لبنانيون في دار الصم والبكم بحلب: ليرى وليسمع العالم الحقيقة

31-07-2006

لبنانيون في دار الصم والبكم بحلب: ليرى وليسمع العالم الحقيقة

الجمل – حلب – باسل ديوب :الارتباك الذي واجهتنا به السيدة التي ظننا أنها مديرة دار الصم والبكم حيث كانت تجلس في مكتبها أجّـل لقاءنا بالنازحين اللبنانيين حتى منتصف الليل، قبل أن تتراجع عن مطلبها بموافقة مكتوبة من مديرية الشوؤن الاجتماعية والعمل ،وعند مراجعتنا لهذه الدائرة تبين أن من طلبت منا الموافقة هي نفسها السيدة المديرة !
كان غريباً مظهر الرجل الذي يجر عربة القمامة بعد أن ألقى محتوياتها في المكب القريب خارج الدار،  شاب تبدو عليه النعمة، يرتدي شورت قصيراً و تيشرت قطني، لم يكن عامل نظافة في الدار بل المواطن اللبناني "حيدر المستراح" الذي قرر بعد عدة ليال ٍ من الذعر، وصراخ طفلته زينب وبنات أشقائه أن يغادر قريته " تعلبا يا " في البقاع نحو سورية، حيدر يشعر بالخجل، ويتساءل كيف ينظر إلي السوريون الآن ،وأنا موجود هنا بينما المقاومون يتصدون للعدو، لا يرغب في التقاط صورة، " السوريون ربما لا يعرفون أن المقاومة حضرت نفسها   بشدة لهذا اليوم ،وقتالها لا يعتمد على التطوع، وأنا جئت من أجل الأطفال فقط " وعلى الحدود تبين أن هنالك مشكلة في أوراق سيارته تم تجاوزها خلال ساعتين فقط وسمح له بالدخول " بعد رحلة طويلة بالسيارة  أكثر من خمس ساعات لقطع أقل من 40 كيلومتر  وصلت إلى الحدود، ولقد ارتكبت خطأ ،اعتذر عنه ،فلقد تقدم مني شاب سوري، وعرض عليّ السكن، ظننت أنه يريد تأجيري بيت ،فقلت له ،بعد ما دخلنا ع الشام  من هوني ع الحدود جايي تلقط زباين قلتها بعصبية ، فابتسم وقال لي لا يا أخي، نحن نقدم لكم ذلك كمساعدة ووفاء، ثم قدم لنا عصيراً وماء وعرض استخدام هاتف لتطمين الأقارب لوصولنا سورية بأمان، لقد خجلت بشدة لكني لن أنسى هذا الدفء من سورية والسوريين " ثم تعهد حيدر بتعريفنا على الأسر ،وما يجري داخل الدار حيث كل شيء مؤمّن بشكل ممتاز ، حيدر تعرف على الجميع هذا عبد القادر من حارة حريك   وهذا ذو الفقار من "بتليف "  وهذه... وهذا....
في مطبخ الدار، تجمعت عدة عائلات لتناول القهوة،
عبد القادر صباغ من سكان الضاحية الجنوبية " أنا حلبي الأصل وعندما تم تخييرنا في الهلال الأحمر في دمشق اخترت المجيء إلى حلب، الدمار الذي ترونه على الشاشات له وقع آخر عند من يشاهده على الطبيعة ، ومن تنهار البناية التي تجاوره، شيء مرعب يفوق الوصف، القصف اقترب منا فقررنا المغادرة،لا تزال أذني تسمعان دوي  الانفجارات "
وتضيف زوجته هدى مغربي وهي بيروتية من المزرعة " منزل زوجي بالقرب من الجامع الذي قصفوه بـ 23 طن من القنابل، والذي تحول إلى ركام، كنا نعتقد أنهم لن يقصفوا هذه المنطقة “   يتذكر زوجها عبد القادر ليلته الأخيرة بأسى " لقد مررت تحت الجسر كان هنالك عاملان سوريان يبيعان القهوة تحته ،فطلبت منهما أن يبتعدا عن الجسر ولا يناما تحته، فقد يتم قصفه وهذا ما كان في نفس الليلة قصفوه وقتل الشابان وعندما رأيتهما على الشاشة بكيت  " 
تعود زوجته لطلب الكلام وتؤكد :هذا يجب أن يصل للعالم " أين سعد الحريري ؟؟؟ يتنقل بين العواصم هذا ليس ابن أبيه ولو كان لتصرف مثله،  رفيق الحريري في العام 1996 وقف مع المقاومة ودافع عنها وتحرك لوقف العدوان وهو وطني و عروبي نزع صفة الإرهاب عن المقاومة، وهذا يحدثنا عن محاسبة المقاومة وهرب بطائرته من لبنان ، لا أخاف من هذا الكلام ، ولا نخاف من إسرائيل ما دام حسن نصر الله فوق روؤسنا  ، الله ينصره ،  لكن ابن الشهيد الحريري  يأخذ أوامره من أمريكا وشيراك و جنبلاط   "  
تتمتم إحدى السيدات لشاب   إلى جانبها بأن يتكلم فنطلب منها الكلام هي، يبدو أنها تحاول أن توصل شيئاً، تضحك ثم تقول طالبة عدم ذكر اسمها " لا تصدقوا ما يقال في الإعلام عن  كره سوريا ،و خلاف   سني – شيعي في لبنان، أنت استمعت لشقيق زوجي وإلى زوجته هم سنة ،وأنا شيعية وزوجي سني، وكلنا مع المقاومة “
يتدخل زوجها مؤيداً نقولها قتل ا الحريري بأمر إسرائيل “ مش خايفين “ ويعطيني اسمها كاملاً ناهدة الحج يونس، سجل ذلك نحن لا نخاف لا من سعد الحريري ولا من جنبلاط ولا من إسرائيل. تعود هدى للكلام :  اسم انو عم تسجل  بدنا نئول الحئيئة ع المزبوط   إسرائيل هي من قتل الحريري .
تحولت الجلسة إلى حوار سياسي حامي، بمشاركة الأطفال، تحضر إحدى السيدات ابنها " نور "  الذي يظن أن ألعاب " السيتي بارك " في مدينة "صور" هي ملكه، فعندما مرت سيارتهم أمامها ورآها محطمة قال لأمه " ماما، إسرائيل قصفت لنا الألعاب بس السيد حسن رح يعمر لنا إياها مش هيك ؟؟
في الطابق الأول كان "ذو الفقار حمود" يحمل طفله إلى السرير كانت الصدمة لا تزال بادية على محياه فقد سقط صاروخ في بناية مجاورة، وقد انقطع اتصاله بأقاربه فمحطات تقوية الخلوي ضربت أيضاً في المنطقة، " الله ينصر المقاومة عندي أربع ولاد على باب الله هربت فيهن وجبتهم ع سورية الله يحميك يا سورية وينصرنا يا رب "
لكن ملك أم محمد قد شهدت بشكل مباشر قصف البناية المجاورة لمنزلها بالقرب من مشفى جبل عامل في صور “ لقد بقيت الجثث ثلاثة أيام حتى استخرجت،  الدفاع المدني ضعيف والغارات تستهدفه مثل الناس، والحكومة غائبة عن الجنوب ويجب أن تضع يدها بيد المقاومة لا بيد فرنسا وأمريكا أصدقاء إسرائيل، الله ينصر شباب المقاومة الله ينصرنا على العدو الأمريكي و الإسرائيلي، ونشكر سورية الأسد التي استقبلتنا استقبال الأم الحنون لأولادها ، ونتمنى أن تتحرك المقاومة في العراق وتضرب أمريكا التي تغذي الفتنة الطائفية    "
يتابع حيدر تعريفنا على العائلات  هذه عائلة من يارون على حدود فلسطين هنا فتيات محجبات ممنوع الدخول " بتعرف يعني " يضحك حيدر ثم ينادي لزوجته وطفلته ويسألها " مين حبيبك يا زينب " فتقول: السيد حسن نصر الله ، تدخل إلى غرفتها وتجمع  أصدقاءها على السرير لالتقاط الصورة ويرفعون شارة النصر ، وتقول  : عمو أنا بخاف من الكصف بس المقاومة حزبُ الله ما بيخافوا وهني بيحموا لبنان ، وبكره بدهن يعمروا لنا بيوتنا اللي انهدت   "
في الخارج يدخن "علي"  بشراهة،  وقد جلس وسط بنات شقيقاته، وعلي مغترب في أمريكا منذ سبع سنوات ، هو من قرية  يارون الملاصقة لمارون الراس التي تندلع فيها معارك شرسة بين المقاومة وألوية النخبة في الجيش  الإسرائيلي  "  قبيل وصولي إلى لبنان لقضاء إجازتي أسرت المقاومة الجنديين كانت السعادة والفرح تملآن النفوس، وتم توزيع الحلوى في الشوارع، وفي اليوم التالي بدأ العدوان ضربوا محطات البنزين والجسور، على الحدود السورية كان الاستقبال أكثر من أخوي وحقيقة لم أتوقع ذلك بعد الأحداث المؤسفة التي رافقت خروج الجيش السوري "
المؤن والمواد الغذائية وفيرة ، وفي اليوم التالي لقدوم المواطنين اللبنانيين تم تجهيز صالة بجهاز تلفزيون و ديجيتل حديث لمتابعة آخر الأخبار حيث القناة المفضلة هي قناة المنار .  
 إلا أن  التجييش الوطني الذي يعيشه السوريون له أصوله المنسجمة مع طبيعة النظام السياسي والتاريخ السوري ، فهنالك جدية ورصانة وصمت و رضا بالقليل ، على عكس شكل الانخراط بالحدث لبنانياً كما شهدناه تعايش طبيعي مع المأساة وكأنها لم تكن ،  إحدى الفتيات المتطوعات للمساعدة تعجبت من بعض المطالب ففراشي الأسنان التي أحضروها لم تنل رضا اللبنانيين ، فالسيدات قلن "  يجب أن تكون من مقاسات مختلفة ومتنوعة حتى يختار كل واحد ما يناسبه "
 في حين ترى المتطوعة أنه في هكذا ظرف كنا نظن أنه لن يكون  لهم مطالب خاصة أو ترفيهية أو شروط  كالتي سمعناها ، فيجيبها أحد أقاربها إنهم متعودون على أجواء الحرب وهل تريدين منهم أن يبكوا ؟؟ يجب أن يعيشوا حياتهم بشكل طبيعي ،وهذا واجبنا تجاههم ، ما فرقته السياسة بيننا  بعد مقتل الحريري يجب أن يلتئم  فنحن شعب واحد ، وهم في صف المواجهة الأول للدفاع عنا في الحقيقة  ؟؟  

    
الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...