داعش... هل تجمع روسيا مع أميركا ؟

12-09-2014

داعش... هل تجمع روسيا مع أميركا ؟

الجمل- دكتور دايفيد ستيوارت- ترجمة: رندة القاسم: تزايد خطر الجهاديين المتطرفين في الشرق الأوسط حجب الأضواء عن التوتر بين الولايات المتحده و روسيا المتعلق بالتطورات في أوكرانيا.  ويتم التقليل من شأن النتائج الكارثية المحتمله للسيناريو المتنامي في الشرق الأوسط .
فملف أوكرانيا يمكن أن يؤدي فقط الى  اعادة توزيع سوق الغاز و مناطق النفوذ لصالح احدى القوى العالمية أو مجموعة دول. بينما صعود الدولة الاسلامية في العراق و الشام قد يؤدي الى زعزعة الاستقرار في العالم مما  يؤذي نظام القانون الدولي نفسه.كيري يتوسط وزراء الخارجية العرب خلال اجتماع جدة في السعودية أمس (أ ف ب)
خبراء الشرق الأوسط مدركون تماما لكل مراحل علاقة واشنطن و الرياض بالقاعدة و قائدها أسامه بن لادن منذ المراحل الأولى، عندما قامت الحكومتان بتزويد القاعدة بالدعم المالي، وصولا الى الأعمال العدائية التي أدت الى تصنيفها كمنظمة ارهابية  و من ثم التصفية الجسدية لأسامه بن لادن. و بما أن وجود داعش لا يزال مفيدا بالنسبه للولايات المتحدة فيمكن أن نتوقع ارسالها لمهاجمة دمشق مع قيام حكومة جديدة في بغداد معترف بها من عدة أطراف.و من المعروف تماما أن كل من واشنطن و طهران تراقبان بشده عملية تشكيل حكومة جديدة في العراق، و تحاولان السيطره على الأمر قدر المستطاع.
و بنفس الوقت تزداد الظروف الإنسانيه سوءا في سورية  و بشكل سريع الى درجة أنها بدأت تؤثر على جيرانها الأردن و لبنان و العراق و تركيا. و بغض النظر عن اتجاهات انتشار داعش ، فان السعودية و مملكات خليجية أخرى ستكون هدفا لها عاجلا أم آجلا..
و يمكن أن أجزم أن خلايا التفكير في واشنطن مدركة تماما لخطر داعش على أمن الولايات المتحدة و حلفائها في الشرق الأوسط. و مهما كانت   الاستراتيجية التي سيتبعها البيت الأبيض ، فان ساعة القنبلة الموقوته بدأت بالعمل.
و بنفس الوقت الذي تتمتع فيه روسيا بعلاقات قويه مع كل اللاعبين الأساسيين في الشرق الأوسط، فانها تعي تماما حقيقة أن داعش يمكن أن تعرض أمنها للخطر. و حتى اليوم و بغض النظر عن أن علاقات روسيا مع الناتو وصلت الى الحضيض، مع الخطط التوسعية للناتو و الصراع  الجاري في مناطق الاتحاد السوفييتي السابق، فان روسيا تبدو مستعدة للتعاون مع الغرب لقتال داعش، و مساعدة الكرملين قد تكون ملائمة جدا في الحديث مع الأكراد الذين يقاتلون ميليشيات داعش اليوم . و موسكو يجب أن تكون مستعدة للقيام بضربات جوية ضد مواقع الاسلاميين في سوريه بناء على طلب دمشق. تماما كما تضرب الولايات المتحدة داعش في العراق الأمر الذي ثبت بأنه اجراء مضاد فعال.
و رغم أهمية المساعدات الانسانية الدولية المقدمة الى سوريه و لاجئيها في الدول المجاوره، فان دورا حاسما من أجل استقرارا الوضع في البلد يمكن أن تؤديه محاولات البدء باسترداد عافية اقتصاد سوريه. و خلافا للعراق الغني بالنفط ، حيث تم دفع ريع السلع المصدرة من أجل احتياجات الأمن الاجتماعي، فان الوسائل الوحيدة لتحسين ظروف المعيشة في سوريه التي مزقتها الحرب تكمن بالدعم الخارجي و الاستثمارات. و يوجد عائق وحيد أمام تحقيق ذلك و يكمن في العقوبات الاقتصادية المفروضة على دمشق من قبل الاتحاد الأوروبي و الولايات المتحده.كيري يطلب من السعودية ودول خليجية اخرى حق الطيران واستخدام منافذ اعلامية (أ ف ب)
نحن أمام حلقة شريرة: فالحكومة السورية غير قادرة على المحافظة على البنية التحتية الاجتماعية و انتاج الطاقة و استخراج النفط و الغاز. و الشركات الأجنبية التي كانت تعمل سابقا في سوريه مثل  Suncor Energyالكندية  ، INA  الكرواتيه، ENI الايطاليه، Total الفرنسيه و Gulfsands Petroleum  البريطانيه مستعدة للدخول الى سوريه و لكن هذا سيعتبر تحديا مع وجود العقوبات الدولية.
لذا فان المشاريع السورية تدار بشكل سيء الآن من قبل مجموعات اقليمية تتبع مصالحها. و المشاريع التي تدار بشكل ملائم نوعا ما هي تلك التابعة ل Sinopec الصينيه و Stroytansgaz الروسيه في قطاع الكهرباء.و بنفس الوقت توجب على شركة روسية أخرى، و هي Soyuzneftegaz، التخلي عن مشروع غاز ضخم في مراحله الأخيره بسبب  العقوبات الدوليه و الخوف من تلويث السمعة.و من الواضح أنه يجب التخفيف من العقوبات أو حتى رفعها نهائيا أمام الشركات العالميه من أجل متابعة عملهم في سوريه، حتى في ظل حالة عدم الاستقرار الحاليه، كما حدث في العراق.
و سيكون من المفيد جدا للاتحاد الأوروبي متابعة عملياته في سورية لأسباب اقتصادية صرفة، فتطور مخزون النفط و الغاز في شرق المتوسط سيسمح للاتحاد الأوروبي بتنويع مصادر الطاقة و ضمان أمنه الطاقي لعقود قادمه.
نجحت الميليشيات الاسلامية مؤخرا في الاستيلاء على حقل شاعر للغاز الى جانب عدد من حقول نفطية أخرى الأمر الذي يمكن أن يؤدي الى انهيار الاقتصاد السوري، و مجريات الأحداث هذه يمكن بدورها أن تكون ضربة جديدة لجيران سوريه الذين سيجبرون على ايواء موجات جديدة من اللاجئين. و ذكر كارول باتشيلور، ممثل المفوض الأعلى في الأمم المتحدة للاجئين في تركيا ،بأنه مع نهاية عام 2014 سيبلغ عدد اللاجئين السوريين في تركيا وحدها مليون و نصف المليون.
و خلال تعليقه على مقتل الصحفي الأميركي جيمس فولي طالب الرئيس أوباما بجهود مشتركه من أجل استئصال سرطان داعش بحيث لا ينتشر. و ييدو أن أوباما غير قادر على ايقاف العداء للجيش الروسي بسرعة كافيه بحيث يكون التعاون مع روسيه في قضية العراق و سوريه خيارا قابلا للحياة. ربما من الأسهل على واشنطن جلب العراق و ايران للقتال ضد داعش دون سلام مع الأسد. و لكن القتال ضد الجهاديين ليس مسألة اختيار الحليف الملائم، انه يتعلق بالقدرة على المواجهة الفعالة لخطر متزايد.
و بناءا عليه يبدو أنه و رغم التوتر بين روسيا و الولايات المتحدة حول اوكرانيا، فان الاثنتين تملكان مصالح جيوسياسيه مشتركه في مناطق محددة حول العالم، لذا عليهما أن يكونا على استعداد لاتخاذ اجراءات موحده. و التحدي العالمي لداعش واضح بما يكفي من أجل قيام واشنطن و موسكو بتشكيل تحالف تكتيكي.


*بقلم الباحث و المحلل الكندي دكتور دايفيد ستيوارت
عن مجلة New Eastern Outlook الالكترونيه

الجمل  


إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...