سورية: حرب الناتو "الإنسانية" التالية (29)

01-03-2013

سورية: حرب الناتو "الإنسانية" التالية (29)

الجمل - بن شراينر - ت: مالك سلمان:

على الرغم من أن الرئيس أوباما رفض العام الماضي اقتراحاً من وزارة الخارجية الأمريكية والبنتاغون و ‘سي آي إيه’ لتسليح المتمردين السوريين بشكل مباشر, إلا أن إدارته تدفع – مرة أخرى – باتجاه التدخل في الحرب السورية.
وكما ذكرت "واشنطن بوست" يوم الثلاثاء, "تتجه إدارة أوباما نحو نقلة سياسية كبيرة حول سوريا من شأنها أن تزود المتمردين بمعدات مثل الدروع والعربات المصفحة وتدريب عسكري محتمل, ويمكن أن ترسل مساعدات إنسانية مباشرة إلى الائتلاف السياسي السوري المعارض."
وقد أكد المتحدث باسم ’البيت الأبيض’, جي كارني, الخبر الذي نقلته الصحيفة يوم الأربعاء, قائلاً إن الولايات المتحدة "تراجع باستمرار طبيعة المساعدة التي نقدمها للشعب السوري, على شكل مساعدات إنسانية, وللمعارضة السورية على شكل مساعدات غير حربية."
من المتوقع الإعلان عن الطبيعة الدقيقة للمساعدة الأمريكية الإضافية يوم الخميس في اجتماع "أصدقاء سوريا" في روما. فقد أرسلت الولايات المتحدة سابقاً معدات اتصالات ومناظير للرؤية الليلية إلى المتمردين الذين يقاتلون في سوريا.


جون كيري المؤيد للتدخل
ربما يكون المحرك وراء النقلة في سياسة الولايات المتحدة حول سوريا وزير الخارجية الأمريكية نفسه, هذا الرجل الذي لا يزال البعض مصرين على تصنيفه بين ’الحمائم’.
ففي حديث له في 13 شباط/فبراير, قال وزير الخارجية كيري إن هناك "أشياءَ إضافية يمكن أن نفعلها" لإزاحة الرئيس السوري بشار الأسد. ويوم الإثنين, كرر كيري مرة أخرى أن الغرب "مصمم على تغيير الحسابات على الأرض بالنسبة للرئيس الأسد."
وعلق كيري: "نقوم بدراسة وتطوير طرق لتسريع الانتقال السياسي الذي يريده الشعب السوري ويرغب فيه."
على الرغم من أن ذلك يشكل تغييراً في إدارة أوباما, إلا أن كيري يشجع على تدخل أمريكي مباشر في سوريا منذ وقت طويل. فكما علق كيري في شهر أيار/مايو 2012: "إن مفهوم المنطقة الآمنة واقع ويستق النقاش. كما أن العمل مع الأتراك والأردنيين, إذا كنا جميعاً متفقين على نفس الهدف, يمكن أن يؤدي إلى تقديم التدريب [العسكري] [لقوات المعارضة]. فإذا تمكنا من تعزيز وحدة المعارضة, يمكننا التفكير في تقديم الأسلحة الحربية وذلك النوع من الأشياء."
وفي نفس المقابلة, تابع كيري التعبير عن دعمه – في الشروط المناسبة - ﻠ "ضربات جوية تنفذها الولايات المتحدة – أو الناتو – ضد الجيش السوري."
يجب ألا يأتي هذا بمثابة مفاجأة إذا أخذنا بعين الاعتبار دعمَ كيري السابق لحملات القصف الأمريكية على الصرب وأفغانستان والعراق وليبيا. ياله من حمامة ! وبالطبع, فقد تحولت السياسة الخارجية الأمريكية ككل بشكل مضطرد نحو دبلوماسية الصواريخ والقنابل.
كتب سي. رايت ميلز عن الولايات المتحدة منذ أكثر من 50 سنة في "باور إيليت": "فيما مضى كانت الحرب من اختصاص الجنود والعلاقات الدولية من اختصاص الدبلوماسيين. ولكن بما أن الحرب أصبحت الآن كلية ودائمة ... لم يعد السلام مسألة جدية؛ المسألة الجدية الوحيدة الآن هي الحرب."
وقد أثبت كيري مرة أخرى أنه رجل "جاد" بكل المعاني.

التدخل بالوكالة
بينما يحاول كيري دفعَ واشنطن أكثر نحو التدخل العسكري المباشر في سوريا, يستمر وكلاء الولايات المتحدة في حملتهم العنيفة لإسقاط النظام السوري.
وكما نقلت "نيويورك تايمز" يوم الاثنين, بدأت المملكة السعودية في نقل أسلحة ثقيلة تم شراؤها من كرواتيا إلى مجموعات المتمردين السوريين عبر الأردن. وتتابع الصحيفة إن الشحنات السعودية كانت "أحد العوامل التي مكنت المتمردين" من إحراز إنجازات تكتيكية صغيرة هذا الشتاء ضد الجيش والميليشيات المؤيدة للسيد الأسد."
وتقول الصحيفة إن الدور الأمريكي في تدفق الأسلحة السعودية "ليس واضحاً". ومع ذلك من الصعب التفكير بأن الولايات المتحدة لم توافق على هذه الشحنات إذا أخذنا بعين الاعتبار العلاقات الوثيقة التي تربط الولايات المتحدة بهذه الأطراف المعنية. فالسعودية لا تزال أحد أكبر المستفيدين من المساعدات الخارجية الأمريكية وأحد أكبر مشتري الأسلحة الأمريكية. أما البنتاغون فيحافظ على "علاقة عسكرية قوية مع كرواتيا," حيث يزود الجيش الكرواتي ﺑ "التدريب والمعدات وقروض لشراء المعدات والتعليم في المدارس العسكرية الأمريكية." كما أن المساعدة العسكرية الأمريكية للأردن تزيد عن 300 مليون دولار أمريكي سنوياً.
وفوق هذا, فقد نشرت الولايات المتحدة أكثر من 150 مخطط عسكري على الحدود الأردنية-السورية منذ الصيف الماضي, في المكان الذي تم فيه تسليم الأسلحة الكرواتية إلى المتمردين السوريين. وقد تم التأكد منذ وقت طويل أن ‘سي آي إيه’ تشرف على شحنات الأسلحة التي يتم تسليمها إلى المتمردين السوريين من داخل تركيا.
وهكذا فإن الولايات المتحدة متورطة سلفاً في الحرب السورية – ولو بالاعتماد على قوات وكلائها.

إفشال الحوار
إن الدفعَ باتجاه تعزيز درجة التدخل الأمريكي – من توجيه الوكلاء المحليين إلى الدعم العسكري المباشر – يأتي مع وصول محاولة المتمردين للإطاحة بالأسد إلى حدها الأقصى. وفي الواقع, قال معاز مصطفى, المدير السياسي ﻠ "المهمة الأمريكية" السورية الموجودة في الولايات المتحدة, إنه "لا يمكن إسقاط الأسد دون موافقة الولايات المتحدة."
وقد دفع هذا الإدراك بعض الغربيين إلى الاعتراف بوجود قاعدة كبيرة مؤيدة للأسد في الداخل السوري. فكما علقت الدبلوماسية الأمريكية السابقة كارن أبو زيد في مقابلة حديثة مع راديو "بي بي سي", "هناك جزء كبير من الشعب, ربما يصل إلى النصف, إن لم يكن أكثر من ذلك, لا يزال يقف وراءه [الأسد]."
لذلك نرى المعارضة السورية الخارجية – التي عارضت فكرة الحوار طويلاً – تلمح الآن إلى رغبة جديدة للدخول في مفاوضات مع النظام السوري. ومع ذلك تصر الولايات المتحدة على أن أي حوار سياسي يجب أن يقوم على فكرة تغيير النظام.
فكما علق المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية باتريك ڤينتريل يوم الأربعاء, "يجب أن تشمل العملية [السياسية] رحيل الأسد, لكن هذا الموضوع يعود للشعب السوري." وهذا مثال آخر على قصورات المثل الديمقراطية الأمريكية, حيث نرى أن خيارَ الشعب السوري يبدأ وينتهي بدعم أجندة واشنطن.
وبالطبع, طالما أن قسماً كبيراً من الشعب السوري يقف خلف الأسد – أو على الأقل يرفض دعمَ المتمردين المسلحين – فالمطالبة برحيل الأسد لا تعني سوى إطالة النزاع المسلح. فكما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لاڤروڤ يوم الإثنين, "يبدو أن المتطرفين, الذين يراهنون على حل عسكري للمشاكل السورية ويعيقون المبادرات للبدء بالحوار, أصبحوا يسيطرون على صفوف المعارضة السورية." وصفوف واشنطن, كما يبدو جلياً.
ومع ذلك, على الرغم من أن واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون يعادون روسيا من خلال التحضير لتعزيز تدخلهم في سوريا, إلا أنهم لا يزالون يسعون بيأس للحصول على الشرعية عبر قرار صادر عن مجلس الأمن/الأمم المتحدة يجيز التدخل العسكري. ولا يمكنهم تحقيق هذا الهدف دون موسكو.

تملق روسيا لتمهيد الطريق إلى طهران
يقول كريستوفر تشيڤيس, من "مؤسسة راند", وإدوارد جوزيف, الأستاذ في كلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جونز هوبكنز, في مجلة "فورن بوليسي" إن التهديد بالتدخل العسكري الغربي هو المطلوب لإقناع روسيا بدعم سياسة "تغيير النظام".
كتب تشيڤيس و جوزيف: "إن تغيير الموقف الروسي يعني تغيير حسابات موسكو حول سوريا. وهذا يعني تقديم خيار للكريملين يراه أكثر سوأ من الوضع الراهن: ائتلاف عسكري يدعمه الناتو وتقوده تركيا تدعوه الجامعة العربية للتدخل في النزاع السوري."
ونستطيع أن نرى هنا إفلاسَ وعنجهية نُخَب السياسة الخارجية الأمريكية. فكل شيء في غاية الشفافية: استجيبوا لمطالبنا, أو واجهوا القوة العسكرية. الحرب هي الشيء الوحيد الجدي.
بالطبع, يتابع تشيڤيس و جوزيف بوصف وتمجيد "الضربة التي ستتلقاها إيران والزخم الذي ستكتسبه الولايات المتحدة وشركاؤها وحلفاؤها في المنطقة" من خلال إسقاط الأسد. ثم يقولان, "سوف تكون إسرائيل المستفيدَ الأكبر, بعد أن يتلقى عدوها, حزب الله, ضربة قوية."
ليس من الواضح كيف سيجشع كل هذا موسكو. يبدو أن ماهو مناسب لأمريكا مناسب للعالم أيضاً. لكنه يشير إلى ما أسماه تشالمرز جونسون مرة التعظيم الذاتي للعفن الإمبريالي.
ومع أوهام العظمة هذه, تقترب الولايات المتحدة أكثر فأكثر من التدخل العسكري المباشر في سوريا – كما تقترب أكثر من إشعال حريق إقليمي هائل خطير. وفي الحقيقة, فإن طبول الحرب على إيران تضرب بقوة أكبر الآن؛ فتغيير النظام في سوريا سيمهد الطريق إلى طهران.

تُرجم عن: ("غلوبل ريسيرتش", 28 شباط/فبراير 2013)

الجمل: قسم الترجمة

التعليقات

أظن أن موضوع التدخل العسكري قد نوقش كثيراً وبحث كثيراً ثم تخطاه الزمن ومن الغريب أن يعاد أستخدامه حتى صحفياً فهو لا يصلح إلا للحكم على مدى جهل كاتب الموضوع, لا تستطيع لا أميركا ولا الناتو تحمل كلفة ضربات جوية نظراً لأمتلاك سورية منظومات دفاعية رادعة عالية الكفاءة ولا يستطيع الطرفان القيام بعمليات عسكرية في ظل الموقف الروسي الواضح والذي تأكد عبر المناورات الغير مسبوقة وعبر إبقاء سفن الأسطول الروسي في البحر المتوسط قرب سورية ناهيك عن موقف إيران . أما موضوع تسليح المعارضة فهو قائم على قدم وساق وربما منذ خمس سنين وليس منذ سنتين فقط و نشر قرارات أو تعميم مواقف سياسية أو إعلامية عن هذا الموضوع هو لمجرد التذكير والتأثير على القراء وليس على أصحاب القرار أو التأثير على الأرض . النتيجةلا جديد لدى المتآمرين أستعملوا كل ما يستطيعوا أستعماله ولم يعد أمامهم إلا إجترار حقدهم عبر إطالة أمد العمليات العسكرية لإحداث المزيد من التدمير والقتل و التخريب .

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...