من يكره الحكمة ويعطلها

28-05-2015

من يكره الحكمة ويعطلها

في "يوم الفلسفة العالمي" الذي يحتفل العالم به من دوننا اليوم، نذكر بأن العرب قد عرّفو الفلسفة بأنها محبة الحكمة.. ورغم ذلك فقد حوربت الفلسفة وتفِّهت على يد مجمل فقهاء الإسلام منذ أيام الإمام الغزالي صاحب كتاب "تهافت الفلاسفة" الذي تأثر به عامة المسلمين حتى باتت الفلسفة فذلكة وشتيمة لمن يتفلسف: "بلا فذلكة"....
بينما في الغرب، ومنذ القرن السادس عشر، استعاد الأوروبيون فلسفة اليونان وبنو عليها، ثم جاء اسبينوزا اليهودي وفكك بنية الدين اليهودي بكتابه "رسالة في اللاهوت" فأدانه الحاخامات وجردوه قبل أن يغتالوه، فأثارو بذلك انتباه التنويريين المسيحيين إليه حيث بنو على فلسفته لفصل الدين عن الدولة وافتتاح عصر الأنوار..
قبل الأوربيين بخمسة قرون ظهرت شرقي المتوسط مدارس إسلامية استعادت فكر الفلاسفة اليونان وتجلى ذلك في رسائل جماعة "إخوان الصفا وخلان الوفا" السرية والتي توضحت فيما بعد في معتقدات المذاهب الإسلامية السرية الشامية: الإسماعيلية والعلوية والدرزية، التي تأثرت بكتاب العقل حتى لاتكاد تخلو أغلب مخطوطاتهم من فصل خاص عن العقل عند أرسطو وفلسفة الأرقام الفيثاغورية، فقد كان فيثاغورس يعتبر العدد أصل العالم .. وقد زاوجت هاذه المذاهب الصوفية بين المعرفة الإسلامية والفيثاغورية حيث عرّف الله بأنه اللامحدد الذي تولد عنه المحدد، كالصفر بالنسبة للأرقام والنقطة بالنسبة للأشكال الهندسية باعتبارها نقطة افتراضية ليس لها أبعاد ولكن لايمكن تشكيل أي شيء مادي دون الإرتكاز عليها..
ولأن الفلسفة في الدين تعتبر هرطقة يقطع بسببها رأس المجتهد على يد السلطات الرسمية فقد أخفى أتباع هاذي المدارس أفكارهم الإسلامية ـ الأفلوطينية المحدثة، ثم تفاقم الأمر بعد سيطرة الإسلام العثماني على الديار الشامية حيث استبدل السلاجقة السيف بالخازوق ضد (الباطنية).. وحاصروهم لأربعة قرون في مناطق تشبه المحميات الطبيعية للحيوانات البرية ..
وبعد سقوط الخلافة العثمانية بعشرة سنوات ظهرت جماعة الإخونجية التي تبنت نهج الإسلام العثماني في التحريض العنصري ضد هاذي الطوائف بالإضافة إلى مناهضتها لمجتمع السنة الذين لايقولون بالخلافة ولايحملون السيف لاستعادتها ووسموهم ب (القعدة) شاهرين بوجهم الآية: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم ".. وباتو يفخرون بوصفهم بالإرهابيين اعتمادا على هاذي الآية التي أضافو إليها السيف رمزا لأعلامهم السوداء..
وقد تزاوجت جماعة الإخونجية مع الوهابية منذ ستينات القرن الماضي بعد ملاحقة الرئيس ناصر لهم وهروبهم إلى مضارب آل سعود ( أعداء المصريين منذ أيام محمد علي باشا الذي دمر عاصمتهم الدرعية بعد ست سنوات من الحرب) .. فمأسسو الإسلام السلفي ثم باضو وفرخوا أفاعيهم من أرض الصومال إلى أفغانستان مرورا بالهند وأفريقيا حتى قارة أمريكا بتمويل سعودي، حيث حرمو المدارس الغربية الكافرة واستبدلوها بالمدارس الشرعية التي تكفر الفكر الفلسفي العلمي (وسائر أنواع الفذلكة) وتعالجهم بقطع رؤوسهم ؟!
بوكو حرام.. "الفلسفة الحرام" مسلسل تركي بلا نهاية.. حتى ينتصر أتباع العقل على سلفيي النقل ..
أخيرا نذكر بأن الإنترنيت الذي نكتب عليه معرفتنا الآن، ويستخدمه الإسلافيون لإرهاب أعدائهم، هو ثمرة الفلسفة الرياضية الفيثاغورية .. فتخيلو لو أن السيف والخازوق لم يلغ وجود حملة هاذا الفكر من العالم الإسلامي الكبير .. هل كنا تخلفنا وتقدم الغرب علينا ؟

 

نبيل صالح

التعليقات

الفلسفة - المنطق - الإنتروبولوجي: علوم تبحث في الإنسان و حياته، نشأته و أصوله و تطوّره ضمن سياق تاريخي اجتماعي و علمي. عندما نبحث عن الأساس في هذه العلوم نجد العقل المفكّر. العقل الذي يتابع المنطق في تحليل الظواهر يبني نظريات بهدف البحث فيها للتحقق من صحة هذه النظريات أو خطأها، ربما يكون عدم إثبات صحة النظرية هو نتيجة للبحث. هذا هو جوهر البحث العلمي الذي نفتقده في سوريا. للأسف لدينا شهادات عالية دون بحث علمي جدّي. لأن الأساس في اختيار المرشحين للبعثات لم يكن موفّقا، حيث عاد إلى سوريا الآلاف من حملة الدكتوراه في كافة المجالات منذ منتصف و نهاية ثمانينات القرن الماضي و بداية التسعينات. هذه الآلاف لم يكن (معظمها) مؤهل للتدريس فما بالك في البحث العلمي! عندما تواجهنا مشكلة أو حدث معين هام، كما في حالة الوقائع في أرض المعركة (المعارك)، علينا البحث و البحث المنطقي الجدّي في أسباب ما حصل و يحصل. لست محللاً عسكرياً و لكن كمراقب و قارئ للتاريخ يمكنني أن أضع بعض التصوّر: - عناصر المعركة: الكادر البشري (جنود و ضباط)، العتاد و السلاح، الدعم اللوجستي، الدعم العسكري، التدريب، الخطط. عندما يقع خلل نبحث في هذا الخلل و سببه. - ربما كان الخلل في الكادر البشري من حيث العدد (غير كاف) أو أن الكادر غير مؤهّل لكذا معركة أو أنه متعب من دون راحة لوقت طويل و الأهم أنه ربما ليس مؤهّلا عقائدياً بما يكفي؟ أي يعلم العسكري أن المعركة هي معركة وجود أو لا وجود له و لأسرته و مدينته أو قريته مهما كانت بعيدة! - ربما كان الخلل في السلاح كمّاً و نوعاً، فسلاحنا تقليدي قديم - الدعم اللوجستي من وسائط نقل و مناورة، غذاء، طبابة، منامة ... - الدعم العسكري من مختلف القوات: طيران، مدفعية، إشارة، استطلاع، هندسة ... - التدريب هل هو مناسب لطبيعة الأرض و العدو و أسلحة العدو - الخطط العسكرية: هل هي واضحة و مدروسة تناسب طبيعة الأرض و قدرات العدو العددية و العسكرية و الدعم اللامحدود؟ إن ما طرحته أعلاه هو المنطق الذي أراه لتحليل قدراتنا و زجّها في المعركة المناسبة و الوقت المناسب. إن إدارة أي معركة أو مشروع أو مؤسسة يجب أن تُعطى للشخص المناسب دون أية اعتبارات أخرى لأن ما يجب أن نحافظ عليه هو الوطن ككل من مدن و قرى و اقتصاد و الأهم أرواح و دماء. و ما نخسره هو أكثر من ذلك. علينا أن نقرأ، نحلّل، نفكّر لنعرف الخطوات التالية للعدو التكفيري ثم لنعرف كيف سنبادر أو على الأقل في الوقت الحالي أن نحمي ما في أيدينا و ندافع عنه بما يلزم. لنأخذ وقت قليل من التفكير السليم ثم التحليل و التخطيط الدقيق؛ ثم التنفيذ أخوكم القاضي

سؤال مهم لكن جوابه شائك وطويل..الجواب ببساطة: الفكر الداعشي الكامن والمعشعش في رؤوس وعقول العرب والمسلمين منهم خاصة منذ مقولة الغزالي على ما أظن: من تمنطق فقد تزندق! وصولاً إل ظلامية الوهابية والأخونج وغيرهم من ظلاميين أعداء النور والحياة والعقل.

"نذكر بأن العرب قد عرّفو الفلسفة بأنها محبة الحكمة.. " عفواً أستاذ نبيل ،هذه معلومة مغلوطة بشكل كامل . الكلمه لا يعرفها العرب في تاريخهم ،قبل أن ترجمها لهم المترجمون ،بعد احتلالهم لبلاد الشام . الكلمه يونانيه بإمتياز :philosophia. Philo =حب sophia =الحكمة ودمتم . (الجمل): أقصد عرب بلاد الشام قبل الغزو الأموي لها..وأنت تعلم بأن دمشق كانت ثرية بالفلسفة اليونانية قبل مجيء البيزنطيين ومن ثم المسلمين إليها..

المشكلة الأساس كانت ولا تزال في اعتماد فترة تاريخية محددة بأنها بدء التاريخ لشعوب قدّمت في تاريخها إيجابيات كثيرة للبشرية انطلاقاً من مدنيتها وأرضها ليس من صحراء لم يكن فيها للعقل والكلمة أمام السيف والقتل أي معنى. المشكلة الأساس ابتدات منذ ابتدأ الحكم باسم الدين، كان ذلك في عصور الهمجية في أوروبا بتنصيب الحاكم المطلق باسم "الآلهة" ثم باسم الرب إلى تجذير التحالف بين الحاكم والمتقولين بالدين، إلى أن كان الفصل بينهما وابتدأت الحضارة في الغرب والشرق الآسيوي... لم يتم الفصل هنا، في بلاد "عبيد الرب" والتي لا تزال تعمل على تثبيت حكم "الإله" للأرض بالربط بين المحسوس والغيبي. بين القومية والدين....

هل الانسان هو من اوجد فكرة الله ام ان الله هو من زرع فكرة وجوده في عقل الانسان؟ وهل الانسان مخير ام مسير؟ وهل نعلم امور دنيانا حتى نعلم امور آخرتنا؟ وعندما نقول لا اجتهاد في نص ويجتهد البعض هل يكفر؟ امور كثيره لا نستطيع الإجابه عليها وأحيانا لا نستطيع طرحها عند بعض الجاهلين وتحتاج كثيرا من الفلسفه.

ولماذا نسفت الفكر المعتزلي والحركات الفكرية الضخمة التي اعادت انتاج التراث الاغريقي في ظل الحكم الاسلامي وحصرت الفكر الفلسفي بحماعة اخوان الصفا الغير معروفين من هم ..... اعتقد انك ما زلت كما انت لا تريد ان تكون لديك نظرة اكثر انفتاحا.... انت مثلا لا تريد ان تقول ان اكثر من اساء الى الفلسفة هم الامويون الذين منعوا الفلاسفة من الحركة لاعتقادهم الدائم ان الفكر الجبري هو محرك الامم..... مشكلتك انك تعتبر دمشق هي راعية التاريخ والجغرافياوحدها ولا تريد ان تفول ان بغداد هي من اوصل العرب الى العالم... الخوارزمي والفارابي والرازي وابن سينا وغيرهم ليسوا عربا ولكنهم لم يبدعوا الا عندما حضنتهم بغداد لا دمشق... صحيح ان دمشق اقدم عاصمة في التاريخ الا انها لم تبن اول حضارة في التاريخ... السومريون واليابليون والاشوريون بناة الامبرطوريات الكبرى واول من سن القوانين ونظم حياة المجتمع خرجوا من وادي الفرات وليس من ضفاف بردى.... اشهد فقط وللتاريخ ان دمشق قارعت الغزاة ولكنها لم تنجح في بناء امبرطورية.... لان الاراميين كانوا بدوا واستقروا في حضر..... وشكرا على حسن الاستماع (الجمل): نحترم رأيك.. غير أن إخوان الصفا هم معتزلة أيضا..وبغداد حفيدة دمشق تاريخياً..والامبراطورية الإسلامية ما كان لها أن تمتد وتعمر لولا مرورها عبر فلتر دمشق وكذا المسيحية..وهاذا لايقلل من شأن بغداد .. وأنا أجتهد وآرائي ليست نهائية ويمكنني تصحيحها عندما أجد رأيا أكثر دقة منها..وشكرا لمتابعتك

عربان البعير اساس و جوهر التعاسة هي اعتناق الجهل كدين و مذهب و اعتبار اي مناقشة خارج نطاق التمذهب و التخلف العفن كفر و زندقة وجب الاقتصاص من مقترفها! هكذا هي حال العرب و المستعربة! مرضهم هو الكفر بالعلم و الايمان بالجهل و العفن... كل يوم ينحدر الجمل من السقيفة....

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...