذي تخشاه تركيا؟
في حقيقة الأمر أن العمليات الحالية ضد"داعش" تعزز العامل الكردي وإنشاء منطقة كردية موحدة في سوريا والعراق الأمر الذي سوف يؤثر على الإستقرار الداخلي لتلك البلاد إن لم تتم ردود فعل لإحتواء العامل الكردي. وأخيراً نكرر الشيء الأكثر أهمية وهو أن تركيا والولايات المتحدة  تسعيان للخطوة التالية وهي الإطاحة بالأسد ,وخلاف ذلك فإن مكافحة "داعش" هو إضعاف لتركيا في مواجهة سوريا وإيران وبعبارة آخرى فإن النتيجة هي العكس تماماً  عن الأهداف المعلنة.
يطمح أردوغان  أن يلعب دوراً رئيساً في التحالف ضد الإرهاب مستغلاً وجود تركيا كعضو في حلف شمال الأطلسي وجارة للعراق وسوريا وذلك  لتوفير نتائج جيوسياسية مطلوبة لتركيا, لكن أردوغان لايرى أن الولايات المتحدة حشدت لنفسها حلفاء من "السّنة" بما يكفي,وليست على عجلة لدفع تركيا لتكون في الصفوف الأولى وتكون في الواجهة وتتصدر المشهد.
حتى وقت قريب إندلع التنافس بين أنقرة والممالك الغنية في الخليج الفارسي على تصدر التحالف .أهدافهم لاتتطابق وهم في صراع دائم ويصعب على أمريكيا التوفيق بينهما ,فمن الواضح أن الرياض لاترغب في أن ترى تركيا بين قوات التحالف ورائدة له.على الرغم من أن  الأهداف الرئيسية للدولتين هي نفسها إسقاط الرئيس الأسد وقمع داعش,ولاتكف الصحف السعودية وبقوة عن ذكر "الخطايا"التاريخية لتركيا في العالم العربي خلال فترة سيطرتها على مناطق واسعة من المشرق العربي وجزء من الخليج الفارسي وطموحاتها الحالية بالهيمنة على المنطقة وعلى وجه الخصوص أجزاء من الأراضي السورية والعراق,تركيا اليوم هي الراعي الرئيسي "للإخوان المسلمين" وهي المنظمة المكروهة من الرياض والتي تسعى الأخيرة  مع الإمارات المتحدة وبقوة لإقتلاعها من مناطقها وبيئتها.فرؤية الإخوان المسلمين على عرش السلطة في دمشق يشكل كابوساً للإمراء السعوديين .
لذلك السعودية  تعمل على منع دخول القوات التركية إلى الأراضي السورية وتشكيل منطقة عازلة وفرض  حظرجوي وبالتالي تحويلها لنقطة إنطلاق للإنقضاض على دمشق.
دور "المحرر"لسوريا والسيطرة على مايسمى بالمعارضة"المعتدلة" والتي ترغب الولايات المتحدة وحلف الناتو بتعيينه من المؤكد ليس تركيا ,فهم يرغبون بشخص آخر لتولي السلطة في دمشق مطيع ومسيطر عليه من قبل الرياض فهذه العائلة السعودية الحاكمة وجدت لنفسهاعلى حليف مكتشف حديثاً-باريس- المستعدة لبيع روحها للشيطان من أجل إبرام عقود عسكرية جديدة ,ويذكر أنه مؤخراً وبعد زيارة الأمير سلمان في أوائل سبتمبر لباريس تلقت الأخيرة مبلغاًَ ليس بالقليل من السعودية.هولاند يؤيد بقوة الرياض في عملية إسقاط الأسد ,في حين تستغل الرياض علاقة باريس بأنقرة  والتي تتصف بالمتوترة وخصوصاً بعد معارضة فرنسا إستقبال تركيا في الإتحاد الأوربي ويذكر أن باريس لم تشارك في الضربات الجوية على سوريا.
لن ننس خلال توزيع الأدوار للإئتلاف  ضد الإرهاب  (الحلقة المخفية ) - قطر - والتي كان لها باع طويل في "الثورات العربية "بين 2011-2013 وهي ايضاً الحليف الموثوق به في أنقرة لرعايتها "الإخوان المسلمين" وحركات إسلامية أخرى بما فيها "داعش" وعلى مايبدو أن هذا المحور يتصدع بسبب عزوف الدوحة عن تصدر زعامة العالم العربي من خلال "الربيع العربي"بالإضافة للمتاعب والضغوط الهائلة من قبل مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية والتي ترفض تماماً دعم مشروع تسلم الأخوان المسلمين للسلطة في العالم العربي.
قطر انحنت  وقبلت مرغمة طرد سبعة من قادة الإخوان المسلمين بطلب من السعودية وبحسب بعض التقاير توجه بعض هؤلاء القادة لتركيا . إحتفظ الأمير تميم بداعية "الإضطرابات العربية"رئيس هيئة علماء المسلمين القرضاوي و الذي لم يعد يظهر على الشاشات كما من قبل.من الواضح أن قطر لن تنوي في دخول التحالف ضد الإرهاب  ولاتريد أن يسلط عليها الضوء.
الولايات المتحدة تدرك تماما مع من تتعامل والدليل تصريحات نائب الرئيس الأمريكي جون بايدن خلال خطابه في جامعة هارفارد في 2 أكتوبر حيث ألقى اللوم صراحة على السعودية وتركيا والإمارات العربية لرعايتهم الإسلاميين الراديكاليين لقلب نظام الحكم في سوريا .ووفقاً لبايدن "كانت لدينا أكبرمشكلة في سوريا وهم حلفاءنا في المنطقة" ويقول بايدن:" تركيا صديقة بالنسبة لنا وكذلك السعودية والإمارات ولكن ماذا فعلوا ؟كان كامل تركيزهم ينصب على الإطاحة بالرئيس الأسد وشنوا حربا بالوكالة بين السنة والشيعة وأرسلوا مئات الملايين من الدولارات وعشرات آلاف أطنان الأسلحة إلى جميع الذين وافقوا على القتال ضد الأسد ,والصحيح أن المساعدات كانت تتلقاها "جبهة النصرة"و"داعش"وعناصر متطرفة أخرى جاؤوا من مختلف أنحاء العالم وأن كنتم تعتقدون أنني أبالغ ؟أنظروا بأنفسكم إلى النتائج.".
بايدن يقول :لايغتفر لمثل هذه الأمور في الشرق الأوسط,فلانستطيع أن نقول عن شيء ما أنه مستحيل حتى لوكان معروفا للجميع بغير ذلك وبأنه مستحيل".
بايدن أراد على مايبدو أن يقول أن الولايات المتحدة كانت سببا في صعود الراديكالية في الشرق الأوسط.
بايدن اعتذر لتركيا والأمارات وسعود الفيصل ,وفي الوقت الراهن هذه البلدان هم أعضاء في التحالف "النبيل " ضد الإرهاب.
بالطبع هذا الإعتراف المتأخر من الشخصية الثانية في الإدارة الأمريكية غالي الثمن,ويكشف أمورا أخرى حيث يعكس بوضوح مناقشات البيت الأبيض والبنتاغون ومادرجة التوافق والتناقض ,حول كيفية ضم دول للتحالف ساهمت بشكل رئيسي في دعم ورعاية الإرهاب, ومناقشة كيف لواشنطن أن لاترتكب أخطاء قاتلة . بشكل عام الصورة العامة للمشهد الشرق أوسطي ضبابية وغامضة, فليس من الضرورة القيام بعملية ضد إيران وسوريا بالوقت الذي يمكن فيه التحاور معها والتوصل إلى إتفاق على المواضيع التي تهم الولايات المتحدة  وبالتالي عدم إعطاء فرصة لموسكو من البوابة السعودية التي تعارض التقارب الأمريكي الإيراني.
المشكلة الرئيسية أن واشنطن تتلاعب بجميع حلفائها حيث لم تكشف لهم ولو بشكل مبدئي عن الغرض الحقيقي ونواياها من عملية مكافحة الإرهاب فلهذه اللحظة لاأحد يدرك ماذا يحدث في الواقع وإلى أين الأمور ستتجه.


11\10\2014
المصدر:
http://ru.journal-neo.org/2014/10/11/rus-bessilie-i-protivorechiya-antiterroristicheskoj-koalitsii/

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...