سورية: حرب الناتو "الإنسانية" التالية (9)

21-12-2012

سورية: حرب الناتو "الإنسانية" التالية (9)

الجمل - طوني كارتالوتشي- ترجمة: مالك سلمان:
 

11 كانون الأول 2011 – قبل مشاهدة المقابلة الكاملة (46 دقيقة) التي أجرتها "إي بي سي نيوز" مع الرئيس السوري بشار الأسد, والسلوك المشين لمذيعة "إي بي سي نيوز" باربرا وولترز, من الضروري أن نأخذ بعين الاعتبار عدة حقائق تدمر المقدمات المزيفة التي تنطلق منها وولترز.
1. لم يتضمن تقرير الأمم المتحدة حول حقوق الإنسان في سوريا على أي دليل, باستثناء مقابلات مع شهود مزعومين قدمتهم المعارضة السورية وتم استجوابهم في جنيف. وقد تم إعداد التقرير نفسه من قبل كارن كوننغ أبو زيد, مديرة معهد الأبحاث الرسمي في واشنطن, الولايات المتحدة, "معهد سياسة الشرق الأوسط" الذي يتضمن موظفي "إكسون" وعملاء "سي آي إي" وعسكريين أمريكيين وممثلين عن الحكومة, وحتى رئيس "هيئة العمل" الأمريكية-القطرية التي تحتوي من بين أعضائها على "الجزيرة" و "شيڤرون" و "إكسون" والمصَنِع المتمرد "ريثيون" (الذي زودَ الصَليات الافتتاحية خلال عمليات الناتو ضد ليبيا) و "بوينغ".
2. تم تأكيد وتوثيق العنف في صفوف الاحتجاجات حتى من قبل الصحافة الرسمية منذ نيسان/أبريل 2011, حيث قام المحتجون بحرق المباني العامة بما في ذلك المراكز الإدارية والمحاكم ومخافر الشرطة. كما تم نقل أنباء عن قناصين يطلقون النار على المحتجين والجنود في الوقت نفسه. ويعمل هؤلاء المسلحون الآن في صفوف "الجيش الحر". ومنذ شهر حزيران/يونيو, نُقلت أخبار عن مئات القتلى في صفوف القوات الحكومية.
3. تم التأكد من أن "المجموعة المقاتلة الإسلامية الليبية" (المصنفة من قبل وزارة الخارجية الأمريكية بصفتها منظمة إرهابية أجنبية) بقيادة عبد الحكيم بلحاج متواجدة على الحدود التركية-السورية, حيث تعمل على تحضير الأصوليين لمحاربة الحكومة السورية بمساعدة من الحكومة التركية. لا يمكن القول إن هذه "انتفاضة سورية", بل إنه غزو بالوكالة تعمل قوى أجنبية على تمويله ودعمه ويقوده حلف الناتو, كما أنه يشكل تهديداً إرهابياً حقيقياً.
4. كان تغيير النظام في سورية هدفاً منتهياً منذ سنة 1991. فقد نقل الجنرال ويسلي كلارك, في خطاب ألقاه في كاليفورنيا في سنة 2007, حديثاً جرى عام 1991 بينه وبين مساعد وزير الدفاع الأمريكي آنذاك, بول وولفويتز. وقد أشار وولفويتز حينها إلى أن أمريكا بحاجة إلى 5-10 سنوات لتنظيف "الأنظمة المرتبطة" بالاتحاد السوفييتي القديم, أي سوريا وإيران والعراق, قبل أن تنهض قوة عظمى أخرى لمواجهة الهيمنة الغربية.
5. كانت الاحتجاجات في سوريا, منذ البداية, مدعومة بشكل كامل من قبل المؤسسات والشركات المالية الغربية وجزأ من أجندة قديمة لتغيير الأنظمة على نطاق واسع في المنطقة. وقد تم اتخاذ القرار بتغيير النظام في سوريا منذ سنة 1991. وفي سنة 2002, قام مساعد وزير الخارجية الأمريكي آنذاك جون بولطن بإضافة سوريا إلى "محور الشر" المتنامي. وسوف يتكشف لاحقاً أن التهديدات التي أطلقها بولطن ضد سوريا تجلت في التمويل والدعم السري لمجموعات المعارضة داخل سوريا خلال عهدي بوش وأوباما.
في مقالة على "سي إن إن", في نيسان/أبريل 2011, صرحَ المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارك تونر: "لا نعمل على تقويض تلك الحكومة [السورية]. ما نحاول أن نفعله في سوريا, من خلال دعمنا للمجتمع المدني, هو بناء نوع من المؤسسات الديمقراطية, وبصراحة, هذا ما نحاول أن نفعله في العديد من الدول حول العالم. المختلف في هذا الوضع, برأيي, هو أن الحكومة السورية تفهم هذا النوع من المساعدة كتهديد لسيطرتها على الشعب السوري."
جاءت تعليقات تونر بعد أن نشرت "واشنطن بوست" برقيات تشير إلى أن الولايات المتحدة تمول المجموعات المعارضة السورية منذ سنة 2005 على الأقل ولا تزال حتى يومنا هذا.
في تقرير ﻠ "إي إف بي" في نيسان/أبريل, قال مايكل بوسنر, مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون حقوق الإنسان والعمل, إن "الحكومة الأمريكية خصصت ميزانية قدرها 50 مليون دولاراً أمريكياً في السنتين الأخيرتين من أجل تطوير تقنيات حديثة لمساعدة النشطاء في حماية أنفسهم من الاعتقال والعقاب على يد الحكومات الاستبدادية." وتابع التقرير موضحاً أن الولايات المتحدة "نظمت جلسات تدريبية ﻠ 5000 ناشط في أجزاء مختلفة من العالم. وقد ضمت جلسة عُقدت في الشرق الأوسط قبل ستة أسابيع نشطاءَ من تونس ومصر وسوريا ولبنان عادوا بعدها إلى بلدانهم بهدف تدريب زملائهم هناك." وقد أضاف بوسنر قائلاً: "لقد عادوا إلى بلدانهم, وبدأت الآثار تظهر على السطح بشكل طفيف." وهذه الآثار الطفيفة هي بالطبع "الربيع العربي", وفي حالة سوريا يتمثل هذا التأثير في التمرد المسلح الذي يهدد بتدمير البلاد واستدعاء التدخل الأجنبي.
مع أخذ هذه الحقائق بعين الاعتيار, يمكن للمشاهدين أن يفهموا الازدواجية والنفاق وقلة التهذيب والبؤس الفكري الذي تكشفت عنه باربرا وولترز التي "رأت صوراً", وقرأت تقريراً مزيفاً للأمم المتحدة كتبه أشخاص مرتبطون بالمؤسسات والشركات المالية الأمريكية, واستمعت لخطاب أوباما, بحيث ظنت نفسَها خبيرة بهذه الفوضى المدبَرَة والمدعومة من قبل الولايات المتحدة والتي تجتاح أجزاءَ من سوريا اليوم. وحتى وهي تجلس في العاصمة السورية الهادئة دمشق, بدعوة من الأسد الذي اتُهمَ بمنع المراسلين الأجانب ...فهي لا تزال مصرةً أن البلاد غارقة في الفوضى, تعزل نفسَها بشكل غير عقلاني عن العالم, حيث يقف الشعب بأكمله ضد الحكومة السورية.
لوضع الأمور في نصابها: إشارة الأسد إلى أحداث العنف في لوس آنجلس 1992 واستخدام الولايات المتحدة للجيش لفرض النظام, يجب القول إنه تم بالفعل نشر الجيش الأمريكي وقوات "المارينز", وقد قتلت الشرطة والجيش 10 أشخاص خلال عمليات فرض النظام في المدينة. لكن باربرا وولترز, إما بسبب الجهل أو النفاق الزائد, أصرت أن الولايات المتحدة لم تقتل أحداً.

تُرجم عن: "غلوبل ريسيرتش", 12 كانون الأول/ديسمبر 2011

الجمل: قسم الترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...