الوهابية السعودية والإسلام الشامي ـ 8 ـ (الإمارات)

11-08-2012

الوهابية السعودية والإسلام الشامي ـ 8 ـ (الإمارات)

ابتدع الشيخ الحنبلي تقي الدين بن تيمية (661 هـ) منهجاً متشدداً في الدين لو طبق على المسلمين في زمنه لكان جلهم في حكم المشركين، ثم جاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب بعده بخمسة قرون (1115 هـ) فاشتغل على منهجه وزاد في تشدده، بحيث لو طبق على المسلمين في زمنه لباتوا كلهم في حكم المشركين، وقد حصل عندما حلل دم سائر المسلمين غير الوهابين وأموالهم ونساءهم في شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق.. ومثلما سجن ابن عبد الوهاب في بلدته بمساعي أهلها وبالتوافق مع والده وأخيه سليمان قبل أن يطرد منها بسبب فتاويه، كذلك سجن ابن تيمية في قلعة دمشق بمساعي علمائها وأعيانها الذين لم يتقبلوا فتاواه المتطرفة، فلفظه المجتمع الدمشقي إلى القاهرة التي لم تتحمل هي الأخرى تطرفه فسجن فيها ثلاث مرات ثم رُحِّل إلى برج الاسكندرية، ومن هناك أعيد إلى دمشق حيث تابع نشر فتاواه التكفيرية فأدخل السجن مرة سادسة وأيضا مرة سابعة كانت الأخيرة في حياته إذ توفي في سجن القلعة..

ذلك أن جسد الإسلام الطبيعي ينفر من الشذوذ الفقهي، وكذا كان الإسلام الشامي الذي امتد، مع بداية دورته الأموية، من بلاد الشام إلى ساحل عمان، حيث عاشت منطقة الخليج فترة من الاستقرار والازدهار في عهد الدولة الأموية وغدت مركزاً عالمياً للتجارة وصناعة السفن، ومازالت آثار الدولة الأموية موجودة في حي جميرا بدبي. وقد تمكن تجار مدن الخليج آنذاك، بحسن معاملتهم وصدق إسلامهم، أن يوطدوا علاقاتهم مع التجار ،من جنوب شرق آسيا وحتى سواحل إفريقيا الغربية .. ذلك أن الحاضنة الثقافية الخليجية تتشابه تاريخيا مع أختها الشامية، منذ أيام الفينيقيين الذين انطلقوا من الساحل الشامي إلى شواطئ العالم القديم، فبنو مدنهم على ساحل عمان والفجيرة وخورفكان وصور العمانية والبحرين، وكانوا يستخدمون النفط لإشعال مصابيحهم، كما ورد في مؤلفات مؤرخي الإسكندر المقدوني في رحلة نيخاروس لاستكشاف الخليج..

إذن فمدن الخليج مرت في عصور ثقافية مشابهة لبلاد الشام، ودخل الإسلام عبر مصفاتها الثقافية، فأخذ شكله الشامي المعتدل، حيث سكان الخليج كانوا أهل حضر منفتحين على ثقافات الأمم المجاورة بفضل أعمالهم البحرية، وبالتالي فإن المد الوهابي ذي النزعة الصحراوية لم يلق قبولاً بينهم.. ولأن الوهابيين بعنفهم لا يتقنون فن الإقناع بغير حد السيف، فقد اصطدمت جحافلهم أول الأمر مع دولة القواسم في العام 1799 عندما طلب الوهابيون من إمارة القواسم مساعدتهم في غزو سلطنة عمان، ولما رفض شيخهم صقر بن راشد القاسمي طلبهم أعلنوا الحرب عليه، واشتبكت قوات القواسم بقيادة صقر مع قوات الوهابية بقيادة سالم بن بلال الحارق في واحة البريمي بعدما بنى قلعة فيها وأمده السعوديون بقوة إضافية بقيادة راشد بن سنان المطيري. لكن القواسم هزموهم كما هزموا الفرس والبريطانيين من قبلهم وكانوا سادة الخليج الذي كان يطلق عليه البريطانيون اسم (خليج القراصنة)..

بعد هزيمتهم أمام الشيخ صقر أعاد الوهابيون تنظيم صفوفهم فحشدوا 4000 مقاتل وحاصروا مدينة رأس الخيمة 27 يوماً بعدما سيطروا على مصادر شرب المدينة، وهكذا استسلم الزعيم القاسمي صونا لمدينته من الإبادة والدمار الذي عرف به الوهابيون ووافق على شروط الصلح ومن ضمنها الدخول في دين الوهابية وهدم الأضرحة الصوفية، و كان القواسم على المذهب السني وحققوا انتصارات عديدة على بلاد فارس الشيعية، لذا فقد أغضبتهم شروط البدو الوهابيين، فتمردوا أول مرة وقتلوا 10 من جنود هم في المدينة، فأصدر المطيري على إثرها أمراً بإطلاق النار على الناس ونفي نخبة شيوخ وأعيان المدينة إلى مدينة لنجة على برفارس، وكانت تتبع إلى إمارة القواسم آنذاك، وهكذا غدر بالأمير صقر بن راشد الذي مات هماً وكمداً عام 1803

في العام 1809 خطط أمير القواسم الجديد الشيخ سلطان بن صقر للانتقام لوالده من الدولة السعودية التي تسببت بوفاته. فمد يده إلى أعداء القواسم التقليديين واتفق مع سعيد بن سلطان أمير عُمان لتشكيل تحالف ضد السعوديين، لكن الخطة أحبطت من قبل بعض أمراء القواسم الذين اشتراهم السعوديون، إذ وشو به عند سعود بن عبد العزيز الذي طلب منه الحضور إلى الدرعية ليبقيه هناك تحت الإقامة الجبرية. قام سعود بن عبد العزيز بعدها بالتعاون مع شيوخ القواسم الموالين له فشكلوا تحالفاً ضد سلطنة عمان، فما كان من إمارة بني ياس النهيانية بقيادة الشيخ شخبوط بن ذياب إلا أن دخلوا في تحالف مع أمير عمان سعيد بن سلطان ضد التحالف القاسمي الوهابي، غير أن خطأ أمير عمان أنه أدخل الفرس في تحالفه، الأمر الذي أثار استياء تجمع عشائر الإمارات المسمى بالحزب الغافري الذين دخلوا في حرب خاسرة ضد جيش التحالف العماني، حيث سقطت مدينة نخل ثم بركا ثم سمايل، وأمام ذلك هرب قائد التحالف السعودي مطلق المطيري إلى الدرعية طالباً النجدة، ولم يلحق لأن التحالف العماني زحف إلى واحة البريمي ودمر حامية آل سعود فيها وهرب من بقي على قيد الحياة منهم في العام 1811

شهد العام 1812 هروب أمير القواسم السابق سلطان بن صقر من السعودية خلال الهجوم المصري على الدرعية، كما شهد إعلان إمارة آل نهيان الحرب على السعودية، حيث قام قائد جيوش بني ياس الشيخ سعيد بن شرارة الغلاسي (جد آل مكتوم) بالانقضاض على الجيوش الوهابية في معركة أم الذيب بصحراء الظفرة الظبيانية حيث أبادهم عن بكرة أبيهم وكانت كارثة على آل سعود الذين قرروا الانتقام..

في العام 1813 انسحب الفرس من التحالف العماني، كما لم يقبل الأمير القاسمي سلطان بن صقر الذي لجأ إلى مدينة صور بالتحالف مع سلطان عمان ضد أمراء القواسم الذين باعوه للسعوديين، فبقي أمير عمان وحيداً أمام الهجمات الوهابية على مدنه، ولأنه يعرف جشع البدو للمال، قام بالتحايل عليهم وعقد صلحاً يقضي بانسحابهم مقابل مبلغ مالي كبير، فوافق الوهابيون على الصفقة خصوصاً أن جنودهم قد أنهكوا في محاربة الجميع، وبعدما اطمأنوا إلى استسلام العمانيين قرروا المغادرة وضربوا خيامهم في منطقة جُعلان، وأثناء نومهم هاجمهم مقاتلو الجبال العمانيون فأبادوا أكثرهم وقتلوا قائدهم مطلق المطيري وتشتت شمل من بقي منهم، وراح الجيش العماني بدوره يطهر بقية القرى والمدن العمانية من بقايا الوهابيين..

بعد ذلك عاد شيوخ الإمارات إلى ما كانوا عليه من النزاع والتآمر على بعضهم حتى العام 1848 حيث اندلعت المعارك من جديد بين بني ياس والقوات الوهابية واستمرت عدة سنوات، وكان من أشهرها معركة العاتكه في صحراء الظفرة حيث انتصرت قوات أبوظبي على الجيش السعودي وشتتت شمله ولم ينج منهم سوى القلة الهاربة. وفي عام 1850 تمكن الشيخ سعيد بن طحنون حاكم أبو ظبي من إجلاء الوهابيين من مدينة البريمي، فما كان من السعودية إلا أن وجهت عام 1851 حملاتها نحو قطر والبحرين حيث خسرت قطر المعركة فيما استنجدت البحرين بالشيخ طحنون الذي أرسل أسطوله إلى جزيرة البحرين واستعد للإنزال البري فخاف السعوديون من قواته وأرسلوا يطلبون الصلح معه بعد محاصرته لقواتهم في البحرين، فوافق الشيخ طحنون شريطة انسحاب السعوديين من قطر والبحرين وتم ذلك..

في عام 1889 تحالف شيوخ قطر مع السعودية ضد أبو ظبي وحققو انتصارات في صحراء الظفرة الظبيانية، فطلب الشيخ زايد الكبير من بقية حكام إمارات االساحل مساعدته ضد الدخلاء، وتم تشكيل تحالف حشدو فيه 8000 مقاتل بينما وضعت السعودية نحو 5000 مقاتل وهابي تحسباً لأي هجوم ظبياني على قطر، وفي شهر نيسان اندلعت المعارك في قطر وأجزاء من الإحساء وخسرت قطر 300 قتيل فاستنجدت بحاكم الإحساء الذي قام بتوجيه رسالة استعطاف إلى زايد الكبير باسم الإخوة الإسلامية لكي يكف الحرب، فتأثر الشيخ زايد وسحب قواته وأنهى الحرب مع قطر.

هذا وقد استمر الصراع والتنافس الداخلي بين شيوخ الإمارات من جهة ومع السعوديين من جهة أخرى حتى عام 1971 حيث تصالحت إمارات الساحل تحت حماية ورعاية أمريكية- بريطانية وصار اسمها (الإمارات المتصالحة) وأقرت دستوراً موحداً نظيفاً من التوجيهات والتعاليم الوهابية المغلقة، الأمر الذي مهد لإزدهارها مدنياً وجعلها منطقة عالمية مفتوحة بعكس الرياض التي بقيت مدينة عنصرية مغلقة مخالفة بذلك كل عواصم العالم.

                                                                             ***


لا يمكن توصيف الإمارات العربية اليوم على أنها دولة بالمفهوم الكلاسيكي للدول، وإنما صارت أقرب إلى سوق حرة تديرها شركات متعددة الجنسيات، ومواطنوها أقرب إلى أن يكونوا موظفين مندغمين ضمن قوانين ومصالح هذه الشركات ، وبالتالي ليس لهم هوية أو رسالة وطنية خاصة يتميزون بها عن الأمم الأخرى.. فالاتحاد الإماراتي الذي نشأ في سبعينات القرن الماضي شكلته مصالح الشركات الأمريكية والبريطانية والسياسات التي تنتهجها بلدانهم.. والنظام العالمي الجديد بدأ فعليا على أرض الإمارات الثمانية (بإضافة هونغ كونغ)، فكانت بداية لنهاية نموذج الدولة الوطنية وافتتاح القرية العالمية بأخلاقها الالكترونية التي نفضت قانون الوصايا الكلاسيكي عن عاتقها وحطمت ألواحه، حيث حل النجاح مكان مفهوم الخير بينما صار الفشل هو الشر الأعظم، والجميع ينضوي تحت لواء الرابح سواء كان شريراً أم خيِراً..
فمنذ عقد الثمانينات لم تعد أرض الإمارات مولدة أو رافدة رئيسية لإداراتها ومؤسساتها، وإنما غدت كرحمٍ يتلقى بذور الغرباء الوافدين لتنتج كائنات هجينة ليست عربية ولا هي غربية.. كائنات عالمية تنتمي إلى إيقاع البورصة وثقافة الإستهلاك ..
غير أن الشركات متعددة الجنسيات لم تتجاهل تاريخ المجتمع الإماراتي تماماً، فوجهت، عبر خبرائها، بملء الفراغ الوطني بالفولكلور الخليجي بديلاً عن الهوية الوطنية العروبية، وكان الدين الإسلامي جزءاً من مكونات الفولكلور الخليجي المقترح بإضافة فنون العمارة والغناء واللباس وبعض الطقوس الاجتماعية التي لا تتعارض مع العولمة الاقتصادية لمنطقة الخليج عموماً والإمارات خصوصاً.. و ساعد في ذلك عدم وجود تيارات أو حركات دينية منظمة في الإمارات مع تراجع النزعة القومية العربية إلى درجة أن المجتمع الخليجي استبدل لغته العربية المتداولة بالإنكليزية التي هي لغة الشركات متعددة الجنسيات..

                                                                               ***

وصل يوسف القرضاوي إلى أرض قطر عام 1961 وكان المجتمع الخليجي ينتمي إلى خليط إسلامي (سنة، شيعة، إباضية، وهابية، أشاعرة) وقد ألهاهم تدفق الذهب الأسود عن عصبياتهم المذهبية، حيث أخذ الإسلام شكل هوية ثقافية اجتماعية بعيداً عن التجاذبات السياسية والآيديولوجية.. وبمجيء القرضاوي دخلت الآيديولوجية الإخونجية أرض الخليج، لكنها كانت مختلفة عن تلك التي دخلت السعودية وافدة من مصر، إذ أن أغلب الإخونجيين قد فروا من مصر عبد الناصر إلى السعودية التي شكلت حاضنة لهم، ولأنها حاضنة وهابية فقد اضطروا إلى التزاوج معها ـ كما أسلفنا في الحلقات السابقة ـ غير أن الشيخ يوسف كان مختلفا بطموحه الفردي، فهو بتميزه الأكاديمي، لم يكن يرغب بالإندماج مع بقية القطيع السعودي، فبدأ مشروعه من أرض الفرص، وانطلق من المكان الصحيح: مدرساً للشريعة في قطر معتمداً على فقه إسلامي براغماتي يرضي الجميع على اختلاف نزعاتهم، وذلك باستغلال انتقائي للنصوص الإسلامية، إلى درجة أنه وجد تبريرات لوجود القاعدة العسكرية الأمريكية في قطر ولقيام المسلمين السود في الجيش الأمريكي بقتال إخوتهم المسلمين في أفغانستان وتدمير بلادهم..
فمنذ أن كان شاباً أثبت القرضاوي تفوقه على مستوى مصر في الشهادة الثانوية كما أنه حصل على المرتبة الأولى من الأزهر الشريف، وبالتالي لم يكن صعباً إثبات ذكائه وتفوقه بين شيوخ قطر الذين قربوه واستغلوا طموحه بتأسيس كلية الشريعة ومركز بحوث السنة لتكون منطلقاً فيما بعد لأكبر شركة متعددة الجنسيات تستثمر الدعوة الإسلامية في العالم انطلاقا من قطر!؟
ولكن لماذا قطر وشيوخها من آل ثاني وليس غيرهم؟
المعروف أن آل ثاني وهابيون من منطقة نجد وهم أحد فروع المعاضيد من الوهبة من قبيلة تميم وكانت تقيم بمدينة الأشيقر في نجد، ثم انتقلت إلى الإحساء ومنها إلى مدينة سلمى على الحدود القطرية السعودية قبل أن ينزحوا إلى الدوحة. جدهم الشيخ جاسم آل ثاني (1216هـ 1331هـ) عاش 115 سنة وتزوج تسعين إمرأة.. وكان همه في تجارة اللؤلؤ والنساء. وبالتالي لم لكن غريباً لجوء عبد الرحمن بن فيصل وأولاده الأربعة (بينهم عبد العزيز مؤسس الدولة السعودية الثانية) إلى الشيخ جاسم حاكم قطر مدة شهرين من عام 1891 ثم غادرها إلى الكويت بعدما وافق أميرها الصباح على استقبالهم ـ كما أسلفنا في حلقة الكويت ـ وبالتالي فهناك ماضٍ يربط آل ثاني بالوهابية ولكنه لم يقربهم كثيرا من آل سعود لحساسيات قبلية قديمة ..
وبالعودة إلى القرضاوي وآل ثاني، نرى تشابهاً في الخلفيات، فآل ثاني وهابيون ولكنهم مختلفون مع التوجهات الرجعية للإخوة الأعداء من آل سعود، والقرضاوي إخونجياً يختلف مع الجماعة بطموحاته الشخصية ونزعته الفردية وإحساسه بأنه تجاوز دعوة مؤسس الجماعة تاريخياً.. وهكذا بدأت شركة المؤتلفين المختلفين (قرضاوي وآل ثاني) لإطلاق أكبر شركة سلفية على غرار باقي الشركات متعددة الجنسيات في الإمارات.. ولنجاح ذلك كان لابد من كعبة قطرية تحج إليها النخب الإسلامية القادرة على تحريك العامة في أرجاء العالم الإسلامي.. وهكذا أنشئت في البداية كلية الشريعة ومن ثم مركز البحوث السنية، ثم أطلقت محطة الجزيرة التي كان القرضاوي أحد أعضاء مجلس إدارتها ونجم برنامجها الدعوي . وراح الشيخ يوسف يستضيف نخبة الدعاة المسلمين من شتى أنحاء العالم في شركته الإسلامية الافتراضية ( التي تفتقر إلى "قاعدة" بشرية على أرض الواقع )، لإلقاء محاضرات دينية ذات طبيعة إعلانية في قطر، حتى أن الداعية مصطفى الأنصاري اعترف (مازحاً) أن «جهات مثل قطر خربت الدعاة لأنها عودتهم على فنادق سبع نجوم ومقاعد طيران درجة أولى ومكافآت باهظة، وختم بالقول: الحمد لله ربنا فتح علينا وأصبح الكثير من الدعاة قبل سنوات لا يملك إلا آلافاً قليلة، والآن يملك الملايين، وبعد أن كان بعضنا سيارته كابرس 79 صارت جيب لكزس 2010 وهذا فضل من الله» /جريدة الحياة 6 أغسطس 2010/
إذن فقد توافد الشيوخ الدعاة على دبس قطر بالعشرات والمئات وهم يعتقدون أنهم ينشرون رسالة الإسلام، بينما هم في الواقع يرسخون قطر كواجهة إعلانية إسلامية منافسة للسعودية بسرعة قياسية ، بينما كانت الشركات الإسرائيلية والموساد تنغل فيها بلا وجل .. وللتأكد يمكن أن تضع على غوغل مفتاح (الشيخ الداعية قطر) لترى الكم الهائل من رجال الدين الذين تم استدراجهم إلى الشركة العنكبوتية القرضاوية متعددة الجنسيات وثنائهم على إيمان شيوخ قطر .. ولم يكن لدى المدير العام الشيخ يوسف القرضاوي مانعاً من أن يكون ضيوفه ومستخدميه إخونجية أم وهابية طالما أنهم يخدمون الاستثمار القطري للمد السلفي الذي لم يتمكن السياسيون من إيقافه فقرروا العمل على إعادة توجيهه ليصب في خزاناتهم .. ولكن ما هو نوع هذا الاستثمار الذي تعمل فيه شركة آل ثاني غير المعلنة؟
من المتفق عليه أنه بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب البادرة، بدأت واشنطن في التفكير بمصالح جيوش المخبرين والمحللين والجواسيس والشركات التي سيتوقف عملها إثر انتهاء هذا الصراع، حيث بات كل هؤلاء الموظفين مهددون بالعطالة عن العمل.. وبسرعة قياسية تم وضع الإسلام الأصولي مكان الشيوعي،باعتباره الخطر الذي سيدمر العالم الحر .
وبما أن الأصولية ليست دولة، ولا تديرها مؤسسات، وأخطارها لا تتخطى حجم خطر العصابات الأمريكية الداخلية، كان لا بد من تضخيم هذا الخطر إنطلاقاً من أفغانستان، حيث مازالت الاستخبارات الأمريكية تتلكأ في حسمه وإنهائه، لأن في ذلك إنهاء لاستثمارات الحرب على الإرهاب واستغلال أموال البترودولار لتشغيل العمالة الاستخبارية ومصانع السلاح الأمريكي، فكان استثمارهم لنشاطات المؤسسة الوهابية السعودية وتوجهاتها الجهادية وعقيدتها العنصرية التي تخيف العالم المسيحي كما ترهب الدول الإسلامية المستقرة، ولكنهم لم يحسبوا حساب أن تتحول العقيدة الوهابية السعودية إلى مهاجمتهم بعدما كانت تدعمهم في أفغانستان ضد السوفييت، ذلك أن الوهابية السعودية ذات تسلسل تكفيري متتالي، يبدأ بالأغيار وينتهي بالأصحاب، إلى درجة أن طالبان والقاعدة باتوا يكفرون حاضتنتهم الأولى العربية السعودية، فكان لابد من إطلاق وهابية افتراضية تفتح مجالاً أوسع للعبة الاستخبارية الأمريكية، وبمعنى آخر كان لابد من إطلاق وهابية ضد الوهابية، وهذا عمل يستدعي إيجاد شركة إسلامية متعددة الجنسيات لاستقطاب الوهابيين التكفيرين المتمردين على قاعدتهم السعودية التي كان قد أطلقها الملك عبد العزيز في طبعتها المعاصرة، ولكنها طبعة ما قبل تفجيرات نيويورك، وبالتالي كانت قطر (الوهابية اسماً) هي الأنسب لهذا المشروع، وقد اشتغل حكام قطر على تنفيذ التوجيهات ووجدت في البروفيسور الطامح يوسف القرصاوي وسيلة نافعة لمشروعها في عولمة الوهابية افتراضياً واستمرار استغلال أمريكا له عملياً..
إذن صار مشروع قطر هو استقطاب الإسلام السياسي، بدءاً من زعماء الجماعات الإرهابية الجزائرية المنقلبين على السعودية وانتهاء بسلفيي حماس الذين أداروا ظهرهم لحلفائهم السابقين ضد إسرائيل ولحقوا بوعود قطر وأعطياتها بالتكافل والتعاضد مع مؤسسة السلفية التركية، ويمكنكم متابعة سيرة عباسي مدني زعيم جبهة الإنقاذ الجزائرية المقيم في قطر بدعوة منها مع إعطائه الجنسية كوثيقة على ما تقدم.. أما بالنسبة للشيخ القرضاوي، الشيخ الشامل الذي يتقن فن إرضاء الجميع، فهو لم يدخل على الخط الوهابي القطري ولكنه بقي ضمن مجال إدارة الإسلام الدعوي كواجهة لآل ثاني بالتضافر والتكامل مع "مؤسسة الشيخ عيد الخيرية" التي يذكر اسمها في كل إدارات مكافحة الإرهاب في العالم بأنها تستغل واجهتها الخيرية الإسلامية لتمويل العصابات التكفيرية في أنحاء العالم الإسلامي وآخرها كان لعصابات الإخوان المسلحين في سوريا /220 مليون دولار/ بحسب تصريح لجنة التبرعات .
وهكذا غدت قطر المركز المتقدم لإدارة وتوجيه الإسلاميين المنخرطين في الثورات العربية من ليبيا إلى سوريا، كما صارت محطة الجزيرة صوتهم من أجل (الحرية) وبالتالي فقد تم خطف هذه الثورات في ليبيا وتونس ومصر وسوريا وقريباً في الجزائر لتمكين السلفيين من السلطة، ذلك أن الحكمة الأمريكية تقول: إن أفضل طريقة لإفشال الإسلاميين وانفضاض الناس عنهم هو تسلميهم السلطة، لأن الاستبداد والفساد الذي أفشل القوميين سابقاً هو نفسه الذي سيفشل الإسلاميين لاحقاً وبسرعة أكبر..
وبالعودة إلى باقي الإمارات العربية الست نلاحظ كيف تم تهميشها سياسياً وإعلاميا منذ بداية الحرائق العربية ولم يعد يذكر اسمها أمام الحضور القطري الذي غطى على (دبي وأبوظبي والشارقة وعجمان وأم القيوين ورأس الخيمة) مع أنها جميعها متفوقة حضارياً وثقافياً واجتماعيا على إمارة قطر، وهذا يمهد مستقبلاً للقيادة القطرية للإمارات العربية بما يمكنها من إضعاف الدور السعودي في السياسة الأمريكية. وقد يغدو الشيخ يوسف داعية الأمة الإسلامية السنية بلا منازع، فهو بطل هوليودي مسلم ، ورئيس هيئة علماء المسلمين المبشرين بجنة قطر، وصاحب مصرف إسلامي ومحطة تلفزيونية متأسلمة ومقرب من سائر التيارات الإسلامية، كما يمتلك سلطة أدبية على ملايين المريدين الذين أكل أرواحهم عبر الشاشة الصغيرة، وهو يعمل مؤخراً على بناء برج للدعاة بتمويل أميري ينافس أبراج دبي بنوعية نزلائه وفي خدماته التي تحاكي أوصاف الجنة التي وعد الرب بها عباده المطيعين، إنها جنة القرضاوي ومركزها برج الدعاة وممولها بنك القرضاوي ومحطتها الجزيرة وزبائنها كل من لا يكره المال السهل (الحلال)، فمن يستطيع تجنب مثل هذا الإغراء، ولا حتى الشيطان كما أعتقد.. إنه موسم الحج إلى قطر ولن يفوِته أحد بما فيهم بعثيوا سوريا المنشقين باسم الدين .. فقط شيوخ الشام المؤمنين هم الذين رفضوا..

                                                                                                                              نبيل صالح

إخوة يوسف المزيف : نتوقع أن يستغني شيوخ قطر قريبا عن داعيتهم المدلل يوسف القرضاوي بعدما هرم  ودخل في الخرف واستنفدت كامل خدماته مع تضخم أناته ، بل وقد تضطر إلى تسفيره إلى مصر إذا زادت ضغوطات دولة الإمارات والمملكة السعودية عليها بشأنه.. فهو قادر على خدمتهم هناك بشكل أفضل بواسطة جماعته في السلطة، كما أنها لن تعود مسؤولة عن تخريفاته الإعلامية التي تجلب لها وجع الرأس..

التعليقات

ماذا نفعل أمام هذا المشروع الوهابي ؟ الذي يعتمد ليس فقط على الغزو الثقافي بل على الاغراء المادي وربما سيستخدم المنشقون كرسل في مشروعهم ويستخدم الرعاع كوقود ثوري يقاتلون بالأجرة دنيويّاً وفي سبيل جنة موعودة مليئة بحوريات تنتظرهم ماذا نعمل أمام هذا الحشد الديني بنسخته الوهابية القطرية المدعوم بالسلاح وبتكنولوجيا العصر ؟ كما نلاحظ أنهم يعملون على تدمير بنى الدولة الوطنية يبحثون عن ثغراتها ويدكونها ليس بالسهام بل بالصواريخ . ماذا يجمعنا نحن ما هو الرابط بيننا نحن لأقليات الدينية والمذهبية والأكثرية المذهبية ما هو الرابط بيننا نحن الأحزاب السياسية التي تأسست على أساس النضال الوطني فإذا بها تتشظى إلى مذهبيات أسئلة كثيرة متناثرة تدفعنا إلى القول ليس فقط مؤامرة بالمفهوم الذي اعتدناه حيث يقول بعض اليسار إنّ سوريا تتعرض إلى مؤامرة منذ استقلالها ولاشيء جديد في هذا الشأن ومن هنا كان ماهمسه رئيس الجهاز الأمريكي في اذن الاستخبارات السورية عندما قال له (سأحاربك بيدي شعبك ولن تستطيع اقناع شعبك أنها مؤامرة ) هنا كانت الحبكة ثمة مطالب مستحقة متراكمة معيشية وسياسية وغيرها كانت بمثابة عود ثقاب لبدء الصدام بين مشروع اسلامي بنسخته الوهابية المتأمركة يفكك مؤسسات الدولة الوطنية ويعيد بنائها بمنظور الرؤويا الوهابية وتكمن خطورة المشروع أنه يحمل مفردات من نسيج حياتنا الدينية والاجتماعية والمذهبية وغير ذلك التي سرعان ما احتتضنتها بعض البيئات الغارقة في ظلاميتها فكانت الحضن الدافىء لولادة ثورة وهابية ليست تحررية كما تدعي بل ثورة ترمينا في ظلام دامس تمكنت هذه الثورة المزعومة من حشد بعض رجال العلم والثقافة وبعض القوى اليسارية لتلبي بعض طموحاتها معتقدة أنها ستكون القائدة للثورة وهنا لابد من النظر إلى مصر وتونس وليبيا ومن استثمر حراكها إنها لعبة دم مركبة وإلى أن تصحو بعض القوى اليسارية يكون الوطن في خبر كان ويبقى السؤال المطروح ونحن في ذروة الحسم العسكري أين المشروع الوطني الجامع ؟ ربما ينتظر البعض الحوار السياسي الذي سيأتي آجلاً أم عاجلاً ومهما كانت النتالئج لا بد من ثقافة تنويرية تضيء الدرب أمام الأجيال المتدينة لعلها تهتدي إلى اسلام تنويري معتدل اسلام شامي أو غيره تكون فيه طرائق الايمان متعددة وشرعية وكل طقوس الايمان مشروعة ولابد من ثقافة تفتح الطريق أمام هذا المشروع تضع له الملامح والآفاق يشترك به رجال الدين المتنورين ورجال الثقافة والسياسة وفيه تبتعد الأجيال عن الاقتتال الساخن والبارد وتؤسس لحقبة جديدة متميزة عندها نقول الضربة التي لاتقصم ظهر الجمل تقوية .

الحقيقه وبعد الاختراق الواسع للطبقه الريفيه من مجتمعنا بات من الصعوبه بمكان معالجة هذا الموضوع بوجود اكثر من عشرين الف جامع ومدرسه شرعيه مهمتهاضخ السموم الوهابيه كضرع بقره هولنديه مسمنه بالمال الخليجي ودعاة اشاوس الدرهم يعنيهم مقابل الوطن ومعظمهم يرى الخلافه العثمانيه خير من اي حزب وطني ويرى في التركي الوهابي خيرا وافضل من اي وطني عروبي ولو كان من طائفته نحن كدوله وكحزب (حاكم) قصرنا كثيرا بحق انفسنا وحق البلد الخوف من الاتهام بالطائفيه جعلنا نوافق على بناء جوامع تكفي كل مسلمي الارض ومعارض الكتاب التي تشدقنا باهميتها كانت بنسبة 99/0 كتب عن الوهابيه ونحن نائمين في العسل كل هذا استقطب كثيرامن الشباب العاطل عن العمل كما اسقطبت الازمه كل الخارجين عن القانون بدءابالمهربين مرورا نالمتعاطين والغاسدين وصولا الى المنحرفين دينيا والمتعصبين في الحقيقه يحتاج الى ثوره محتمعيه نكل المقاييس على المفاهيم الفاسده وعلى الاسلام الفاسد وكل المفسدين وبالله المستعان

" ثقب الإنسان الأسود " من المتعارف عليه أن كل ما يوجد في الكون ، يوجد ما يشبهه في الإنسان ، مع الأخذ بالاعتبار النسبة والتناسب ، وكما يوجد ثقوب سوداء في الفضاء تبتلع النجوم والكواكب والأجرام لتتحول إلى أشياء أخرى، فكذلك يوجد ثقب أسود في هذا الكائن العجيب الغريب الرهيب ، الذي يدعى : إنسان. هذا الثقب الأسود موجود تحديداً في دماغ الإنسان، وهو غالباً ينتقل بالوراثة، أو العدوى، أو (الحقن) ، وأهم شروط فاعليته هو تعطيل العقل، وإطلاق الغرائز، والعودة آلاف السنوات إلى الوراء (المرحلة الوحشية) ، والتعنت، والتصلب، ثم الحقد، ثم محاولة قتل الآخر، أو إقصاؤه ونفيه على الأقل. أحد تجليات هذا الثقب الأسود في الدماغ البشري هو الدين، عندما يتحول هذا الدين إلى تعصب فإجبار فقسر فتكفير، الطائفية هي أفضل صوره ! هذا الثقب حسب بنيته الموروثة قادر على ابتلاع العلم ، والفهم، والتحليل، والأفكار، والتسامح، والإنسانية ... ثم ابتلاع صاحبه نفسه، ثم طرحه فضلات في مزابل الوجود..والتاريخ. هذا هو التفسير الوحيد لما عايشته وسمعت عنه (سابقاً - والأكثر حالياً) ، لا أستغرب كثيراً أن يحدث هذا لدى الجهلة أو المرضى النفسيين أو الموتورين، لكن لا أستطيع إلا أن أستغرب ، كل مرة، أن يحدث ذلك لأصدقاء مثقفين، وعلماء، و(نخبة)، لكن عندما يدخل موضوع الدين لأي حديث، يتحولون إلى كائنات أخرى أشبه بالمنومة مغناطيسياً، لأن الدين عندهم وضع في منطقة معزولة ومرصودة، لا يدخلها إنس ولا جن، لذلك تصاب مع الزمن بالتعفن والنتانة، ولا دواء لها على ما يبدو إلا الاستئصال، وإلا فإنها ستفتك بالمناطق الأخرى التي لا تزال سليمة وتعمل حولها. - وما ينطبق على الإنسان - العربي، ينطبق أيضاً على المجتمعات العربية من حيث الأسباب.. والنتائج.. (طبعاً هذا التعصب وآليته المذكورة أعلاه، يوجد لدى أصحاب هذه البنية في قضايا أخرى لا يتم فيها أيضاً تشغيل العقل، مثل محاولة فهم ما جرى ويجري في سوريا ، لذلك لا بد أن تكون النتيجة نفسها بالنسبة لهم). (الجمل): هذي بذرة نظرية مهمة أدعو للاشتغال عليها وتعميممها..شكرا سيزيف

في ستينيات القرن الماضي كان عدد المهندسين الخريجين في سوريا لا يتجاوز بضع مئات، ذات يوم طلبت دول الخليج و خاصة مملكة آل سعود عدد كبير من المهندسين، و قد همّ عدد كبير منهم للمغادرة إلى أرض الذهب الأسود. فقامت الدولة السورية بمنع مغادرتهم لأراضي الدولة السورية و حسناً فعلت. و من ثمّ صدر المرسوم القاضي بالخدمة المدنية لخريجي كليات الهندسة. و لكن هذا القرار لم يعمم على باقي شرائح الخبرات و الأيادي العاملة، بل شجّعت الدولة و عقدت اتفاقيات لإعارة المعلمين و المدرسين و أساتذة الجامعات بكافة الإختصاصات. من هؤلاء من بقي في بلاد الإغتراب و منهم من عاد و معه المال الوفير و منهم من عاد و معه إضافة للمال الفكر الرجعي الوهابي. إذاً ما قامت به الدولة العلمانية التقدمية السورية هو تصدير الخبرات و استوردت (كتبادل تجاري) الفكر التكفيري. و هنا تبدوا المعادلة أو الميزان التجاري كان راجحاً لصالح دول الخليج و ليس العكس. هذا عدا التطبيق للفكر التقدمي و الوحدوي لدى دولة البعث العربي، فكل العرب أشقاء و لا يحتاجون لتأشيرات دخول بالإضافة لتشجيع السياحة الخليجية!. بينما السوري في أي دولة من الدول العربية أجنبي و لا يكون شقيقاً إلا في نشرات الأخبار. لقد أجحفت الحكومات السورية المتعاقبة بحق الكوادر السورية و بحق الوطن السوري ككل، فعدم قدرتها على تأمين فرص العمل المناسبة للخريجين و الدخل المتناسب مع الإحتياجات الإستلاكية المتزايدة للأسر السورية، جعل العمل في دول الخليج حلماً، و أي حلم، مع احترامي لهم إلا أنهم كدول للأسف عبيد للمال و الرجل الأبيض. هذا الحلم كبر خاصةً بعد مراسيم الإعفاء من الخدمة الإلزامية بعد حرب الخليج الأولى. أضاعت الحكومات المتعاقبة الشباب السوري أو هجّرته. و نحتاج لسنوات طوال لترميم ما اقترفت الحكومات الفاشلة بحق سوريا، إن استطعنا البداية مباشرة. تحية لجيشنا العربي السوري المغوار الذي يدك جحور أعداء سوريا تحية للشرفاء أخوكم القاضي (الجمل): نعم أيها القاضي فقد امتصت دول الخليج مواهب أبنائنا ثم بصقتها بعد الاستخدام كواق ذكري مهمته أن يبقي البشر عاقرين..

حسناً أين وصلنا؟؟ وما هي المرحلة التّالية ؟؟ لم يعد الكثيرون يهتمّون بنهاية الأزمة بمقدار اهتمامهم بالسّؤالين السّابقين وسأحاول بقليلٍ من التّحليل الإجابة عليهما. نلاحظ في هذه المرحلة غياب عدّة أمورٍ منها المظاهرات التي (صرعوا راسنا فيها) لأنّهم لم يستطيعوا رغم الكمّ الهائل من الأموال والكذب والتّجييش الطّائفي من أن يُنزلوا الأعداد المطلوبة إلى الشّارع بحيث يبدو للعالم أنّ هناك ثورة شعبيّة عارمة. نلاحظ غياب شعارات الضّلال والتّضليل (حرّية - ديموقراطيّة والذي منّو) حيث بدأت النّوايا تتكشّف واضحةً وتمّ استبدال المطالب السّابقة بأخرى كانت مضمرة وهي (دولة إسلامويّة - تهجير طائفي - حكم سلطوي والذي منو). أيضاً نلاخظ غياب ما يسمّى المعارضة الوطنيّة تماماً لأنّها قسمين :القسم الأول دخل تحت جناح الدّولة السّورية والقسم الآخر مغيّب ومعزول تماماً ولا يُمنح أيّ منبر للحديث أو طرح للمبادرات. أما ما نُسب زوراً لهيئة التّنسيق الوطنيّة لقوى التّغيير بقيادة عبد الكرسي العظيم (العظيم للكرسي) بأنّها معارضة الدّاخل الوطنيّة فقد سقطت هذه الكذبة سقوطاً مدوّياً بعد تكشّف وجود "كتائب" إرهابيّة مسلّحة تتبع لعبد الكرسي هذا وتعمل في دوما وفي حلب ،وتتحالف مع إخوان الشّياطين والقاعدة وربما مع الشّيطان نفسه،ولم لا لطالما عبدة الكراسي لا يوفّرون جهداً للوصول إلى كراسي الآخرين. نلاحظ غياب الحراك الدّبلوماسي الغربي مؤقّتاً ريثما تتوضّح صورة المعارك على الأرض. وفي نفس الوقت لاحظنا تكشّف أمورٍ عديدة أخرى منها الخلافات الإيديولوجيّة بين المتعارضين على مختلف أجناسهم (المعارضة التّركية الخليجيّة - المعارضة الغربيّة -المعارضين الأفراد والذي منو) والسبب هو أنّ هؤلاء المرتزقة لم يعودوا يطيقون صبراً (والوقت دوماً في صالحنا) لاقتسام الغنائم قبل انجلاء غبار المعركة ،فبتنا نلاحظ طرفاً هنا (المتأسلمون) يدّعي أنّه أبو "الثّورة" وأمّها وأنّه قدّم "الشّهداء" وهو أحقّ بإقامة "الخلافة" على طريقته ناكراً المجهود التّخريبي الذي قدّمه بقيّة الأطراف وسط السّعار المحموم على السّلطة. وطرفاً هناك (كيلو وشلّته) يدّعون أنّهم شركاء في "المعمعة" وجاهدوا بالفكر والقلم والعلاقات المافيوزيّة الغربيّة لدعم "الثورة" وما فتئوا يؤكّدون أنّهم ليسوا أبناء الجّارية. وما بين الطّرفين يقبع خفافيش هيئة التّنسيق ،فلاهم قادرون على كشف دورهم الخسيس في حمل السّلاح ومحاربة الجّيش العربي السّوري ولن يدعوا أنّهم معارضة فكريّة سلميّة شعبيّة لكي لا يخرجهم المتأسلمون من المولد بلا حمص. هو نفسه جلد الدّب السّوري الذي يختلفون عليه قبل صيده وخاصّة أنّه يقبع في جحر الدّب الرّوسي العملاق الذي مازال واقفاً على قدميه مكشّراً عن أنيابه في حين أنّ الولايات المتّحدة نفسها لا تجرؤ على الاقتراب منه!!. هذا الصّراع هو ما يفسّر خروج العديد من العصابات التي تحمل أسماء إسلامويّة ومن ثم إعادة تجميعها خارج كذبة "الجّيش الحر" بحيث تتمكّن من نسب الإنجازات إلى نفسها بمعزل عن غيرها من التّنظيمات التي تعيث فساداً على طول الأرض السّورية وعرضها. الأمر الآخر الذي استجدّ هو كثرة الإنشقاقات وعلى مستويات عالية ،وهذا له تفسيرٌ واحدٌ فقط وهو أنّ ماكينة التّعيينات والتّرشيحات في ظلّ الحزب القائد أثبتت أنّها معطوبةٌ (ربما عمداً) ،بحيث أنّ غالبيّة من تفقّسهم و توصلهم إلى مفاصل القيادة هم أشخاصٌ أو "طراطير" قابلين للبيع والشّراء في أسواق النّخاسة وهم كما استطاعوا التّسلق و "العربشة" على الكراسي في بازار التّعيينات كان لهم القدرة على انتظار الوقت المناسب بحيث تكون أسهم البيع والشّراء في أعلى مدى لها وهي متناسبةً مع حجم المعارك على الأرض ومع حجم الوهم الكبير الذي يسيطر على جماجم من يتخيّل سقوط الدّولة خلال فترة وجيزة. تخيلوا أن سفيراً في دولة هامشيّة يٌعرض عليه مبالغ خيالية ( مليون دولار كاش + 20 ألف دولار شهرياً لمدة عشرون عاماً مع إقامة في بئر الغاز المسمى قطر) فما بالكم برئيس حكومة ؟؟؟ أنا أجزم بأنّه لو عٌرض على باراك أوباما ما عُرض على حجاب لما تردد لحظة واحدة بالإنشقاق. ملاحظة :جماجم لا تعني أنّها تحوي عقول وممكن ان ترتبط عضويّاً بكروش وعروش. كل ما سبق مستجدّات أمّا ما هي المرحلة التّالية فقد وجدت نفسي مع كلينتون وأوغلو والإيرانيين نبحث جميعاً للإجابة عن الّسؤال الصّعب (مالخطوة التّالية؟؟). ريثما يتمّ الاتفاق غربيّاً على الخطوة التّالية فقد عمد الحلف الغربي المعادي على اجترار الخطوات القديمة المفلسة ذاتها (مجلس تعاون وهابي - قمة إسلامويّة رعويّة - جامعة كلابيّة أعرابيّة والذي منو )وهم يعلمون أن هذه الخطوات لن تغيّر من واقع الحال شيئاً. على كلّ حال يمكن معرفة الخطوة التّالية لمحور الشّر الغربي الوهابي من سلوكهم في مجلس الأمن قريباً. في هذه الأثناء لا نزال داخليّاً مصرّين على أنّ هذا الوطن وطننا ،وما زلنا متشبّثين به راسخين في عقيدتنا وإيماننا أننا على حق وأننا لمنتصرون بإذن الله أولاً والجّيش العربي السّوري ثانياً ونحن مستعدّون تماماً لكلّ الجولات القادمة.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...