الحلفاء لن يرسلو جيوشهم إلى المنطقة وسيكتفون بضربات الجو وميليشيات المرتزقة على الأرض

19-09-2014

الحلفاء لن يرسلو جيوشهم إلى المنطقة وسيكتفون بضربات الجو وميليشيات المرتزقة على الأرض

باريس تسارع إلى إسقاط نفسها في مشاريع الحرب الجديدة، فيما تواصل واشنطن استجماع كل الأدوات، من بينها الإقليمية، وتحرر «مشاريعها السورية»، تحضيراً لمحاولة توظيفها ضمن حراكها الشرق أوسطي الجديد، فيما تتوالى الغارات الجوية، التي تأخذ أبعاداً جديدة، على الميدان العراقي. تلك خلاصة التطورات المتداخلة يوم أمس بين العواصم الغربية وبلدان المنطقة.

ضمن هذا الإطار، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أنه أعطى موافقته على شن ضربات جوية في العراق. وقال، خلال مؤتمر صحافي، «هذا الصباح (أمس) عقدت اجتماعاً لمجلس الدفاع وقررت الرد على طلب السلطات العراقية لمنحها دعماً جوياً». لكنه أوضح «لن نذهب الى هناك، لن يكون هناك قوات على الأرض ولن نتدخل إلا في العراق». وتابع هولاند إن «الحركة الإرهابية توسعت في خضم الفوضى السورية - وكذلك لأن المجموعة الدولية لم تتحرك». وأضاف «العالم مهدد بشكل خطير بإرهاب قام بتغيير أبعاده، ولم يكن أبداً بمثل هذه الإمكانات المالية والعسكرية والبشرية. إرهاب لم يعد يكتفي فقط بمواجهة الدول، وإنما يأخذ مكانها. إرهاب يهاجم الشعوب الأكثر ضعفاً مهما كانت ديانتها».
وتنفذ طائرات فرنسية طلعات استطلاعية فوق العراق، منذ يوم الاثنين الماضي، للحصول على «تقويم مستقل» لقدرات «داعش»، بحسب ما أعلنت رئاسة الأركان الفرنسية يوم أمس.
وفي واشنطن، من المتوقع فجر اليوم أن يحذو مجلس الشيوخ حذو مجلس النواب ذي الغالبية « الجمهورية »، الذي أقر ليل أول من أمس خطة لدعم وتدريب «المعارضة السورية» لتتمكن من محاربة « داعش» في سوريا، وفق الزعم الأميركي. ويعد هذا البرنامج القسم الأول من الاستراتيجية التي أعلنها الرئيس الأميركي باراك أوباما الأسبوع الماضي. وأشاد أوباما بـ«هذه الخطوة المهمة الى الأمام» للتصدي لـ«التهديد الذي تمثله المجموعة الإرهابية المعروفة باسم الدولة الإسلامية».

وكان وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل قد أعاد تكرار موقفه يوم أمس في أن «الحملة ضد داعش هي معركة العراقيين أولاً، وأن القوة العسكرية وحدها ليست كافية لهزيمته»، مطالباً بـ«التنسيق على المستوى السياسي». وقال هاغل خلال جلسة استماع أمام الكونغرس، إن بلاده «ستجري مزيداً من المشاورات بشأن محاربة داعش».
وتعهد بتوسيع الحملة الجوية التي تنظمها القوات الأميركية ضد عناصر تنظيم «داعش» في العراق، وأشار إلى أن «دول التحالف، بما فيها تركيا، التزمت بمساعدة العراق». وفي الجلسة ذاتها، قال وزير الخارجية الأميركي، جون كيري «نسعى للتخلص من شبكة إرهابية كاملة، ولا بد من تفاهمات واسعة لمحاربة تنظيم الدولة».
وأضاف: «العراق لم يعد معزولاً عن جيرانه، ويجب علينا أن نمنع عناصر هذا التنظيم من الوصول إلى ساحة المعركة». ومضى قائلاً: «علينا تجفيف التمويل غير الشرعي، الذي يصل إلى تنظيم داعش وأن نوقف تدفق المقاتلين الأجانب، الذين يقاتلون إلى جانب تنظيم داعش في سوريا ثم يعودون إلى دولهم لممارسة العنف بها».
وبشأن تتالي الحديث عن «تجفيف التمويل غير الشرعي»، الذي يبدو أنه بات من المفروض أن تطرح حول أبعاده اسئلة مركزية، يأتي حديث كيري بعد يوم من إشارته إلى عمليات تهريب «داعش» للنفط، مشيراً إلى استخدام التنظيم للحدود التركية واللبنانية. فخلال جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، قال كيري إن «تركيا تدرك التحديات... وعليها اتخاذ بعض القرارات خلال الأيام المقبلة»، متوجهاً إلى السيناتور الذي طرح السؤال بشأن تركيا بالقول إنه سيشرح له بشكل مفصل أكثر لاحقاً «خلف الأبواب» ماذا يعني بذلك. وقال كيري، في سياق الحديث، إنه لا يعتقد بأن مسألة تهريب النفط مدعومة من قبل أي من الدول المجاورة لسوريا أو العراق، إلا أنه أضاف إن عمليات التهريب تنفذ «عبر حدود تركيا أو لبنان»، ما يشير ربما إلى وضع تلك الحدود تحت الأعين الأميركية بشكل مكثف، في مشهد قد يعيد، إن صحت قراءته، خلط الأوراق في مواجهة الحراك الأميركي ـ السعودي المستجد.
وبالتوازي مع الخطوات المتسارعة في العواصم الغربية بهدف تحديد أطر التحالف المراد تشكيله، برز إقليمياً يوم أمس الحراك على خط الرياض ـ القاهرة، إذ تلقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رسالة من الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز نقلها إليه رئيس الاستخبارات العامة السعودية الأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز. وقالت وكالة الأنباء السعودية إنّ الرسالة تتعلق «بالعلاقات الثنائية المتينة التي تجمع بين البلدين، وكذلك القضايا ذات الاهتمام المشترك، والتنسيق المستمر في جميع المجالات التي تخدم مصالح الأمتين الإسلامية».
وتضمنت زيارة المسؤول السعودي للقاهرة بعداً مهماً، إذ أعلن بعيد لقائه شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب عن مبادرة الملك السعودي «بإعادة ترميم الجامع الأزهر». وتأتي هذه المبادرة بعد أيام على منح «الأزهر» شهادة دكتوراه فخرية للملك السعودي. ووسط التطرف الذي يغرق به العالم الإسلامي اليوم، يبدو أنه مطلوب من هذه المؤسسة الدينية التاريخية أن تلعب دوراً محورياً في أي حراك دولي ـ إقليمي لمكافحة «الإرهاب»، الأمر الذي كان قد أشار إليه ضمناً وزير الخارجية الأميركي خلال زيارته للقاهرة في نهاية الأسبوع الماضي.
وتترافق التطورات الدبلوماسية مع استمرار الأعمال العسكرية ضمن نطاق الأراضي العراقية، إضافة إلى ما بدأ يُنقل من روايات غير رسمية عن تحليق طائرات من دون طيار فوق أراض سورية. وفي حدث لافت، أعلنت القيادة العسكرية الأميركية الوسطى أن طائرات أميركية أغارت على «معسكر تدريبي» لتنظيم «داعش»، في أول غارة من نوعها على مثل هكذا هدف. وأوضحت القيادة التي تغطي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في بيان أن الغارة التي جرت في الساعات الأخيرة استهدفت موقعاً يقع «قرب معسكر تدريب» تابع للتنظيم جنوب شرق الموصل وأسفرت عن تدمير «عربة مصفحة ومبنيين مأهولين ووحدة عسكرية» تابعة للتنظيم. وأكد ضابط أميركي أن «هذه أول غارة تستهدف معسكراً تدريبياً للجهاديين منذ أن بدأت الضربات الجوية الاميركية في العراق في 8 آب»، التي تخطى عددها حتى يومنا 170 ضربة. ويأتي الإعلان عن هذه الغارة بعد يومين على شن ضربات أولى في محيط بغداد وحزامها.
وفي خضم التطورات المتسارعة ووسط التهويلات الجمة، كانت الدبلوماسية الإيرانية ترسم بهدوء، وعلى وقع المفاوضات النووية الشائكة الجارية في نيويورك، المشهد العام لكل المقبلين، بمختلف أدواتهم، إلى قلب الشرق الأوسط. الكلام الأبرز جاء من وزير الخارجية محمد جواد ظريف، الذي قال، في كلمة ألقاها مساء أول من أمس في مركز الأبحاث التابع لمجلس العلاقات الخارجية الأميركي في نيويورك، إن «الغزو الأميركي للعراق كان عاملاًً في إنشاء داعش»، واصفاً التحالف المزعوم الجديد بـ«تحالف التائبين».
وبشأن جدوى الغارات الجوية الأميركية على «داعش»، قال ظريف إن «من يريد أن يواجه هذه المشكلة، عليه أن ينظر إليها بشكل أوسع من نطاق العراق. لقد شهدتم أن أميركا دخلت متأخرة جداً في مواجهة هذه المشكلة... لا أريد أن أتحدث عن بدء هذا الموضوع في سوريا، لأن هذا الموضوع لم يبدأ في سوريا». وقال إن «العراقيين ليسوا بحاجة إلى وجود القوات الأجنبية في بلادهم، بل إنهم بحاجة الى جهود منسقة لوقف دعم هذه العصابة، ونأمل أن يبذل التحالف الذي أنشئ في باريس قصارى جهوده لوقف دعم هذه العصابة الإرهابية، لأن الكثير من المشاركين في هذا المؤتمر كانوا يدعمون هذا التنظيم بالمال والسلاح وحتى في توفير ممر آمن لأعضائه».
وأوضح ظريف «نحن لا ندعم التدخل العسكري الأجنبي في المنطقة، ونعتقد بأن زج القوات الأجنبية، سواء الجوية أو البرية، لن يحل مشكلاتنا». وبشأن سوريا، قال ظريف: «لولا مقاومة الحكومة السورية، لكان أبو بكر البغدادي يدير تنظيمه من دمشق».

ودعا وزير الخارجية التركي، مولود جاوش أوغلو، إلى زيادة تبادل المعلومات مع الدول الأخرى لمنع دخول الجهاديين إلى بلاده والسفر إلى العراق وسوريا للانضام إلى مقاتلي «داعش».وقال وزير الخارجية التركي، في مؤتمر صحافي في برلين، «تركيا لا يمكنها خوض هذه المعركة وحدها. أولاً وقبل كل شيء نحتاج إلى تبادل المعلومات ومعلومات المخابرات مع حلفائنا مثل ألمانيا وأوروبا والولايات المتحدة». وأضاف «سيكون من الأفضل إذا تم تحديد هوية هؤلاء الأشخاص قبل أن يغادروا دولهم لمنع دخولهم إلى تركيا أو ترحيلهم عقب دخولهم».في سياق منفصل، اعتبر محللون في لندن، يوم أمس، أن «جهاديي داعش» يشكلون خطراً عالمياً أقل من «القاعدة»، بالرغم من المخاوف من عودة متشددين تمرسوا في القتال الى بلدانهم. وأفاد «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية» في تقريره السنوي، «بالرغم من أعمال العنف الاستعراضية ولا سيما ضد الغربيين، تبدو مشاغل تنظيم الدولة الإسلامية على المدى القصير والمتوسط محلية وإقليمية أكثر مما هي عالمية».

المصدر: الأخبار+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...